الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أحمد (4/ 44)، والبخاري (6422)، ومسلم (33) في المساجد (263 و 264 و 265)، والنسائي (2/ 80).
* * *
(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت
[544]
- عَن إِسحاَقَ بنِ عَبدِ الله بنِ أَبِي طَلحَةَ، عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيكَةَ دَعَت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتهُ، فَأَكَلَ مِنهُ ثُمَّ قَالَ:
ــ
أي في وجهه، والمجّ: طرح الماء وغيره من الفم، كما قال:
يَمُجُّ لُعَاعَ البَقل في كُلّ مَشربِ
وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مباسطة للصبي وتَأنِيسًا له، كما قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ (1) أو لعله إنما فعل هذا ليعقل هذا الفعل منه لصغره، فيحصل له بذلك تأكيد في فضيلة الصحبة ونقل شيء عنه عليه الصلاة والسلام كما كان، وكان محمود إذ ذاك ابن أربع سنين، وقيل ابن خمسٍ سنين. وفيه دليل على جواز سماع الصغير إذا عقل وتثبت ثم نقله في كبره، وهذا الحديث فيه أبواب من الفقه لا تخفى على فطن متأمل، والله الموفق للصواب.
(80)
ومن باب: صلاة النفل في جماعة
الضمير في قوله أن جدته مليكة عائد على إسحاق بن عبد الله، وهي أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة، ومالك هو القائل أن جدته - قاله أبو عمر، وغلّط
(1) رواه البخاري (6129)، ومسلم (2150)، وأبو داود (4969)، والترمذي (333) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
قُومُوا فَأُصَلِّيَ لَكُم. قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: فَقُمتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسوَدَّ مِن طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَفتُ أَنَا وَاليَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِن وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكعَتَينِ ثُمَّ انصَرَفَ.
رواه أحمد (3/ 131 و 164)، والبخاري (380)، ومسلم (658)، وأبو داود (612)، والترمذي (234)، والنسائي (2/ 56 - 57).
ــ
غيرُه هذا القول وقال: بل مليكة جدة أنس أم أمه، وعليه يعود الضمير، وهو القائل أن جدته، والرواية الصحيحة مُلَيكَة بضم الميم وفتح اللام، وذكر ابن عتابٍ عن الأصيلي أنها مَلِيكة بفتح الميم وكسر اللام.
وقوله فنضحته بماء، قال إسماعيل بن إسحاق: إنما نضحه ليلين وليتوطّأ للصلاة، والأظهر قول غيره: إن ذلك إما لنجاسة متيقنة فيكون النضح هنا غَسلا، أو متوقعة لامتهانه طول افتراشه، فيكون رشًّا لزوال الشك وتطييب النفس، وهذا هو الأليق، لا سيما وقد كان عندهم أبو عمير أخو أنس طفلا صغيرًا حينئذ.
وقوله فصففت أنا واليتيم (1) وراءه حجة لكافة أهل العلم في أن هذا حكم الاثنين خلف الإمام، وعلى أبي حنيفة والكوفيين إذ يقولون: يقومان عن يمينه ويساره.
وقوله والعجوز من ورائنا، هذا حكم قيام المرأة خلف الإمام، ولا خلاف فيه. ويجوز أن يتمسك به على أن المرأة لا تؤم الرجال لأنها إذا كان
(1) هو ضيمر بن سعد الحميري.
[545]
- وعَن أَنَسِ أَيضًا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، فَرُبَّمَا تَحضُرُه الصَّلاةُ وَهُوَ فِي بَيتِنَا، قال: فَيَأمُرُ بِالبِسَاطِ الَّذِي تَحتَهُ فَيُكنَسُ ثُمَّ يُنضَحُ، ثُمَّ يَؤُمُّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَقُومُ خَلفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا. قَالَ: وَكَانَ بِسَاطُهُم مِن جَرِيدِ النَّخلِ.
رواه أحمد (3/ 147 و 185)، ومسلم (659).
