المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

[413]

- عَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن أَوَّلِ مَسجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرضِ؟ قَالَ: المَسجِدُ الحَرَامُ، قُلتُ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: المَسجِدُ الأَقصَى، قُلتُ: كَم بَينَهُمَا؟ قَالَ: أَربَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الأَرضُ لَكَ مَسجِدٌ، فَحَيثُمَا أَدرَكَتكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ.

ــ

(39)

ومن باب: أول مسجد وضع في الأرض

قوله: وقد سأله أبو ذر عن أول مسجد وضع في الأرض: المسجد الحرام؛ وهو مسجد مكة. والمسجد الأقصى: هو مسجد بيت المقدس، وسمي بالأقصى؛ لبعده عن الحجاز، أو لبعده عن الأقذار والخبائث، فإنه مُقَدَّس، والمُقَدَّس: المُطَّهر، ومنه: القَدس: السَّطل الذي يستقى به الماء.

وقوله: أربعون عامًا - وقد سُئل عن مدة ما بينهما - فيه إشكال؛ وذلك أن مسجد مكة بناه إبراهيم بنصّ القرآن؛ إذ قال: {وَإِذ يَرفَعُ إِبرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسمَاعِيلُ} الآية. والمسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام كما خرَّجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثة: سأل الله تعالى حكمًا يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله تعالى ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله تعالى حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا يَنهَزُه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه (1). وبين إبراهيم وسليمان آماد طويلة؛

(1) رواه النسائي (2/ 34). ومعنى "ينهزه": يحرّكه.

ص: 114

رواه أحمد (5/ 105 و 156)، والبخاري (3166)، ومسلم (520)(2)، والنسائي (2/ 32)، وابن ماجه (753).

[414]

- وَعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الأَنصَارِي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُعطِيتُ خَمسًا لَم يُعطَهُنَّ أَحَدٌ قَبلِي: كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبعَثُ إِلَى قَومِهِ خَاصَّةً

ــ

قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة. ويرتفع الإشكال بأن يقال: الآية والحديث لا يدلان على أن بناء إبراهيم وسليمان لما بنيا ابتداء وضعهما لهما، بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرهما وبدأه، وقد رُوي أن من بنى البيت آدم عليه السلام. فعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس بعده بأربعين عامًا، والله تعالى أعلم.

وفي الأم (1) قول إبراهيم التَّيمي: كنت أقرأ على أبي القرآن في السُّدَّة، فإذا قرأت السجدة سجد، فقلت: يا أبت! أتسجد في الطريق؟

، الحديث) كذا صحَّ: السُّدَّة. ورواه النسائي: في السِّكَّة، وفي بعض السِّكَك، وهذا هو المطابق لقوله: أتسجد على الطريق؟ لكن السُّدَّة هنا إنما عنى بها سُدَّة الجامع، وهي الظلال التي حوله، ومنه سُمِّي إسماعيل السُّدِّي؛ لأن كان يبيع الخُمُر (2) في سُدَّة الجامع، وكان التيمي يجلس فيها ويقرأ القرآن، فإذا جاءت السجدة سجد (3).

وقوله في حديث جابر: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي، وفي حديث أبي هريرة: ستًّا، وفي حديث حذيفة: ثلاثًا، لا يظن القاصد أن هذا تعارض، وإنما يظن هذا مَن توهَّم أن ذكر الأعداد يدل على الحصر، وأنها لها

(1) أي: في أصل صحيح مسلم (1/ 370).

(2)

الخُمُر: جمع خمار.

(3)

ما بين حاصرتين ورد في الأصول في نهاية: باب: الصلاة في الثوب الواحد، وقد تمَّ وَضعُه هنا لمناسبته.

ص: 115

وَبُعِثتُ إِلَى كُلِّ أَحمَرَ وَأَسوَدَ، وَأُحِلَّت لِيَ الغَنَائِمُ وَلَم تُحَلَّ لأَحَدٍ قَبلِي، وَجُعِلَت لِيَ الأَرضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدرَكَتهُ الصَّلاةُ صَلَّى حَيثُ كَانَ، وَنُصِرتُ بِالرُّعبِ بَينَ يَدَي مَسِيرَةِ شَهرٍ، وَأُعطِيتُ الشَّفَاعَةَ.

