الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء
[671]
- عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأُبَيّ: إِنَّ الله أَمَرَنِي أَن أَقرَأَ عَلَيكَ: {لَم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ: آلله سَمَّانِي لَكَ؟ ! قَالَ: الله سَمَّاكَ لِي قَالَ: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبكِي.
رواه أحمد (3/ 273)، والبخاري (3809)، ومسلم (799)(245)، والترمذي (3894).
ــ
(114)
ومن باب: إقراء النبي صلى الله عليه وسلم
قوله صلى الله عليه وسلم لأُبَيٍّ: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن: إنما كان ذلك ليلقّن عنه أُبيّ كيفية القراءة مشافهة وصفتها، وليبيِّن طريق تحميل الشيخ للراوي بقراءته عليه، وفي حديث عبد الله بن مسعود قراءة التلميذ على الشيخ. وكلاهما طريق صحيح. وتخصيص سورة (لم يكن)، لما تضمنته من ذكر الرسالة، والصحف، والكتب؛ في قوله تعالى:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} وهو مناسب لحالهما. والله تعالى أعلم.
وقوله: آلله سَمَّاني لك؟ ! بهمزة الاستفهام على التعجب منه، إذ كان ذلك عنده مستبعدًا؛ لأن تسميته تعالى له، وتعيينه ليقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ تشريف عظيم، وتأهيل لم يحصل مثله (1) لأحد من الصحابة رضوان الله عليهم، ولذلك لما أخبره بذلك بكى من شدة الفرح والسرور؛ لحصول تلك المنزلة الشريفة، والرتبة المنيفة.
(1) ساقط من (ع) و (هـ)، والمثبت من (ظ) و (ط).
[672]
- وعَن عَبدِ الله قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرَأ عَلَيَّ القُرآنَ قَالَ: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَقرَأُ عَلَيكَ وَعَلَيكَ أُنزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشتَهِي أَن أَسمَعَهُ مِن غَيرِي. قَالَ: فَقَرَأتُ النِّسَاء حَتَّى إِذَا بَلَغتُ قوله: {فَكَيفَ إِذَا جِئنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} رَفَعتُ رَأسِي أَو غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنبِي فَرَفَعتُ رَأسِي، فَرَأَيتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ لِي وَهُوَ عَلَى المِنبَرِ: اقرَأ عَلَيَّ.
رواه أحمد (1/ 433)، والبخاري (5050)، ومسلم (800)(247)، وأبو داود (3668)، والترمذي (3027 و 3028)، وابن ماجه (4194).
ــ
وقوله: إني أشتهي أن أسمعه من غيري؛ أي: أستطيب ذلك، وذلك أن السامع قد يكون أحضر من القارئ؛ لاشتغال القارئ بالقراءة وكيفيتها، ويحتمل أن يكون: أشتهي بمعنى: أُحِبّ. وفيه: بيان سنة قراءة الطالب على الشيخ كما قدمناه آنفًا.
وقوله: حتى بلغت: {فَكَيفَ إِذَا جِئنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} وذكر بكاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان ذلك منه لعظم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع، وشدة الأمر. وفي غير الأم أنه قال: لما بلغتها؛ قال: حسبك (1)؛ احتج به أهل التجويد على جواز الوقف الكافي من الآي، والمقاطع؛ لأن الكلام حيث قال له: حسبك، غير تام، بل تمامه فيما بعده. وقد قيل: إن قوله لعبد الله: حسبك تنبيه على ما في الآية، لا أنه وقفه هناك.
(1) رواه البخاري (5050).
[673]
- وَعَن عَبدِ الله قَالَ: كُنتُ بِحِمصَ، فَقَالَ لِي بَعضُ القَومِ: اقرَأ عَلَينَا، فَقَرَأتُ عَلَيهِم سُورَةَ يُوسُفَ. قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: وَالله، مَا هَكَذَا أُنزِلَت قَالَ: قُلتُ: وَيحَكَ! وَالله، لَقَرَأتُهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: أَحسَنتَ. فَبَينَمَا أَنَا أُكَلِّمُهُ إِذ وَجَدتُ مِنهُ رِيحَ الخَمرِ. قَالَ فَقُلتُ: أَتَشرَبُ الخَمرَ وَتُكَذِّبُ بِالكِتَابِ؟ لا تَبرَحُ حَتَّى أَجلِدَكَ، قَالَ: فَجَلَدتُهُ الحَدَّ.
رواه أحمد (1/ 405 و 425)، والبخاري (5001)، ومسلم (801).
* * *
ــ
وحدُّ عبد الله للرجل الذي وجد منه ريح الخمر حجة على من منع وجوب الحد بالرائحة، وهو: أبو حنيفة والثوري، وكافة العلماء على ما فعل ابن مسعود. ويحتمل: أن يكون إنما أقام عليه الحد؛ لأنه جعل ذلك له من له ذلك، أو لأنه رأى أنه قام عن الإمام بواجب، أو لأنه كان ذلك في زمن ولايته الكوفة، فإنه ولي القضاء بها زمن عمر، وصدرًا من خلافة عثمان.
وقوله: أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب؟ نسبه إلى التكذيب بالكتاب على جهة التغليظ، وليس على حقيقته؛ إذ لو كان ذلك لحكم بردّته أو قتله؛ إذ هذا حكم من كذّب بحرف منه، وكان الرجل إنما كذب عبد الله لا القرآن، وهو الظاهر من قول الرجل: ما هكذا أنزلت، جهالة منه، أو قلّة حفظ، أو قلّة تثبت؛ لأجل السكر. والله أعلم.
* * *