المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ إِذاَ صَلىَ الفَجرَ جَلَسَ فِي مُصَلَاّهُ حَتَّى تَطلُعَ الشَمسُ حَسَنًا.

رواه أحمد (5/ 91)، ومسلم (670)، وأبو داود (1294).

* * *

(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

[557]

- عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَليَؤُمَّهُم أَحَدُهُم،

ــ

الأول. قلت: وهذا فيه نظر، بل يمكن أن يقال: إنهم في ذلك الوقت كانوا يتكلمون؛ لأن الكلام فيه جائز غير ممنوع، إذ لم يرد في ذلك منع، وغاية ما هنالك أن الإقبال في ذلك الوقت على ذكر الله تعالى أفضل وأولى، ولا يلزم من ذلك أن يكون الكلام مطلوبَ التركِ في ذلك الوقت، والله تعالى أعلم.

وقوله حتى تطلع الشمس حسنًا؛ أي طلوعًا حسنًا، فيكون نعتًا لمصدر محذوف، ويعني بذلك أنه كان يستديم الذكر والمقام بمجلسه إلى أن يدخل الوقت الذي تجوز الصلاة فيه.

(85)

ومن باب: الإمامة، ومن أحق بها

قوله إذا كنتم ثلاثة فليؤمكم أكبركم ليس له مفهوم خطاب؛ لأنه إذا كانا اثنين أمَّهما أحدهما كما قال في الحديث حديث مالك بن الحويرث له ولصاحبه: إذا حضرت الصلاة فأذِّنا وأقيما، وليؤمّكما أكبركما. وإنما خصّ الثلاثة بالذكر لأنه سئل عنهم، والله تعالى أعلم.

ص: 296

وَأَحَقُّهُم بِالإِمَامَةِ أَقرَؤُهُم.

رواه أحمد (3/ 24 و 48)، ومسلم (672)، والنسائي (2/ 77).

[558]

- وعَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكِتَابِ الله، فَإِن كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعلَمُهُم بِالسُّنَّةِ،

ــ

وقوله وأحقهم بالإمامة أقرؤهم؛ أي: أكثرهم قرآنًا، كما قال البخاري من حديث عمرو بن سلمة: ويؤمكم أكثركم قرآنًا (1). ومحمله على أنه إذا اجتمع جماعة صالحون للإمامة فكان أحدهم أكثر قرآنًا كان أحقَّهم بالإمامة للمزية الحاصلة فيه، فلو كانوا قد استظهروا القرآن كله فيرجح من كان أتقنهم قراءة وأضبط لها وأحسن ترتيلا، فهو الأقرأ بالنسبة إلى هؤلاء.

وقوله يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، تمسك بظاهر هذا أبو حنيفة فقال: القارئ أولى من الفقيه. وقال مالك: الفقيه أولى من القارئ؛ لأن الحاجة إلى الفقه أكثر، وهو أعرف بما ينوبه من الحوادث في الصلاة. وتأول أصحاب الحديث بأن الأقرأ فيه هو الأفقه؛ لأن الأقرأ كان عندهم هو الأفقه، لأنهم كانوا يتفقهون في القرآن، وقد كان من عرفهم الغالب تسميتهم الفقهاء بالقراء. قلت: إن صحت غلبة العرف فالقول ما قاله مالك.

وقوله فإن كانوا في القرآن سواء فأعلمهم بالسنة يعتضد به أبو حنيفة لمذهبه من حيث فضّل فيه بين القرآن والسنة، وهذه الزيادة - هنا - انفرد بها الأعمش، ومحملها عندنا وعند الشافعي - والله أعلم - فيمن كان في أول الإسلام عند عدم التفقُّه، فكان المقدَّم القارئ وإن كان صبيًّا على ما جاء في حديث عمرو بن سلمة، فلما تفقه الناس في القرآن والسنة قُدِّم الفقيه، بدليل تقديم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر لخلافته في الصلاة. وقد نص صلى الله عليه وسلم على أن أقرأهم أُبَيٌّ (2)، فلو

(1) رواه البخاري (4302).

(2)

رواه البخاري (4481).

ص: 297

فَإِن كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقدَمُهُم هِجرَةً، فَإِن كَانُوا فِي الهِجرَةِ سَوَاءً فَأَقدَمُهُم سِلمًا.

ــ

كان الأمر على ما ذهب إليه أبو حنيفة لكان أُبَيٌ أولى بالإمامة في الصلاة.

والسنة المذكورة هي أحاديث السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي قوله يؤم القوم أقرؤهم حجة لنا في منع إمامة المرأة للرجال؛ لأن القوم هم الرجال، لأنهم بهم قوام الأمور، وقد قال تعالى:{آمَنُوا لا يَسخَر قَومٌ مِن قَومٍ} وقال: {وَلا نِسَاءٌ مِن نِسَاءٍ} وقال الشاعر (1):

وما أدري وسوف إِخَالُ أدري

أقومٌ آلُ حِصنٍ أم نساء؟

فسَمّى الرجالَ قومًا.

