الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه مسلم (891)(4)، وأبو داود (1154)، والترمذي (534)، والنسائي (3/ 183 - 184).
* * *
(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد
[761]
- عَن عَائِشَةَ، قَالَت: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكرٍ وَعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأَنصَارِ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَت بِهِ الأَنصَارُ يَومَ بُعَاثَ.
ــ
وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيدين بقراءة تينك السورتين؛ لما تضمنتاه من المعاني المناسبة لأحوال الخارجين إلى العيد، واجتماعهم، وصدورهم؛ فإنها تذكر بأحوال الآخرة منزلة منزلة، وفيه دليل على سنة الجهر بالقراءة فيهما، ولا خلاف فيه.
(6)
ومن باب: الفرح واللعب في أيام الأعياد
قول عائشة: وعندي جاريتان من جواري الأنصار: الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما؛ ولذلك قالت عائشة عن نفسها: فاقدروا قدر الجارية العَرِبة؛ أي: الصغيرة، والعَرِبة: المحبّبة إلى زوجها، وقيل: الغَنِجة، وقيل: المشتهية للَّعب؛ كما قال في الرواية الأخرى: الحريصة على اللهو بدل: العَرِبة.
وقولها: تغنيان؛ أي: ترفعان أصواتهما بإنشاد العرب (1)، وهو المسمَّى عندهم بالنصب، وهو إنشاد بصوت رقيق فيه تمطيط، وهو يجري مجرى الحداء.
وقولها: بما تقاولت الأنصار يوم بعاث: هو بالباء المعجمة بواحدة من
(1) في (هـ): الشعر.
قَالَت: وَلَيسَتَا بِمُغَنِّيَتَينِ، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ: أَبِمزمُورِ الشَّيطَانِ فِي بَيتِ رَسُولِ اللهِ
ــ
أسفل، والعين المهملة، هكذا رويناه وهو المعروف، وقاله أبو عبيد: بالغين المعجمة، وكان يومًا من أيام الحروب المعروفة بين الأوس والخزرج، كان الظهور فيه للأوس على الخزرج.
وقولها: وليستا بمغنيتين؛ أي: ليستا ممن يعرف الغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرّز من الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يُحرِّك النفوس، ويبعثها على الهوى والغزل والمجون؛ الذي يحرِّك الساكن ويبعث الكامن. وهذا النوع إذا كان في شعرٍ يشبّب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات؛ لا يختلف في تحريمه؛ لأنه اللهو واللعب المذموم بالاتفاق، فأما ما يسلم من تلك المحرمات، فيجوز القليل منه، وفي أوقات الفرح؛ كالعرس والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، ويدل على جواز هذا النوع هذا الحديث وما في معناه، على ما يأتي في أبوابه؛ مثل ما جاء في الوليمة، وفي حفر الخندق، وفي حدو الحبشة، وسلمة بن الأكوع. فأما ما أبدعه الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة؛ فمن قبيل ما لا يُختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية والأغراض الشيطانية قد غلبت على كثير ممن ينُسِب إلى الخير وشُهر بذكره، حتى عموا عن تحريم ذلك وعن فحشه؛ حتى قد ظهرت من كثير منهم عوارات المُجَّان والمخانيث، والصبيان، فيرقصون ويزفنون بحركات مطابقة، وتقطيعات متلاحقة؛ كما يفعل أهل السَّفَه والمجون، وقد انتهى التواقح بأقوام منهم إلى أن يقولوا: إن تلك الأمور من أبواب القرب وصالحات الأعمال، وأن ذلك يُثمر صفاء القلوب وسنِيَّات الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة، وقول أهل البطالة والمَخرَقَة، نعوذ بالله من البدع والفتن، ونسأله التوبة والمشي على السنن.
وقول أبي بكر: أبمزمور الشيطان؟ : إنكار منه لما سمع، مستصحبًا لما
- صلى الله عليه وسلم؟ وَذَلِكَ فِي يَومِ عِيدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا بَكرٍ! إِنَّ لِكُلِّ قَومٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: تَلعَبَانِ بِدُفٍّ.
وَفِي أُخرَى: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجًّى بِثَوبِهِ. فَانتَهَرَهُمَا أَبُو بَكرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنهُ، فَقَالَ: دَعهُمَا يَا أَبَا بَكرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ. وَقَالَت: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَستُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ وَهُم يَلعَبُونَ، وَأَنَا جَارِيَةٌ، فَاقدِرُوا قَدرَ الجَارِيَةِ العَرِبَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ.
