المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

[437]

- عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُختَصِرًا.

رواه أحمد (2/ 399)، والبخاري (1219 و 1220)، ومسلم (545)، وأبو داود (947)، والترمذي (383)، والنسائي (2/ 127).

ــ

(48)

ومن باب: النهي عن الاختصار في الصلاة

قوله: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرًا: اختُلف في تأويله على أقوال:

أحدها: أن يأخذ بيده عصًا يتوكأ عليها. قاله الهروي.

وثانيها: أن يقرأ من آخر السورة آية أو اثنتين في فرضه، ولا يكملها. قاله أبو هريرة.

وثالثها: هو أن يضع يده على خَصره في الصلاة؛ لأنه مِن فعل أهل الكِبر. وقيل: لأنه من فعل اليهود؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: الاختصار راحة أهل النار (1)؛ يعني اليهود والمتكبرين؛ لا أنّ لهم في النار راحة.

ورابعها: هو حذف الصلاة، بحيث لا يتم ركوعها، ولا سجودها، ولا حدودها.

(1) رواه النسائي (3/ 6).

ص: 155

[438]

- وَعَن مُعَيقِيبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيثُ يَسجُدُ، قَالَ: إِن كُنتَ فَاعِلا فَوَاحِدَةً.

رواه أحمد (3/ 426)، والبخاري (1207)، ومسلم (546)، وأبو داود (946)، والترمذي (380)، والنسائي (3/ 7)، وابن ماجه (1026).

ــ

وقول معيقيب: إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسح في الصلاة؛ يعني: مسح التراب حيث يسجد؛ لئلا يتأذّى به في سجوده. وقد جاء مفسرًا في الرواية الأخرى، وأُبيح له مرة واحدة استخفافًا لأمرها، وليدفع ما يتأذى به منها، ومُنع فيما زاد عليها؛ لئلا يكثر الشغل، ويقع التشويش في الصلاة. هذا مذهب الجمهور، وحكى الخطابي عن مالك جواز مسح الحصى مرة وثانية في الصلاة. والمعروف عنه ما عليه الجمهور، وقيل: بل عنى مسح الغبار عن وجهه، ويشهد له حديث النسائي عن أبي ذر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى، فإن الرحمة تواجهه (1)، زاد في مسند سفيان بن عيينة: فلا يمسح إلا مرة.

وقد كره السلف مسح الجبهة في الصلاة وقبل الانصراف مما يعلق بها من الأرض؛ لكثرة الأجر في تَترِيب الوجه، والتواضع لله، والإقبال على صلاته بجميعه.

وقوله: إن كنت فاعلا فواحدة، رويناه بنصب واحدة، ورفعه. فنصبه بإضمار فعل تقديره: فامسح واحدة، أو يكون نعتًا لمصدر محذوف. ورفعه على الابتداء وإضمار الخبر، تقديره: فواحدة تكفيه، أو كافيته، ويجوز أن يكون المبتدأ هو المحذوف، وتكون واحدة: الخبر، تقديره: فالمشروع - أو الجائز - واحدة، وما أشبهه.

(1) رواه أحمد (5/ 150) وأبو داود (945) والترمذي (379) والنسائي (3/ 6) وابن ماجه (1027).

ص: 156

[439]

- وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبلَةِ المَسجِدِ، فَأَقبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُم يَقُومُ مُستَقبِلَ رَبِّهِ، فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَن يُستَقبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُم فَليَتَنَخَّع عَن يَسَارِهِ، تَحتَ قَدَمِهِ، فَإِن لَم يَجِد فَليَقُل هَكَذَا، وَوَصَفَ القَاسِمُ: فَتَفَلَ فِي ثَوبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعضَهُ عَلَى بَعضٍ.

رواه أحمد (2/ 250)، والبخاري (416)، ومسلم (550)، وأبو داود (477)، والنسائي (1/ 163)، وابن ماجه (1022).

