الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أحمد (1/ 81)، ومسلم (480)(211)، وأبو داود (4044 - 4046)، والنسائي (2/ 188 - 189).
* * *
(30) باب ما يقال في الركوع والسجود
(484)
(217)[379]- عَن عَائِشَةَ، قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ أَن يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبحَانَكَ اللهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللهُمَّ اغفِر لِي
ــ
كيفية ما سمع حالة التحمل، وهذا من باب نقل الحديث بلفظه كما سمع. ولا شك أن مثل هذا اللفظ مقصور على المخاطب من حيث اللغة، ولا يُعَدَّى إلى غيره إلا بدليل من خارج؛ إما عام كقوله عليه الصلاة والسلام حكمي على الواحد كحكمي على الجميع (1)؛ أو خاص في ذلك الحكم؛ كقوله: نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا (2).
(30)
[ومن باب: ما يقال في الركوع والسجود](3)
قوله: سبحانك اللهم وبحمدك؛ سبحانك: اسم علم لمصدر سَبَّح، وقع موقعه، فنصب نصبه، وهو لا ينصرف؛ للتعريف والألف والنون الزائدتين كعثمان، ومعناه: البراءة لله من كل نقص وسوء. وهو في الغالب مما لا ينفصل عن الإضافة، وقد جاء منفصلا عنها في قول الأعشى شاذًّا:
أقول لَمَّا جاءني فخرُه
…
سبحان مِن عَلقَمَة الفاخِرِ!
(1) قال العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي: ليس له أصل بهذا اللفظ، وقال في الدرر: لا يُعرف، وسُئِل عنه المزي والذهبي فأنكراه. (كشف الخفاء 1161).
(2)
هو من حديث ابن عباس. انظره في التلخيص (377).
(3)
هذا العنوان لم يرد في الأصول، وأثبتناه من التلخيص.
يَتَأَوَّلُ القُرآنَ.
رواه أحمد (6/ 49)، والبخاري (794)، ومسلم (484)(217)، وأبو داود (877)، والنسائي (2/ 219)، وابن ماجه (889).
[380]
وَعَنهَا، قَالَتِ: افتَقَدتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ، فَظَنَنتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعضِ نِسَائِهِ، فَتَحَسَّستُ، ثُمَّ رَجَعتُ، فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَو سَاجِدٌ
ــ
وقد أشربه في هذا البيت معنى التعجب؛ فكأنه قال تعجبًا: مِن علقمة! هذا قول حذاق النحويين وأئمتهم. وقد ذهب بعضهم إلى أن سبحان جمع سِبَاحٍ، من: سَبَح يَسبَحُ في الأرض: إذا ذهب فيها سَبحًا وسُبحانًا. وهذا كَحِسابٍ وحُسبَان. وقيل: جمع سَبِيحٍ للمبالغة من التسبيح؛ مثل: خبير، وعليم، ويجمع: سبحان؛ كقضيب، وقضبان. وهذان القولان باطلان؛ بدليل عدم صرفه كما ذكرناه من بيت الأعشى.
وقوله: وبحمدك؛ متعلق بفعل محذوف دلّ عليه التسبيح؛ أي: بحمدك سبَّحتُكَ؛ أي: بتفضلك وهدايتك. هذا قولهم، وكأنهم لاحظوا أن الحمد هنا بمعنى الشكر.
قال الشيخ رحمه الله: ويظهر لي وجه آخر، وهو إبقاء معنى الحمد على أصله كما قررناه أوّل الكتاب، ويكون إثباتا للسبب، ويكون معناه: بسبب أنك موصوف بصفات الكمال والجلال؛ سبَّحَكَ المسبِّحون، وعَظَّمَكَ المعظِّمون، والله تعالى أعلم [بغيبه وأحكم](1).
وقوله: يتأوَّل القرآن؛ معناه: يَمتثل ما آل إليه معنى القرآن في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ} وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
(1) من (م).
يَقُولُ: سُبحَانَكَ وَبِحَمدِكَ. لا إِلهَ إِلا أَنتَ، فَقُلتُ: بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي! إِنِّي لَفِي شَأنٍ، وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ.
رواه أحمد (6/ 190)، ومسلم (485)، والترمذي (3491)، والنسائي (2/ 223 و 225).
[381]
- وَعَنهَا، قَالَت: فَقَدتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةً مِنَ الفِرَاشِ، فَالتَمَستُهُ، فَوَقَعَت يَدِي عَلَى بَطنِ قَدَمِيهِ وَهُوَ فِي المَسجِدِ وَهُمَا مَنصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمَّ إني أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ،
ــ
وقولها: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أي: بأبي أنت وأمي تُفدى من المكاره، وهو كلام يستعملونه في محل المَحبة والمبالغة في الإكرام والاحترام، وقد صرَّحوا بذلك المعنى المقدر، فقالوا: فداك أبي وأمي، وجعلني الله فداك، ويقولونه بكسر الفاء والمدّ والهمز، وبفتح الفاء، والقصر.
