الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر
(685)
(1 و 3)[568 م]- عَن عُروَةَ، عَن عَائِشَةَ قَالَت: فَرَضَ الله الصَّلاةَ - حِينَ فَرَضَهَا - رَكعَتَينِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا فِي الحَضَرِ، وَأُقِرَّت صَلاةُ السَّفَرِ عَلَى الفَرِيضَةِ الأُولَى.
ــ
(89)
ومن باب: حكم قصر الصلاة في السفر
قول عائشة رضي الله عنها فرض الله الصلاة - حين فرضها - ركعتين ركعتين (1). . .، الحديث مخالف لفعلها؛ فإنها كانت تتم في السفر، ومخالف لما قاله غيرها من الصحابة رضي الله عنهم كعمر وابن عباس وجبير بن مطعم؛ فإنهم قالوا: إن الصلاة فرضت في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين - كما رواه مسلم عن ابن عباس (2). ويخالف أيضًا ظاهر الكتاب في قوله تعالى: {فَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِن خِفتُم أَن يَفتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} مع قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، كما يأتي في حديث يعلى (3). وقد رام بعض المتأخرين الجمع بين حديث عائشة وبين حديث
(1) في مسلم والتلخيص: ركعتين، والتكرار في مسند أحمد.
(2)
انظر: التلخيص (569).
(3)
انظر: التلخيص (570).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابن عباس فقال: يحمل حديث عائشة على أول الأمر، وحديث ابن عباس على الذي استقرّ عليه الفرضان، وهو تحكُّم، مع أنه بقي عليه العذر عن مخالفتها هي وعن معارضة ظاهر الكتاب.
ثم نقول: لو كان الأمر على ما ذكرته عائشة لاستحال عادةً أن تنفرد بنقل ذلك عائشة، فإنه حكم يعمّ الناس كلهم فيشيع، وتنقله الكافة من الصحابة والعدد الكثير منهم، ولم يُسمع ذلك قطّ من غيرها من الصحابة فلا مُعَوَّل عليه، والله أعلم.
فإن قيل: فلعل ذلك كان في أول مشروعية الصلاة ولم يستمرّ ذلك الحكم، فلا يلزم الإشاعة! قلنا: ذلك باطل؛ لأن عائشة رضي الله عنها لعلها لم تكن موجودة في ذلك الوقت، فإن أول مشروعية الصلاة إنما كانت حين الإسراء، وقد ذكرنا وقت ذلك في كتاب الإيمان، وإن كانت موجودة إذ ذاك فلم تكن ممن يميز ولا يعقل لصغرها.
واختلف في حكم القصر في السفر؛ فروي عن جماعة أنه فرض، وهو قول عمر بن عبد العزيز والكوفيين وإسماعيل القاضي. وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض، ومشهور مذهب مالك وجُلّ أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة، وهو قول الشافعي. ومذهب عامة البغداديين من أصحابنا أن الفرضَ التخييرُ، وهو قول أصحاب الشافعي. ثم اختلف أصحاب التخيير في أيهما أفضل؟ فقال بعضهم: القصر أفضل، وهو قول الأبهري (1) من أصحابنا وأكثرهم، وقيل: إن الإتمام أفضل، ويحكى عن الشافعي.
(1) هو الإمام القاضي المحدِّث شيخ المالكية: أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد التميمي الأبهري، توفي عام (357 هـ). (سير أعلام النبلاء 16/ 332).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وسبب الخلاف اختلاف الأحاديث في ذلك كما سيأتي، وقد تأول القائلون بأن القصر ليس بفرض حديث عائشة وحديث ابن عباس أن الفرض (1) فيهما بمعنى التقدير، وهو أصله في اللغة، فيكون معناه أن الله تعالى قدَّر صلاة المسافر بركعتين عددًا كما قدَّر صلاة الحضر أربع ركعات على ما في حديث ابن عباس، وعلى أي وجه يكون هذا التقدير على حكم الوجوب أو السنة؟ ذلك يؤخذ من دليلٍ آخر، وقد دلت أدلة كثيرة على أنه ليس بواجب؛ منها حديث عمر حيث قال صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته. وقد روى النسائي من حديث عائشة - وهو صحيح - أن عائشة اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، قصَرتَ وأتممتُ، وأفطرتَ وصمتُ! فقال: أحسنت يا عائشة! وما عابه عليَّ (2). وهكذا قيدته بفتح التاء الأولى وضم الثانية في الكلمتين، وكذلك دلّ قوله تعالى:{فَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} فإذا تقرر أنه ليس بواجب، فهل هو سنة أم لا؟ قلنا: هو سنة، دلّ عليه مداومته صلى الله عليه وسلم على القصر واستمرار عمل الخلفاء على ذلك وأكثر الصحابة.
