المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(20) باب من لا يصلى عليه - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(20) باب من لا يصلى عليه

وَفِي رِوَايَةٍ: أَسأَلُ الله لَنَا وَلَكُم العَافِيَةَ.

رواه أحمد (6/ 221)، ومسلم (974) 103 و (975)، والنسائي (7/ 72 - 73)، وابن ماجه (1546) مختصرًا.

* * *

(20) باب من لا يصلى عليه

[843]

- عن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَم يُصَلِّ عَلَيهِ.

رواه مسلم (978)، والترمذي (1068)، والنسائي (4/ 66).

ــ

مخرمة - هذا الرجل هو عبد الله بن أبي مُلَيكَة على ما قاله النسائي وأبو نعيم الجرجاني وأبو بكر وأبو عبد الله الجيزي. وقال الدارقطني: هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي ودَاعَة السهمي.

(20)

ومن باب: من لا يصلّى عليه

قوله قتل نفسه بمشاقص، هكذا صحيح الرواية فيه، وهو جمع مشقص وهو السكين على الخلاف الذي ذكرناه في كتاب الإيمان، وقد رواه الطبري بمشقاص بألف، وليس بشيء، وصوابه مشقص.

ولعل هذا القاتل لنفسه كان مستحلا لقتل نفسه فمات كافرًا فلم يصل عليه لذلك، وأما المسلم القاتل لنفسه فيصلّى عليه عند كافة العلماء، وكذلك المقتول

ص: 637

[844]

- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابن سَلُولَ جَاءَ ابنُهُ عبد الله بنُ عبد الله إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَن يُعطِيَهُ قَمِيصَهُ

ــ

في حدٍّ أو قصاص، ومرتكب الكبائر وولد الزنى، غير أن أهل الفضل يجتنبون الصلاة على المبتدعة والبغاة وأصحاب الكبائر ردّعًا لأمثالهم. ويجتنب الإمام خاصة الصلاة على من قتله في حدّ، وحُكي عن بعض السلف خلافٌ في بعض صور؛ فعن الزهري: لا يصلّى على المرجوم، ويصلّى على المقتول في قود. وقال أحمد: لا يصلّي الإمام على قاتل نفس ولا غالّ. وقال أبو حنيفة: لا يصلّى على محارب، ولا على من قُتل من الفئة الباغية. وقال الشافعي: لا يصلّى على من ترك الصلاة إذا قتل، ويصلّى على من سواه. وعن الحسن: لا يصلّى على النفساء تموت من زنى، ولا على ولدها - وقاله قتادة في ولد الزنى. وعن بعض السلف خلاف في الصلاة على الطفل الصغير لما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على إبراهيم ابنه (1)، وقد جاء عنه أنه صلّى عليه (2)، ذكر الحديثين أبو داود، وقد علل ترك الصلاة عليه بعلل ضعيفة أشبهها أنه لم يصل عليه هو بنفسه لشغله بكسوف الشمس، وصلّى عليه غيره، والله أعلم.

واختلفوا في الصلاة على السّقط؛ فذهب بعض السلف وفقهاء المحدِّثين إلى الصلاة عليه، والجمهور على أنه لا يصلّى عليه حتى يستهل صارخًا أو تُعرف حياته. وقال بعض السلف: يصلى عليه متى نُفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر. وأما المقتول في معترك العدوّ فلا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه عند مالك، ويفعل ذلك به عند غيره، وفرَّق أبو حنيفة بين الغسل والصلاة فأثبتها وأسقطه، واختلف أصحابنا لو كان الشهيد جنبًا هل يُغسّل أم لا؟ قولان.

وعبد الله بن أبيّ ابن سلول هو عبد الله بن أبي بن مالك، وسلول: أم

(1) رواه أبو داود (3187) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2)

رواه أبو داود (3188).

ص: 638

يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيهِ، فَقَامَ عُمَرُ وَأَخَذَ بِثَوبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي عَلَيهِ وَقَد نَهَاكَ اللهُ أَن تُصَلِّيَ عَلَيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ

ــ

أبيّ، فتارة ينسب أبيّ إليها وتارة إلى أبيه مالك، وكان عبد الله هذا سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وانصرف الخزرج وغيرهم إليه حسده عبد الله وناصبه العداوة، غير أن الإسلام غلبه فنافق، وكان رأسًا في المنافقين، وهو أعظمهم نفاقًا وأشدهم كفرًا، وكان المنافقون خلقًا كثيرًا، حتى لقد روي عن ابن عباس أنهم كانوا ثلاثمائة رجل ومائة وسبعين امرأة، وكان لعبد الله هذا ولد اسمه عبد الله هو من فضلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أصدقهم إسلامًا وأكثرهم عبادة وأشرحهم صدرًا رضي الله عنه، وكان أبرَّ الناس بأبيه هذا، ومع ذلك؛ فقال يومًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إنك لتعلم أني من أبرِّ الناس بأبي، ولكن إن أمرتني أن آتيك برأسه فعلت! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نعفو عنه (1). فكان من أحرص الناس على إسلام أبيه وعلى أن ينتفع أبوه من بركات رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولذلك لما مات سأل ابنُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه لينال من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، وسأله أن يصلي عليه فصلّى عليه، كل ذلك إكرام لابنه وإسعاف له في طلبته (2). وقد روي أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطاه قميصه لأن عبد الله كان قد أعطى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر قميصًا، وذلك أن العباس أُسر يوم بدر وسلب، فمرَّ به عبد الله فأعطاه قميصه، فكافأه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

