الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[705]
- وَعَنهُ قَالَ: كُنَّا بِالمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ المَغرِبِ ابتَدَرُوا السَّوَارِيَ، فَركَعُواَ رَكعَتَينِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الغَرِيبَ لَيَدخُلُ المَسجِدَ فَيَحسِبُ أَنَّ الصَّلاةَ قد صُلِّيَت مِن كَثرَةِ مَن يُصَلِّيهِمَا.
رواه البخاري (625)، ومسلم (837)، والنسائي (2/ 28 و 29).
[706]
- وعَن عَبدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَينَ كُلِّ أَذَانَينِ صَلاةٌ. قَالَهَا ثَلاثًا، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَن شَاءَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: لِمَن شَاءَ.
رواه أحمد (4/ 86 - 5/ 56)، والبخاري (627)، ومسلم (838)، وأبو داود (1221)، وابن ماجه (1162).
* * *
(126) باب صلاة الخوف
[707]
- عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الخَوفِ،
ــ
وقوله: بين كل أذانين صلاة؛ يعني: الأذان والإقامة، وغَلب عليهما اسم الأذان؛ لأن فيهما إعلامًا بالشروع في الصلاة، ووجه هذا الحديث: أنه إذا أُذِّنَ للصلاةٍ فقد خرج وقت النهي، فتجوز الصلاة حينئذٍ، والله تعالى أعلم.
(126)
ومن باب: صلاة الخوف
قولنا: صلاة الخوف: هي الصلاة المعهودة تحضر والمسلمون مُتعرّضون لحرب العدو، وقد اختلف العلماء: هل للخوف تأثير في تغيير الصلاة المعهودة
بِإِحدَى الطَّائِفَتَينِ رَكعَةً، وَالطَّائِفَةُ الأُخرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ، ثُمَّ انصَرَفُوا،
ــ
عن أصل مشروعيتها المعروفة (1) أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن للخوف تأثيرا في تغيير الصلاة، على ما يأتي تفصيل مذاهبهم. وذهب أبو يوسف إلى أنه لا تغيير في الصلاة لأجل الخوف اليوم، وإنما كان التغيير المروي في ذلك، والذي عليه القرآن، خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم مستدلا بخصوصية خطابه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} قال: فإذا لم يكن فيهم لم تكن صلاة الخوف. وهذا لا حجة فيه لثلاثة أوجه:
أحدها: أنا قد أمرنا باتباعه، والتأسِّي به، فيلزم اتباعه مطلقًا؛ حتى يدلّ دليل واضح على الخصوص، ولا يصلح ما ذكره دليلا على ذلك، ولو كان مثل ذلك دليلا على الخصوصية؛ للزم قصر الخطابات على من توجهت له، وحينئذ يلزم أن تكون الشريعة قاصرةً (2) على من خوطب بها. لكن قد تقرر بدليل إجماعي؛ أن حُكمَه على الواحد حُكمه على الجميع، وكذلك ما يخاطب هو به؛ كقوله تعالى:{فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ} ، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسبُكَ اللَّهُ} ونحوه كثير.
وثانيها: أنه قد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي (3).
وثالثها: أن الصحابة رضي الله عنهم اطَّرحوا توهُّم الخصوص في هذه الصلاة، وعَدَّوهُ إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم بالمقال، وأقعد بالحال، فلا يُلتفت إلى قول من ادعى الخصوصية.
(1) في (ع): المعهودة.
(2)
في (ع): مقصورة.
(3)
رواه أحمد (5/ 53)، والبخاري (6008)، ومسلم (674)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، والنسائي (2/ 77) من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.
وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصحَابِهِم، مُقبِلِينَ عَلَى العَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ
ــ
ثم اختلف الجمهور في كيفية صلاة الخوف على أقوال كثيرة لاختلاف الأحاديث المروية في ذلك، فلنذكر تلك الأحاديث، ونذكر مع كل حديث من قال به إن وجدنا ذلك - إن شاء الله تعالى -. فلنبدأ من ذلك بالحديث الأول؛ وهو حديث ابن عمر (1)، ومضمونه: أنه صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة، والأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا، وقاموا مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك، وصلى بهم ركعة، ثم سلَّم، فقضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، وبه أخذ الأوزاعي وأشهب، وحُكي عن الشافعي. واختلف في تأويل قضائهم؛ فقيل: قضوا معًا، وهو تأويل ابن حبيب، وعليه حمل قول أشهب. وقيل: قضوا مفترقين؛ مثل حديث ابن مسعود، وهو المنصوص لأشهب.
الحديث الثاني: حديث جابر (2)، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم صفهم صفين خلفه، والعدو بينهم وبين القبلة، وصلى بهم جميعهم (3) صلاة واحدة، لكنه لَمَّا سجد؛ سجد معه الصف الأول (4) الذي يليه، وقام الصف المؤخر، ثم تقدموا وتأخر المقدم، ثم عملوا بالركعة الثانية كما فعلوا في الأولى. ونحوه حديث ابن عباس. وبهذا قال ابن أبي ليلى، وأبو يوسف في قولٍ له: إذا كان العدوّ في القبلة، وروي عن الشافعي، واختاره بعض أصحابه وأصحابنا.
الحديث الثالث: حديث سهل بن أبي حَثمَة (5)؛ وهو أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالطائفة الأولى ركعة، ثم ثبت قائمًا، فأتَمُّوا لأنفسهم، ثم انصرفوا، وصفوا وجاه العدوّ،
(1) انظر تخريجه في التلخيص (1007).
(2)
انظره في التلخيص (1008).
(3)
في (ع): جميعًا.
(4)
من (ع).
(5)
انظره في التلخيص (1009).
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَضَى هَؤُلاءِ رَكعَةً، وَهَؤُلاءِ رَكعَةً.
ــ
وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم ركعةً، ثم ثبت جالسًا حتى أتَمُّوا، ثم سلّم بهم. ونحوه حديث صالح. وبهذا قال مالك، والشافعي، وأبو ثور.
الحديث الرابع: حديث أبي سلمة عن جابر (1): أنه صلى أربع ركعات، بكل طائفة ركعتين، وهو اختيار الحسن، وذُكر عن الشافعي، ورواه غير مسلم من طريق أبي بكرة وجابر. وأنه سلم من كل ركعتين. قال الطحاوي: إنما كان هذا في أول الإسلام؛ إذ كان يجوز أن تُصلى الفريضة مرتين، ثم نُسخ ذلك.
الحديث الخامس: رواه أبو هريرة (2)، وابن مسعود (3): أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالطائفة التي وراءه ركعة، ثم انصرفوا، ولم يسلموا، فوقفوا بإزاء العدوّ، وجاء الآخرون، فصلى بهم ركعة، ثم سلم، فقضى هؤلاء ركعتهم، ثم سلموا، وذهبوا، فقاموا مقام أولئك، ورجع أولئك فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا. والفرق بين هذه الرواية ورواية ابن عمر: أن ظاهر قضاء أولئك في حديث ابن عمر في حالة واحدة، ويبقى الإمام كالحارس وحده، وها هنا قضاؤهم متفرق على صفة صلاتهم، وقد تأوّل بعضهم حديث ابن عمر على ما في حديث ابن مسعود، وبهذا أخذ أبو حنيفة وأصحابه، إلا أبا يوسف، وهو نص (4) قول أشهب من أصحابنا؛ خلاف ما تأوّل عليه ابن حبيب.
الحديث السادس: ذكره أبو داود من حديث ابن مسعود (5): أنه صلى الله عليه وسلم كبّر فكبّر
(1) رواه البخاري (4136).
(2)
رواه أبو داود (1240 و 1241)، والترمذي (3538)، والنسائي (3/ 173 و 174).
(3)
رواه أبو داود (1244).
(4)
من (ع) و (ظ).
