الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أحمد (5/ 107)، ومسلم (431)، وأبو داود (1000)، والنسائي (552) في الكبرى.
* * *
(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام
[342]
- عَن أَبِي مَسعُودٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ: استَوُوا، وَلا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُم، لِيَلِنِي مِنكُم أُولُو الأَحلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم. قَالَ أَبُو مَسعُودٍ: فَأَنتُمُ اليَومَ أَشَدُّ اختِلافًا.
ــ
وقوله ما لي أراكم عزين؛ جماعات في تفرقة، والواحدة عِزَةٌ - مخففة الزاي، أمرهم بالائتلاف والاجتماع والاصطفاف كصفوف الملائكة، وهذا يدل على استحباب تسوية الصفوف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال: إنه من تمام الصلاة؛ كما يأتي إن شاء الله (1).
(19)
ومن باب: الأمر بتسوية الصفوف
قوله ليَلِنِي منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، الأحلام والنُّهى بمعنى واحد وهي العقول، واحدها نُهيَةٌ؛ لأنه ينهى صاحبه عن الرذائل، وإنما خص صلى الله عليه وسلم هذا النوع بالتقدُّيم لأنه الذي يتأتى منهم التبليغ وأن يستخلف منهم إن احتاج إليهم، وفي التنبيه على سهو إن طرأ، ولأنهم أحق بالتقدم ممن سواهم لفضيلة العلم والعقل.
(1) هو حديث أنس، انظره في التلخيص برقم (344).
رواه أحمد (4/ 122)، ومسلم (432)، وأبو داود (674)، والنسائي (2/ 90).
[343]
زَادَ مِن حَديثِ عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ: وَإِيَّاكُم وَهَيشَاتِ الأَسوَاقِ.
رواه أحمد (1/ 457)، ومسلم (432)، وأبو داود (675)، والترمذي (228).
[344]
- وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: سَوُّوا صُفُوفَكُم، فَإِنَّ تَسوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمَامِ الصَّلاةِ.
رواه أحمد (3/ 177 و 254)، والبخاري (719)، ومسلم (433)، وأبو داود (667 - 671)، والنسائي (2/ 91)، وابن ماجه (993).
ــ
وقوله وإياكم وهَيشات الأسواق، قال أبو عبيد (1): هَوشَات، والهوشة: الفتنة والهيج والاختلاط (2)، يقال هوش القوم إذا اختلطوا. ومنه: من أصاب مالا من نَهَاوِش أذهبه الله في نَهَابِر (3). قال أبو عبيد: هو كل مال أخذ من غير حِلِّه، وهو شبيه بما ذكرنا من الهوشات. وقال بعض أهل العلم: الصواب من تهاوش بالتاء؛ أي من تخاليط.
(1) غريب الحديث للهروي (2/ 209).
(2)
في (م) والاختلاف، والمثبت من باقي النسخ وغريب أبي عبيد.
(3)
رواه القضاعي في مسنده (309)، وفيه عمرو بن الحصين: متروك كذاب. وقال السبكي في الفتاوى (2/ 369): هذا الحديث لم يصح، ولا هو وارد في الكتب المذكورة، ومعنى: نهابر: مهالك.
[345]
- ومِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ: مِن حُسنِ الصَّلاةِ.
رواه اْحمد (2/ 314)، ومسلم (435).
[346]
- وَعَنِ النُّعمَانَ بنَ بَشِيرٍ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ، حَتَّى رَأَى أَنَّا قَد عَقَلنَا عَنهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَومًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلا بَادِيًا صَدرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فَقَالَ: عِبَادَ اللهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُم أَو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَينَ وُجُوهِكُم.
رواه أحمد (4/ 271 و 272)، والبخاري (717)، ومسلم (436)(128)، وأبو داود (662 و 663)، والترمذي (227)، والنسائي (2/ 89).
[347]
- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَو يَعلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَم يَجِدُوا إِلا أَن يَستَهِمُوا عَلَيهِ لاستَهَمُوا عَلَيهِ،
ــ
والقداح: السهام حين تُنحَت وتُبرى، واحدها قِدح.
وقوله حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديًا صدره من الصف، فقال: عباد الله، لتسَوُّن صفوفكم. . . الحديث - دليل على مذهب الجماعة في الكلام بين الإقامة والصلاة للإمام، أو لحاجة تنزل به من أمر الصلاة وغيرها بعد تمام الإقامة (1)، خلافًا لأبي حنيفة في أنه يجب عليه التكبير إذا قال قد قامت الصلاة، وقد اختلف العلماء في جواز الكلام حينئذٍ وكراهته.
