الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[501]
- وخرّجه مِن حَدِيثِ بُرَيدَةَ بن حصيب، وقَالَ: ثُمَّ أَمَر بلالا بِالعَصرِ وَالشَّمسُ بَيضَاءُ نَقِيَّةٌ، لَم تُخَالِطهَا صُفرَةٌ - يعني: في اليوم الثاني.
رواه أحمد (5/ 349)، ومسلم (613)(177)، والترمذي (152)، والنسائي (1/ 258)، وابن ماجه (667).
* * *
(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر
[502]
- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا كان الحر - وفي رواية - إذا اشتَدَّ الحَرُّ - فَأَبرِدُوا عن الصَّلاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيحِ جَهَنَّمَ.
ــ
أن وقت الوجوب وقت واحد غير معين، وإنما يعينه المكلف بفعله. وذهب الشافعي: إلى أن أول الوقت هو الواجب، وإنما ضرب آخره فصلا بين القضاء والأداء، وهذا باطل؛ بما أنه لو تعين ذلك الوقت للوجوب لأثم من أخر الصلاة عنه إلى غيره، وبالإجماع لا يؤثم. وذهب الحنفية: إلى أن وقت الوجوب آخر الوقت. وهذا أيضًا باطل؛ إذ لو كان كذلك لما جاز لأحد أن يوقع الصلاة قبل آخر الوقت، وقد جاز ذلك بالإجماع. ثم الحديث الذي ذكرناه يرد على هذه الفرق كلها.
(66)
ومن باب: الإبراد في شدة الحر
قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة أي: أخروها عن ذلك الوقت، وادخلوا بها في وقت البرد، وهو الزمن الذي يتبين فيه انكسار شدة الحر وتوجد فيه برودة ما. يقال: أبرد الرجل؛ أي: صار في برد النهار. وعن في
وَذَكَرَ: أَنَّ النَّارَ اشتَكَت إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَينِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيفِ.
ــ
قوله: عن الصلاة: بمعنى الباء، كما قد روي في بعض طرقه: أبردوا بالصلاة. وعن تأتي بمعنى الباء، كما يقال: رميت عن القوس؛ أي: به. كما تأتي الباء بمعنى: عن، كما قال الشاعر (1):
فإن تسألوني بالنساء فإنني
…
بصير بأدواء النساء طبيب
أي: عن النساء. وكما قيل في قوله تعالى: {فَاسأَل بِهِ خَبِيرًا} أي: عنه، وقيل: إن عن هنا زائدة؛ أي: أبردوا الصلاة، يقال: أبرد الرجل كذا: إذا فعله في برد النهار. وفيح جهنم: شدة حرها، وشدة غليانها. يقال: فاحت القدر، تفيح: إذا هاجت، وغلت. والنفس: التنفس. [فإذا تنفست في الصيف قوَّى لهيبُها حرَّ الشمس، فزاد حرها وتضاعف](2)، وإذا تنفست في البرد دفع حرها شدة البرد إلى الأرض، وهو الزمهرير الذي ذكره. واختُلف في معنى هذا الحديث؛ فمن العلماء من حمله على ظاهره، وقال: هو لسان مقال محقق، وشكوى محققة، وتنفس محقق؛ إذ هو إخبار من الصادق بأمر جائز، فلا يُحتاج إلى تأويله. وقيل: إن هذا الحديث خرج مخرج التشبيه والتقريب؛ أي: كأنه نار جهنم في الحر، وقد تكون هذه الشكوى وهذه المقالة لسان حال، كما قال:
شكا إليَّ جملي طول السُّرى
…
صبر جميل (3) فكلانا مُبتَلى
والأول أولى؛ لأنه حمل اللفظ على حقيقته، ولا إحالة في شيء من ذلك.
(1) هو علقمة.
(2)
ساقط من (ع).
(3)
في اللسان: صبرًا جُمَيْلِي.
وَفِي رِوايَةٍ: فَمَا وَجَدتُم مِن حَرٍّ أَو حَرُورٍ فَمِن نَفَسِ جَهَنَّمَ، وَمَا وَجَدتُم مِن بَردٍ أَو زَمهَرِيرٍ فَمِن نَفَسِ جَهَنَّمَ.
رواه أحمد (2/ 462)، والبخاري (533)، ومسلم (615)(180) و (617)(186)، وأبو داود (402)، والترمذي (157)، والنسائي (1/ 248 - 249)، وابن ماجه (677 و 678).
[503]
- وَعَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالظُّهرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبرِد، أَبرِد، أَو قَالَ: انتَظِرِ، انتَظِر، وَقَالَ: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن
ــ
وفيه دليل: على أن النار قد خلقت، وأنها موجودة، خلافًا لما قالته المعتزلة وغيرهم من أهل البدع: أنها ستخلق في القيامة.
وقوله: فما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم. أو هذه يحتمل أن تكون شكًّا من الراوي، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما، فشك فيه الراوي، فجمعهما بـ أو. ويحتمل: أن يكون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اللفظين، فتكون أو للتقسيم والتنويع. والحرور: اشتداد الحر، وفيحُه بالليل والنهار. فأما السموم فلا يكون إلا بالليل. والزمهرير: شدة البرد. وبتأخير الظهر في شدة الحر، قال مالك وأهل الرأي: ورأوا: أنها في ذلك الوقت أفضل. وقَدَّرَ أصحابنا هذا الوقت بزيادة على ربع القامة إلى وسط الوقت، وهذا في الجماعة عند أصحابنا. وقد اختلفوا في: هل يُبرد أم لا؟ وقال الشافعي: تقديم الصلوات كلها للفذ والجماعة أفضل في الشتاء والصيف إلا للإمام الذي ينتاب إليه الناس من بعيد، فيبرد بالظهر في الصيف دون غيره. ولم يقل أحد بالإبراد في غير الظهر إلا أشهب، فقال به في العصر، وقال: يؤخر ربع القامة. ورأى أحمد بن حنبل تأخير العشاء الآخرة في الصيف بالليل كما يؤخر الظهر، وعكسه ابن حبيب، فرأى تأخيرها في الشتاء؛ لطول الليل، وتعجيلها في الصيف؛ لقصره.