المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمعين وعليه في الصلاة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمعين وعليه في الصلاة

وَليَؤُمَّكُمَا أَكبَرُكُمَا. قَالَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ: وَكَانَا مُتَقَارِبَينِ فِي القِرَاءَةِ.

رواه أحمد (3/ 436)، ومسلم (674)(293)، والنسائي (2/ 77) وابن ماجه (979).

* * *

(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

[561]

- عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ يَفرُغُ مِن صَلاةِ الفَجرِ مِنَ القِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرفَعُ رَأسَهُ: سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنَا

ــ

وقوله صلى الله عليه وسلم وليؤمكما أكبركما يدل على تساويهما في شروط الإمامة ورجح أحدهما بالسن.

(86)

ومن باب: ما جاء في القنوت

قد تقدم ذكر القنوت ومعناه في اللغة، وقد اختلف في حكمه في الفجر وفي الوتر في رمضان؛ فقيل: لا قنوت في فجر ولا غيره - قاله الكوفيون والليث ويحيى بن يحيى من المالكية، وأنكره الشعبي. وقيل: يقنت في الفجر دائمًا وفي سائر الصلوات إذا نزلت نازلة بالمسلمين - قاله الشافعي والطبري. وقال مالك وغيره: إنه مستحب في صلاة الفجر. وروي عن الشافعي، وقال الحسن وابن سحنون: إنه سنة، وهو مقتضى رواية علي عن مالك بإعادة تاركه للصلاة عمدًا، وحكى الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة. وعن الحسن: في تركه سجود السهو.

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم اختلفوا في موضعه؛ فالمشهور عن مالك قبل الركوع، وهو قول إسحاق وابن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز، وروي عن علي وعمر وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين التخيير في ذلك، ثم اختُلِف هل يكبر له؟ وهل يرفع يديه إذا دعا فيه؟ ومالك لا يرى شيئًا من ذلك.

ثم اختلف القائلون بالقنوت في الفجر؛ هل يقنت في الوتر؟ فقيل: يقنت في وتر السَّنَةِ كلها، وهو قول ابن مسعود والحسن والنخعي وإسحاق وأبي ثور، وقال قتادة: يقنت في السنة كلها إلا في النصف الأول من رمضان. وقالت طائفة: لا يقنت في الوتر جملة - وهو مروي عن ابن عمر وطاووس، وهي رواية المصريين عن مالك. وروي عن علي وأُبَيّ وابن عمر وجماعة من السلف، وهي رواية ابن وهب عن مالك أنه يقنت في النصف الآخر من رمضان من ليلة ست عشرة، وقيل: خمس عشرة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وعن أبي حنيفة: لا يقنت إلا في وتر رمضان فقط. ثم اتفقوا على أنه لا يتعين في القنوت دعاء مؤقت إلا ما روي عن بعض أهل الحديث في تخصيصهم بقنوت مصحف أُبي بن كعب المرويّ أن جبريل عَلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. . . (1) إلى آخره، وأنه لا يصلى خلف من لا يقنت بذلك، واستحبه مالك، واستحب الشافعي القنوت بالدعاء المروي عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت. . . (2) إلى آخره، وقد اختار بعض شيوخنا البغداديين الجمع بينهما، وهو قول إسحاق والحسن بن

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 210) من حديث خالد بن أبي عمران. وقال: هذا مرسل.

(2)

رواه أحمد (1/ 199 و 200)، وأبو داود (1425 و 1426)، والترمذي (464)، والنسائي (3/ 248).

ص: 302

وَلَكَ الحَمدُ. ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: اللهمَّ أَنجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالمُستَضعَفِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ، اللهمَّ اشدُد وَطأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجعَلهَا عَلَيهِم كَسِنِي يُوسُفَ، اللهمَّ العَن لِحيَانَ وَرِعلا وَذَكوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ الله وَرَسُولَهُ! ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أُنزِلَت:{لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ}

ــ

حَيّ (1)، وسبب الخلاف فيما ذُكر اختلاف الأحاديث، وهل كان ذلك مخصوصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟

وقوله اللهم أنج الوليد. . . إلى آخره، أَنج: من النجاة، والهمزة للتعدية، وقد عُدِّي بالتضعيف، وأصله من النجوة وهو المرتفع من الأرض، وهؤلاء المدعو لهم هم قوم من أهل مكة أسلموا، ففتنهم أهل مكة وعذبوهم، وبعد ذلك نجوا منهم وهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله واجعلها عليهم كَسِنِيّ يوسف؛ يعني به قوله تعالى: {ثُمَّ يَأتِي مِن بَعدِ ذَلِكَ سَبعٌ شِدَادٌ يَأكُلنَ مَا قَدَّمتُم لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحصِنُونَ} فاستجيب له صلى الله عليه وسلم فأجدبوا سبعًا أكلوا فيها كل شيء، حتى أكلوا الميتة والعظام، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانًا من شدة الجوع والضعف، حتى جاء أبو سفيان فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهم فسُقُوا على ما ذكرناه عن ابن مسعود في كتاب التفسير.