وقوله فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، هذه الزيادة فيها فضيلة الهجرة، قال الخطابي: وإن كانت الهجرة اليوم قد انقطعت ففضيلتها باقية على أبنائهم، فمن كان من أبنائهم أو كان في آبائه وأسلافه من له سابقةٌ وقِدمٌ في الإسلام فهو مُقَدَّم على غيره.

وقوله فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلمًا؛ أي إسلامًا، وهذا لفضيلة السبق إلى الإسلام، كما قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ}

وفي الرواية الأخرى سِنًّا مكان سِلمًا، وهو راجع إلى سبق السن بالإسلام؛ لأن الأكبر سنًّا سبق الأصغر. قال القاضي: وقد روى الزهري في هذا الحديث: فإن استووا في القراءة فأفقههم في دين الله، فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنًّا، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجهًا، فإن كانوا في الصباحة والحسن سواء فأكثرهم حسبًا (2). قال بعض العلماء: إنما رتب النبيُّ صلى الله عليه وسلم

(1) هو زهير بن أبي سُلمى.

(2)

ينظر: إكمال إكمال المعلم للأبي (2/ 333).

ص: 298

وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الَّرجُلَ فِي سُلطَانِهِ وَلا يَقعُد فِي بَيتِهِ عَلَى تَكرِمَتِهِ إِلا بِإِذنِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ سِنًّا مَكَانَ سِلمًا.

رواه أحمد (4/ 118 و 124). ومسلم (673)(290)، وأبو داود (582)، والترمذي (235)، والنسائي (2/ 76)، وابن ماجه (980).

ــ

الأئمة هذا الترتيب لأنها خلافة النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو إمام الناس في الدنيا والآخرة، فهي بعده للأقرب إليه منزلة والأشبه به مرتبة.

وقوله ولا يؤمّن الرجل الرجل في سلطانه؛ أي في موضع سلطنته، وهو ما يملكه أو يتسلط عليه بالتصرف فيه، وفيه حجة على أن الإمام المنصوب من السلطان أو من جعل له الصلاة أحق بالتقديم من غيره حيث كان، قال الخطابي: وهذا في الجمعات والأعياد لتعلقها بالسلاطين، فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم، قال القاضي: وهذا ما لا يوافق عليه، بل الصلاة لصاحب السلطنة حق من حقه وإن حضر أفضل منه. وقد تقدم الأمراء من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم على من تحت أيديهم وفيهم الأفضل، وقد ذكر شيوخنا أن الإمام على الجملة أفضل دون تفصيل في وجه، وحكى الماوردي قولين في الأحق؛ هو أو ربّ المنزل؟ ثم صاحب المنزل أحق من زائره لأنه سلطانه وموضع تدبيره، إلا أن يأذن صاحب المنزل للزائر، ويستحب له إن حضر من هو أفضل منه أن يقدمه.

وقوله ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه، التكرمة هنا الفراش الذي يقعد عليه، ووجه هذا المنع أنه مبني على منع التصرف في ملك الغير إلا بإذنه، غير أنه خصّ التكرمة بالذكر للتساهل في القعود عليها، وإذا منع القعود فمنع التصرف بنقلها مثلا أو ببيعها أولى.

ص: 299

[559]

وعَن مَالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ قَالَ: أَتَينَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمنَا عِندَهُ عِشرِينَ لَيلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَحِيمًا رَقِيقًا، فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشتَقنَا أَهلَنَا، فَسَأَلَنَا عَمن تَرَكنَا مِن أَهلِنَا فَأَخبَرنَاهُ، فَقَالَ: ارجِعُوا إِلَى أَهلِيكُم فَأَقِيمُوا فِيهِم وَعَلِّمُوهُم وَمُرُوهُم، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَليُؤَذِّن لَكُم أَحَدُكُم ثُمَّ لِيَؤُمَّكُم أَكبَرُكُم.

رواه البخاري (6008)، ومسلم (674)(292)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)، والنسائي (2/ 77).

[560]

- وعَنهُ قَالَ: أَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَمَّا أَرَدنَا الإِقفَالَ مِن عِندِهِ قَالَ لَنَا: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا،

ــ

وقول مالك بن الحويرث أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شَبَبَةٌ متقاربون، وفي الرواية الأخرى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي - يحتمل أن يكون في وفادتين أو في وفادة واحدة، غير أن ذلك الفعل تكرر منه ومن النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكر، والله أعلم.

والإقفال: الرجوع من السفر. ومصروفه ثلاثي؛ يقال: قَفَلَت، فهي قافلة، وقفل الجند من مبعثهم؛ أي: رجعوا. ومصدره: القفول، كالدخول والخروج. ويحتمل أن يكون هذا مُعَدَّى قفل، ويكون معناه: فلما أردنا أن يُقفلنا هو، والله أعلم.

وقوله فأذِّنا وأقيما يدل على تأكد الأذان والإقامة، وإن لم يكن في المساجد بل في السفر، وكافة العلماء على استحباب الأذان للمسافر إلا عطاء، فإنه قال: إذا لم يؤذن ولم يقم أعاد الصلاة. وحكى الطبري عن مالك في المسافر أنه يعيد إذا ترك الأذان، ومشهور مذهبه الاستحباب، ويوصى به على المسافر قال داود.

ص: 300