الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(74) باب التغليس بصلاة الصبح
[529]
- عَن عَائِشَةَ، قَالَت: إِن كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي الصُّبحَ، فَيَنصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعرَفنَ مِنَ الغَلَسِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مُتَلَفِّفَاتٍ.
رواه أحمد (6/ 33)، والبخاري (587)، ومسلم (645)(232)، وأبو داود (423)، والترمذي (153)، والنسائي (1/ 271)، وابن ماجه (669).
ــ
(74)
ومن باب: التغليس بصلاة الصبح
قوله: متلفعات بمروطهن؛ كذا الرواية الصحيحة بالفاء والعين المهملة، من التلفع، وهو تغطية الرأس والجسد. وقد وقع لبعض رواة الموطأ: متلففات؛ أي: متغطيات. والمروط جمع مِرط بكسر الميم، وهو الكساء.
وقوله: ما يعرفن من الغلس؛ هو بقايا ظلمة الليل يخالطها بياض الفجر، قاله الأزهري. وقال الخطابي: الغبش - بالباء والشين المعجمة - قبل الغَبَس - بالسين المهملة - وبعده الغلس - باللام - وكلها في آخر الليل، ويكون الغبش في أول الليل [أيضا](1).
وقوله: ما يعرفن؛ أي: هُنّ نساء أم رجال. وقيل: لا تُعرف أعيانهن وإن عرف أنهن نساء، وإن كن متكشفات الوجوه. وهذا يدل على أن الغالب من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح إنما كان في أول الوقت، وكذا قال ابن عباس: ثم كانت
(1) من النهاية لابن الأثير.
[530]
- وعن جَابِرَ بنَ عَبدِ الله، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهرَ بِالهَاجِرَةِ، وَالعَصرَ وَالشَّمسُ نَقِيَّةٌ، وَالمَغرِبَ إِذَا وَجَبَت، وَالعِشَاءَ أَحيَانًا يُؤَخِّرُهَا، وَأَحيَانًا يُعَجِّلُ، كَانَ إِذَا رَآهُم قَدِ اجتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُم قَد أَبطَؤُوا أَخَّرَ، وَالصُّبحَ كَانُوا، (أَو قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم) يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ.
رواه أحمد (3/ 369)، والبخاري (560)، ومسلم (646)(233)، وأبو داود (397)، والنسائي (1/ 264).
[531]
- وعن أَبَي بَرزَةَ، قَالَ: كَان رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمسُ، وَالعَصرَ يَذهَبُ الرَّجُلُ إِلَى أَقصَى المَدِينَةِ وَالشَّمسُ حَيَّةٌ. قَالَ: وَالمَغرِبَ لا أَدرِي أَيَّ حِينٍ ذَكَرَ. وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبحَ، فَيَنصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَنظُرُ إِلَى وَجهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعرِفُ فَيَعرِفُهُ. وَكَانَ يَقرَأُ فِيهَا بِالسِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ.
ــ
صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، لم يعد إلى أن يسفر (1). ويفيد هذا أن صلاة الصبح في أول وقتها أفضل، وهو مذهب مالك والشافعي وعامة (2) العلماء، خلا (3) الكوفيين، فإن آخر وقتها عندهم أفضل.
وقوله: والمغرب إذا وجبت؛ أي: سقطت - يعني الشمس -، ومنه: وَجَبَ الحائط؛ أي: سقط.
وقوله: والشمس حيَّة؛ أي: بيضاء لم تدخلها صفرة. وقيل: أي لم تذهب حرارتها.
(1) سبق تخريجه من حديث أبي مسعود برقم (498). أما حديث ابن عباس ففيه تحديد وقت صلاة الفجر وآخره. انظر: سنن أبي داود (393)، والترمذي (149).
(2)
في (ظ): كافة.
(3)
في (م): خلافًا.
وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيلِ، وَيَكرَهُ النَّومَ قَبلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعدَهَا.
رواه البخاري (547)، ومسلم (647)(235 و 237)، وأبو داود (398)، والنسائي (1/ 246).
* * *
ــ
وقوله: وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها. أما كراهة النوم قبلها؛ فلما يخاف من غلبة النوم، فيفوت وقتها، أو أفضل وقتها المستحسن، وقال بهذا جماعة؛ منهم: ابن عمر، وابن عباس، وغيرهم [وهو مذهب مالك، ورخص فيه بعضهم؛ منهم: علي، وأبو موسى، وغيرهم](1). وهو مذهب الكوفيين، واشترط بعضهم: أن يجعل معه من يوقظه للصلاة، وروي عن ابن عمر مثله، وإليه ذهب الطحاوي. وأما كراهة الحديث بعدها؛ فلما يؤدي إليه من السهر، ومخافة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح.
قلت: ويظهر لي: أن كراهة ذلك إنما هو لَمَّا أن الله جعل الليل سكنًا - أي: يسكن فيه -، فإذا تحدث الإنسان فيه فقد جعله كالنهار الذي هو متصرّف المعايش، فكأنه قصد إلى مخالفة حكمة الله تعالى التي أجرى عليها وجوده. وقيل: يكره ذلك؛ لئلا نلغو في كلامنا، أو نخطئ فيه، فيختم عملنا بعمل سيئ، أو بقول سيئ. والنوم أخو الموت (2)، أو لعله يكون فيه الموت، والله تعالى أعلم. وقيل: كره ذلك لتراح الكتبة الكرام. وقد كان بعض السلف يقول لمن أراد أن يتحدث بعد العشاء: أريحوا الكَتَبَة. وهذه الكراهة تختص بما لا يكون من قبيل القُرَبِ، والأذكار، وتعلم العلم، ومسامرة أهل العلم، وتعلم المصالح وما شابه ذلك. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن السلف ما يدل على جواز ذلك، بل على ندبيته، والله تعالى أعلم.
(1) من (ظ).
(2)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 415): رواه الطبراني في الأوسط والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح.