المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

[470]

- عَن أَبِي مَعمَرٍ، أَنَّ أَمِيرًا كَانَ بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ تَسلِيمَتَينِ، فَقَالَ عبد الله: أَنَّى عَلِقَهَا؟ ! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفعَلُهُ.

رواه مسلم (581)(117).

ــ

الساعدي الذي خرّجه البخاري (1)، فإنه قال: وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدّم رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وقعد على مقعدته. وقال أبو داود (2): إذا جلس في الركعة الرابعة أفضى بوركه إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة، والتمسك بهذا الحديث أولى؛ فإنه نصٌّ في موضع الخلاف.

(57)

ومن باب: كم يسلم من الصلاة

قوله: إن أميرًا كان بمكة يسلّم تسليمتين؛ هذا الأمير هو فيما أحسب: الحارث بن حاطب الجمحي، وهو - والله أعلم - الذي ذَكر أبو داود: أن أمير مكة خطب فقال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك لرؤيته، فإن لم نره، وشهد به شاهدا عدلٍ، نسكنا بشهادتهما، والله أعلم.

وقول عبد الله بن مسعود: أنَّى عَلِقَها

؛ أي: كيف حفظها، وأصله من علاقة الحب. وهذا الاستبعاد من ابن مسعود يدل على أن عمل الناس كان على

(1) رواه البخاري (828).

(2)

رواه أبو داود (957).

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تسليمة واحدة. وقد اختلف العلماء في ذلك في حق الإمام والمأموم والمنفرد. فذهب الجمهور إلى أن الفرض في حقهم تسليمة واحدة، وذهب أحمد بن حنبل وبعض أهل الظاهر إلى أن فرضهم اثنتان. قال الداودي: وأجمع العلماء على أن من سلّم واحدة فقد تَمّت صلاته. وعلى هذا فالذي ذُكر عن أحمد وأهل الظاهر محمول على أن التسليمة الثانية فرض ليست بشرط، فَيَعصي من تركها، ويقع التحلل بدونها. فإذا تنزَّلنا على قول من قال: إن الفرض واحدة، فهل يختار زيادة عليها لجميعهم، أو فيه تفصيل؟ اختلف فيه، فذهب الشافعي ومالك في غير المشهور عنه: أنه يستحب للجمع تسليمتان، وذهب مالك في المشهور عنه: إلى أن الإمام والمنفرد يقتصران على تسليمة واحدة، ولا يزيدان عليها. وأما المأموم فيسلم ثانية، يردّ بها على الإمام، فإن كان عن يساره من سلّم عليه، فهل ينوي بالثانية الرد على الإمام وعليه، أو يسلم ثلاثًا ينوي بهما الردّ على من سلم عليه ممن على يساره؟ قولان. ثم إذا قلنا بالثالثة فهل يبدأ بعد الأولى بالإمام، أو ممن على يساره، أو هو مخير؟ ثلاثة أقوال. وسبب الخلاف: اختلاف الأحاديث؛ وذلك أن في حديث ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص: أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلّم تسليمتين (1). قال النسائي في حديث ابن مسعود: حتى نرى بياض خده الأيمن، وبياض خده الأيسر. وفي حديث عائشة (2) وسمرة بن جندب (3): كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئًا. وأحاديث التسليمتين أصح، وأحاديث التسليمة الواحدة عمل عليها أبو بكر وعمر. ولم ير مالك في السلام من الصلاة زيادة: ورحمة الله وبركاته تمسكًا بلفظ التسليم، ورأى ذلك الشافعي تمسكًا بحديث وائل بن حجر؛ قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يسلم عن

(1) رواه أبو داود (2338) من حديث حسين بن الحارث الجدلي.

(2)

رواه الترمذي (296)، وابن ماجه (919).

(3)

رواه أبو داود (975).

ص: 204

[471]

- وَعَن عَامِرِ بنِ سَعدٍ، عَن أَبِيه قَالَ: كُنتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَن يَمِينِهِ وعَن يَسَارِهِ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ.

