المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

يُقِيمُ حَتَّى يَخرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ الصَّلاةَ حِينَ يَرَاهُ.

رواه أحمد (5/ 91 و 160)، ومسلم (606).

* ‌

(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

[494]

- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ الصَّلاةِ مَعَ الإِمَامِ فَقَد أَدرَكَ الصَّلاةَ.

وَفِي روَايَةٍ: فَقَد أَدرَكَ الصَّلاةَ كُلَّهَا.

رواه البخاري (580)، ومسلم (607)، وأبو داود (1121)، والترمذي (5024)، والنسائي (1/ 274)، وابن ماجه (1122).

ــ

إذا دحضت الشمس (1)؛ أي: زالت. وقال الهروي في الحديث الأول: إذا انحطت للغروب؛ لأن الشمس حينئذ يتبين زَلَقُها بالكليّة، والأول أولى. والله تعالى أعلم.

(63)

ومن باب: من أدرك ركعة من فعل الصلاة أول وقتها

وقوله: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كلها: ظاهر هذا الحديث لا يصح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، (2)

(1) رواه أحمد (5/ 106)، والنسائي (1/ 251 و 252) من حديث جابر رضي الله عنه.

(2)

سبق تخريجه برقم (490) من حديث أبي قتادة.

ص: 223

[495]

- وَعَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ الصُّبحِ

ــ

وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث فاتته ركعة من صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبقه بها (1). وقد روى هذا الحديث أبو بكر البزار، وقال: فقد أدرك الصلاة كلها، إلا أنه يقضي ما فاته، ولا خلاف في ذلك، فتعيّن تأويل الحديث الأول. وقد تأوله بعض أصحابنا على تأويلين:

أحدهما: أنه أدرك فضل الصلاة كلها. وقد ذكر أبو عمر في التمهيد هذا الحديث، ولفظه: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الفضل (2)، وقد رواه أبو أحمد بن عدي، وقال: فقد أدرك فضل الجماعة (3). والصحيح اللفظ الأول.

والتأويل الثاني: أن معناه: أنه أدرك حكم الصلاة؛ أي: يلزمه من أحكام الصلاة ما لزم الإمام من الفساد والسهو وغير ذلك. ويؤيد هذا التأويل: قوله: مع الإمام. وهذا اللفظ يبطل على داود وغيره قوله: إن هذا الحديث مردود إلى إدراك الوقت الذي يدل عليه قوله: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، وهذا ليس بصحيح من قولهم، بل الحديثان مختلفان، يفيدان فائدتين كما قررناه. ثم إذا تنزلنا على التأويل الأول - وهو إدراك فضل الجماعة -، فهل يكون ذلك الفضل مضاعفًا كما يكون لمن حضرها من أولها، أو يكون غير مضاعف؟ اختلف فيه على قولين: وإلى التضعيف ذهب أبو هريرة وغيره من السلف. وكذلك إن وجدهم قد سلموا عند هؤلاء كما قدمنا من ظاهر حديث أبي داود عن أبي هريرة، حيث قال: أعطاه الله عز وجل من الأجر مثل أجر من

(1) رواه مسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة.

(2)

التمهيد (7/ 64).

(3)

رواه ابن عدي في الكامل (6/ 2090) من حديث جابر.

ص: 224

قَبلَ أَن تَطلُعَ الشَّمسُ فَقَد أَدرَكَ الصُّبحَ، وَمَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ العَصرِ قَبلَ أَن تَغرُبَ الشَّمسُ فَقَد أَدرَكَ العَصرَ.

رواه أحمد (2/ 462)، والبخاري (556)، ومسلم (608)(163)، وأبو داود (412)، والترمذي (1116)، والنسائي (1/ 257 - 258).

ــ

حضرها وصلاها (1). وإلى عدم التضعيف ذهبت طائفة أخرى، وإلى هذا يشير قول أبي هريرة: ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير (2). ثم اختلفوا أيضًا: هل يكون مدركًا للحكم، أو للفضل، أو للوقت بأقل من ركعة؟ فذهب مالك وجمهور الأئمة - وهو أحد قولي الشافعي - إلى أنه لا يدرك شيئًا من ذلك بأقل من ركعة، متمسِّكين بلفظ الركعة. وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي في القول الآخر: إلى أنه بالإحرام يكون مدركًا لحكم الصلاة. واتفق هؤلاء: على إدراكهم العصر بتكبيرةٍ قبل غروب الشمس. واختلفوا في الظهر، فعند الشافعي في أحد قوليه: هو مدرك بالتكبيرة لهما؛ لاشتراكهما في الوقت، وعنه: أنه بتمام القامة للظهر يكون قاضيًا لها بَعدُ.

