الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات
[777]
- عَن عُبَيدَ بنَ عُمَيرٍ، عَن عَائِشَةَ: أَنَّ الشَّمسَ انكَسَفَت عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قِيَامًا شَدِيدًا، يَقُومُ قَائِمًا، ثُمَّ يَركَعُ، ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَركَعُ، ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَركَعُ، رَكعَتَينِ فِي ثَلاثِ رَكَعَاتٍ وَأَربَعِ سَجَدَاتٍ. فَانصَرَفَ وَقَد تَجَلَّتِ الشَّمسُ، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: الله أَكبَرُ، ثُمَّ يَركَعُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأسَهُ، قَالَ: سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَهُ. فَقَامَ فَحَمِدَ الله وَأَثنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لا يَنكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ وَلا لحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا مِن آيَاتِ الله، يُخَوِّفُ الله بِهِمَا، فَإِذَا رَأَيتُم كُسُوفًا فَاذكُرُوا الله حَتَّى تنجَلِيَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَهَا قَالَت: صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَأَربَعَ سَجَدَاتٍ.
رواه مسلم (901)(60).
ــ
(3)
ومن باب: ما جاء أن في كلّ ركعة ثلاث ركوعات أو أكثر
قولها: وركوعه نحو من سجوده؛ تعني: أن سجوده فيهما كان طويلا، إلا أنه دون الركوع؛ لأنه قد نص: على أنه كان يطول كل ركعة، غير أنه كان يطول في المتقدمة أكثر مما يطول في التي تليها. فإذا كانت كل ركعة طويلة والسجود نحو الركوع؛ لزم أن يكون السجود طويلا، وقد نصَّت على ذلك في حديث آخر فقالت: ما ركعت ركوعًا ولا سجدت سجودًا كان أطول منه، وفي حديث أبي موسى: فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود (1)، وهو حجة لقول مالك في المدونة، وقول إسحاق وبعض أصحاب الحديث، وحُكي عن الشافعي، وقال
(1) رواه البخاري (1059)، ومسلم (912)، والنسائي (3/ 153 و 154).
[778]
- وَعَن جَابِرِ بنِ عبد الله قَالَ: انكَسَفَتِ الشَّمسُ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومَ مَاتَ إِبرَاهِيمُ. فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَربَعِ سَجَدَاتٍ؛ بَدَأَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَالَ القِرَاءَةَ (وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَطَالَ القِيَام حَتَى جَعَلَوا يَخِرُّونَ)، ثُمَّ رَكَعَ نَحوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ القِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً دُونَ القِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ انحَدَرَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ أَيضًا ثَلاثَ رَكَعَاتٍ، لَيسَ فِيهَا رَكعَةٌ إِلا الَّتِي قَبلَهَا أَطوَلُ مِنِ الَّتِي بَعدَهَا، وَرُكُوعُهُ نَحو مِن سُجُودِهِ. ثُمَّ تَأَخَّرَ وَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ خَلفَهُ، حَتَّى انتَهَينَا (وَفِي رِوَايَةٍ: حَتَّى انتَهَى) إِلَى النِّسَاءِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ فَانصَرَفَ حِينَ انصَرَفَ وَقَد آضَتِ الشَّمسُ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ!
ــ
مالك في المختصر: إنه لا يطوِّل السجود، وإنه كسائر الصلوات، وهو المعروف من قول الشافعي.
وقوله: ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتى انتهينا إلى النساء، هذا التأخر كان في الصلاة، وهو الذي عبّر عنه في الحديث الآخر (1) بالقهقرى، الذي فعله مخافة أن يصيبه لفح النار، على ما فسره بعد. وكونه تقدم - أي: رجع - إلى الموضع الذي كان فيه، ويحتمل أن يعبر بذلك على التقدم الذي تقدمه ليتناول القطف من الجنة، والله - تعالى - أعلم.
وهذا يدل على أن العمل غير الكثير في الصلاة لا يفسدها، وسيأتي خروج النساء إليها.
وآضتِ الشمس؛ أي: عادت إلى حالتها الأولى، واختلف النحويون في آض: هل هي من أخوات كان فتحتاج إلى اسم وخبر، أو إنما تتعدى إلى مفعول
(1) ساقط من (ع).
