الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَعرِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغسِلُ قَدَمَيهِ إِلَى الكَعبَينِ، إِلا خَرَّت خَطَايَا رِجلَيهِ مِن أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ، فَإِن هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ الله وَأَثنَى عَلَيهِ، وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهلٌ، وَفَرَّغَ قَلبَهُ لِلَّهِ إِلا انصَرَفَ مِن خَطِيئَتِهِ كَهَيئَتِهِ يَومَ وَلَدَتهُ أُمُّهُ.
رواه أحمد (4/ 112)، ومسلم (832)، وأبو داود (1277)، والنسائي (1/ 279 - 280)، وابن ماجه (1251).
* * *
(124) باب في الركعتين بعد العصر
[701]
- عَن كُرَيبٍ مَولَى ابنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عَبدَ الله بنَ عَبَّاسٍ، وَعَبدَ الرَّحمَنِ بنَ أَزهَرَ، وَالمِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ أَرسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: اقرَأ عليها السلام مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلهَا عَنِ الرَّكعَتَينِ بَعدَ العَصرِ، وَقُل: إِنَّا أُخبِرنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَد بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنهُمَا، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: وَكُنتُ أَصرفُ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ النَّاسَ عَنهُمَا،
ــ
وقوله: وفرغ قلبه لله؛ أي: مما يشغله عن الصلاة؛ كما قال: لا يحدث فيها نفسه.
وقوله: إلا انصرف من خطيئته كهيئته في يوم ولدته أمه؛ أي: لا يبقى عليه شيء، لا كبيرة ولا صغيرة؛ هذا ظاهره. وقد بينا هذا المعنى في الطهارة.
(124)
ومن باب: الركعتين بعد العصر
قول: كنت أصرف مع عمر بن الخطاب الناس عنهما: هذه رواية السمرقندي، ومعناه: أمنع. ورواية أكثر الرواة: أضرب من الضرب، ويحتمل أن
قَالَ كُرَيبٌ: فَدَخَلتُ عَلَيهَا وَبَلَّغتُهَا مَا أَرسَلُونِي بِهِ، فَقَالَت: سَل أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجتُ إِلَيهِم فَأَخبَرتُهُم بِقَولِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثلِ مَا أَرسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَت أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهَى عَنهُمَا، ثُمَّ رَأَيتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أَمَّا حِينَ صَلاهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى العَصرَ، ثُمَّ دَخَلَ وعِندِي نِسوَةٌ مِن بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنصَارِ، فَصَلاهُمَا، فَأَرسَلتُ إِلَيهِ الجَارِيَةَ فَقُلتُ: قُومِي بِجَنبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي سمعتكَ تَنهَى عَن هَاتَينِ الرَّكعَتَينِ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا؟ فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فَاستَأخِرِي عَنهُ، قَالَ: فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاستَأخَرَت عَنهُ، فَلَمَّا انصَرَفَ قَالَ: يَا بِنتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلتِ عَنِ الرَّكعَتَينِ بَعدَ العَصرِ، إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِن عَبدِ القَيسِ بِالإِسلامِ مِن قَومِهِم فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكعَتَينِ اللَّتَين بَعدَ الظُّهرِ، فَهُمَا هَاتَانِ.
رواه البخاري (1233)، ومسلم (834)، وأبو داود (1273)، والنسائي (1/ 281 - 282).
ــ
يكون هذا مثل: أصرف؛ أي: أمنع؛ من الضرب على اليد، ويحتمل أن يكون من الضرب بالدِّرَّة تأديبًا. وقد جاء ما يعضد هذا في الموطأ (1): أن عمر كان يضرب بالدِّرَّة على الصلاة في هذا الوقت، وهو معلوم من فعله رضي الله عنه، وإنما كان عمر [يمنع من ذلك](2)؛ للنهي الوارد في ذلك، وهذا القول صادر عن كريب.
وما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله لهما على ما في حديث أم سلمة؛ فقد ذكرت أم سلمة القضية، وتممتها عائشة رضي الله عنها بقولها: ثم أثبتها، وكان إذا صلّى صلاة أثبتها، وقد روى أبو داود عن عائشة أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُواصل وينهى عن الوصال، ويصلّي بعد العصر، وينهى عنها، وهذا نصٌ جليٌ في
(1) بل هذا في صحيح مسلم، وسيأتي في التلخيص برقم (1004). وانظر: المصنف لابن أبي شيبة (3/ 351).
(2)
في (ع): يفعل ذلك.
[702]
- وَعَن أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجدَتَينِ اللَّتَينِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا بَعدَ العَصرِ؟ فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبلَ العَصرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنهُمَا أَو نَسِيَهُمَا، فَصَلاهُمَا بَعدَ العَصرِ، ثُمَّ أَثبَتَهُمَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً أَثبَتَهَا.
رواه مسلم (835)(298).
[703]
- وَعَنهُمَا، قَالَت: صَلاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِي قَطُّ، سِرًّا وَلا عَلانِيَةً: رَكعَتَينِ قَبلَ الفَجرِ وَرَكعَتَينِ بَعدَ العَصرِ.
رواه أحمد (6/ 159)، ومسلم (835)(300).
* * *
ــ
خصوصيته صلى الله عليه وسلم بذلك، فلا ينبغي لأحد أن يصلّي في هذه الأوقات المنهي عنها نفلا مبتدأً.
قلت: ويظهر لي أن النهي عن الصلاة في هذا الوقت، هو ذريعةٌ لئلا تُوقَعَ الصلاة في الوقت الذي إذا صَلَّى فيه قارن فعلُه فعل الكفار، ووقع التشابه بينهم، فإذا أُمِنَتِ العّلةُ التي لأجلها نهي عن الصلاة فيه، جاز ذلك؛ كما فعلت عائشة رضي الله عنها، وكما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على قول (1) من لا يرى خصوصيته بذلك، لكن عموم المنع في الوقت كلّه أدفع للذريعة، وأسدُّ للباب، فيمنع مطلقًا. والله أعلم.
وقول عائشة في الركعتين بعد العصر: إن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركهما في بيتها قط؛ تعني: في الوقت الذي شغل عن الركعتين بعد الظهر، فقضاهما بعد العصر، ثم داوم عليهما، فأخبرت هنا عن الدوام، وإلا فقبلَ أن يفعلَ هذا لم يكن يُصليهما بعد العصر، وبهذا يتفق الجمع بين أحاديثها في هذا الباب، والله تعالى أعلم. وفي هذا الحديث أبواب من الفقه لا تخفى.
(1) من (هـ) و (ظ).