المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

[567]

- عَن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّكُم تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُم وَلَيلَتَكُم، وَتَأتُونَ المَاءَ - إِن شَاءَ الله - غَدًا. فَانطَلَقَ النَّاسُ لا يَلوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَبَينَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ حَتَّى ابهَارَّ اللَّيلُ وَأَنَا إِلَى جَنبِهِ. قَالَ: فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَالَ عَن رَاحِلَتِهِ، فأَتيتُهُ فَدَعَمتُهُ مِن غَيرِ أَن أُوقِظَهُ، حَتَّى اعتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ

ــ

(88)

ومن باب: شرح ما تضمنه حديث أبي قتادة وعمران بن الحصين من الغريب

قوله لا يلوي أحد على أحد؛ أي لا يعطف عليه ولا ينتظره، وأصله من لَيِّ العُنُق.

وقوله حتى ابهَارَّ الليل؛ أي انتصف، وبُهرَة كل شيء وسطه، وقيل: ذهب عامته وبقي نحو من ثلثه. قال أبو سعيد الضرير: ابهِرَارُ الليل طلوع نجومه إذا تَتَامَّت. وقال غيره: ابهارَّ الليل طال. والباهِرُ: الممتلئ نورًا. وقد صحّفه بعض الشارحين تصحيفًا قبيحًا فقال: انهار الليل - بالنون، وقال: ومنه قوله تعالى: {فَانهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}

ص: 313

حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيلُ، مَالَ عَن رَاحِلَتِهِ. قَالَ: فَدَعَمتُهُ مِن غَيرِ أَن أُوقِظَهُ حَتَّى اعتَدَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِن آخِرِ السَّحَرِ مَالَ مَيلَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ المَيلَتَينِ الأُولَيَينِ، حَتَّى كَادَ يَنجَفِلُ، فَأَتَيتُهُ فَدَعَمتُهُ، ثم رَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: مَن هَذَا؟ قُلتُ: أَبُو قَتَادَةَ. قَالَ: مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ قُلتُ: مَا زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنذُ اللَّيلَةِ. ثم قَالَ: حَفِظَكَ الله بِمَا حَفِظتَ بِهِ نَبِيَّهُ! ثُمَّ قَالَ: هَل تَرَانَا نَخفَى عَلَى النَّاسِ؟ ثُمَّ قَالَ: هَل تَرَى مِن أَحَدٍ؟ قُلتُ: هَذَا رَاكِبٌ. ثُمَّ قُلتُ: هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ، حَتَّى اجتَمَعنَا فَكُنَّا سَبعَةَ رَكبٍ. قَالَ: فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّرِيقِ فَوَضَعَ رَأسَهُ ثُمَّ قَالَ: احفَظُوا عَلَينَا صَلاتَنَا! فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالشَّمسُ فِي ظَهرِهِ، قَالَ: فَقُمنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: اركَبُوا! فَرَكِبنَا فَسِرنَا، حَتَّى إِذَا

ــ

وقوله وتَهَوَّرَ الليل، قال الهروي: معناه ذهب أكثره وانهدم كما يتهوَّر البناء، يقال: تَهَوَّر الليل وتَوَهَّر.

وقوله فدعمته؛ أي أقمت مَيلَه وصرت له كالدّعامة تحته.

وقوله حتى كاد ينجفل؛ أي قارب أن ينقلب ويقع، ومنه ما جاء في الحديث أن البحر جَفَل سمكًا (1)؛ أي ألقاه فرمى به - ذكره الهروي.

وقوله فمال عن الطريق فوضع رأسه، هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم مثل قوله إذا عرستم فاجتنبوا الطريق، فإنه مأوى الهوام (2).

(1) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 280).