[546]
- وعَنهُ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَينَا، وَمَا هُوَ إِلا أَنَا وَأُمِّي وَأُمُّ
ــ
مقامها في الائتمام متأخرًا عن مرتبة الرجال فأبعد أن تتقدمهم، وهو قول الجمهور خلافًا للطبري وأبي ثور في إجازتهما إمامة النساء للنساء والرجال جملة، وحكي عنهما إجازة ذلك في التراويح إذا لم يوجد قارئ غيرها. واختلف في إمامتها النساء؛ فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة من العلماء إلى منع إمامتها للنساء، وأجاز ذلك الشافعي، وفيه رواية شاذة عن مالك.
وفي هذا الحديث أبواب من الفقه؛ منها: الصلاة على ما تُنبِتُه الأرض؛ فإن هذا الحصير كان من جريد النخل، كما قاله في الرواية الأخرى، ولا خلاف في هذا. وما رُوي عن عمر بن عبد العزيز من خلاف هذا إنما كان لأن مباشرة الأرض أبلغ في التواضع. وفيه أن الافتراش يسمى لباسًا، فمن حلف ألا يلبس ثوبًا فافترشه وجلس عليه حنث، وعلى هذا لا يفترش الرجل الحرير فيجلس عليه، وهو مذهب مالك وكافة العلماء خلافًا لعبد الملك ومن قال بقوله في إجازة الافتراش. وفيه حجة على أن من يعقل الصلاة من الصبيان حكمهم في القيام خلف الإمام حكم الرجال، وهو مذهب الجمهور، وروي عن أحمد كراهة ذلك، وقال: لا يقوم مع الناس إلا من قد بلغ. وروي عن عمر بن الخطاب وغيره أنه كان إذا أبصر صبيًّا في الصف أخرجه، وهذا عند الكافة محمول على من لا يعقل الصلاة ولا يكف عن العبث فيها.
حَرَامٍ خَالَتِي، فَقَالَ: قُومُوا فَلأُصَلِّيَ لكُم - فِي غَيرِ وَقتِ صَلاةٍ، فَصَلَّى بِنَا، فَقَالَ رَجُلٌ لِثَابِتٍ: أَينَ جَعَلَ أَنَسًا مِنهُ؟ قَالَ: جَعَلَهُ عَلى يَمِينِهِ، ثُمَّ دَعَا لَنَا أَهلَ البَيتِ بِكُلِّ خَيرٍ مِن خَيرِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، فَقَالَت أُمِّي: يَا رَسُولَ اللهِ، خُوَيدِمُكَ ادعُ الله لَهُ! قَالَ: فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيرٍ، وَكَانَ فِي آخِرِ مَا دَعَا لِي بِهِ أَن قَالَ: اللهمَّ أَكثِر مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِك لَهُ فِيهِ.
رواه أحمد (3/ 194)، والبخاري (6334)، ومسلم (660)، (268)، والترمذي (3827).
ــ
وقوله قوموا فلأُصلي لكم، هذه اللفظة رويناها هنا فلأصلي بكسر اللام، فلأصليَ لكم وفتح الياء على أنها لام كي، والفاء زائدة، وقد جاءت زائدة في مواضع؛ منها قولهم زيد فمنطلق، كما قال:
وقائلة خَولانُ فانكح فتاتهم (1)
…
. . . . . . . . . . . .
وهو مذهب الأخفش فيما سمعت، وقد روي بكسر اللام وجزم الياء على أنه أمر نفسه، كما يقال لأقم ولأقعد، وقد روي بفتح اللام وإثبات الياء ساكنة وهي أشدها؛ لأن اللام تكون جواب قسم محذوف، وحينئذ يلزمها النون في الأَعرَف.
وقوله اللهم أكثر ماله وولده حجة على جواز الدعاء في تكثير المال والولد، لكن مع الدعاء بالبركة والاجتهاد في كفاية الفتنة، وبذلك كمل لأنس خير الدنيا والآخرة، وهذا الحديث عَلَم من أعلام نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه استجيب له في أنس فكثر ماله وولده.
(1) وعجزه: وأكرومة الحيين خِلْوٌ كما هيا.