وقوله: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك
…
الحديث. اللهم هي: الله، زيدت عليها الميم عوضًا من حرف النداء، ولذلك لا يجمع بينهما إلا في الشاذّ؛ في قوله:
وما عليك أن تقولي كُلَّما
…
سبَّحتِ أو هَلَّلتِ: يا اللهما
هذا قول جمهور النحويين. وقد قيل: معنى اللهم: يا الله! آمِنا بخير، فأبدل من همزة آمِنا ميما، وأدغمت في ميم آمِنا، وهذا الحكم لا يشهد له دليل ولا صحيح تعليل.
قال القاضي رحمه الله: وسخطه، ومُعافاتُه، وعقوبته من صفات أفعاله، فاستعاذ من المكروه منهما إلى المَحبوب، ومن الشر إلى الخير.
قال الشيخ رحمه الله: ثم ترقّى عن الأفعال إلى مُنشِئ الأفعال، فقال: وبك منك
وَأَعُوذُ بِكَ مِنكَ، لا أُحصِي ثَنَاءً عَلَيكَ، أَنتَ كَمَا أَثنَيتَ عَلَى نَفسِكَ.
رواه أحمد (6/ 201)، ومسلم (486)، وأبو داود (879)، وابن ماجه (3841).
[382]
- وَعَنهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ.
ــ
مشاهدة للحق، وغيبة عن الخلق. وهذا محض المعرفة الذي لا يُعَبَّر عنه قول، ولا تضبطه صفة.
وقوله: لا أحصي ثناء عليك؛ أي: لا أطيقه؛ أي: لا أنتهي إلى غايته، ولا أحيط بمعرفته؛ كما قال صلى الله عليه وسلم مخبرًا عن حاله في المقام المحمود حين يخرُّ تحت العرش للسجود، قال: فأحمده بمحامد لا أقدر عليها، إلا أن يُلهِمنِيهَا الله (1). وروي عن مالك: لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء عليك، وإن اجتهدت في ذلك. والأول أولى لما ذكرناه؛ ولما جاء في نص الحديث نفسه: أنت كما أثنيت على نفسك. ومعنى ذلك: اعتراف بالعجز عن أداء وفهم ما يريده الله من الثناء على نفسه وبيان صَمَدِيَّتِه، وقُدُّوسِيَّته، وعظمته، وكبريائه، وجبروته ما لا يُنتَهَى إلى عَدِّه، ولا يوصل إلى حدِّه، ولا يحصِّله عقل، ولا يحيط به فكر. وعند الانتهاء إلى هذا المقام انتهت معرفة الأنام؛ ولذلك قال الصديق الأكبر: العجز عن درك الإدراك إدراك. وقال (2) بعض العارفين في تسبيحه: سبحان من رضي في معرفته بالعجز عن معرفته.
وقوله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، يقال: سُبُّوح قُدُّوس - بضم
(1) رواه أحمد (3/ 248)، والبخاري (7410)، ومسلم (193) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
في (ل): روي.
رواه أحمد (6/ 35 و 94)، ومسلم (487)(223)، وأبو داود (872)، والنسائي (2/ 224).
[383]
- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَقرَبُ مَا يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعَاءَ.
رواه أحمد (2/ 421)، ومسلم (482)، وأبو داود (875)، والنسائي (2/ 226).
(483)
[384]- وَعَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللهُمَّ اغفِر لِي ذَنبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّهُ.
ــ
السين والقاف وفتحهما -، مرفوعان على خبر المبتدأ المضمر، تقديره: أنت سُبُّوح قدُّوس، وقد قيلا بالنصب فيهما على إضمار فعل؛ أي: أَعظِم، أو: أذكُر، أو: أعبُد، وعُدِلا عن التسبيح، والتقديس للمبالغة. وقد تقدّم معنى: سبحان، وأما القُدُّوس [فهو من القُدُس] (1)؛ وهي الطهارة. والقَدَسُ: السَّطلُ الذي يُستقى به، ومنه: البيت المُقَدَّس؛ أي: المُطَهَّر.
ورَبُّ الملائكة؛ أي: مالكهم وخالقهم ورازقهم؛ أي: مصلح أحوالهم، وقد تقدم الكلام في الملائكة. والرُّوح هنا: جبريل عليه السلام؛ كما قال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} عَلَى قَلبِكَ، وخَصَّه بالذكر وإن كان من الملائكة تشريفًا وتخصيصًا؛ كما قال تعالى:{مَن كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبرِيلَ وَمِيكَالَ} فخصَّهما بالذكر تشريفًا لهما.
وقوله: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد: هذا قرب بالرتبة والكرامة، لا بالمسافة والمساحة؛ إذ هو مُنَزَّهٌ عن المكان والزمان.
وقوله: اللهم اغفر لي ذنبي كله
…
الحديث. فيه دليل على نسبة الذنوب
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).