(2)

رواه مسلم (1926)، وأبو داود (2569)، والترمذي (2862) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 314

ارتَفَعَتِ الشَّمسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَت مَعِي فِيهَا شَيءٌ مَن مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، قَالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شَيءٌ مِن مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لأَبِي قَتَادَةَ: احفَظ عَلَينَا مِيضَأَتَكَ، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ! ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكعَتَينِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصنَعُ كُلَّ يَومٍ. قَالَ: وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبنَا مَعَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ بَعضُنَا يَهمِسُ إِلَى بَعضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعنَا بِتَفرِيطِنَا فِي صَلاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ: أَمَا لَكُم فِيَّ

ــ

والمِيضَأَةُ: الإناء الذي يتوضأ فيه، وهي التي قال فيها: أطلقوا لي غُمَرِي. والغُمَر: القعب الصغير. ويقال: تغَمَّرت؛ أي: شربت قليلا، قال أعشى باهلة:

يكفيه حُزَّةُ فِلذٍ إن ألمَّ بها

من الشِّواءِ ويُروي شُربَه الغُمَرُ

وقوله فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء؛ يعني وضوءًا مخفّفًا، وكأنه اقتصر فيه على المرة الواحدة، ولم يكثر صبّ الماء لأنه أراد أن يفضل منه فضلة لتظهر فيها بركته وكرامته، وهذا أولى من قول من قال أراد بقوله وضوءًا دون وضوء الاستجمار بالحجارة؛ لأن ذلك لا يقال عليه وضوء عرفًا ولا لغة، لأنه لا نظافة فيه بالغة، ولما روى أبو داود في هذه القصة من حديث ذي مِخبَر الحبشي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءًا لم يبتلّ منه التراب (1). والأسوة: القدوة.

وقوله فجعل بعضنا يهمس إلى بعض؛ أي: يحرك شفتيه بكلام خفي.

(1) رواه أحمد (4/ 91)، وأبو داود (445).

ص: 315

أُسوَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيسَ فِي النَّومِ تَفرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفرِيطُ عَلَى مَن لَم يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقتُ الصَّلاةِ الأُخرَى، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَليُصَلِّهَا حِينَ يَنتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الغَدُ فَليُصَلِّهَا عِندَ وَقتِهَا.

ــ

وقوله إنه ليس في النوم تفريط يدل على أن النائم غير مكلف ولا مؤاخذ.

وقوله إنما التفريط على من لم يصلّ الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى؛ أي: من لم يصلها عامدًا لتركها. وفيه ما يدل على أن أوقات الصلوات كلها موسعة.

وقوله فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، الإشارة بـ ذلك إلى ما وقع له من النوم عن الصلاة، ويحتمل أن يعود الضمير إلى جميع ما ذكر من النوم والتفريط على ما قررنا في قضاء العامد.

وقوله فإذا كان الغد فلّيصلِّها عند وقتها، قال قوم: ظاهره إعادة المقضيَّة مرتين عند ذكرها وعند حضور مثلها من الوقت الآتي، وقد وافق هذا الظاهر ما رواه أبو داود نصًّا من حديث عمران بن حصين - وذكر القصة، وقال في آخرها: فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غدٍ صالحًا فليقض معها مثلها. قال الخطابي: لا أعلم أحدًا قال هذا وجوبًا، ويشبه أن يكون الأمر به استحبابًا ليُحرز فضيلة الوقت في القضاء.

قلت: وهذا كله يعارضه ما ذكره أبو بكر بن أبي شيبة من حديث الحسن عن عمران بن حصين في هذه القصة أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم المقضيَّة قالوا: ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال: لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم (1). والصحيح ترك العمل بذلك الظاهر لهذه المعارضة، ولما حكى الخطابي، ولأن الطرق الصحاح المشهورة ليس فيها من تلك الزيادة شيء إلا

(1) رواه ابن أبي شيبة (2/ 64).

