المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

[720]

- عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيرُ يَومٍ طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ يَومُ الجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخرِجَ مِنهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا فِي يَومِ الجُمُعَةِ.

ــ

الغنم أفضل، ثم البقر، ثم الإبل؛ نظرًا إلى طيب لحومها، وإلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالغنم دائمًا. وإطلاق اسم الهدي على الدجاجة والبيضة مجاز، قصد به تمثيل مقدار أجور المبكِّرين للجمعة؛ لأن الهدي إنما هو من النعم؛ كما قال تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ بِهِ ذَوَا عَدلٍ مِنكُم هَديًا بَالِغَ الكَعبَةِ} وإنما أطلق اسم الهدي على هذين؛ لمقابلته ما يُهدَى من الإبل والبقر والغنم. وقد جاء في الرواية الأخرى: قرَّب مكان أهدى، وهو لفظ ينطلق على الهدي وغيره.

(2)

ومن باب: فضل يوم الجمعة

قوله: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: خيرٌ وشرٌ: يستعملان للمفاضلة ولغيرها، فإذا كانتا للمفاضلة؛ فأصلها: أخير وأشر؛ على وزن أفعل، وقد نطق بأصلها، فجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: توافون يوم القيامة سبعين أمة أنتم أخيرهم (1). ثم أفعل إن قرنت بـ من كانت نكرة، ويستوي فيها المذكر والمؤنث، والواحد، والاثنان، والجمع، وإن لم تقرن بها لزم تعريفها بالإضافة، أو بالألف واللام، فإذا عرف بالألف واللام أُنِّث وثُنّي وجمع، وإن أضيف ساغ فيه الأمران، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلنَا فِي كُلِّ قَريَةٍ أَكَابِرَ مُجرِمِيهَا} وقال: وَلَتَجِدَنَّهُم أَحرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ. وأما

(1) رواه الدارمي (2/ 313) وفيه: ". . . أنتم آخرها" من حديث أبي هريرة.

ص: 489

رواه أحمد (2/ 401 و 486)، ومسلم (854)(18)، وأبو داود (1046)، والترمذي (488 و 491)، والنسائي (3/ 89 - 90).

ــ

إذا لم يكونا للمفاضلة؛ فهما من جملة الأسماء، كما قال تعالى:{إِن تَرَكَ خَيرًا} وقال: وَيَجعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا، وهي في هذا الحديث للمفاضلة، غير أنها مضافة لنكرة موصوفة، ومعناها في هذا الحديث: أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه.

ثم كون الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها، وإنما يَفضُل بعضها بعضًا بما به من أمر زائد على نفسه. ويوم الجمعة قد خصّ من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس، وتتفق هممهم ودواعيهم ودعواتهم فيها، ويكون حالهم فيها كحالهم في يوم عرفة، فيستجاب لبعضهم في بعض، ويغفر لبعضهم ببعض، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: الجمعة حج المساكين (1)؛ أي: يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة. والله أعلم. ثم إن الملائكة يشهدونهم، ويكتبون ثوابهم، ولذلك سُمّي هذا اليوم: المشهود، ثم تخطر فيه لقلوب العارفين من الألطاف والزيادات بحسب ما يدركونه من ذلك، ولذلك سُمّي: بيوم المزيد، ثم إن الله تعالى قد خصّه بالساعة التي فيه على ما يأتي ذكرها، ثم إن الله تعالى قد خصّه بأن أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي: خلق آدم الذي هو أصل البشر، ومن ولده الأنبياء والأولياء والصالحون، ومنها: إخراجه من الجنة الذي حصل عنده إظهار معرفة الله وعبادته في هذا النوع الآدمي. ومنها: توبة الله عليه التي بها ظهر لطفه تعالى ورحمته لهذا النوع الآدمي مع اجترامه (2) ومخالفته. ومنها: موته الذي بعده وُفِّي أجره، ووصل

(1) ذكره في كشف الخفاء (1076) وقال: رواه القضاعي عن ابن عباس، وفي سنده مقاتل: ضعيف.

