الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به
[326]
- عَن أَنَسِ بنَ مَالِكٍ قَالَ: سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَن فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ، فَدَخَلنَا عَلَيهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا، فَصَلَّينَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّوا قُعُودًا أَجمَعُونَ.
رواه أحمد (3/ 162)، والبخاري (389)، ومسلم (411)(77)، وأبو داود (603 و 604)، والنسائي (2/ 141 - 142).
ــ
(13)
ومن باب: إنما جُعل الإمامُ ليؤتمّ به
قوله فجُحِشَ شقُّه الأيمن، الجَحش الخدش، وقيل فوقه، والشِّقّ: الجانب.
وقوله فصلى جالسًا، وصلينا وراءه جلوسًا، وفي الحديث الآخر إنهم صلوا قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا؛ وجه الجمع أنه كان منهم من صلى جالسًا فأَخبَرَ عنه أنس، وكان فيهم من صلى قائمًا فأخبرت عنه عائشة. واختُلف: هل كان في صلاة الفرض أو النفل؟ والظاهر أنه كان في صلاة الفرض؛ لقوله فحضرت الصلاة، وهي للعهد ظاهرًا، ولِمَا تقرر من عادتهم أنهم ما كانوا يجتمعون للنوافل، وقد أشار ابن القاسم إلى أن ذلك كان في النافلة.
ثم اختلف العلماء في الاقتداء بالإمام الجالس على ثلاثة أقوال؛
[327]
- وَعَن عَائِشَةَ نَحوَهُ، إلا أنَّ فِيهِ: إنَهَم صَلَّوا بِصَلاتِهِ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيهِم أَنِ اجلِسُوا فَجَلَسُوا، فَلَمَّا انصَرَفَ قَالَ: إِنَّمَا. . . وَذَكَرَهُ.
رواه أحمد (6/ 51/ 148)، والبخاري (688)، ومسلم (412)(82)، وأبو داود (605)، وابن ماجه (1237).
[328]
- وَعَن جَابِرٍ قَالَ: اشتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّينَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكرٍ يُسمِعُ النَّاسَ تَكبِيرَهُ، قَالَ: فَالتَفَتَ إِلَينَا فَرَآنَا قِيَامًا، فَأَشَارَ
ــ
أولها: قول أحمد بن حنبل ومن تابعه، وهو أنه يجوز صلاة الصحيح جالسًا خلف المريض جالسًا متمسكًا بهذا الحديث.
وثانيها: قول الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف وزُفر والأوزاعي وأبي ثور وداود؛ وهو أنه يجوز أن يقتدي القائم بالقاعد في الفريضة وغيرها، وقد رواها الوليد بن مسلم عن مالك متمسكين بحديث عائشة الآتي، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الإمام، وأن حديث أنس متقدِّم، وهو منسوخ بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، وبأن كل واحدٍ عليه أن يصلي كما يقدر عليه.
وثالثها: قول مالك في المشهور عنه وعن أصحابه أنه لا يجوز أن يؤمّ أحد جالسًا - وإن كان مريضًا - بقومٍ أصحّاء قيام ولا قعود، وإليه ذهب محمد بن الحسن، متمسِّكين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمَّن أحد بعدي قاعدًا (1). وهذا الحديث ذكره الدارقطني من حديث جابر بن يزيد الجُعفي وهو متروك، عن الشَّعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك، وهو مرسل، وقد رواه مُجَاِلد عن الشَّعبي، ومجالد ضعيف. وفي حديث أنس دليل لمالك وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، وترك مخالفته له في نيّة أو غيرها، وسيأتي.
(1) رواه الدارقطني (1/ 398).
إِلَينَا فَقَعَدنَا، فَصَلَّينَا بِصَلاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: إِن كِدتُم آنِفًا تَفعَلُونَ فِعلَ فَارِسَ وَالرُّومِ؛ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِم وَهُم قُعُودٌ! فَلا تَفعَلُوا، ائتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُم؛ إِن صَلَّى قَائِمًا فَصَلَّوا قِيَامًا، وَإِن صَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّوا قُعُودًا.
رواه أحمد (3/ 334)، ومسلم (413)، وأبو داود (602)، والنسائي (3/ 9).
[329]
- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا، يَقُولُ: لا تُبَادِرُوا الإِمَامَ؛ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ {وَلا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا آمِينَ، وَإِذَا رَكَعَ فَاركَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ فَقُولُوا اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ.
وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَلا تَرفَعُوا قَبلَهُ.
رواه مسلم (415).
* * *
ــ
وقوله إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم؛ يقومون على ملوكهم وهم قعود، تنبيهٌ على أن تعليل مَنعِ القيامِ لما يؤدي إليه من التشبُّه بأفعال المتكبِّرين، فمنع على هذا التعليل أن يقوم الرجال أو المماليك على رؤوس الملوك أو الأمراء أو الرؤساء أو العلماء لما يؤدي إليه.
* * *