[440]

- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبلَةِ

ــ

وقوله: رأى نخامة في قبلة المسجد، النُّخامَة، والنُّخاعَة: ما يخرج من الصدر؛ يقال: تَنَخَّم وتنخع بمعنى واحد، والبصاق بالصاد والزاي: ما يخرج من الفم. والمخاط: ما يخرج من الأنف. ويقال: بصق الرجل يبصق، وبزق كذلك. وتَفَل بفتح العين يتفِل بكسرها، وبالتاء باثنتين لا غير. ونَفَثَ ينفث. قال ابن مكي في تثقيف اللسان: التَّفَل بفتح الفاء: نفخ لا بصاق معه، والنفث لا بد أن يكون معه شيء من الريق. قاله أبو عبيد. وقال الثعالبي: المَجُّ: الرمي بالريق، والتفل أقل منه، والنفث أقل منه.

وقوله: ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه؛ هذا محمول على تعظيم حرمة هذه الجهة وتشريفها؛ كما قال: الحجر الأسود يمين الله في الأرض (1)؛ أي: بمنزلة يمين الله. ولما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكليته إلى هذه الجهة، نَزَّلها في حقه منزلة وجود الله تعالى، فيكون هذا من باب الاستعارة، وقد يجوز أن يكون من باب حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: مستقبل قبلة ربه،

(1) رواه الطبراني وأبو عبيد القاسم بن سلام عن ابن عباس مرفوعًا. وكذا الخطيب في تاريخه (6/ 328). انظر: كشف الخفاء (1109).

ص: 157

المَسجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَن يَبزُقَ الرَّجُلُ عَن يَمِينِهِ أَو أَمَامَهُ، وَلَكِن يَبزُق عَن يَسَارِهِ أَو تَحتَ قَدَمِهِ اليُسرَى.

رواه أحمد (3/ 58 و 93)، والبخاري (409)، ومسلم (548)، وأبو داود (480)، والنسائي (2/ 51 - 52).

ــ

أو رحمة ربه؛ كما قال في الحديث الآخر: فلا يبصق قبل القبلة، فإن الرحمة تواجهه.

وقوله: فحكّها بحصاة. زاد أبو داود فيه: ثم أقبل على الناس مغضبًا، وهذا يدل على تحريم البصاق في جدار القبلة، وعلى أنه لا يتكفر بدفنه، ولا بحكّه، كما قال في حلة المسجد: البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها، فلو يكفر البزاق في القبلة بالحك لما غضب؛ إذ قد كان تكفي الكفارة في ذلك - وهي الحك -، كما اكتفى بها في حديث الأعرابي الذي وطئ في نهار رمضان، ولم يذمه ولا غضب عليه. وقد ظهرت خصوصية جهة القبلة حيث نزلها منزلة الرب تعالى، كما تقرر، وظهر أيضًا التخفيف في ساحة المسجد؛ كما قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه خيمة لسعد بن معاذ بعدما رمي في أكحله، فكان الدم يسيل من خيمته إلى جهة الغفاريين، هذا مع ما قيل: إن هذا كان لضرورة داعية إلى ذلك.

وقد ذكر مسلم في حديث جابر الطويل (1): أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مكان النُّخَامَة عنبرًا. وروى النسائي الحديث الأول من طريق أنس (2)، فقال: غضب حتى احمرّ وجهه، فقامت امرأة من الأنصار فحكّتها، وجعلت مكانها خلوقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا! . ويصحّ الجمع بين هذه الأحاديث بأن يقال: كان ذلك في أوقات مختلفة: ففي وقت حكّها صلى الله عليه وسلم وطيّبها بيده، ومرة أخرى فعلت هذه المرأة ما ذُكر. ويمكن أن يقال: نسب الحكّ والطيب للنبي صلى الله عليه وسلم من حيثُ الأمرُ به، والمرأة من حيث المباشرة.

(1) رواه مسلم في الزهد (3008).

(2)

رواه النسائي (2/ 52 - 53).

ص: 158

[441]

- وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ أَحَدُكُم فِي الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلا يَبزُقَنَّ بَينَ يَدَيهِ وَلا عَن يَمِينِهِ، وَلَكِن عَن شِمَالِهِ تَحتَ قَدَمِهِ.

