الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
[375]
- عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ، مِلءُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ، وَمِلءُ مَا شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ، أَهلَ الثَّنَاءِ وَالمَجدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبدُ، وَكُلُّنَا لَكَ
ــ
وبعد: ظرف قُطِع عن الإضافة مع إرادة المضاف، وهو السماوات والأرض، فبني على الضَّمِّ؛ لأنه أشبه حرف الغاية؛ الذي هو منذ. والمراد بقوله: من شيء: العرش، والكرسي ونحوهما، مما في مقدور الله تعالى، والله أعلم.
وقوله: أهل الثناء والمجد؛ أي: يا أهلَ الثناء، فهو منادى مضاف؛ حُذِف حرفُ ندائه. ورواية الجمهور: المجد - بالميم والجيم -، إلا ابن ماهان فإنه رواها: الحمد. . فأما المجد؛ فهو نهاية الشرف وكثرته، والماجد: هو الذي يعِدّدُ لنفسه آباء أشرافًا، ومآثر حسنةً كثيرة، ومنه قالت العرب: في كل شجر نار، واستَمجَدَ المَرخ والعَفَار؛ أي: كثر في هذين النوعين من الشجر. وقد تقدّم معنى الحمد في أول الكتاب.
وقوله: أحقّ ما قال العبد؛ أي: أوجب وأثبت وأولى. وهو مرفوع بالابتداء، وخبره:[اللهم لا مانع لما أعطيت. . إلى آخره: وكلنا لك عبد معترض بين المبتدأ والخبر](1). والعبد: جنس العباد العارفين بالله تعالى، فكأنه قال: أولى ما يقول العباد العارفون بالله تعالى هذه الكلمات؛ لما تضمنته من تحقيق التوحيد وتمام التفويض، وصحة التبرّي من الحول والقوة.
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
عَبدٌ، اللهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعطَيتَ، وَلا مُعطِيَ لِمَا مَنَعتَ، وَلا يَنفَعُ ذَا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ.
رواه مسلم (477)، وأبو داود (847)، والنسائي (2/ 198 - 199)، وابن ماجه (877).
[376]
- وَعَن عَبدِ اللهِ بنَ أَبِي أَوفَى؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ لَكَ الحَمدُ، مِلءُ السَّمَاواتِ وَمِلءُ الأَرضِ، وَمِلءُ مَا شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ، اللهُمَّ طَهِّرنِي بِالثَّلجِ وَالبَرَدِ، وَمَاءِ البَارِدِ، اللهُمَّ طَهِّرنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوبُ الأَبيَضُ مِنَ الوَسَخِ.
ــ
وقوله: لا ينفع ذا الجَدّ منك الجَدّ، رواه الجمهور بفتح الجيم في اللفظين، وهو هنا بمعنى: البخت والحظ. ولفظ الجد ينطلق على البخت، والغنى، والعظمة، والسلطان، وأب الأب. ومعناه: لا ينفع من رُزِق مالا وولدًا أَو جاهًا دنيويًا شيء من ذلك عندك، وهذا كما قال تعالى:{يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} إِلَّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ. وحُكي عن الشيباني في الحرفين: كسر الجيم، وقال: معناه: لا ينفع ذا الاجتهاد والعمل منك اجتهاده وعمله. قال الطبري: وهذا خلاف ما عرفه أهل النقل، ولا نُعلم من قاله غيره، وضعفه. قال غيره: والمعنى الذي أشار إليه الشيباني صحيح، ومراده: أن العمل لا ينجي صاحبه. وإنما النجاة بفضل الله ورحمته؛ كما جاء في الحديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله (1). . الحديث.
وقوله في حديث ابن أبي أوفى: اللهم طهرني بالثلج والبرد وماء البارد: استعارة للمبالغة في التنظُّيف من الذنوب، وماء البارد: من باب إضافة الشيء إلى صفته، وقد تقدم ذكرها.
(1) رواه أحمد (2/ 537)، والبخاري (6463)، ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.