رواه أحمد (3/ 304)، والبخاري (335)، ومسلم (521)، والنسائي (1/ 210 - 211).

ــ

دليل خطاب، وكل ذلك باطل؛ فإن القائل: عندي خمسة دنانير - مثلا - لا يدل هذا اللفظ على أنه ليس عنده غيرها، ويجوز له أن يقول تارة أخرى: عندي عشرون، وتارة أخرى: عندي ثلاثون؛ فإن من عنده ثلاثون صدق عليه أن عنده عشرين، وعشرة، فلا تناقض، ولا تعارض. ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أُعلِمَ في وقت بالثلاث، وفي وقت بالخمس، وفي وقت بالست، والله تعالى أعلم.

وقوله: وبعثت إلى الأحمر والأسود؛ يعني: كافة الخلق؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} والحُمرَانُ: عَنَى بهم البيض، وهم العجم، والسودان: العرب؛ لغلبة الأَدَمَةِ عليهم، وغيرُهم لسوادهم.

وقوله: وجعلت لي الأرض طيبة طهورًا؛ يعني: في التيمم، كما قد بيّنه في الحديث الآخر، وهو حجة لمالك في التيمم بجميع أنواع الأرض؛ فإن اسم الأرض يشملها. وكما أباح الصلاة على جميع أجزاء الأرض، كذلك يجوز التيمم على جميع أجزائها؛ لأن الأرض في هذا الحديث بالنسبة إلى الصلاة والتيمم واحدة. فكما تجوز الصلاة على جميع أجزائها، كذلك يجوز التيمم على جميع أجزائها. ولا يظن أن قوله في حديث حذيفة: وجعلت تربتها لنا طهورًا؛ أن ذلك مخصَّصٌ له، فإن ذلك ذهول من قائله؛ فإن التخصيص إخراج ما تناوله العموم على الحكم، ولم يخرج هذا الخبر شيئًا، وإنما عيّن هذا الحديث واحدًا مما تناوله الاسم الأول، مع موافقته في الحكم، وصار بمثابة قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخلٌ

ص: 116

[415]

- وَعَن حُذَيفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فُضِّلنَا عَلَى النَّاسِ

ــ

وَرُمَّانٌ} وقوله: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبرِيلَ وَمِيكَالَ} فعيّن بعض ما تناوله اللفظ الأول، مع الموافقة في المعنى على جهة التشريف. وكذلك ذكر التراب في حديث حذيفة، وإنما عيّنه لكونه أمكن وأغلب. فإن قيل: بل عيّنه ليبيّن أنه لا يجوز التيمم بغيره، قلنا: لا نسلِّم ذلك، بل هو أول المسألة، ولئن سلمنا أنه يحتمل ذلك، فيحتمل أيضًا ما ذكرناه، وليس أحد الاحتمالين أولى من الآخر، فليلحق اللفظ بالمجملات، فلا يكون لكم فيه حجة، ويبقى مالك متمسكًا باسم الصعيد، واسم الأرض. وأيضًا فإنا نقول بموجبه؛ فإن تراب كل شيء بحسبه، فيقال: تراب الزرنيخ، وتراب السِّبَاخ.

وقوله: طهورًا؛ هذه البنية من أبنية المبالغة؛ كقتول وضروب، وكذلك قال في الماء. فقد سوَّى بين الأرض والماء في ذلك، ويلزم منه أن التيمم يرفع الحدث، وهو أحد القولين عن مالك، وليس بالمشهور.

وطيبة: طاهرة. وكذلك قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ؛ أي: طاهرًا. وعلى هذا فلا يفهم من قوله: طهورًا عين التطهير لغيرها؛ إذ قد وصفها الله بالطهارة في نفسها، ثم جعلها مُطَهِّرة لغيرها، وهذا كما قال عليه الصلاة والسلام. وقد قيل له: أنتوضأ بماء البحر؟ فقال -: هو الطهور ماؤه (1)؛ أي: الذي يطهركم من الحدث.

