المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

(592)

[478]- عَن عَائِشَةَ قَالَت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ لَم يَقعُد إِلا مِقدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ، وَمِنكَ السَّلامُ، تَبَارَكتَ ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ.

ــ

(59)

ومن باب: قدر ما يقعد الإمام بعد السلام

قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مِقدَارَ (1) ما يقول: اللهم أنت السلام

الحديث؛ دليل لمالك: على كراهيته للإمام المقام في موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه، خلافًا لمن أجاز ذلك، والصحيح: الكراهة لهذا الحديث، ولما رواه البخاري من حديث أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرًا. قال ابن شهاب: فنُرَى - والله أعلم - لكي ينفذ من ينصرف من النساء. ووجه التمسك بذلك أنهم اعتذروا عن المقام اليسير الذي صدر عنه عليه الصلاة والسلام، وبينوا وجهه، فدل ذلك: على أن الإسراع بالقيام هو الأصل والمشروع، وأما القعود فإنما كان منه ليستوفي من الذكر ما يليق بالسلام الذي انفصل به من الصلاة، ولينصرف النساء. وقد روى البخاري أيضًا عن سمرة بن جندب: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى أقبل بوجهه (2)، وهذا يدل على أن إقباله على الناس كان متصلا بفراغه، ولم يكن يقعد. وقد روى أبو أحمد بن عدي ما هو أنصّ من هذا كله عن أنس قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليت مع أبي بكر، فكان إذا سلم وثب كأنه يقوم عن رَضفَة (3). وهذا الحديث

(1) في (ل) و (ط): قدر.

(2)

رواه البخاري (1386).

(3)

رواه ابن عدي في الكامل (4/ 1516).

"الرضفة": الحجر المحمّى على النار.

ص: 210

رواه أحمد (6/ 62 و 184 و 235)، ومسلم (592)، والترمذي (298)، والنسائي (3/ 69)، وابن ماجه (924).

[479]

- وعَن ثَوبَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ استَغفَرَ ثَلاثًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ، وَمِنكَ السَّلامُ، تَبَارَكتَ ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ. قَالَ الأَوزَاعِيُّ: تَقُولُ: أَستَغفِرُ اللَّهَ، أَستَغفِرُ اللَّهَ.

ــ

وإن لم يكن في الصحة مثل ما تقدم، فهو عاضد للصحيح، ومبيِّن لمضمونه. وإذا كره له القعود في موضع صلاته، فأحرى وأولى أن تكره له الصلاة فيه. وقد روى أبو داود عن المغيرة بن شعبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلِّي الإمام في الموضع الذي صلّى فيه حتى يتحول (1). ويعتضد هذا من جهة المعنى: بأن ذلك الموضع إنما استحقه الإمام للصلاة التي يقتدى به فيها، فإذا فرغت ساوى الناس، وزال حكم الاختصاص، والله أعلم.

وقوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام؛ السلام الأول: اسم من أسماء الله تعالى، كما قال تعالى:{السَّلامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ} والسلام الثاني: السلامة، كما قال تعالى: فَسَلَامٌ لَكَ مِن أَصحَابِ اليَمِينِ، ومعنى ذلك: أن السلامة من المعاطب والمهالك إنما تحصل لمن سلّمه الله تعالى، كما قال:{وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يُرِدكَ بِخَيرٍ فَلا رَادَّ لِفَضلِهِ}

وقوله: تباركت ذا الجلال والإكرام؛ تباركت: تفاعلت؛ من البركة، وهي الكثرة والنماء، ومعناه: تعاظمت؛ إِذ كثرث صفات جلالك وكمالك. وذا الجلال: ذا العَظَمة والسلطان، وهو على حذف حرف النداء، تقديره: يا ذا الجلال. والإكرام: الإحسان وإفاضة النعم.

(1) رواه أبو داود (616).

ص: 211

رواه أحمد (5/ 275 و 279)، ومسلم (591)، وأبو داود (1513)، والترمذي (300)، والنسائي (3/ 68)، وابن ماجه (928).

[480]

- وَعَنِ المُغِيرَة بنِ شُعبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعطَيتَ، وَلا مُعطِيَ لِمَا مَنَعتَ، وَلا يَنفَعُ ذَا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ.

رواه أحمد (245 و 247)، والبخاري (844)، ومسلم (593)، وأبو داود (1505)، والنسائي (3/ 70).

[481]

- وَعَن أَبِي الزُّبَيرِ، قَالَ: كَانَ ابنُ الزُّبَيرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَلا نَعبُدُ إِلا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعمَةُ وَلَهُ الفَضلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ. وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ.

رواه أحمد (4/ 4)، ومسلم (594)(139)، وأبو داود (1506 و 1507)، والنسائي (3/ 75).

[482]

- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

وقوله في حديث المغيرة: ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجدُّ؛ الجد: الحظ والغنى، ومعناه: أن ذا الغنى لا ينتفع بغناه، ولا يحول بينه وبين ما يريده الله تعالى له؛ إذ لا حول ولا قوة إلا به. والجد ينصرف في اللغة على أوجه متعددة.

ص: 212

فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ، وَيُعتِقُونَ وَلا نُعتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفَلا أُعَلِّمُكُم شَيئًا تُدرِكُونَ بِهِ مَن سَبَقَكُم، وَتَسبِقُونَ بِهِ مَن بَعدَكُم، فَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفضَلَ مِنكُم إِلا مَن صَنَعَ مِثلَ مَا صَنَعتُم؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحمَدُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً. قَالَ أَبُو صَالِحٍ: تُمَّ رَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: سَمِعَ إِخوَانُنَا أَهلُ الأَموَالِ بِمَا فَعَلنَا، فَفَعَلُوا مِثلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتِهِ مَن يَشَاءُ.