(2)

"اجترم": كسب، واجترم الذنب: ارتكبه.

ص: 490

[721]

- وَعَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: نَحنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَومَ القِيَامَةِ، وَنَحنُ أَوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ، بَيدَ أَنَّهُم أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِن بَعدِهِم فَاختَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا الله لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ، فَهَذَا

ــ

إلى مأمنه، ورجع إلى المستقرّ الذي خرح منه. ومن فهم (1) هذه المعاني، فَهِمَ فضيلة هذا اليوم وخصوصيته بذلك، فحافظ عليه وبادر إليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون الأولون، قد فسرته الرواية الأخرى التي قال فيها: نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق، وأول من يدخل الجنة. وهذا كلّه شرف لهذه الأمة بشرف نبيها، ولأنهم خير أمة أخرجت للناس.

وقوله: بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا: هكذا روينا هذا الحرف بيد بفتح الباء، وسكون الياء، وفتح الدال. قال أبو عبيد: تكون بيد بمعنى غير، وبمعنى على، وبمعنى: من أجل، وأنشد:

عَمدًا فَعَلتُ ذاكَ بَيدَ أنِّي

أخافُ (2) إن هَلَكتُ لم تُرِنِّي (3)

قال الليث: ويقال: مَيدَ وبَيدَ؛ بالباء والميم؛ بمعنى غير. قلت: ونصبه إذا كان بمعنى غير على الاستثناء، ويمكن أن يقال: إنه بمعنى مع، ويكون نصبه على الظرف الزماني.

وأُوتوا الكتاب: أُعطوه. والكتاب: التوراة، ويحتمل أن يريد به التوراة والإنجيل؛ بدليل: أنه قد ذكر بعد هذا اليهود والنصارى.

وقوله: فاختلفوا: يعني: في يوم الجمعة. وقد اختلف العلماء في كيفية

(1) في (ظ): جمع.

(2)

في اللسان: إخال.

(3)

"الرَّنَّةُ": الصيحة الحزينة.

ص: 491

يَومُهُمِ الَّذِي اختَلَفُوا فِيهِ، هَدَانَا الله لَهُ - قَالَ: يَومُ الجُمُعَةِ - فَاليَومَ لَنَا، وَغَدًا لِليَهُودِ، وَبَعدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى.

ــ

ما وقع لهم من فريضة يوم الجمعة، فقالت طائفة: إن موسى أمرهم بيوم الجمعة، وعيَّنه لهم، وأخبرهم بفضيلته على غيره، فناظروه: أن السبت أفضل. فقال الله له: دعهم وما اختاروا لأنفسهم. ونقلوا هذا القول. ويؤيد هذا قول نبينا صلى الله عليه وسلم في بعض طرق هذا الحديث: وهذا يومهم الذي فُرض عليهم، ثم اختلفوا فيه (1).

وقيل: إن الله لم يعيِّنه لهم، وإنما أمرهم بتعظيم يوم في الجمعة، ووكل تعيينه إلى اختيارهم، فاختلف اجتهادهم في تعيينه، فعيَّنت اليهود السبت؛ لأن الله فرغ فيه من الخلق. وعيَّنت النصارى يوم الأحد؛ لأن الله تعالى بدأ فيه الخلق، فألزم كل واحد منهم ما أدّاه إليه اجتهاده، وعيَّنه الله لهذه الأمة من غير أن يَكِلَهم إلى اجتهادهم؛ فضلا منه ونعمة. ويدلّ على صحة هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه؛ أي: في تعيينه: هدانا الله له؛ أي: بتعيينه لنا، لا باجتهادنا. وممَّا يؤيده: أنه لو عُيّن لهم فعاندوا فيه لما قيل: اختلفوا فيه، وإنما كان ينبغي أن يقال: فخالفوا فيه وعاندوا. وممّا يؤيده أيضًا قوله في الأم في بعض طرقه: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا (2).