وقوله: ومسجدًا؛ أي: للصلاة. وهذا مما خص الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وكانت الأنبياء قبله إنما أبيح لهم الصلاة في مواضع مخصوصة كالبِيَع والكنائس.

(1) رواه أحمد (2/ 237)، وأبو داود (81)، والترمذي (69)، والنسائي (1/ 176)، وابن ماجه (386) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 117

بِثَلاثٍ: جُعِلَت صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وَجُعِلَت لَنَا الأَرضُ كُلُّهَا مَسجِدًا، وَجُعِلَت تُربَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَم نَجِدِ المَاءَ. وَذَكَرَ خَصلَةً أُخرَى.

رواه مسلم (522).

ــ

وقوله: وأحلت لي الغنائم: هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وإنما كانت الغنائم قبله تجمع ثم تأتي نار من السماء فتأكلها. والرعب: الفزع. والشفاعة: الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: هي الشفاعة لأهل الموقف؛ كما تقدم.

وقوله: وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا؛ هذا العموم وإن كان مؤكدًا، فهو مخصص بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل؛ كما جاء في الصحيح، وبما جاء في كتاب الترمذي من حديث ابن عمر -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصلى في سبعة مواطن: في المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، والمقبرة، وفي الحمّام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى (1). وقد كره مالك الصلاة في هذه المواضع، وأباحها فيها غيره، ولم يصح هذا الحديث عنده. واعتضد قائل الإباحة: بأن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقص منها شيء؛ ذلك أن من فضائله وخصائصه أن جعل الأرض كلها مسجدًا، فلو خُصِّص منها شيء لكان نقصًا في فضيلته وما خصص به. قاله أبو عمر بن عبد البر. والصحيح ما صار إليه مالك، من كراهة الصلاة في تلك المواضع، لا تمسُّكًا بالحديث، فإنه ضعيف؛ لكن تمسَّكًا بالمعنى. وقد ذُكرت علل الكراهية في كتب أصحابه، فلتنظر هناك.

ويحتج على أبي عمر بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل وفي القبور؛ فإن الحديث في ذلك صحيح. وتمنع الصلاة في المواضع النجسة، فإن قال: ذلك

(1) رواه الترمذي (346)، وابن ماجه (746) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

"المجزرة": الموضع الذي يُنحر فيه الإبل، ويُذبح فيه البقر والشاء.

"معاطن الإبل": أي: مباركها حول الماء.

ص: 118

[416]

- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فُضِّلتُ عَلَى الأَنبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَنُصِرتُ بِالرُّعبِ، وَأُحِلَّت لِيَ الغَنَائِمُ، وَجُعِلَت لِيَ الأَرضُ طَهُورًا وَمَسجِدًا، وَأُرسِلتُ إِلَى الخَلقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ.

رواه مسلم (523)(5).

[417]

- وَعَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بُعِثتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرتُ بِالرُّعبِ، وَبَينَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرضِ فَوُضِعَت فِيَ يَدَيَّ.

ــ

للنجاسة العارضة؛ قلنا: وكذلك كراهة الصلاة في تلك المواضع لعلل عارضة، والله أعلم.

وقوله: وذكر خصلة أخرى؛ ظاهره أنه ذكر ثلاث خصال، وإنما هما اثنتان، كما ذكر؛ لأن قضية الأرض كلَّها خصلة واحدة، والثالثة التي لم يذكرها بيّنها النسائي من رواية مالك (1) بسنده، فقال: وأوتيت هذه الآيات: خواتم سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطهن أحد قبلي، ولا يعطاهن أحد بعدي (2).

وقوله: أعطيت جوامع الكلم، قال الهروي: يعني القرآن؛ جمع الله في الألفاظ اليسيرة منه معانيَ كثيرة، وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يتكلم بألفاظ يسيرة تحتوي على معانٍ كثيرة.

وقوله: وبينما أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي؛ هذه الرؤيا أوحى الله تعالى فيها لنبيه عليه الصلاة والسلام أن أمته ستملك الأرض،

(1) في السنن الكبرى للنسائي: أبو مالك الأشجعي.

(2)

رواه النسائي في السنن الكبرى (8022) من حديث حذيفة رضي الله عنه.

ص: 119