رواه البخاري (405 و 417)، ومسلم (551)، والنسائي (1/ 163 و 2/ 52 - 53)، وابن ماجه (1024).

ــ

وفي هذا الحديث: استحباب أو جواز تطييب المساجد بالطيب، وتنظيفها؛ كما نص عليه أبو داود من حديث عائشة: أمر ببناء المساجد في الدور، أن تُطيَّب وتُنَظَّف (1). ومن حديث سمرة: ونصلحُ صَنعَتها (2).

ونهيه عن البصاق عن يمينه دليل: على احترام تلك الجهة، وقد ظهر منه تأثير ذلك، حيث كان يحب التيمن في شأنه كله، وحيث كان يبدأ بالميامن في الوضوء والأعمال الدينية، وحيث كان يعدّ يمينه لحوائجه، وشماله لما كان من أذى. وقد علل ذلك في حديث أبي داود حيث قال: والمَلَك عن يمينه (3)، بل وفي البخاري: عن يمينه ملَكًا (4). ويقال على هذا: إن صحّ هذا التعليل لزم عليه أن لا يبصق عن يساره؛ فإن عليه أيضًا ملَكًا؛ بدليل قوله تعالى: {عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ} والجواب بعد تسليم أن على شماله ملكًا: أن ملك اليمين أعلى وأفضل، فاحتُرم بما لم يحترم غيره من نوعه، والله تعالى أعلم. وهذا النهي مع التمكن من البصاق في غير جهة اليمين، فلو اضطر إلى ذلك جاز.

وقوله: أو تحت قدمه بإثبات أو، وفي الآخر: عن شماله تحت قدمه

(1) رواه أبو داود (455)، والترمذي (594)، وابن ماجه (758).

(2)

رواه أبو داود (456).

(3)

رواه أبو داود (480).

(4)

رواه البخاري (416).

ص: 159

[442]

- وَعَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: البُزَاقُ فِي المَسجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفنُهَا.

رواه أحمد (3/ 232)، والبخاري (415)، ومسلم (552)(55)، وأبو داود (474 - 476)، والترمذي (572)، والنسائي (2/ 51 - 52).

[443]

- وَعَن أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عُرِضَت عَلَيَّ أَعمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدتُ فِي مَحَاسِنِ أَعمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدتُ فِي مَسَاوِئ أَعمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي المَسجِدِ لا تُدفَنُ.

رواه أحمد (5/ 180)، ومسلم (553).

ــ

بغير أو، هكذا الرواية. وظاهر: أو: الإباحة والتخيير، ففي أيهما بصق لم يكن به بأس، وإليه يرجع معنى قوله: عن شماله تحت قدمه، فقد سمعنا من بعض مشايخنا: أن ذلك إنما يجوز إذا لم يكن في المسجد إلا التراب أو الرمل، كما كانت مساجدهم في الصدر الأول، فأما إذا كان في المسجد بُسُطٌ، وما له بالٌ من الحُصُر مما يفسده البصاق ويُقَذِّره، فلا يجوز احترامًا للماليَّة، والله تعالى أعلم.

وقوله: البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها، قال ابن مكي: إنما تكون خطيئة لمن تفل فيه ولم يدفنه؛ لأنه يقذّر المسجد، ويتأذى به من تعلق به، أو رآه؛ كما جاء في الحديث الآخر: لئلا يصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه. فأمّا من اضطرّ إلى ذلك فدفن، وفعل ما أمر به، فلم يأت خطيئة. وأصل التكفير: التغطية، فكان دَفنها غطاء ما يتصور عليه من الذمّ والإثم لو لم يفعل. وهذا كما سُمِّيت تَحِلَّةُ اليمين: كفارة، وليست اليمين بمأثم فتكفره، ولكن لما جعلها الشرع فسحة لعباده في حلّ ما عقدوه من أيمانهم ورفعها لحكمها سمّاها كفارة، ولهذا جاز إخراجها قبل الحِنث، وسقوط حكم اليمين بها على الأصح من القولين.

ص: 160