ثم اختلفوا في السفر الذي تقصر فيه الصلاة؛ فذهب عامة العلماء إلى جوازه في كل سفر مباح ومنعِه في سفر المعصية - وهو قول مالك والشافعي والطبري وأصحابهم. وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري إلى جوازه في كل سفر طاعةً كان أو معصيةً، وهو رواية شاذة عن مالك. وذهب داود إلى أنه لا يجوز إلا في سفر الحج والعمرة والغزو لا في غيرها، وروي ذلك عن ابن مسعود. واختُلف عن أحمد بن حنبل؛ فمرة قال بقول مالك، ومرة قال: لا يقصر إلا في
(1) فىِ (ع) و (م) و (ط): القصر، والتصحيح من (ظ) وإكمال إكمال المعلم (2/ 345).
(2)
رواه النسائي (3/ 122).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حج أو عمرة. وقال عطاء: لا يقصر إلا في سبيل من سبل الله، والصحيح المذهب الأول؛ لأن القصر إنما شرع تخفيفًا عن المسافر للمشقّات اللاحقة فيه ومعونة له على ما هو بصدده مما يجوز، وكل الأسفار في ذلك سواء، وأما سفر المعصية فلا يترخص فيه بالقصر ولا بالفطر؛ لأن ذلك يكون معونة له على معصية، والله تعالى يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ}
واختلفوا في السفر الذي تقصر فيه الصلاة؛ فقال داود: تقصر في كل سفرٍ قصير أو طويل، ولو كان ثلاثة أميال في سفر الطاعة، وكافة العلماء على أن (1) القصر إنما شُرِعَ تخفيفًا، وإنما يكون في السفر الطويل الذي تلحق فيه المشقة غالبًا. واختلفوا في تقديره؛ فذهب مالك والشافعي وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث إلى أنها لا تقصر إلا في اليوم التام. وقول مالك يوم وليلة راجع إلى اليوم التام، وهو قول ابن عباس وابن عمر، وقدّره مالك بثمانية وأربعين ميلا، والشافعي والطبري بستة وأربعين ميلا، وهو أمر متقارب. والتفت هؤلاء إلى أقل ما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها (2). ومسيرة يوم وليلة هو مسيرة اليوم التام؛ فإن عادتهم في أسفارهم أن يقيلوا بالنهار ويسيروا بالليل، ولأن مسيرة يوم تامٍّ لا يمكن الخارج من منزله الرجوع إليه من يومه (3) ويبيت ضرورة عنه، فخرج عن القرار
(1) ساقط من (ع).
(2)
رواه أحمد (2/ 340)، والبخاري (1088)، ومسلم (1339)، وأبو داود (1723 - 1725)، والترمذي (1170) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
ساقط من (ع).
قَالَ الزُّهرِيُّ: فَقُلتُ لِعُروَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا تَأَوَّلَت مَا تَأَوَّلَ عُثمَانُ.
رواه أحمد (6/ 234 و 241)، والبخاري (350)، ومسلم (685)(1 و 3)، وأبو داود (1198)، والنسائي (1/ 225).
ــ
في السفر. وقال الكوفيون: لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وهو قول عثمان وابن مسعود وحذيفة. وقال الحسن وابن شهاب: يقصر في مسيرة يومين. وأولاها القول الأول، والله تعالى أعلم.
