المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

[320]

- عَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصَارِيِّ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحنُ فِي مَجلِسِ سَعدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بنُ سَعدٍ: أَمَرَنَا اللهُ تعالى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيكَ يَا رَسُولَ اللهِ! فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّينَا أَنَّهُ لَم يَسأَلهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ،

ــ

(11)

ومن باب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

قوله أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله! فكيف نصلي عليك؟ ، هذا سؤال من أشكل عليه كيفية ما فُهم جملته، وذلك أنه عرف الصلاة وتحققها من لسانه إلا أنه لم يعرف كيفيتها، فأجيب بذلك. وفي قوله أمرنا دليل على أن المندوب يدخل تحت الأمر، وقد تقدم اشتقاق الصلاة، وهي مِنَّا دعاء ومن الله تعالى رحمة ومن الملائكة ثناء، وقد قيل: إن صلاة الله على نبيه هي ثناؤه عليه عند ملائكته.

وقوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اختلف في آله من هم؟ فقيل أتباعه، وقيل أمَّته، وقيل آل بيته، وقيل أتباعه من رهطه وعشيرته، وقيل آل الرجل نفسه؛ ولهذا كان الحسن يقول: اللهم صل على آل محمد. واختلف النحويون: هل يضاف الآل إلى المُضمَر أم لا يضاف إلا إلى الظاهر؟ فذهب النَّحَّاس والزبيدي والكسائي إلى أنه لا يقال إلا: اللهم صلّ على محمد وآل محمد، ولا يقال: وآله. قالوا: والصواب وأهله. وذهبت طائفة أخرى إلى أن ذلك يقال - منهم ابن السَّيِّد، وهو الصواب؛ لأن السماع الصحيح يعضده، فإنه قد جاء في قول عبد المطلب:

ص: 40

وَبَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ،

ــ

لاهم إن العبد يمـ

نع رحله فامنع حِلالك

وانصر على آل الصليـ

ـب وعابديه اليوم آلك (1)

وقال قدامة:

أنا الفارس الحامي حقيقة والدي

وآلي كما تحمي حقيقة آلكا (2)

وغير ذلك من كلام العرب، وهو كثير.

وقوله وبارك من البركة، وهي هنا الزيادة من الخير والكرامة، وأصلها من البروك وهو الثبوت على الشيء، ومنه: بركت الإبل. ويجوز أن تكون البركة هنا بمعنى التطهير والتزكية؛ كما قال تعالى: {رَحمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيكُم أَهلَ البَيتِ} ثم اختلف أرباب المعاني في فائدة قوله كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم على تأويلات كثيرة، أظهرها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ذلك لنفسه وأهل بيته لتتمَّ النعمة عليهم والبركة، كما أتَمَّها على إبراهيم وآله. وقيل: بل سأل ذلك لأُمَّته ليثابوا على ذلك، وقيل: ليبقى له ذلك دائمًا إلى يوم الدين، ويجعل له به لسان صدق في الآخِرين؛ كما جعله لإبراهيم. وقيل: كان ذلك قبل أن يعرف عليه الصلاة والسلام بأنه أفضل ولد آدم. وقيل: بل سأل أن يصلي عليه صلاةً يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا (3)، وقد أجابه الله واتّخذه خليلا؛ كما جاء في الصحيح: لو كنت متخذًا خليلا لاتخذت أبا بكر

(1) انظر: سيرة ابن هشام (1/ 51).

(2)

انظر: جلاء الأفهام لابن القيم ص (161).

(3)

من (ل).

ص: 41

وَالسَّلامُ كَمَا قَد عَلِمتُم.

ــ

خليلا، ولكن صاحبكم خليل الرحمن (1). وقد جاء أنه حبيب الرحمن - ذكره الترمذي (2)، فهو الخليل وهو الحبيب. وقد اختلف العلماء أيّهما أشرف؟ أَو هما سواء؟ واختلف هل يُدعى للنبي صلى الله عليه وسلم بغير الصلاة والسلام، فيقال مثلا: اللهم ارحم محمدًا أو اغفر لمحمد؟ أَو لا يقال ذلك؟ فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى منع ذلك. وأجاز ذلك أبو محمد بن أبي زيد، والصحيح جوازه، فقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة. واختُلف: هل يُصلَّى على غير الأنبياء، فيقال: اللهم صلّ على فلان؟ فكره ذلك مالك؛ لأنه لم يكن مِن عمل مَن مضى، بل ذُكر عن مالك رواية شاذّة أنه لا يُصَلَّى على أحدٍ من الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مُتَأَوَّلة عليه بأنا لم نُتَعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء. وذهبت طائفة إلى جواز ذلك على المؤمنين؛ لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُم} وقوله عليه الصلاة والسلام: اللهم صلّ على آل أبي أَوفَى (3). وانفصل الفريق الآخر بأن هذا صدر من الله ورسوله، ولهما أن يقولا ما أرادا بخلاف غيرهما الذي هو محكوم عليه. والذي أراه ما صار إليه مالك؛ لقوله تعالى:{لا تَجعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُم كَدُعَاءِ بَعضِكُم بَعضًا} وينضاف إلى ذلك أن أهل البدع قد اتخذوا ذلك شعارًا في الدعاء لأئمتهم وأمرائهم، ولا يجوز التشبّه بأهل البدع، والله تعالى أعلم.

وقوله والسلام كما قد علمتم رويناه مبنيًا للفاعل وللمفعول، فالفاعل: هم العالمون، وللمفعول هم المُعَلَّمون من جهته صلى الله عليه وسلم بالتشهد وغيره، ويعني بذلك: قوله في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

(1) رواه أحمد (1/ 377، 433)، ومسلم (2383)، والترمذي (3656)، وابن ماجه (93) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(2)

رواه الترمذي (3616) بلفظ: "أَلَا وأنا حبيب الله" من حديث ابن عباس رضي الله عنه.

(3)

رواه أحمد (4/ 353 و 354)، والبخاري (1497)، ومسلم (1078)، وأبو داود (1590)، والنسائي (5/ 31)، وابن ماجه (1796) من حديث عبد الله بن أبي أوفى.

ص: 42

رواه أحمد (4/ 418) و (5/ 274)، ومسلم (405)(65)، وأبو داود (980 - 981)، والترمذي (3218)، والنسائي (3/ 45 - 46).

[321]

- وَعَن ابنَ أَبِي لَيلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعبُ بنُ عُجرَةَ، قَالَ: أَلا أُهدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلنَا: قَد عَرَفنَا كَيفَ نُسَلِّمُ عَلَيكَ، فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

رواه أحمد (4/ 241 و 244)، والبخاري (3370)، ومسلم (406)(66)، وأبو داود (976)، والترمذي (483)، والنسائي (3/ 47)، وابن ماجه (904).

[322]

- وَعَن أَبِي حُمَيدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ، وَبَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

رواه البخاري (3369)، ومسلم (407)، وأبو داود (979)، والنسائي (3/ 49)، وابن ماجه (905).

[323]

- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ عَشرًا.

رواه أحمد (2/ 372 و 485)، ومسلم (408)، وأبو داود (1530)، والترمذي (485)، والنسائي (3/ 50).

* * *

ص: 43