ولَحيَان ورِعل وذَكوان وعُصَيَّة قبائل من العرب قَتلوا أصحاب بئر مَعُونة، وهم السبعون القُرَّاء، وكان من حديثهم أن أبا بَرَاء الكلابي - ويعرف بملاعب الأَسِنَّة - سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجه معه رجالا من أصحابه إلى قومه بنجد يدعونهم إلى الله ويعرضون عليهم الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني

(1) هو الحسن بن صالح بن حيّ، ثقةٌ، فقيهٌ، عابدٌ، (ت. 169 هـ).

ص: 303

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: ثُمَّ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعدُ، فَقُلتُ: أُرَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُم. قَالَ: فَقِيلَ: وَمَا تُرَاهُم قَد قَدِمُوا؟

وَفِي رِوَايَةٍ أنه عليه الصلاة والسلام قَنَتَ بَعدَ الرُّكُعةِ فِي صَلاةِ الفَجرِ شَهرًا إذا قَالَ سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَه.

رواه البخاري (1006)، ومسلم (675)، وأبو داود (836)، والنسائي (2/ 233)، وابن ماجه (1244).

ــ

أخاف عليهم أهل نجد! فقال له أبو براء: أنا لهم جار! فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فلما مروا ببني عامر استصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل تلك القبائل التي دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم من بني سليم، فأجابوه فقتلوهم، ولم ينج منهم إلا عمرو بن أمية الضمري، فحزن عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا، فإنه لم يُصب بمثلهم، وكانوا من خيار المهاجرين رضي الله عنهم (1).

وفي هذا الحديث من الفقه: جواز الدعاء على معين وله، وجواز الدعاء بغير ألفاظ القرآن في الصلاة، وهو حجة على أبي حنيفة في منعه ذلك كله فيها، ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم. واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي؛ فأجازه قوم، ومنعه آخرون وقالوا: يُدعَى لهم بالتوبة لا عليهم. وقيل: إنما يدعى على أهل الانتهاك في حين فعلهم ذلك، وأما في إدبارهم فيدعى لهم بالتوبة (2).

قلت: والذي استقر عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت ما رواه الدارقطني

(1) انظر: عيون الأثر (2/ 67 - 72).

(2)

ساقط من (ع).

ص: 304

[562]

- وعَن أَبِي سَلَمَةَ بنُ عَبدِ الرَّحمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: وَالله لأُقَرِّبَنَّ بِكُم صَلاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَكَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يَقنُتُ فِي الظُّهرِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ وَصَلاةِ الصُّبحِ، وَيَدعُو لِلمُؤمِنِينَ وَيَلعَنُ الكُفَّارَ.

رواه البخاري (797)، ومسلم (676)، وأبو داود (1440)، والنسائي (2/ 202).

[563]

- وعَنِ البَراءِ بنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقنُتُ فِي الصُّبحِ وَالمَغرِبِ.

رواه أحمد (4/ 28)، ومسلم (678)(305)، والترمذي (401)، والنسائي (2/ 202).

[564]

- وعَن أَنَسٍ وُسئِلَ عَنِ القُنُوتِ قَبلَ الرُّكُوعِ أَو بَعدَه؟ فَقَالَ: قَبلَ الرُّكُوعِ. فَقِيلَ: فَإِنَّ نَاسًا يَزعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بَعدَ الرُّكُوعِ! قَالَ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهرًا.

- وفي رواية: بَعدَ الرُكُوعِ في صَلاةِ الفَجرِ يَدعُو عَلَى أُنَاسٍ قَتَلُوا أُنَاسًا مِن أَصحَابِهِ يُقَالُ لَهُمُ القُرَّاءُ.

رواه أحمد (167/ 3)، والبخاري (1300)، ومسلم (677)(299 و 301)، وأبو داود (1444 و 1445)، والنسائي (2/ 200)، وابن ماجه (1184).

* * *

ــ

بإسناد صحيح عن أنس أنه قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا (1). والله أعلم.

(1) رواه الدارقطني (2/ 41).

ص: 305