إِنَّمَا الشَّمسُ وَالقَمَرُ آيَتَانِ مِن آيَاتِ الله، وَإِنَّهُمَا لا يَنكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيتُم شَيئًا مِن ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنجَلِيَ، مَا مِن شَيءٍ تُوعَدُونَهُ إِلا قَد رَأَيتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ، لَقَد جِيءَ بِالنَّارِ، وَذَلِكُم حِينَ رَأَيتُمُونِي تَأَخَّرتُ مَخَافَةَ أَن يُصِيبَنِي مِن لَفحِهَا، وَحَتَّى رَأَيتُ فِيهَا صَاحِبَ المِحجَنِ يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النَّارِ؛ وكَانَ يَسرِقُ الحَاجَّ بِمِحجَنِهِ، فَإِن فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحجَنِي، وَإِن غُفِلَ عَنهُ ذَهَبَ بِهِ، وَحَتَّى رَأَيتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتهَا، فَلَم تُطعِمهَا، وَلَم تَدَعهَا تَأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرضِ حَتَّى مَاتَت
ــ
واحد بحرف الجر؟ على قولين.
وهذا الحديث يدل على أنها مما تتعدى إلى مفعول واحد بحرف جر، غير أنه حذف هنا، وقد يُحذف حرف الجر فينتصب ما يُحذف منه حرف الجر؛ كما قال:
وآض روض اللهو يبسًا ذاويا
وقد روي هذا الحرف هنا: أضاءت الشمس؛ أي: ظهر ضوؤها، يقال: ضاءت الشمس، وأضاءت بمعنى واحد.
وقوله: فصلوا حتى تنجلي؛ أي: تنكشف، وهذا يدل على أن وقت الكسوف ينبغي أن يكون معمورًا بالصلاة، فإما بتطويل الصلاة، أو بتعديد الركعات كما تقدم، وهذا الأمر على جهة الندب؛ بدليل: أنه قد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم انصرف منها قبل أن تنجلي الشمس. ولفح النار: شدة لهبها وتأثيره، ومنه قوله - تعالى -:{تَلفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} واللفح أشد تأثيرًا من النفح؛ كما قال - تعالى -: {وَلَئِن مَسَّتهُم نَفحَةٌ مِن عَذَابِ رَبِّكَ} ؛ أي: أدنى شيء منه؛ قاله الهروي. والمحجن: عصا معقفة الطرف؛ وهي الخُطّاف. والقُصب: الأمعاء؛ بضم القاف، وهي الأقتاب أيضًا. وخشاش الأرض: بفتح الخاء والشين
جُوعًا. (وَفِي رِوَايَةٍ: فَرَأَيتُ فِيهَا امرَأَةً مِن بَنِي إِسرَائِيلَ. وَفِيهَا: وَرَأَيتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمرَو بنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النَّارِ. وَفِي أُخرَى: فَرَأَيتُ فِيهَا امرَأَةً حِميَرِيَّةً سَودَاءَ طَوِيلَةً - وَلَم يَقُل: مِن بَنِي إِسرَائِيلَ)، ثُمَّ جِيءَ بِالجَنَّةِ، وَذَلِكُم حِينَ رَأَيتُمُونِي تَقَدَّمتُ حَتَّى قُمتُ فِي مَقَامِي، وَلَقَد مَدَدتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَن أَتَنَاوَلَ مِن ثَمَرِهَا لِتَنظُرُوا إِلَيهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَلا أَفعَلَ، فَمَا مِن شَيءٍ تُوعَدُونَهُ إِلا قَد رَأَيتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ.
رواه مسلم (904)(10)، وأبو داود (1178 و 1179)، والنسائي (3/ 136).
[779]
- وَمِن حَدِيثِ ابنِ عَبَاسٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! رَأَينَاكَ تَنَاوَلتَ شَيئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَينَاكَ كَفَفتَ (وَفِي رِوَايَةٍ: تَكَعكَعتَ) فَقَالَ: إِنِّي
ــ
المعجمتين، وهي هوام الأرض، وقيل: صغار الطير، ويقال (1): بكسر الخاء. وحُكي عن أبي علي: أنه يقال: بضمها. وقيل: لا يقال في الطير إلا بالفتح.
وتكعكعت؛ أي: أحجمت وجَبُنت، يقال: تكعكع الرجل، وتكاعى وكعَّ كعوعًا؛ إذا أحجم وجبن؛ قاله الهروي وغيره. قلت: وهو في هذا الحديث بمعنى: كففت؛ كما قاله في الرواية الأخرى.
وقوله: ولقد مددت يدي، إلى قوله: ثم بدا لي ألا أفعل، وقع في رواية أخرى: فقصرت يدي عنه. ووجه الجمع: أنه لما تحقق أنه لا يناله، بدا له فيما همّ به، فقصرت يده عنه؛ أي: بصرفه إياها عن الأخذ. ويحتمل أن يريد أنه لم تلحقه يده؛ لأنه مدخر ليوم الجزاء. وقد تقدم الكلام على بقية هذا الحديث فيما تقدم.
(1) في (ع): وقيل.