الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقِيمُ حَتَّى يَخرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ الصَّلاةَ حِينَ يَرَاهُ.
رواه أحمد (5/ 91 و 160)، ومسلم (606).
*
(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها
[494]
- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ الصَّلاةِ مَعَ الإِمَامِ فَقَد أَدرَكَ الصَّلاةَ.
وَفِي روَايَةٍ: فَقَد أَدرَكَ الصَّلاةَ كُلَّهَا.
رواه البخاري (580)، ومسلم (607)، وأبو داود (1121)، والترمذي (5024)، والنسائي (1/ 274)، وابن ماجه (1122).
ــ
إذا دحضت الشمس (1)؛ أي: زالت. وقال الهروي في الحديث الأول: إذا انحطت للغروب؛ لأن الشمس حينئذ يتبين زَلَقُها بالكليّة، والأول أولى. والله تعالى أعلم.
(63)
ومن باب: من أدرك ركعة من فعل الصلاة أول وقتها
وقوله: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كلها: ظاهر هذا الحديث لا يصح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، (2)
(1) رواه أحمد (5/ 106)، والنسائي (1/ 251 و 252) من حديث جابر رضي الله عنه.
(2)
سبق تخريجه برقم (490) من حديث أبي قتادة.
[495]
- وَعَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ الصُّبحِ
ــ
وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث فاتته ركعة من صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبقه بها (1). وقد روى هذا الحديث أبو بكر البزار، وقال: فقد أدرك الصلاة كلها، إلا أنه يقضي ما فاته، ولا خلاف في ذلك، فتعيّن تأويل الحديث الأول. وقد تأوله بعض أصحابنا على تأويلين:
أحدهما: أنه أدرك فضل الصلاة كلها. وقد ذكر أبو عمر في التمهيد هذا الحديث، ولفظه: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الفضل (2)، وقد رواه أبو أحمد بن عدي، وقال: فقد أدرك فضل الجماعة (3). والصحيح اللفظ الأول.
والتأويل الثاني: أن معناه: أنه أدرك حكم الصلاة؛ أي: يلزمه من أحكام الصلاة ما لزم الإمام من الفساد والسهو وغير ذلك. ويؤيد هذا التأويل: قوله: مع الإمام. وهذا اللفظ يبطل على داود وغيره قوله: إن هذا الحديث مردود إلى إدراك الوقت الذي يدل عليه قوله: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، وهذا ليس بصحيح من قولهم، بل الحديثان مختلفان، يفيدان فائدتين كما قررناه. ثم إذا تنزلنا على التأويل الأول - وهو إدراك فضل الجماعة -، فهل يكون ذلك الفضل مضاعفًا كما يكون لمن حضرها من أولها، أو يكون غير مضاعف؟ اختلف فيه على قولين: وإلى التضعيف ذهب أبو هريرة وغيره من السلف. وكذلك إن وجدهم قد سلموا عند هؤلاء كما قدمنا من ظاهر حديث أبي داود عن أبي هريرة، حيث قال: أعطاه الله عز وجل من الأجر مثل أجر من
(1) رواه مسلم (274) من حديث المغيرة بن شعبة.
(2)
التمهيد (7/ 64).
(3)
رواه ابن عدي في الكامل (6/ 2090) من حديث جابر.
قَبلَ أَن تَطلُعَ الشَّمسُ فَقَد أَدرَكَ الصُّبحَ، وَمَن أَدرَكَ رَكعَةً مِنَ العَصرِ قَبلَ أَن تَغرُبَ الشَّمسُ فَقَد أَدرَكَ العَصرَ.
رواه أحمد (2/ 462)، والبخاري (556)، ومسلم (608)(163)، وأبو داود (412)، والترمذي (1116)، والنسائي (1/ 257 - 258).
ــ
حضرها وصلاها (1). وإلى عدم التضعيف ذهبت طائفة أخرى، وإلى هذا يشير قول أبي هريرة: ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير (2). ثم اختلفوا أيضًا: هل يكون مدركًا للحكم، أو للفضل، أو للوقت بأقل من ركعة؟ فذهب مالك وجمهور الأئمة - وهو أحد قولي الشافعي - إلى أنه لا يدرك شيئًا من ذلك بأقل من ركعة، متمسِّكين بلفظ الركعة. وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي في القول الآخر: إلى أنه بالإحرام يكون مدركًا لحكم الصلاة. واتفق هؤلاء: على إدراكهم العصر بتكبيرةٍ قبل غروب الشمس. واختلفوا في الظهر، فعند الشافعي في أحد قوليه: هو مدرك بالتكبيرة لهما؛ لاشتراكهما في الوقت، وعنه: أنه بتمام القامة للظهر يكون قاضيًا لها بَعدُ.