ــ

يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1).

وفي حديث ابن مسعود: السلام عليكم ورحمة الله (2) - فقط -. ومعنى قول مالك - والله أعلم -: بأن التحلل يقع بالاقتصار على لفظ التسليم، ولا يَشترِط في ذلك زيادة. ثم هل يشترط في السلام لفظ معين، فلا يجزئ غيره، أو يجزئ (3) كل ما كان مأخوذًا من لفظ السلام؟ وبالأول قال مالك تمسكًا بقوله صلى الله عليه وسلم: تحريم الصلاة التكبير، وتحليلها التسليم (4)، والألف واللام حوالة على معهودِ سلامِه صلى الله عليه وسلم. وكل من روى سلامه عيَّن لفظه، فقال: السلام عليكم، وبالثاني قال الشافعي تمسكًا بلفظ التسليم، وحملا له على عموم ما يشتق منه، وبإطلاق قول الراوي: إنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم. وكل ما ذكرنا من أصول السلام وفروعه إنما هو على مذهب من يرى: أنه لا يتحلل من الصلاة إلا بالسلام. [وهم الجمهور](5). وقد ذهب أبو حنيفة والثوري والأوزاعي إلى أنه ليس من فروضها، وأنه سنة، وأنه يتحلل منها بكل فعل أو قول ينافيها. وذهب الطبري إلى التخيير في ذلك، والأحاديث المتقدمة كلها ترد عليهم، والله أعلم.

وقول سعد: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده هذا حكم الإمام والمنفرد على قول من يقول: إنهما يسلمان اثنتين. وأما من قال: يسلم واحدة، فحقه أن يبدأ قبالة وجهه ويتيامن، كما روي

(1) رواه أبو داود (997).

(2)

رواه أبو داود (996)، والترمذي (295)، والنسائي (3/ 63).

(3)

في (ع): يجوز.

(4)

رواه أحمد (1/ 123 و 129)، وأبو داود (61)، والترمذي (3) من حديث علي رضي الله عنه.

(5)

في (م) وهو مذهب الجمهور.

ص: 205

رواه أحمد (1/ 182)، ومسلم (582)، والنسائي (3/ 61)، وابن ماجه (915).

[472]

- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا نَعرِفُ انقِضَاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكبِيرِ.

رواه البخاري (842)، ومسلم (583)(120)، وأبو داود (1003)، والنسائي (3/ 67).

[473]

- وَعَنهُ: إِنَّ رَفعَ الصَّوتِ بِالذِّكرِ حِينَ يَنصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكتُوبَةِ، كَانَ عَلَى عَهدِ النبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: كُنتُ أَعلَمُ إِذَا انصَرَفُوا بِذَلِكَ، إِذَا سَمِعتُهُ.

رواه البخاري (841)، ومسلم (583)، (122)، وأبو داود (1002).

* * *

ــ

في حديث عائشة وسمرة، وقد ذكرناهما، وذكرنا الاختلاف في المأموم.

وقول ابن عباس: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير؛ قال الطبري: فيه الإبانة عن صحة فعل من كان يفعل ذلك من الأمراء؛ يكبر بعد صلاته ويكبر من وراءه. قال غيره: ولم أر أحدًا من الفقهاء قال بهذا؛ إلا ما ذكره ابن حبيب في الواضحة (1) أنهم كانوا يستحبون التكبير في العساكر والبعوث إثر صلاة الصبح والعشاء، تكبيرًا عاليًا، ثلاث مرات، وهو قديم من شأن الناس. وعن مالك: أنه مُحدَث.

وقوله: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته هذا يدل على أن ابن عباس لم يكن يحضر معهم، وهذا كان لصغره يومئذ، أو لعذر آخر، والله أعلم.

(1) هو كتاب: "الواضحة في الفقه" لعبد الملك بن حبيب المالكي القرطبي (ت 239 هـ).

ص: 206