ص: 316

ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَونَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَصبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُم، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعدَكُم، لَم يَكُن لِيُخَلِّفَكُم! وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ أَيدِيكُم، فَإِن يُطِيعُوا أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ يَرشُدُوا. قَالَ: فَانتَهَينَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيءٍ، وَهُم يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكنَا، عَطِشنَا. فَقَالَ: لا هُلكَ عَلَيكُم! ثُمَّ قَالَ: أَطلِقُوا لِي غُمَرِي! قَالَ: وَدَعَا بِالمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسقِيهِم، فَلَم يَعدُ أَن رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي المِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَحسِنُوا المَلأَ، فَكُلُّكُم سَيَروَى. قَالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ وَأَسقِيهِم، حَتَّى مَا بَقِيَ غَيرِي وَغَيرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: ثُمَّ

ــ

ما ذكر في حديث أبي قتادة، وهو محتمل كما قررناه، والله تعالى أعلم.

وقوله ثم قال: ما ترون الناس صنعوا؟ ، هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان معه مستفهمًا على جهة استحضار أفهامهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم مخبرًا بما صنعوا وبما قالوا إلى قوله وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، وهنا انتهى الخبر عنهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا؛ لأنهما وافقا الحق فيما قالاه، فصوابه إذًا أن يكون يطيعوا، ويرشدوا بياء الغائبين، وقد قيل في بعض النسخ بتاء المخاطبين، ووجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه أقبل على الغائبين فخاطبهم.

ويجري هذا مجرى قول عمر الجبلّ يا سارية (1) وهو بالمدينة، وسارية بمصر أو بالشام، فسمعه سارية ولجأ إلى الجبل ونجا هو وأصحابه، والله أعلم.

ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حاكيًا قولهم.

وقوله وأحسنوا الملأ بفتح الميم والهمزة مقصورًا؛ أي الخُلُق - قاله

(1) أسد الغابة (2/ 306).

ص: 317

صَبَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: اشرَب! فَقُلتُ: لا أَشرَبُ حَتَّى تَشرَبَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: إِنَّ سَاقِيَ القَومِ آخِرُهُم. قَالَ: فَشَرِبتُ، وَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَى النَّاسُ المَاءَ جَامِّينَ رِوَاءً.

رواه أحمد (5/ 298)، ومسلم (681)، وأبو داود (5228)، وابن ماجه (3434).

[568]

- وعَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ قَالَ: كُنتُ مَعَ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَأَدلَجنَا لَيلَتَنَا، حَتَّى إِذَا كَنَا فِي وَجهِ الصُّبحِ عَرَّسنَا، فَغَلَبَتنَا أَعيُنُنَا حَتَّى

ــ

جماعة من اللغويين: أبو زيد، والمفضل، والزجاج، وابن السكيت، وابن قتيبة - وأنشد بعضهم (1):

تنادوا يا لَبُهثَة إذ رَأَونا

فقلنا أحسني ملأ جُهينا

أي خلقًا، وروى ابن قتيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه حين زجروا الأعرابي البائل في المسجد أحسنوا مَلأَكُم (2)؛ أي خلقكم، ومن روى هذا الحرف مِلأكم ساكنة اللام مهموزة من معنى الامتلاء فقد أخطأ؛ لأنه لم يملأ أحد في هذه النازلة قِربةً ولا وعاءً، وإنما كان شربًا.

وقوله فأتى الناسُ الماءَ جامّين رواءً؛ أي نشاطًا صالحي الأحوال، ورِواء من الرِّيِّ وهو الامتلاء من الماء.

وفي حديث أبي قتادة أوجه من الفقه لا تخفى على متأمل.

وقوله في حديث عمران فأدلجنا ليلتنا؛ أي سرنا ليلتنا كلها، يقال

(1) هو الجهني.

(2)

النهاية (4/ 350).

