الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر
[543]
- عَن مَحمُودِ بنَ الرَّبِيعِ الأَنصَارِيِّ أَنَّ عِتبَانَ بنَ مَالِكٍ - وَهُوَ مِن أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِمَّن شَهِدَ بَدرًا مِنَ الأَنصَارِ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَد أَنكَرتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَومِي، وَإِذَا كَانَتِ الأَمطَارُ سَالَ الوَادِي الَّذِي بَينِي وَبَينَهُم وَلَم أَستَطِع أَن آتِيَ مَسجِدَهُم فَأُصَلِّيَ لَهُم، ووَدِدتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَأتِيني فَتُصَلِّي فِي مُصَلًّى أَتَّخِذَهُ مُصَلًّى! قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَأَفعَلُ إِن شَاءَ الله. قَالَ عِتبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ ارتَفَعَ النَّهَارُ، فَاستَأذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنتُ لَهُ، فَلَم يَجلِس حَتَّى دَخَلَ البَيتَ، ثُمَّ قَالَ: أَينَ تُحِبُّ أَن أُصَلِّيَ مِن بَيتِكَ؟ قَالَ: فَأَشَرتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ، فَقُمنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكعَتَينِ ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ: وَحَبَسنَاهُ عَلَى خَزِيرةٍ صَنَعنَاهُ
ــ
(79)
ومن باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر
قوله أنكرت بصري؛ أي عميت بعد أن لم أكن كذلك، وفي هذا الحديث أنه أباح له الصلاة في بيته لتحقق عذره، ولأن مثل هذا لا يقدر على الوصول مع الأمطار وسيل الوادي وكونه أعمى، وهذا بخلاف عذر الأعمى الذي في حديث أبي هريرة المتقدم؛ إذ قال له لا أجد لك رخصة، وقد تقرر الإجماع المتقدم على أن من تحقق عذره أبيح له التخلف عن الجماعة والجمعة، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
والخزيرة قال فيها ابن قتيبة: هي لحم يقطع صغارًا ثم يصب عليها ماء كثير، فإذا نضج ذُرّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. وقال
لَهُ - وَفِي رِوَايَةٍ: جَشِيشَةٍ. قَالَ: فَثَابَ رِجَالٌ مِن أَهلِ الدَّارِ حَولَنَا، حَتَّى اجتَمَعَ فِي البَيتِ رِجَالٌ ذَوُو عَدَدٍ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنهُم: أَينَ مَالِكُ بنُ الدُّخشُم؟ فَقَالَ بَعضُهُم: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَقُل لَهُ ذَلِكَ، أَلا تَرَاهُ قَد قَالَ لا إِلهَ إِلا الله يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجهَ الله! قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: فَإِنَّمَا نَرَى وَجهَهُ وَنَصِيحَتَهُ لِلمُنَافِقِينَ! قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّ الله حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَن قَالَ لا إِلهَ إِلا الله يَبتَغِي بِذَلِكَ وَجهَ الله.
قَالَ ابن شهاب الزُّهرِيِّ: ثُمَّ نَزَلَت بَعدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى أَنَّ الأَمرَ انتَهَى إِلَيهَا، فَمَنِ استَطَاعَ أَن لا يَغتَرَّ فَلا يَغتَرَّ.
وَفِي رِوَايَةٍ قاَلَ مَحمُودُ بنُ الرَبِيعِ: إِنّي لأَعقِلُ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن دَلوٍ فِي دَارِناَ.
ــ
أبو الهيثم: إذا كانت من دقيق فهي حريرة، وإذا كانت من نخالة فهي خزيرة. قال ابن السكيت: الخزيرة اللفيتَةُ من لبن أو ماء ودقيق. قلت: وقد سماها في الرواية الأخرى جشيشة. قال شمر: هي أن تطحن الحنطة قليلا ثم يلقى فيها لحم أو تمر فيطبخ فيه. وقال النضر: الخزيرة من النخالة، والحريرة من اللبن.
وقوله فثاب رجال، قال النضر: المثابة المجمع والمرجع، وأصله من ثاب إلى كذا أي رجع، وقد تقدم الكلام على قوله إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله (1).
وقول محمود إني لأعقل مَجَّةً مَجَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم من دلو في دارنا؛
(1) سبق هذا برقم (23) وهو في صحيح مسلم برقم (29).