وقوله: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر: هذا محمول عند مالك وأصحابه على أصحاب الأعذار؛ كالحائض تطهر، والمغلوب يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، والمسافر يقدم، أو الحاضر يسافر وقد نسي صلاة. والذي حملهم على ذلك: رَومُ الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا الباب؛ وذلك أنه قد تقرر في حديث جبريل عليه السلام، وفي حديث أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص وغيرهم: أن آخر وقت العصر

(1) رواه أبو داود (564).

(2)

رواه مالك في الموطأ (1/ 11).

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنما هو المثلان، أو إذا اصفرت الشمس (1) - على اختلاف الألفاظ -، وقوله: الوقت فيما بين هذين. ثم جاء من حديث أنس الذم والتهديد والذم لمن يؤخر العصر إلى أن تكون الشمس بين قرني شيطان (2). وظاهر هذه الأحاديث يدل: على أن ما بعد هذه الحدود ليس وقتًا للصلاة، ولا يكون مُوقِعُها فيها مدركًا لها، وظاهر الحديث الأول: أنه يكون مدركًا. فرأى أصحابنا: أن الوقت الأول المحدد، وهو الوقت الأصلي لكافة (3) المكلفين، وهم السالمون عن الأعذار، وأن الوقت الثاني لأصحاب الأعذار المذكورين. وهذه طريقة في الجمع حسنة، والجمع أولى من الترجيح، غير أن أصحابنا جزموا بهذا الأصل؛ حيث جعلوا من ترك الصلاة متعمدًا حتى بلغ بها إلى وقت الضرورة، فصلاّها مؤدِّيًا، مع أنه قد عصى، وذُمَّ بإخراج الصلاة عن آخر وقت توسعتها. وإذا كان هذا فلا معنى لتخصيصه بأصحاب الأعذار.

ثم هذه الركعة التي يدركون بها الوقت، هي قدر ما يكبر فيه للإحرام، ويقرأ أم القرآن قراءة معتدلة، ويركع، ويرفع، ويسجد سجدتين يفصل بينهما، ويطمئن في كل (4) ذلك - على قول من أوجب الطمأنينة -، وعلى قول من لا يوجب قراءة أم القرآن في كل ركعة، يكفيه قدر تكبيرة الإحرام والوقوف لها. وأشهب لا يراعي إدراك السجود بعد الركعة. وسبب الخلاف: هل المفهوم من اسم الركعة الشرعية، أم اللغوية؟

(1) رواه مسلم (614)، وأبو داود (395)، والنسائي (1/ 260 و 261) من حديث أبي موسى الأشعري. ورواه مسلم (612)، وأبو داود (396)، والنسائي (1/ 260) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

(2)

رواه مسلم (622)، وأبو داود (413)، والترمذي (160)، والنسائي (1/ 254).

(3)

في (م) و (ط): العامة.

(4)

من (م) و (ط).

ص: 226

[496]

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: مَن أَدرَكَ مِنَ العَصرِ سَجدَةً. . . .، وذَكرَ نحوه، وفِيهِ: وَالسَّجدَةُ إِنَّمَا هِيَ الرَّكعَةُ.

رواه أحمد (6/ 78)، ومسلم (609)، والنسائي (1/ 273).

* * *

ــ

وأما الركعة التي يدرك بها فضيلة الجماعة وحكمها، بأن يكبر لإحرامه قائمًا، ثم يركع، ويمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه. وهذا مذهب الجمهور؛ مالك وغيره. وروي عن أبي هريرة: أنه لا يعتد بالركعة ما لم يدرك الإمام قائمًا قبل أن يركعها معه، وروي معناه عن أشهب. وروي عن جماعة من السلف: أنه متى أحرم والإمام راكع أجزأه، وإن لم يدرك الركوع، وركع بعد الإمام - كالناعس - اعتدّ بالركعة. وقيل: يجزئه وإن رفع الإمام، ما لم يرفع الناس. وقيل: تجزئه إن أحرم قبل سجود الإمام. حكى هذه الأقوال القاضي عياض.

وقوله: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ظاهر هذا: أن لها وقت ضرورة كالعصر، وهو أحد القولين عندنا، وقيل: ليس للصبح وقت ضرورة، بخلاف العصر، والأول أظهر.

وقوله: من أدرك من العصر سجدة، وفسرها في الأم (1): أنها الركعة. ووجهه: أن أهل الحجاز يسمون الركعة: سجدة، فهما عند الجمهور عبارتان عن مُعَبَّرٍ واحد. وقال الشافعي - في أحد قوليه - وأبو حنيفة: إن السجدة هنا ليست بالركعة، وإنما هي على بابها، من وضع الوجه بالأرض، واحتجّا بذلك على قولهما: إنه يكون مدركًا بتكبيرة الإحرام. ووجه احتجاجهم: أنه لما ذكر مرة ركعة، ومرة سجدة، سبرنا أوصافهما، فوجدناهما يجمعان الركنية والفرضية، وأول الفروض تكبيرة الإحرام، فَقَدَّراه بذلك، والله تعالى أعلم.

(1) الحديث في أصل صحيح مسلم رقم (608).

ص: 227