(5)
رواه أبو داود (1245).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معه الصفّان جميعًا، وفيه: أن الطائفة الثانية لَمَّا صلت معه ركعةً وسلمت؛ رجعت إلى مقام أصحابهم، وجاءت الطائفة الأولى فصلّوا ركعة لأنفسهم، فرجعوا إلى مقام أصحابهم، وأتم أولئك لأنفسهم.
الحديث السابع: ذكره أبو داود من رواية أبي هريرة (1): أنها قامت مع النبي صلى الله عليه وسلم مقابلة العدو وظهورهم إلى القبلة، فكبّر جميعهم، ثم صلى بالذين معه ركعة، والآخرون قيام، ثم قام وذهبت الطائفة التي معه إلى العدو، وأقبلت تلك فصلى بهم ركعة، ثم أقبلت الطائفة الأولى، فصلوا ركعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم، ثم صلى بهم ركعة، ثم أقبلت الطائفة الأولى، فصلت ركعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه، ثم سلم، وسلموا جميعًا.
الحديث الثامن: من حديث عائشة (2)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كبّر وكبّرت معه الطائفة التي تليه، وصلى بهم ركعة وسجدة، وثبت جالسًا، وسجدوا هم السجدة التي بقيت لهم، ثم انصرفوا القهقرى، حتى قاموا من ورائهم، وجاءت الطائفة الأخرى فكبروا، ثم ركعوا - يعني لأنفسهم -، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم يعني سجدته التي بقيت عليه من الركعة الأولى، فسجدوا معه، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم، وأتَمُّوا هم السجدة التي بقيت عليهم، ثم قامت الطائفتان، فصلى بهم جميعًا ركعة كأسرع الإسراع.
الحديث التاسع: حديث ابن أبي حَثمَة (3) من رواية صالح بن خوَّات عنه: أن الطائفة الأولى لَمَّا صلّت ركعتها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صلّت الركعة الأخرى لنفسها
(1) رواه أبو داود (1240).
(2)
رواه أبو داود (1242).
(3)
انظره في التلخيص (1009).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سلّمت، ثم تقدّمت، وجاءت الأخرى. وهذا خلاف الحديث الآخر الذي ذكر فيه آخرًا: ثم سلّم بهم جميعًا. ومن رواية القاسم في حديث ابن أبي حثمة: أنه صلى الله عليه وسلم سلّم عند تمام صلاته الركعة الثانية بالطائفة الثانية، وأتَموا بعد سلامه؛ خلاف الروايات الأُخَر عن القاسم ويزيد بن رومان: أنه انتظرهم حتى قضوا، ثم سلّم. وقد اختلف قول مالك في الأخذ برواية القاسم، أو برواية يزيد. وبرواية القاسم أخذ أكثر أصحاب مالك لصحة القياس: أن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام. وهو اختيار أبي ثور، واختيار الشافعي في الرواية الأخرى.
الحديث العاشر: ما رواه أبو داود من حديث حذيفة وأبي هريرة وابن عمر (1): أنه صلى الله عليه وسلم صلّى بكل طائفة ركعة ولم يقضوا، ويؤيده حديث ابن عباس: صلاة الخوف ركعة، وبه قال إسحاق.
ثم اختلف العلماء في الأخذ بهذه الأحاديث؛ فمنهم من ذهب إلى أن هذه الكيفيات كلها جائزة، وأن الإمام مُخيّر في أيّها شاء فعل، ومِمَّن ذهب إليه: أحمد بن حنبل، والطبري وبعض الشافعية؛ قالوا: وقد يجوز أن يكون ذلك في مرّات على حسب شدّة الخوف، إلا أن أحمد اختار حديث سهل بن أبي حثمة، وقال: كلها جائزة، وذلك على قدر الخوف، وكل من عيَّن من هذه الكيفيات واحدة فبحسب ترجيحٍ حصل عنده أوجب له المصير إلى ما صار إليه؛ ولذلك قال الخطابي: صلاة الخوف أنواع صلاّها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة، وأشكال متباينة، يتوخى فيها كلها ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة. وذكر ابن القصار: أنه صلى الله عليه وسلم صلاّها في عشرة مواضع، وذكر غيره: أنه صلاّها أكثر من هذا العدد، ففي حديث ابن أبي حثمة وأبي هريرة وجابر أنه صلاّها يوم
(1) رواه أبو داود (1246).
