المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

[808]

- عَن خَبَّابِ بنِ الأَرَتِّ قَالَ: هَاجَرنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللهِ نَبتَغِي وَجهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَن مَضَى لَم يَأكُل مِن أَجرِهِ شَيئًا، مِنهُم مُصعَبُ بنُ عُمَيرٍ قُتِلَ يَومَ أُحُدٍ فَلَم يُوجَد لَهُ شَيءٌ

ــ

لا أعلم أحدًا قال بوجوب الغسل منه. وقال إسحاق: أما الوضوء فلا بد منه - ونحوه قال أحمد.

وهذه البنت التي ماتت للنبي صلى الله عليه وسلم هي زينب على ما جاء في الأم (1)، وقيل: هي أم كلثوم - على ما جاء في كتاب أبي داود من حديث ليلى بنت قَانِف الثقفية (2).

(8)

ومن باب: تكفين الميت

قول خباب فوجَب أجرنا على الله؛ أي: بما وعد به من هاجر بقوله الصدق ووعده الحق، لا بالعقل؛ إذ لا يجب على الله شيء عقلا ولا وضعًا.

وقوله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا؛ أي: منا من مات على الحال التي هاجر عليها من الفقر ومجانبة زهرة الدنيا وطيباتها، فذلك الذي سلم له أجر عمله كله، فرأى أن نيل طيبات الدنيا ينقص من ثواب الأعمال الصالحة فيها.

(1) صحيح مسلم (939/ 40).

(2)

سنن أبي داود (3157).

ص: 597

يُكَفَّنُ فِيهِ إِلا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعنَاهَا عَلَى رَأسِهِ خَرَجَت رِجلاهُ، وَإِذَا وَضَعنَاهَا عَلَى رِجلَيهِ خَرَجَ رَأسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأسَهُ، وَاجعَلُوا عَلَى رِجلَيهِ من الإِذخِر. وَمِنَّا مَن أَينَعَت لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهوَ يَهدِبُهَا.

رواه البخاري (1276)، ومسلم (940)، وأبو داود (2876)، والترمذي (3852)، والنسائي (4/ 38).

ــ

وقد قال في البخاري في هذا الحديث: لقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتُنا في حياتنا الدنيا (1).

وقوله ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها؛ أي أدركت ونضُجت، يقال: يَنع الثمر وأينع إذا أدرك طيبه، ومنه قوله تعالى:{وَيَنعِهِ} ويهدبها؛ أي: يجتنيها ويقطفها، يقال منه: هَدَب، يهدُب، ويهدِب، هَدبًا. والنَّمِرَة: كساءٌ ملمعٌ، وقيل أسود.

وقد يُستدَلُّ بهذا الحديث على أن الكفن من رأس المال، وهو قول عامّة علماء الأمة إلا ما حُكي عن طاووس أنه من الثلث إن كان المال قليلا، وإلا ما حُكي عن بعض السلف أنه من الثلث على الإطلاق، ولم يتابعا على هاتين المقالتين.

وفيه: أن الكفن إذا ضاق عن الميت كان تغطية وجهه ورأسه أولى؛ إكرامًا للوجه وسترًا لما يظهر عليه من تغيُّر محاسنه، وإن ضاق عن الوجه والعورة بدئ بستر العورة.

وتكفين الميت المسلم واجب عند العلماء، فإن كان له مال فمن رأس ماله على ما تقدّم، وإن لم يكن له مال فمن بيت المال أو على جماعة المسلمين.

واختلف أصحابنا؛ هل يلزم ذلك من كان تلزمه نفقته في حياته أم لا؟ والوتر في الكفن مستحب عند كافة العلماء، وكلهم مجمعون على أنه ليس فيه حدٌّ واجب.

(1) رواه البخاري (1274).

ص: 598

[809]

- وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلاثَةِ أَثوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِن كُرسُفٍ، لَيسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ، أَمَّا الحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشتُرِيَت لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الحُلَّةُ وَكُفِّنَ فِي

ــ

وقولها كُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سَحُوليَّة يدلّ على استحباب البياض في الكفن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن من خير ثيابكم البياض، فكفنوا فيها موتاكم (1). والكفن في غيره جائز، ومن أطلق عليه أنه مكروه فمعناه أن البياض أولى. واختلف قول مالك في المُعَصفَر؛ فمرَّةً كرهه لأنه مصبوغ يُتَجمَّل به، وليس بموضع تجمُّل، وأجازه أخرى لأنه من الطيب ولكثرة لباس العرب له. وسحولية: روايتنا فيه بفتح السين، وهي منسوبة إلى سَحول قرية باليمن. وفي الصحاح: السَّحل الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن، ويُجمع سُحُول وسُحُل، قال: ويقال سَحول موضع باليمن، والسحولية منسوبة إليه. وقد كره مالك وعامة العلماء التكفين في ثياب الحرير للرجال والنساء، وأجازه ابن حبيب للنساء خاصة (2).