وقوله لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، النداء: الأذان بالصلاة، والصف الأول اختلف فيه هل هو الذي يلي الإمام أو هو المبكر؟ والصحيح أنه الذي يلي الإمام، فإن كان بين الإمام وبين الناس حجب حائلة كما استحدث من مقاصير الجوامع فالصف الأول هو الذي يلي المقصورة.
وقوله لاستهموا عليه فيه إثبات القرعة مع تساوي الحقوق، وأما
(1) في (ع): بعد إقام الصلاة.
وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِي التَّهجِيرِ لاستَبَقُوا إِلَيهِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبحِ لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا.
رواه أحمد (2/ 236 و 271)، والبخاري (615)، ومسلم (437)، والنسائي (1/ 269).
ــ
تشاحُّهم في النداء مع جواز أذان الجماعة في زمان واحد فيمكن أن يكون أراد أن يؤذِّن واحد بعد آخر لئلا يخفى صوتُ أحدهم.
قال الشيخ رحمه الله: ويمكن التشاحُّ في أذان المغرب إذا قلنا بضيق وقتها، فإنه لا يؤذِّن لها إذ ذاك إلا مؤذن واحد. وقد نحا الداودي إلى أن هذا الاستِهام في أذان الجمعة؛ أي: لو علموا ما فيه لتسابقوا إليه ولاقترعوا عليه أيهم يؤذِّنه، وهذا الضمير الذي في عليه اختلف فيه على ماذا يعود؟ فقال أبو عمر بن عبد البر: إنه يعود على الصف الأول، وهو أقرب مذكور. قال: وهذا وجه الكلام. وقيل: إنه يعود على معنى الكلام المتقدم؛ فإنه مذكور ومَقُول، ومثل هذا قوله تعالى:{وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا} ؛ أي: ومن يفعل المذكور، وقيل - وهذا أولى من الأول؛ لأنه إن رجع إلى الصف بقي النداء ضائعًا لا فائدة له.
وقوله لاستهموا عليه؛ أي لتقارعوا، والتهجير: التبكير للصلوات - قاله الهروي. وقيل: المراد هنا به المحافظة على الجمعة والظهر؛ فإنها التي تفعل في وقت الهاجرة وهي شدة الحرّ نصف النهار. ويقال: هجرّ القوم وأهجروا - صاروا في الهاجرة. وعتمة الليل: ظلمته. وكانت الأعراب تحلب عند شدة الظلمة حَلبَةً وتسميها العَتَمَة، فكأنّ لفظ العتمة صار مشتركًا بين خسيس وهي الحَلبَة وبين نفيس وهي الصلاة، فنهى عن إطلاق لفظ العتمة على الصلاة ليرفع الاشتراك، وحيث أمن الاشتراك جاز الإطلاق.
وقيل: إنما نهى عن ذلك ليُتَأَدَّب في الإطلاق، وليقتدي بما في كتاب الله تعالى من ذلك، وليجتنب إطلاق الأعراب فإنهم عدلوا عَمَّا في كتاب الله
[348]
- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي أَصحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُم: تَقَدَّمُوا فَائتَمُّوا بِي، وَليَأتَمَّ بِكُم مَن بَعدَكُم، لا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ.
رواه أحمد (3/ 34 و 54)، ومسلم (438)، وأبو داود (680)، والنسائي (2/ 83)، وابن ماجه (978).
* * *
ــ
تعالى من ذلك، ومثل ذلك يمكن أن يقال في قوله عليه الصلاة والسلام: لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب، وتقول الأعراب هي العشاء (1).
قال الشيخ: ويمكن أن يقال إن النهي المذكور ليس عن إطلاق ذلك اللفظ لأجل ذلك، بل لأجل غلبة ما يطلقه الأعراب من ذلك؛ لأنه إذا غلب إطلاقهم واقتُدي بهم في ذلك الإطلاق ترك ما في كتاب الله وما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من تسميته العشاء والمغرب، وعلى هذا فلا يمتنع إطلاق لفظ العتمة والمغرب عليهما إذا لم يكن غلبة، والله أعلم.
وقوله: تقدموا وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم تمسك بظاهره الشعبي على قوله: إن كل صف منهم إمام لمن وراءه، وعامة الفقهاء لا يقولون بهذا؛ لأن ذلك الكلام مجمل لأنه محتمل لأن يراد به الاقتداء في فعل الصلاة ولأن يراد به في نقل أفعاله وأقواله وسُنَته كي يبلغوها غيرهم، والشعبي دفَعَ دعوى الإجمال، والتمسك بالظاهر منه.
وقوله لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله، قيل هذا في المنافقين، ويحتمل أن يراد به أن الله يؤخرهم عن رتبة العلماء المأخوذ عنهم أَو عن رتبة السابقين.
(1) رواه أحمد (2/ 49)، ومسلم (644)، وأبو داود (4984)، والنسائي (1/ 270) كلهم =