الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العَصرَ بَعدَمَا غَرَبَتِ الشَّمسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعدَهَا المَغرِبَ.
رواه أحمد (3/ 129)، والبخاري (598)، ومسلم (631)، والترمذي (180)، والنسائي (3/ 84).
* * *
(71) باب المحافظة على الصبح والعصر
[517]
- عَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُم مَلائِكَةٌ بِاللَّيلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفجر وَصَلاةِ العَصرِ، ثُمَّ يَعرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُم، فَيَسأَلُهُم رَبُّهُم - وَهُوَ أَعلَمُ بِهِم -: كَيفَ تَرَكتُم عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكنَاهُم وَهُم يُصَلُّونَ وَأَتَينَاهُم وَهُم يُصَلُّونَ.
ــ
(71)
ومن باب: المحافظة على الصبح والعصر
قوله: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، وهذه الواو في يتعاقبون فيكم علامة للفاعل المذكر المجموع، وهي لغة بني الحارث؛ وهي أنهم يلحقون علامة للفاعل المثنى والمجموع، وهم القائلون: أكلوني البراغيث، وهي لغة معروفة فاشية، وعليه حمل الأخفش قوله تعالى:{وَأَسَرُّوا النَّجوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ومن هذا قول الشاعر (1):
ولكن دِيَافِيٌّ أبوه وأمُّه
…
بِحَورَانَ يَعصِرنَ السَّلِيطَ أقارِبُه (2)
(1) هو الفرزدق.
(2)
"ديافي": نسبة إلى دياف، قرية بالشام. و"السليط": الزيت.
رواه أحمد (2/ 486)، والبخاري (7429)، ومسلم (632)، والنسائي (1/ 240 - 241).
[518]
- وَعَن جَرِيرَ بنِ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِندَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيلَةَ البَدرِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُم سَتَرَونَ رَبَّكُم عز وجل كَمَا تَرَونَ هَذَا القَمَرَ لا تُضَامُونَ فِي رُؤيَتِهِ، فَإِنِ استَطَعتُم أَلا تُغلَبُوا عن صَلاةٍ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا. يَعنِي: العَصرَ وَالفَجرَ، ثُمَّ قَرَأَ
ــ
وقد تعسَّف بعض النحويين في تأويلها وردّوها للبدل، وهو تكلف مستغنى عنه، مع أن تلك اللغة مشهورة، لها وجه من القياس واضح يعرف في موضعه. ومعنى التعاقب: إتيان طائفة بعد أخرى، فكأن الثانية تأتي عقيب الأولى. وهؤلاء الملائكة: إن كانوا هم الحفظة، فسؤال الله لهم بقوله: كيف تركتم عبادي؟ إنما هو سؤال عما أمرهم به من حفظهم لأعمالهم وكَتبِهم إياها عليهم. وعلى أنهم هم الحفظة؛ مذهب الجمهور، وإن كانوا غيرهم - وهو الأظهر عندي -، فسؤاله تعالى لهم: إنما هو على جهة التوبيخ لمن قال: {أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا} وإظهارًا لما سبق في معلومه إذ قال لهم: {إِنِّي أَعلَمُ مَا لا تَعلَمُونَ} وهذه حكمة اجتماعهم في صلاة الفجر والعصر، والله تعالى أعلم. أو يكون سؤاله لهم استدعاء لشهادتهم لهم؛ ولذلك قالوا: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون. وهذا من خفي لطفه تبارك وتعالى، وجميل ستره؛ إذ أطلعهم بكرمه عليهم حالة عباداتهم، ولم يطلعهم عليهم ولا جمعهم لهم في حال خلواتهم بلذاتهم وانهماكهم في معاصيهم وشهواتهم، فسبحانه من حليم كريم جليل؛ إذ ستر القبيح وأظهر الجميل. وقد تقدم الكلام على رؤية الله تعالى، وعلى قوله: لا تضامُّون.
وقوله: إن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها - يعني: الفجر والعصر -، قال المهلّب: لا تغلبوا؛ أي: على شهودها في
جَرِيرٌ: {وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا}
رواه أحمد (4/ 362)، والبخاري (573)، ومسلم (633)(211).
[519]
- وَعَن عُمَارَةَ بنِ رُؤَيبَةَ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَن يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا. يَعنِي: الفَجرَ وَالعَصرَ.
رواه أحمد (4/ 136)، ومسلم (634)(213)، وأبو داود (427)، والنسائي (1/ 241).
[520]
وعنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن صَلَّى البَردَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ.
رواه أحمد (4/ 80)، والبخاري (574)، ومسلم (635).
* * *
ــ
الجماعة. وقراءة جرير في هذا الموضع: {وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا} يشعر بأن قوله: فسبِّح، بمعنى: فصلِّ في هذين الوقتين.
وقوله: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، يعني: الفجر والعصر؛ أي: لن يدخل النار من عاهد وحافظ على هاتين الصلاتين؛ ببركة المداومة عليهما، والله أعلم.
وقوله: من صلى البردين دخل الجنة؛ قال كثير من العلماء: هما الفجر والعصر، وسُمِّيا بذلك لأنهما يفعلان في وقت البرد.