وقول عروة إنها تأوّلت ما تأوّل عثمان، اختلف في تأويل إتمام عائشة وعثمان في السفر على أقوال، وأولى ما قيل في ذلك أنهما تأوّلا أن القصر رخصة غير واجبة وأخذا بالأكمل، وما عدا هذا القول إما فاسد وإما بعيد، ولنذكر ما قيل في ذلك:
فمنها: أن عائشة تأوّلت أنها أم المؤمنين، فحيث حَلّت نزلت في أهلها وولدها، وهذا يبطل بما بين المنزلتين من المسافات البعيدة، فإنها كانت تتم فيها وهي على ظهر سفر.
ومنها: أنها كانت لا ترى القصر إلا في الحج والعمرة والغزو، وذلك باطل؛ لأن ذلك لم ينقل عنها ولا عُرف من مذهبها، ثم قد أتمّت في سفرها إلى عليٍّ (1) رضي الله عنهما.
ومنها: أنها حيث أتمّت لم تكن في سفر جائز، وهذا باطل قطعًا، فإنها كانت أتقى لله وأخوف وأطوع من أن تخرج في سفر لا يرضاه الله تعالى، وهذا التأويل عليها هو من أكاذيب الشيعة المبتدعة وتشنيعاتهم عليها، {سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ} ! وإنما خرجت رضي الله عنها مجتهدة محتسبة في خروجها تريد أن تطفئ نار الفتنة، ثم خرجت الأمور عن الضبط، وأقل درجاتها أن تكون ممن قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر (2).
(1) أي: في موقعة الجمل.
(2)
رواه أحمد (2/ 187) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[569]
- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ الله الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم فِي الحَضَرِ أَربَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكعَتَينِ، وَفِي الخَوفِ رَكعَةً.
رواه أحمد (1/ 232)، ومسلم (687)(5)، وأبو داود (1247)، والنسائي (3/ 118 - 119)، وابن ماجه (1072).
ــ
وقد ذكرنا من حديث النسائي عن عائشة ما يبيّن أن المعنى الذي لأجله أتمت في السفر إنما هو ما اخترناه أوّلا.
وأما عثمان فقد تُؤوِّلَ له أنه كان إمام الناس، فحيث حلّ فهو منزله، وهذا يردّه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك ومع ذلك فلم يفعله.
ومنها: أنه كان معه أهله بمكة. وهذا يردّه أن النبي صلى الله عليه وسلم سافر بزوجاته وكن معه بمكة ومع ذلك فقصر.
ومنها: أنه إنما فعل ذلك من أجل الأعراب لئلا يظنوا أن فرض الصلاة أبدًا ركعتان. وهذا يردّه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك ولم يفعله، ثم قد عَلِمَ الأعرابُ والكلُّ من المسلمين أن الصلاة في الحضر أربع، ومن جهل ذلك من قرب عهد بالإسلام نادر قليل لا تغير القواعد لأجله.
ومنها: أن عثمان أزمع على المقام بمكة بعد الحج، ويردّه أن المقام بمكة للمهاجر أكثر من ثلاث ممنوع (1).
ومنها: أنه كان لعثمان بمنىً أرضٌ ومالٌ فرأى أنه كالمقيم. وهذا فيه بُعدٌ؛ إذ لم يقل أحدٌ إن المسافر إذا مرّ بما يملكه من الأرض ولم يكن له فيها أهل حكمه حكم المقيم.
والوجه ما ذكرناه أولا.
وقول ابن عباس وفي الخوف ركعة، ذهب جماعة من السلف إلى ظاهر هذا، فقالوا: صلاة الخوف ركعة واحدة عند الشدّة. وهو قول إسحاق؛ قال: أما عند الشدة فركعة واحدة يومئ بها إيماء، فإن لم يقدر فسجدة، فإن لم يقدر
(1) زاد في (ع): محرّم. انظر: المفهم، كتاب: الجهاد، باب: لا هجرة بعد الفتح، والتمهيد (11/ 185).
[570]
- وعَن يَعلَى بنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلتُ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: {فَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِن خِفتُم أَن يَفتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَد أَمِنَ النَّاسُ! فَقَالَ: عَجِبتُ مِمَّا عَجِبتَ مِنهُ، فَسَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيكُم، فَاقبَلُوا صَدَقَتَهُ.