ثم قَالَ ابنُ عُمَرَ: فَإِذَا كَانَ خَوفٌ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ فَصَلِّ رَاكِبًا أَو قَائِمًا، تُومِئُ إِيمَاءً.
رواه أحمد (2/ 147)، والبخاري (942)، ومسلم (839)(305) و (306)، وأبو داود (1243)، والترمذي (564)، والنسائي (3/ 171 و 173)، وابن ماجه (1258).
[708]
- وعَن جَابِرٍ قَالَ: غَزَونَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَومًا مِن جُهَينَةَ. فَقَاتَلُونَا قِتَالا شَدِيدًا، فَلَمَّا صَلَّينَا الظُّهرَ قَالَ المُشرِكُونَ: لَو مِلنَا عَلَيهِم مَيلَةً لاقتَطَعنَاهُم. فَأَخبَرَ جِبرِيلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَقَالُوا: إِنَّهُ سَيأتِيهِم صَلاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيهِم مِنَ الأَولادِ فَلَمَّا حَضَرَتِ العَصرُ، قَالَ: صَفَّنَا صَفَّينِ، وَالمُشرِكُونَ بَينَنَا وَبَينَ القِبلَةِ،
ــ
ذات الرقاع سنة خمس من الهجرة، وهي غزوة نجد وغطفان. وفي حديث ابن عباس: أنه صلاّها بعُسفان، ويوم بني سليم. وفي حديث جابر: في غزاة جهينة، وفي غزاة محارب بنجد. وقد ذكر بعضهم صلاته إيّاها ببطن نخل على باب المدينة. وعليها حمل بعضهم صلاته بكل طائفة ركعتين. لكن مسلمًا قد ذكرها في غزوة ذات الرقاع. وذكر الدارقطني: أنه صلى بهم المغرب ثلاثًا، ثلاثًا، وبه قال الحسن والجمهور في صلاة المغرب على خلاف هذا؛ وهو: أنه يصلي بالأولى ركعتين، وبالثانية ركعة، وتقضي؛ على اختلاف أصولهم فيه: متى يكون؛ هل قبل سلام الإمام أو بعده؟ على ما تقرر.
وقول ابن عمر: فإن كان خوفٌ أكثر من ذلك؛ فصل راكبًا أو قائمًا، تومئ إيماءً: قال في الموطأ: مستقبل القبلة وغير مستقبلها. وبهذا أخذ مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وعامة الفقهاء، ويشهد له قوله تعالى: فَإِن خِفتُم فَرِجَالًا أَو رُكبَانًا. قال بعض علمائنا: بحسب ما يتمكن منه.
قَالَ: فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرنَا، وَرَكَعَ وَرَكَعنَا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الأَوَّلُ، فَلَمَّا قَامُوا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ تَأَخّرَ الصَفُّ الأَوَّل وَتَقَدَّمَ الصَفُّ الثَّانِي فَقَامُوا مَقَامَ الأَوَّلِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ وَكَبَّرِنَّا وَرَكَعَ وَرَكَعنَا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَفُّ الأَوَّل، وَقَامَ الثَّانِي، فَلَمَّا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا، سَلَّمَ عَلَيهِم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو الزُّبَيرِ: ثُمَّ خَصَّ جَابِرٌ أَن قَالَ: كَمَا يُصَلِّي أُمَرَاؤُكُم هَؤُلاءِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَصنَعُ حَرَسُكُم هَؤُلاءِ بِأُمَرَائِهِم.
رواه أحمد (3/ 298)، والبخاري (4125)، ومسلم (840)(307) و (308) والنسائي (3/ 175 - 178)، وابن ماجه (1260).