وقول عمر رضي الله عنه في هذا الحديث أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلّي عليه؟ يحتمل أن يقال: كان هذا قبل نزول قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ

(1) ذكره ابن هشام في السيرة (2/ 293). وانظر: فتح الباري (8/ 650).

(2)

حديث صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن أبي بن سلول، وَرَدَ في صحيح مسلم برقم (2400/ 25).

ص: 639

فَقَالَ: {استَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعِينَ مَرَّةً} وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبعِينَ. قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ! فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنزَلَ اللهُ عز وجل: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُم عَلَى قَبرِهِ.

ــ

مِنهُم مَاتَ أَبَدًا} ويظهر من هذا المساق أن عمر رضي الله عنه وقع له في خاطره أن الله نهاه عن الصلاة عليه قبل نزول الآية، ويكون هذا من قبيل الإلهام والتحديث (1) الذي شهد له به النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من سياق قوله تعالى:{استَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم} وهذان التأويلان فيهما بُعد، والذي يظهر لي - والله تعالى أعلم - أن البخاري ذكر هذا الحديث من رواية ابن عباس وساقه سياقةً هي أتقن من هذه، وليس فيها هذا اللفظ، فقال عنه عن عمر: لما مات عبد الله بن أُبي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلّي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر: وثبتُ إليه فقلت: يا رسول الله، أتصلي على ابن أُبيّ وقد قال يوم كذا كذا وكذا؟ أعدِّد عليه. قال: فتبسّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخِّر عني. فلما أكثرتُ عليه قال: إني خُيِّرت فاخترت، لو أنّي أعلم أنّي إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها. قال: فصلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزلت الآيتان من براءة: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أَبَدًا. قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم (2). والله ورسوله أعلم.

قلت: وهذا مساق حسن وترتيب متقن، ليس فيه شيء من الإشكال المتقدّم، فهو الأولى.

وقوله صلى الله عليه وسلم سأزيد على السبعين وعد بالزيادة، وهو مخالف لما في

(1) رواه البخاري (4671).

(2)

رواه البخاري (4676)، ومسلم (24)، والنسائي (4/ 90 و 91) من حديث المسيب بن حزن رضي الله عنه.

ص: 640

وَفِي رِوَايَةٍ: فَتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيهِم.

رواه البخاري (4670)، ومسلم (2400)، والنسائي (4/ 67 - 68).

* * *

ــ

حديث ابن عباس فإن فيه: لو أعلم أني إن زدت على السبعين غُفر له لزدت - وهذا تقييد لذلك الوعد المطلق، والأحاديث يفسّر بعضها بعضًا ويقيد بعضها ببعض، وقد قلنا: إن هذا الحديث أولى. وتخصيص الله تعالى العدد بالسبعين على جهة الإغياء، وعلى عادة العرب في استعمالهم هذا العدد في البعد والإغياء، فإذا قال قائلهم لا أكلمه سبعين سنة صار عندهم بمنزلة قولهم لا أكلمه أبدًا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: لو أعلم أني إذا زدت غفر له لزدت - فقد علم أنه لا يغفر له، وقد قيل له في موضع آخر:{سَوَاءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِر لَهُم لَن يَغفِرَ اللَّهُ لَهُم}

وقوله صلى الله عليه وسلم إني خيّرت مشكل مع قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَستَغفِرُوا لِلمُشرِكِينَ وَلَو كَانُوا أُولِي قُربَى} الآية، وقد تقدم أنّ هذه الآية نزلت بعد موت أبي طالب حين قال صلى الله عليه وسلم: والله لأستغفرنَّ لك ما لم أُنهَ عنك - وهذا يفهم منه النهي عن الاستغفار لمن مات كافرًا، وهو متقدم على الآية التي فهم منها التخيير. والجواب عن الإشكال أن المنهي عنه في هذه الآية استغفار مرجوّ الإجابة حتى يكون مقصوده تحصيل المغفرة لهم كما فعل بأبي طالب، فإنه إنما استغفر له كما استغفر إبراهيم - صلوات الله عليه وسلامه - لأبيه على جهة أن يجيبهما الله تعالى فيغفر للمدعوّ لهما، وفي هذا الاستغفار استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه في أن يأذن له فيه لأمّه فلم يُؤذن له فيه، وهذا النوع هو الذي تناوله منع الله تعالى ونهيه، وأما الاستغفار لأولئك المنافقين الذي خيّر فيه فهو استغفار

ص: 641