رواه أحمد (1/ 25)، ومسلم (686)(4)، وأبو داود (1199)، والترمذي (3037)، والنسائي (3/ 116).
[571]
- وعَن حَفصِ بنِ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، عَن أَبِيهِ قَالَ: صَحِبتُ ابنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ: فَصَلَّى لَنَا الظُّهرَ رَكعَتَينِ، ثُمَّ أَقبَلَ وَأَقبَلنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحلَهُ، وَجَلَسَ وَجَلَسنَا مَعَهُ، فَحَانَت مِنهُ التِفَاتَةٌ نَحوَ
ــ
فتكبيرة. وقال الضحاك: إن لم يقدر على ركعة فتكبيرتان. وقال الأوزاعي: لا يجزئه التكبير. وقال قتادة والحسن: صلاة الخوف ركعة ركعة لكل طائفة من المأمومين، وللإمام ركعتان، وسيأتي القول في صلاة الخوف.
وقوله {فَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} ؛ يعني به القصرَ من عدد الركعات والقصرَ بتغيير الهيئات، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم عندما سئل عن قصرها مع الأمن، فكان قوله ذلك تيسيرًا وتوقيفًا. على أن الآية متضمَّنة لقصر الصلاة مع الخوف ومع غير الخوف، فالقصر مع الخوف هو في الهيئات على ما يأتي ومع الأمن في الركعات، والمتصدَّق به إنما هو إلغاء شرط الخوف في قصر عدد الركعات مع الأمن، وعلى هذا فيبقى اعتبار الخوف في قصر الهيئات على ما يأتي. وقد أكثر الناس في هذه الآية، وما ذكرناه أولى وأحسن؛ لأنه جمع بين الآية والحديث. والجناح: الحرج. وهذا يشعر أن القصر ليس واجبًا لا في السفر ولا في الخوف؛ لأنه لا يقال في الواجب لا جناح في فعله.
حَيثُ صَلَّى، فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا، فَقَالَ: مَا يَصنَعُ هَؤُلاءِ؟ قُلتُ: يُسَبِّحُونَ. قَالَ: لَو كُنتُ مُسَبِّحًا لأَتمَمتُ صَلاتِي، يَا ابنَ أَخِي، إِنِّي صَحِبتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَلَم يَزِد عَلَى رَكعَتَينِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبتُ أَبَا بَكرٍ فَلَم يَزِد عَلَى رَكعَتَينِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَصَحِبتُ عُمَرَ فَلَم يَزِد عَلَى رَكعَتَينِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، ثُمَّ صَحِبتُ عُثمَانَ فَلَم يَزِد عَلَى رَكعَتَينِ حَتَّى قَبَضَهُ الله، وَقَد قَالَ الله تعالى:{لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ}
ــ
وقوله في حديث ابن عمر يسبِّحون؛ أي: يصلون سبحة الضحى أو غيرها من النوافل، والسبحة: صلاة النافلة. قال الهروي: تسمى الصلاة تسبيحًا، ومنه:{فَلَولا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ} ؛ أي: من المصلين. وقول ابن عمر لو كنت مُسَبِّحًا لأتممت ظاهر هذا أن ابن عمر كان يمنع من التنفُّل في السفر ليلا ونهارًا، هكذا نقل أهل الخلاف عنه، وحُكي عنه أنه منعه بالنهار وجوَّزه بالليل لقوة أمر القيام بالليل إذ كان فرضًا، وعامة العلماء على جوازه، وقد روى جابر وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل في السفر على راحلته وبالأرض ليلا ونهارًا (1).
وقوله إن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء كانوا يصلون ركعتين لا يزيدون هو محمول على أنهم ما كانوا يتنفَّلون رواتب الفرائض في السفر لا قبل الفرض ولا بعده، وأما في غير ذلك فقد روى جابر وعلي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفل في السفر ليلا ونهارًا.
وقوله ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، قد روي
(1) رواه البخاري (1094).