وقوله: فاليوم لنا، وغَدا لليهود، وبعد غد للنصارى؛ أي: بعد إلزام المشروعية بالتعيين لنا، وبالاختيار لهم. وحقّ غد وبعد أن يكونا مرفوعين على المبتدأ، وخبراهما في المجرورين بعدهما، وقد قيَّدهما كذلك بعض من نعتمده. و (3) قيدناهما أيضًا بالنصب بناء على أنهما ظرفان غير متمكنين، والأول أولى؛ لأنهما قد أخبر عنهما هنا، فقد خرجا عن الظرفية. وقد جاء في رواية:

(1) انظر: صحيح مسلم رقم (855/ 21).

(2)

انظر: صحيح مسلم رقم (856/ 22).

(3)

ما بين حاصرتين سقط من (ع)، واستدرك من (هـ) و (ظ).

ص: 492

وَفِي رِوَايَةٍ: وَهَذَا يَومُهُمِ الَّذِي فرضَ الله عَلَيهِم، فَاختَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا الله لَهُ، فَهُم لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، فَاليَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعدَ غَدٍ.

رواه أحمد (2/ 274)، والبخاري (876)، ومسلم (855)(19)، والنسائي (3/ 85 و 87).

[722]

- وَمِن حَدِيثِ حُذَيفَةَ نَحوهُ، قَالَ: نَحنُ الآخِرُونَ مِن أَهلِ الدُّنيَا، وَالأَوَّلُونَ يَومَ القِيَامَةِ، المَقضِيُّ لَهُم قَبلَ الخَلائِقِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: المَقضِيُّ بَينَهُم.

رواه مسلم (856)(22)، والنسائي (3/ 87).

[723]

- وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فِي الجُمُعَةِ لَسَاعَةً، لا يُوَافِقُهَا عَبدٌ مُسلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسأَلُ الله خَيرًا إِلا أَعطَاهُ إِيَّاهُ. وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا، يُزَهِّدُهَا.

ــ

فاليهود غدًا والنصارى بعد غدٍ منصوبين على الظرف، إلا أنهما متعلقان بمحذوف تقديره: فاليهود يعظمون غدًا، والنصارى بعد غد، وضمّ إلى ذلك: أن ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث (1).

وقوله: إن في الجمعة ساعة: اختلف في تعيينها، فذهبت طائفة من السلف: إلى أنها من بعد العصر إلى الغروب، وقالوا: إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وهو قائم يصلي، أنه بمعنى: ملازم ومواظب على الدعاء. وذهب آخرون: إلى أنها فيما بين خروج الإمام إلى أن تُقضى الصلاة؛ كما في حديث أبي موسى. وذهب

(1) أي: الأشخاص.

ص: 493

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ.

رواه أحمد (2/ 401)، والبخاري (935)، ومسلم (852)(13 و 14 و 15)، والنسائي (3/ 115 - 116)، وابن ماجه (1137).

[724]

- وعَن أَبِي بُردَةَ بنِ أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبدُ اللهِ بنُ عُمَر: أَسَمِعتَ أَبَاكَ يُحَدِّث عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَم، سَمِعتُهُ يَقُولُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: هِيَ مَا بَينَ أَن يَجلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَن تُقضَى الصَّلاةُ.

رواه مسلم (853)، وأبو داود (1049).

* * *

ــ

آخرون (1): إلى أنها وقت الصلاة نفسها. وقيل: من وقت الزوال إلى نحو الذراع، وقيل: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وقيل: هي مخفيّة في اليوم كله؛ كليلة القدر. قلت: وحديث أبي موسى نصٌ في موضع الخلاف، فلا يلتفت إلى غيره. والله أعلم.

وقوله: وهي ساعة خفيفة؛ أي: قصيرة غير طويلة؛ كما قال في الرواية الأخرى: يُزهِّدها؛ أي: يقللها. وهذا يدل على أنها ليست من بعد العصر إلى غروب الشمس؛ لطول هذا الوقت.

* * *

(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 494