وقولها ليس فيها قميص ولا عمامة حمله الشافعيّ على أن ذلك ليس بموجود في الكفن، فلا يُقَمَّص. وحمله مالك على أنه ليس بمعدود فيه وأن العمامة والقميص زائدان على الثلاثة الأثواب. ويحتمل إن كانا موجودين، ولم يعدَّهما الراوي، فيقمّص ويُعمَّم. وهو قول مُتقدِّمِي أصحابه؛ ابن القاسم وغيره، وهو قول أبي حنيفة. وحكى ابن القصار أن القميص والعمامة غير مستحبين عند مالك، ونحوه عن ابن القاسم، وعلى هذا فيدرج في الثلاثة الأثواب إدراجًا.

وقولها أما الحُلَّة فإنّما شُبِّه على الناس فيها، قال الخليل: الحلَّة

(1) رواه أحمد (2/ 240).

(2)

ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 599

ثَلاثَةِ أَثوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، فَأَخَذَهَا عَبدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكرٍ فَقَالَ: لأحبِسَنَّهَا حَتَّى أُكَفِّنَ فِيهَا نَفسِي! ثُمَّ قَالَ: لَو رَضِيَهَا اللهُ لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا! فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا.

رواه أحمد (6/ 40 و 231)، والبخاري (1271)، ومسلم (941)، وأبو داود (3151)، والترمذي (969)، والنسائي (4/ 35)، وابن ماجه (1469).

[810]

- وَعَنهَا قَالَت: سُجِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَاتَ بِثَوبِ حِبَرَةٍ.

رواه أحمد (6/ 153 و 269)، والبخاري (5814)، ومسلم (942)، وأبو داود (3120).

ــ

ضرب من برود اليمن. وقال أبو عبيد: هي برود اليمن. والحلة إزار ورداء، لا تسمَّى حُلَّةً حتى يكونا ثوبين.

وقولها سُجِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب حِبَرَة، سُجِّي أي غطي، والتسجية مما مضى بها العمل، وهي سترة الميَّت لما أصابه من التغير.

والحِبَرَة من برود اليمن.

وقولها في الأم: أدرج في حلَّة يمنية، ثم نزعت عنه (1) - تعني: وبعد ذلك كُفن في الثلاثة الأثواب، اختلف الرواة في هذا اللفظ؛ فعند العذري يمنيَّة، وعند الصدفي يمانيَة، وكلاهما منسوب إلى اليمن. وعند الفارسي حلَّةٌ يَمنَةُ بتنوين حلّة ورفع يَمنَة وإسكان الميم وفتح النون، ويقال بحذف التنوين من

(1) الحديث في صحيح مسلم رقم (941/ 46).

ص: 600

[811]

- وَعَن جَابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَومًا فَذَكَرَ رَجُلا مِن أَصحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيلا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَن يُقبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيهِ، إِلا أَن يُضطَرَّ إِنسَانٌ إِلَى

ــ

حلّة وإضافتها.

واختلف في القميص الذي غُسِّل فيه النبي صلى الله عليه وسلم الذي نُهوا عن نزعه (1)؛ فقال بعض العلماء: إنه نُزع عنه حين كُفِّن وسُتِر بالأكفان؛ لأنه كان مبلولا، ولا يتفق تكفينه فيه كذلك. قد ذكر أبو داود عن ابن عباس: كُفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية (2)؛ الحلَّة - ثوبان، وقميصه الذي مات فيه (3). وهذا مخالف لحديث عانشة رضي الله عنها المتقدم، وقد نصَّت على أنه لم يكفن في الحلَّة.

وقولها ليس فيها قميص ولا عمامة محتمل لما ذكرناه، والله أعلم.

وقوله في كفن غير طائل؛ أي لا خطر له ولا قيمة، أو لا سترَ فيه ولا كفاية، أو لا نظافة له ولا نقاوة.

وقوله زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل أخذ به الحسن، فكره أن يقبر الرجل بالليل إلا لضرورة. وذهب الجمهور إلى جواز ذلك، وكأنهم رأوا أن ذلك النهي خاصٌّ بذلك الرجل لئلا تفوته صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: يمكن أن يقصدوا بدفنه بالليل ستر إساءة ذلك الكفن الغير طائل. قال الشيخ رحمه الله: وهذه التأويلات فيها بُعد، ولا تصلح لدفع ذلك الظاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صدر عنه النهي المطلق بعد دفن الرجل بالليل، فقد تناول النهي غيره قطعًا؛ فتأمّله!

ويمكن أن يعضد مذهب الحسن بأنه إن قبر ليلا قلّ المصلُّون عليه؛ لأن عادة

(1) انظر: البداية والنهاية (5/ 260) طبعة المعارف، بيروت. وأبو داود (3141)، والموطأ: جنائز: 27.

(2)

من سنن أبي داود.

(3)

رواه أبو داود (3153).

ص: 601