رواه البخاري (843)، ومسلم (595)(142)، وأبو داود (1504).

ــ

وقول المهاجرين: ذهب أهل الدثور بالأجور. واحد الدثور: دَثرٌ، وهو المال الكثير، ومنه الحديث الآخر: وابعث راعيها في الدَّثرِ (1). وكذلك الدِّبرُ بكسر الدال، وبالباء بواحدة. قال ابن السكيت: الدّبرُ: المال الكثير. ووقع في السيرة في خبر النجاشي: دَبرٌ من ذهب، بفتح الدال، قال ابن هشام: ويقال: دبر. قال: وهو الجبل بلغة الحبشة (2). قال الهروي: يقال: مال دثر، ومالان دثر، وأموال دثر، وحكى أبو عمر المطرز: إن الدثر بالثاء تثنى وتجمع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. استدل به من يفضل الغنى على الفقر، وهي مسألة اختلف الناس فيها على خمسة أقوال: فمن قائل بتفضيل الغنى، ومن قائل بتفضيل الفقر، ومن قائل بتفضيل الكفاف، ومن قائل رابع: يَرُدُّ هذا التفضيل إلى اعتبار أحوال الناس في ذلك، ومن قائل خامس: توقف، ولم

(1) ذكره ابن عبد البر في أسد الغابة (3/ 96).

(2)

سيرة ابن هشام (1/ 238).

ص: 213

[483]

- وَعَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَتلِكَ تِسعٌ وَتِسعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَت خَطَايَاهُ، وَإِن كَانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ.

رواه أحمد (2/ 371)، ومسلم (597).

ــ

يفضل واحدًا منهما على الآخر. والمسألة لها غور، وفيها أحاديث متعارضة، ولعلنا نتكلم عليها تفصيلا إن شاء الله تعالى. وقد كتب الناس فيها كتبًا كثيرة، وأجزاء عديدة. والذي يظهر لي في الحال: أن الأفضل من ذلك ما اختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولجمهور صحابته رضوان الله تعالى عليهم، وهو الفقر غير المدقع. ويكفيك من هذا: أن فقراء المسلمين - كما رُوي: يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام، وأصحاب الأموال محبوسون على قَنطَرة بين الجنة والنار يُسألون عن فضول أموالهم. (1) وعلى هذا يتعين تأويل قوله تعالى:{ذَلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} وقد تأوله بعضهم بأن قال: إن الإشارة في قوله: ذلك راجعة إلى الثواب المترتب على الأعمال، الذي به يحصل التفضيل عند الله، فكأنه قال: ذلك الثواب الذي أخبرتكم به، لا يستحقه الإنسان بحسب الأذكار، ولا بحسب إعطاء الأموال، وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء، والله تعالى أعلم. ولم يذكر في هذه الرواية تمام المائة، وذكره في الرواية الأخرى وعيّن: أنه التهليل، وفي رواية: أن زيادةَ تكبيرةِ كمّلت المائة. وهذا يدل على عدم تعيّن ما تُكُمِّلَ به المائة، بل أي شيء قال من ذلك حصل له ذلك الثواب، والله تعالى

(1) رواه الترمذي (2354) من حديث أبي هريرة. و (2352) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

ص: 214

[484]

- وعَن كَعبِ بنِ عُجرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مُعَقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ (أَو فَاعِلُهُنَّ) دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسبِيحَةً، وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَحمِيدَةً، وَأَربَعٌ وَثَلاثُونَ تَكبِيرَةً.

رواه مسلم (596)(145)، والترمذي (3409)، والنسائي (3/ 75).

* * *

ــ

أعلم.

وقد اتفق مساق هذه الأحاديث والتي قبلها: على أن أدبار الصلوات أوقات فاضلة للدعاء والأذكار، فيرتجى فيها القبول، ويُبلَغُ ببركة التفرغ لذلك إلى كل مأمول، وتسمى هذه الأذكار: معقِّبات؛ لأنها تقال عَقِيب الصلوات، كما قال في حديث أبي هريرة: دبر كل صلاة؛ أي: آخرها. ويقال: دُبر بضم الدال، وحكى أبو عمر المطرِّز (1) في اليواقيت: دَبر كل شيء بفتح الدال: آخر أوقات الشيء: الصلاة وغيرها. قال: وهذا هو المعروف في اللغة، قال: وأما الجارحة: فبالضم. وقال الداودي عن ابن الأعرابي: دُبُر الشيء، ودَبرُهُ، بالوجهين: آخر أوقات الشيء، والدِّبار جمعه، ودابر كل شيء: آخره أيضًا. وأما اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الاستعاذة مما استعاذ في الدعاء بما دعا - وإن كان قد أُمِّنَ قبل الاستعاذة، وأُعطي قبل السؤال - فوفاء بحق العبودية، وقيام بوظيفة الشكر وبحق العبادة، كما قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا (2).

* * *

(1) هو محمد بن عبد الواحد، المعروت بـ:"غُلام ثَعْلَب": إمام في اللغة. له "الياقوتة" -رسالة في غريب القرآن- و "المدخل" في اللغة وغير ذلك. (ت 345 هـ).

(2)

رواه البخاري (6471)، ومسلم (2819)، والترمذي (412)، والنسائي (3/ 219) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ص: 215