ــ
كان مقررا (1) عنده من تحريم اللهو والغناء جملة؛ حتى ظن أن هذا من قبيل ما يُنكر، فبادر إلى ذلك، قيامًا عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على ما ظهر له، وكأنه ما كان تبيَّن له أن النبي صلى الله عليه وسلم قررهن على ذلك بعد، وعند ذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم: دعهما، ثم علل الإباحة: بأنه يوم عيد؛ يعني أنه يوم سرور وفرح شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا.
والمزمور: الصوت، ونسبته إلى الشيطان؛ ذمٌّ على ما ظهر لأبي بكر. قال الإمام: فأما الغناء بآلة مُطربةٍ فيُمنع، وبغير آلة اختلف الناس فيه، فمنعه أبو حنيفة، وكرهه الشافعي ومالك، وحكى أصحابُ الشافعي عن مالك: أن مذهبه الإجازة من غير كراهة.
قال القاضي: المعروف من مذهب مالك المنع لا الإجازة. قلت: ذكر الأئمة هذا الخلاف هكذا (2) مطلقًا، ولم يفصلوا موضعه، والتفصيل الذي ذكرناه لا بد من اعتباره، وبما ذكرناه يجتمع شمل مقصود الشرع الكلي ومضمون
(1) في (هـ) و (ظ): تقرّر.
(2)
ساقط من (ع).
وفي أخرى: الحَرِيصَةِ عَلَى اللهوِ.
وَفِي أُخرَى: يَلعَبُونَ بِحِرَابِهِم في مَسجِدِ النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد (6/ 33 و 127)، والبخاري (949)، ومسلم (892)(16 و 17 و 18)، والنسائي (3/ 195).
[762]
وعنها قَالَت: كَانَ يَومَ عِيدٍ، يَلعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ: تَشتَهِينَ؟ فَقَالَت: نَعَم، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُم يَا بَنِي أَرفِدَةَ، حَتَّى إِذَا
ــ
الأحاديث الواردة في ذلك، وينبغي أن يُستثنى من الآلات التي ذكر الإمام: الدّفّ، فإنه قد جاء ذكره في هذا الحديث، وفي حديث العرس.
وتسجية رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه بثوبه؛ إعراض عنهما. وقالت في الحديث الآخر: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الفراش مضطجعًا، وإنه حوّل وجهه عند غِناء الجاريتين، وكأنه أعرض عن ذلك الغناء؛ لأنه من قبيل اللغو الذي يعرض عنه. وأما لعب الحبشة في المسجد فكان لعبًا بالحراب والدَّرَق تواثُبًا ورقصًا بهما، وهو من باب التدريب على الحرب والتمرين والتنشيط عليه، وهو من قبيل المندوب؛ ولذلك أباحه النبى صلى الله عليه وسلم في المسجد، وفيه دليل على جواز نظر النساء إلى الأجانب من الرجال على مثل هذه الحال التي قد أُمنت المفاسد والفتن فيها.
وإنكار عمر عليهم تمسك منه بالصورة الظاهرة؛ كما قلنا في حق أبي بكر رضي الله عنهما، وفيه أبواب من الفقه لا تخفى.
وقوله: دونكم يا بني أرفِدة: دونكم: منصوب على الظرف؛ بمعنى (1)
(1) ساقط من (ع).
مَلِلتُ قَالَ: حَسبُكِ؟ قُلتُ: نَعَم. قَالَ: فَاذهَبِي.
رواه البخاري (950)، ومسلم (892/ 19).
[763]
- وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: بَينَمَا الحَبَشَةُ يَلعَبُونَ عِندَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِرَابِهِم، إِذ دَخَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَأَهوَى إِلَى الحَصبَاءِ يَحصِبُهُم بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعهُم، يَا عُمَرُ! .
رواه أحمد (2/ 308)، والبخاري (2901)، ومسلم (893).
* * *
ــ
الإغراء، والمغرى به محذوف؛ دلّت الحالة عليه؛ وهو لعبهم بالحراب، فكأنه قال: دونكم اللعب، والعرب تغري بـ: عليك ودونك وعندك. وأرفدة: - بكسر الفاء -: هي روايتنا، وقيل عن أبي بحر: أرفَدة - بفتح الفاء -، وهو لقب للحبشة.
وقوله: حسبك: معناه يكفيك، وهو محذوف همزة الاستفهام.
والحصباء: الرمل. وأهوى بيده: أمالها لأخذ الحصباء، وحصبهم: رماهم بالحصباء.
* * *