ص: 318

بَزَغَتِ الشَّمسُ. قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ استَيقَظَ مِنَّا أَبُو بَكرٍ، وَكُنَّا لا نُوقِظُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن مَنَامِهِ إِذَا نَامَ حَتَّى يَستَيقِظَ، ثُمَّ استَيقَظَ عُمَرُ، فَقَامَ عِندَ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يُكَبِّرُ، وَرفَعُ صَوتَهُ حَتَّى استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأسَهُ وَرَأَى الشَّمسَ قَد بَزَغَت قَالَ: ارتَحِلُوا! فَسَارَ بِنَا حَتَّى إِذَا ابيَضَّتِ الشَّمسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، فَاعتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ لَم يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا فُلانُ، مَا مَنَعَكَ أَن تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ قَالَ: يَا نَبِيَّ الله، أَصَابَتنِي جَنَابَةٌ ولا ماء! فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ فَصَلَّى، ثُمَّ عَجَّلَنِي فِي رَكبٍ بَينَ يَدَيهِ نَطلُبُ المَاءَ وَقَد عَطِشنَا عَطَشًا شَدِيدًا، فَبَينَا نَحنُ نَسِيرُ إِذَا نَحنُ بِامرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجلَيهَا بَينَ مَزَادَتَينِ، فَقُلنَا لَهَا: أَينَ المَاءُ؟ فقَالَت: أَيهَاه أَيهَاه، لا مَاءَ لَكُم! فقُلنَا: فَكَم بَينَ أَهلِكِ

ــ

أَدلَج - بقطع الألف وسكون الدال؛ أي سار الليل كله، يدلج إدلاجًا. وادّلج - بوصل الألف وتشديد الدال: سار من آخره. وقد قيل: هما بمعنى واحد. والتعريس في أصله: النزول من آخر الليل، وقد تقدم. وبزغت الشمس؛ أي: بدأ طلوعها.

وقوله وكنا لا نوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه، إنما كان ذلك لأنه كان يوحى إليه في النوم، فكان يُخاف أن يكون إيقاظه قطعًا للوحي وتشويشًا له.

وقوله ثم عجَّلني مشدد الجيم؛ أي أمرني بالاستعجال، وأكّده عليّ.

وقوله فإذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين؛ سادلة أي مرسلة، وكذلك رواية الجماعة. وللعُذَري سابلة بالباء بواحدة، والأول أصوب؛ لأنه لا يقال سَبَلَت، إنما يقال أَسبَلَت. والمزادتان: القربتان، وقيل: المزادة القِربة الكبيرة التي تحمل على الدابة، سُمّيت بذلك لأنه يزاد فيها جلد من غيرها لتكبر.

وقولها أيهاه أيهاه، كذا روي هنا بالهمزة في أولهما وبالهاء في

ص: 319

وَبَينَ المَاءِ؟ قَالَت: مسيرة يَومٍ وَلَيلَةٍ. قُلنَا: انطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! قَالَت: وَمَا رَسُولُ اللهِ؟ فَلَم نُمَلِّكهَا مِن أَمرِهَا شَيئًا حَتَّى انطَلَقنَا بِهَا، فَاستَقبَلنَا بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا، فَأَخبَرَتهُ مِثلَ الَّذِي أَخبَرَتنَا، وَأَخبَرَتهُ أَنَّهَا مُوتِمَةٌ لَهَا صِبيَانٌ أَيتَامٌ، فَأَمَرَ بِرَاوِيَتِهَا فَأُنِيخَت، فَمَجَّ فِي العَزلاوَينِ العُليَاوَينِ، ثُمَّ

ــ

آخرهما، وتروى بالتاء أيضًا في آخرهما، وهي هيهات المذكورة في قوله تعالى:{هَيهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} ؛ أبدلت الهاء همزة، ومعناها البعد، والهاء في آخرها للوقف. وقيل: هي مُرَكّبة من هَي للتأسف وهاوه للتأوه، فقلبت الهاء في الوصل تاء ثم حركت بالفتح والضم والكسر، وقد قرئ بها في قوله تعالى:{هَيهَاتَ هَيهَاتَ} وهي اسم من أسماء الأفعال؛ فتارة تقدَّر ببعد كما في قول الشاعر:

فهيهات هيهات العقيقُ وأهلُهُ

وهيهات خِلٌّ بالعقيقِ نُواصِلُه

أي: بَعُدَ العقيق وأهله. وتارة تقدر بِبُعدٍ الذي هو المصدر، كما قيل في قوله تعالى:{هَيهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} ؛ أي: بُعدًا بُعدًا للذي توعدون، هي حكاية عن قول الكفار.