وقوله: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر: هذا محمول عند مالك وأصحابه على أصحاب الأعذار؛ كالحائض تطهر، والمغلوب يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، والمسافر يقدم، أو الحاضر يسافر وقد نسي صلاة. والذي حملهم على ذلك: رَومُ الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا الباب؛ وذلك أنه قد تقرر في حديث جبريل عليه السلام، وفي حديث أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص وغيرهم: أن آخر وقت العصر
(1) رواه أبو داود (564).
(2)
رواه مالك في الموطأ (1/ 11).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنما هو المثلان، أو إذا اصفرت الشمس (1) - على اختلاف الألفاظ -، وقوله: الوقت فيما بين هذين. ثم جاء من حديث أنس الذم والتهديد والذم لمن يؤخر العصر إلى أن تكون الشمس بين قرني شيطان (2). وظاهر هذه الأحاديث يدل: على أن ما بعد هذه الحدود ليس وقتًا للصلاة، ولا يكون مُوقِعُها فيها مدركًا لها، وظاهر الحديث الأول: أنه يكون مدركًا. فرأى أصحابنا: أن الوقت الأول المحدد، وهو الوقت الأصلي لكافة (3) المكلفين، وهم السالمون عن الأعذار، وأن الوقت الثاني لأصحاب الأعذار المذكورين. وهذه طريقة في الجمع حسنة، والجمع أولى من الترجيح، غير أن أصحابنا جزموا بهذا الأصل؛ حيث جعلوا من ترك الصلاة متعمدًا حتى بلغ بها إلى وقت الضرورة، فصلاّها مؤدِّيًا، مع أنه قد عصى، وذُمَّ بإخراج الصلاة عن آخر وقت توسعتها. وإذا كان هذا فلا معنى لتخصيصه بأصحاب الأعذار.
ثم هذه الركعة التي يدركون بها الوقت، هي قدر ما يكبر فيه للإحرام، ويقرأ أم القرآن قراءة معتدلة، ويركع، ويرفع، ويسجد سجدتين يفصل بينهما، ويطمئن في كل (4) ذلك - على قول من أوجب الطمأنينة -، وعلى قول من لا يوجب قراءة أم القرآن في كل ركعة، يكفيه قدر تكبيرة الإحرام والوقوف لها. وأشهب لا يراعي إدراك السجود بعد الركعة. وسبب الخلاف: هل المفهوم من اسم الركعة الشرعية، أم اللغوية؟
(1) رواه مسلم (614)، وأبو داود (395)، والنسائي (1/ 260 و 261) من حديث أبي موسى الأشعري. ورواه مسلم (612)، وأبو داود (396)، والنسائي (1/ 260) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(2)
رواه مسلم (622)، وأبو داود (413)، والترمذي (160)، والنسائي (1/ 254).
(3)
في (م) و (ط): العامة.
(4)
من (م) و (ط).
[496]
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: مَن أَدرَكَ مِنَ العَصرِ سَجدَةً. . . .، وذَكرَ نحوه، وفِيهِ: وَالسَّجدَةُ إِنَّمَا هِيَ الرَّكعَةُ.
رواه أحمد (6/ 78)، ومسلم (609)، والنسائي (1/ 273).
* * *
ــ
وأما الركعة التي يدرك بها فضيلة الجماعة وحكمها، بأن يكبر لإحرامه قائمًا، ثم يركع، ويمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه. وهذا مذهب الجمهور؛ مالك وغيره. وروي عن أبي هريرة: أنه لا يعتد بالركعة ما لم يدرك الإمام قائمًا قبل أن يركعها معه، وروي معناه عن أشهب. وروي عن جماعة من السلف: أنه متى أحرم والإمام راكع أجزأه، وإن لم يدرك الركوع، وركع بعد الإمام - كالناعس - اعتدّ بالركعة. وقيل: يجزئه وإن رفع الإمام، ما لم يرفع الناس. وقيل: تجزئه إن أحرم قبل سجود الإمام. حكى هذه الأقوال القاضي عياض.
وقوله: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ظاهر هذا: أن لها وقت ضرورة كالعصر، وهو أحد القولين عندنا، وقيل: ليس للصبح وقت ضرورة، بخلاف العصر، والأول أظهر.
وقوله: من أدرك من العصر سجدة، وفسرها في الأم (1): أنها الركعة. ووجهه: أن أهل الحجاز يسمون الركعة: سجدة، فهما عند الجمهور عبارتان عن مُعَبَّرٍ واحد. وقال الشافعي - في أحد قوليه - وأبو حنيفة: إن السجدة هنا ليست بالركعة، وإنما هي على بابها، من وضع الوجه بالأرض، واحتجّا بذلك على قولهما: إنه يكون مدركًا بتكبيرة الإحرام. ووجه احتجاجهم: أنه لما ذكر مرة ركعة، ومرة سجدة، سبرنا أوصافهما، فوجدناهما يجمعان الركنية والفرضية، وأول الفروض تكبيرة الإحرام، فَقَدَّراه بذلك، والله تعالى أعلم.
(1) الحديث في أصل صحيح مسلم رقم (608).