[709]
- وعَن سَهلِ بنِ أَبِي حَثمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِأَصحَابِهِ فِي الخَوفِ، فَصَفَّهُم خَلفَهُ صَفَّينِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكعَةً، ثُمَّ قَامَ فَلَم يَزَل قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلفَهُم رَكعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمُوا، وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُم، فَصَلَّى بِهِم رَكعَةً، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكعَةً ثُمَّ سَلَّمَ.
رواه أحمد (3/ 448)، والبخاري (4131)، ومسلم (841)، وأبو داود (1237 - 1239)، والترمذي (565)، والنسائي (3/ 170 - 171)، وابن ماجه (1259).
ــ
وقال جماعة من الصحابة والسَّلف: يُصلي في الخوف ركعة، يُومئ فيها إيماءً، وقاله الضحاك؛ قال: فإن لم يقدر على ركعة؛ فتكبيرتين حيث كان وجهه، وقال إسحاق: إن لم يقدر على ركعة إنما يصلي سجدة، فإن لم يقدر فتكبيرة، وقال الأوزاعي نحوه إذا تهيأ الفتح، لكن إن لم يقدر على ركعة ولا على سجدة؛ لم تجزه التكبيرة، وأخّرها حتى يَأمَنُوا. ومنع مكحول وبعض أهل الشام من صلاة
[710]
- وَعَن صَالِح بنِ خَوَّات، عَمن صَلَّىَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، صَلاةَ الخَوفِ، أَنَّ طَائِفَةً صَفَّت مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لأَنفُسهُم، ثُمَّ انصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكعَةَ الَّتِي بَقِيَت، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنفُسِهِم، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِم.
رواه أحمد (3/ 448)، والبخاري (4129)، ومسلم (842).
[711]
- وعَن جَابِرٍ قَالَ: أَقبَلنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَينَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكنَاهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ المُشرِكِينَ، وَسَيفُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فَأَخَذَ سَيفَ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم فَاختَرَطَهُ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَخَافُنِي؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمَن
ــ
الخائف جملة متى لم يتهيأ له أن يأتي بها على وجهها، ويؤخّرها إلى أن يتمكنوا من ذلك، واحتجّوا بتأخير النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، ولا حجة لهم فيه؛ لأن صلاة الخوف إنما شرعت بعد ذلك على ما تقدم. واختلف الذين قالوا بجواز ذلك للمطلوب في جواز ذلك للطالب، فمالك وجماعة من أصحابه على التسوية بينهما، وقال الشافعي والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وابن عبد الحكم: لا يصلي الطالب إلا بالأرض.
ثم اختلفوا فيما يباح له من العمل في الصلاة؛ فجمهورهم على جواز كل ما يحتاج إليه في مطاردة العدو، وما يضطر إليه من ذلك؛ من مشي ونحوه، وقال الشافعي: إنما يجوز من ذلك الشيء اليسير، والطعنة والضربة، فأما ما كثر فلا تجزئه الصلاة، ونحوه عن محمد بن الحسن.
وقوله: وجاه العدو: بكسر الواو، وضمِّها؛ أي: مواجهته، ومقابلته.
يَمنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: الله يَمنَعُنِي مِنكَ، قَالَ: فَتَهَدَّدَهُ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَغمَدَ السَّيفَ وَعَلَّقَهُ، قَالَ: فَنُودِيَ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكعَتَينِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الأُخرَى رَكعَتَينِ، قَالَ: فَكَانَت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَربَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلقَومِ رَكعَتَانِ.
رواه أحمد (3/ 364)، والبخاري (4136) تعليقًا، ومسلم (843)(311).
* * *
ــ
واختلف في تسمية غزوة ذات الرقاع: بذات الرقاع، فقيل: سمّيت بذلك لجبل هناك، يقال له: الرقاع؛ لبياضٍ وحمرةٍ وسوادٍ فيه. وقيل: لأنهم لفُّوا على أرجلهم رقاعًا لَمَّا نقِبت. وقيل: لأنهم رقّعوا راياتهم.
* * *