ومؤتِمة - بكسر التاء؛ أي: ذات أيتام. وراويتها هنا الجمل الذي تستقي عليه الماء، وهذه رواية الجماعة، وعند السمرقندي فأمر براويتيها وكأنه أراد المزادتين، وفيه بعد من جهة اللفظ.

وقوله فأنيخت فمج؛ أي طرح من فيه فيهما، ومعناه: وبَزَق فيهما. والعزلاوان قال ابن ولاّد: العَزلاء بالمد عزلاء المزادة؛ وهي مخرج الماء منها. وقال الهروي: هو فوها الأسفل. والذي في الكتاب يشهد لما ذكره ابن ولاّد.

ص: 320

بَعَثَ بِرَاوِيَتِهَا، فَشَرِبنَا وَنَحنُ أَربَعُونَ رَجُلا عِطَاشٌ حَتَّى رَوِينَا، وَمَلأنَا كُلَّ قِربَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ وَغَسَّلنَا صَاحِبَنَا، غَيرَ أَنَّا لَم نَسقِ بَعِيرًا، وَهِيَ تَكَادُ تَنضَرِجُ مِنَ المَاءِ - يَعنِي المَزَادَتَينِ، ثُمَّ قَالَ: هَاتُوا مَا كان عِندَكُم! فَجَمَعنَا لَهَا مِن كِسَرٍ وَتَمرٍ، وَصَرَّ لَهَا صُرَّةً فَقَالَ لَهَا: اذهَبِي فَأَطعِمِي هَذَا عِيَالَكِ، وَاعلَمِي أَنَّا لَم نَرزَأ مِن مَائِكِ. فَلَمَّا أَتَت أَهلَهَا قَالَت: لَقَد لَقِيتُ أَسحَرَ البَشَرِ، أَو إِنَّهُ لَنَبِيٌّ كَمَا زَعَمَ، كَانَ مِن أَمرِهِ ذَيتَ وَذَيتَ - فَهَدَى الله ذَاكَ الصِّرمَ بِتِلكَ المَرأَةِ، فَأَسلَمَت وَأَسلَمُوا.

وَفِي رِوَايَةٍ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَسَرَينَا لَيلَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ مِن آخِرِ اللَّيلِ قُبَيلَ الصُّبحِ وَقَعنَا بتِلكَ الوَاقعَةَ الَّتِي لا وَقعَةَ عِندَ المُسَافِرِ أَح لَى مِنهَا، فَمَا أَيقَظَنَا إِلا حَرُّ الشَّمسِ.

وَفِيهَا: فَلَمَّا استِيقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ أَجوَفَ

ــ

وقوله وغسَّلنا صاحبنا؛ أي أعطيناه من الماء ما يغتسل به، وهو مشدّد السين.

وقوله وهي تتضّرج من الماء، كذا عند ابن ماهان بتاءين وبـ من، وعند الجماعة تنضرج بالماء، وهي بمعنى واحد؛ أي: تقارب أن تنشق من الامتلاء.

ولم نرزأ؛ أي لم ننقص، ومنه قولهم: ما رزأته زِبالا؛ أي: ما نقصته.

وذَيتَ وذَيتَ؛ أي: كَيتَ وكَيتَ، وهو كناية عن حديث معلوم.

والصِّرم بكسر الصاد، قال يعقوب: هو أبيات مجتمعة.

ولا يخفى ما تضمنه هذا الحديث من الأحكام ومن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وأن حديث عمران بن حصين نازلة أخرى غير ما تضمنه حديث أبي قتادة.

ص: 321

جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوتَهُ بِالتَكبِيِر، حَتَى استِيقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِشِدَّةِ صَوتِهِ، فَلَمَّا استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ شَكَوا إِلَيهِ الَّذِي أَصَابَهُم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا ضَيرَ، ارتَحِلُوا! وَاقتَصَّ الحَدِيثَ.

رواه أحمد (4/ 434)، والبخاري (344)، ومسلم (682).

* * *

ــ

وقوله لا ضير؛ أي: لا ضرر، وقد تقدم في كتاب الإيمان.

* * *

ص: 322