الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَليَؤُمَّكُمَا أَكبَرُكُمَا. قَالَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ: وَكَانَا مُتَقَارِبَينِ فِي القِرَاءَةِ.
رواه أحمد (3/ 436)، ومسلم (674)(293)، والنسائي (2/ 77) وابن ماجه (979).
* * *
(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة
[561]
- عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ يَفرُغُ مِن صَلاةِ الفَجرِ مِنَ القِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرفَعُ رَأسَهُ: سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنَا
ــ
وقوله صلى الله عليه وسلم وليؤمكما أكبركما يدل على تساويهما في شروط الإمامة ورجح أحدهما بالسن.
(86)
ومن باب: ما جاء في القنوت
قد تقدم ذكر القنوت ومعناه في اللغة، وقد اختلف في حكمه في الفجر وفي الوتر في رمضان؛ فقيل: لا قنوت في فجر ولا غيره - قاله الكوفيون والليث ويحيى بن يحيى من المالكية، وأنكره الشعبي. وقيل: يقنت في الفجر دائمًا وفي سائر الصلوات إذا نزلت نازلة بالمسلمين - قاله الشافعي والطبري. وقال مالك وغيره: إنه مستحب في صلاة الفجر. وروي عن الشافعي، وقال الحسن وابن سحنون: إنه سنة، وهو مقتضى رواية علي عن مالك بإعادة تاركه للصلاة عمدًا، وحكى الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة. وعن الحسن: في تركه سجود السهو.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم اختلفوا في موضعه؛ فالمشهور عن مالك قبل الركوع، وهو قول إسحاق وابن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز، وروي عن علي وعمر وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين التخيير في ذلك، ثم اختُلِف هل يكبر له؟ وهل يرفع يديه إذا دعا فيه؟ ومالك لا يرى شيئًا من ذلك.
ثم اختلف القائلون بالقنوت في الفجر؛ هل يقنت في الوتر؟ فقيل: يقنت في وتر السَّنَةِ كلها، وهو قول ابن مسعود والحسن والنخعي وإسحاق وأبي ثور، وقال قتادة: يقنت في السنة كلها إلا في النصف الأول من رمضان. وقالت طائفة: لا يقنت في الوتر جملة - وهو مروي عن ابن عمر وطاووس، وهي رواية المصريين عن مالك. وروي عن علي وأُبَيّ وابن عمر وجماعة من السلف، وهي رواية ابن وهب عن مالك أنه يقنت في النصف الآخر من رمضان من ليلة ست عشرة، وقيل: خمس عشرة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وعن أبي حنيفة: لا يقنت إلا في وتر رمضان فقط. ثم اتفقوا على أنه لا يتعين في القنوت دعاء مؤقت إلا ما روي عن بعض أهل الحديث في تخصيصهم بقنوت مصحف أُبي بن كعب المرويّ أن جبريل عَلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. . . (1) إلى آخره، وأنه لا يصلى خلف من لا يقنت بذلك، واستحبه مالك، واستحب الشافعي القنوت بالدعاء المروي عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت. . . (2) إلى آخره، وقد اختار بعض شيوخنا البغداديين الجمع بينهما، وهو قول إسحاق والحسن بن
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 210) من حديث خالد بن أبي عمران. وقال: هذا مرسل.
(2)
رواه أحمد (1/ 199 و 200)، وأبو داود (1425 و 1426)، والترمذي (464)، والنسائي (3/ 248).
وَلَكَ الحَمدُ. ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: اللهمَّ أَنجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالمُستَضعَفِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ، اللهمَّ اشدُد وَطأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجعَلهَا عَلَيهِم كَسِنِي يُوسُفَ، اللهمَّ العَن لِحيَانَ وَرِعلا وَذَكوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ الله وَرَسُولَهُ! ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أُنزِلَت:{لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيهِم أَو يُعَذِّبَهُم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ}
ــ
حَيّ (1)، وسبب الخلاف فيما ذُكر اختلاف الأحاديث، وهل كان ذلك مخصوصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟
وقوله اللهم أنج الوليد. . . إلى آخره، أَنج: من النجاة، والهمزة للتعدية، وقد عُدِّي بالتضعيف، وأصله من النجوة وهو المرتفع من الأرض، وهؤلاء المدعو لهم هم قوم من أهل مكة أسلموا، ففتنهم أهل مكة وعذبوهم، وبعد ذلك نجوا منهم وهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله واجعلها عليهم كَسِنِيّ يوسف؛ يعني به قوله تعالى: {ثُمَّ يَأتِي مِن بَعدِ ذَلِكَ سَبعٌ شِدَادٌ يَأكُلنَ مَا قَدَّمتُم لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحصِنُونَ} فاستجيب له صلى الله عليه وسلم فأجدبوا سبعًا أكلوا فيها كل شيء، حتى أكلوا الميتة والعظام، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانًا من شدة الجوع والضعف، حتى جاء أبو سفيان فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهم فسُقُوا على ما ذكرناه عن ابن مسعود في كتاب التفسير.
ولَحيَان ورِعل وذَكوان وعُصَيَّة قبائل من العرب قَتلوا أصحاب بئر مَعُونة، وهم السبعون القُرَّاء، وكان من حديثهم أن أبا بَرَاء الكلابي - ويعرف بملاعب الأَسِنَّة - سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجه معه رجالا من أصحابه إلى قومه بنجد يدعونهم إلى الله ويعرضون عليهم الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
(1) هو الحسن بن صالح بن حيّ، ثقةٌ، فقيهٌ، عابدٌ، (ت. 169 هـ).
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: ثُمَّ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعدُ، فَقُلتُ: أُرَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُم. قَالَ: فَقِيلَ: وَمَا تُرَاهُم قَد قَدِمُوا؟
وَفِي رِوَايَةٍ أنه عليه الصلاة والسلام قَنَتَ بَعدَ الرُّكُعةِ فِي صَلاةِ الفَجرِ شَهرًا إذا قَالَ سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَه.
رواه البخاري (1006)، ومسلم (675)، وأبو داود (836)، والنسائي (2/ 233)، وابن ماجه (1244).
ــ
أخاف عليهم أهل نجد! فقال له أبو براء: أنا لهم جار! فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فلما مروا ببني عامر استصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل تلك القبائل التي دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم من بني سليم، فأجابوه فقتلوهم، ولم ينج منهم إلا عمرو بن أمية الضمري، فحزن عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا، فإنه لم يُصب بمثلهم، وكانوا من خيار المهاجرين رضي الله عنهم (1).
وفي هذا الحديث من الفقه: جواز الدعاء على معين وله، وجواز الدعاء بغير ألفاظ القرآن في الصلاة، وهو حجة على أبي حنيفة في منعه ذلك كله فيها، ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم. واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي؛ فأجازه قوم، ومنعه آخرون وقالوا: يُدعَى لهم بالتوبة لا عليهم. وقيل: إنما يدعى على أهل الانتهاك في حين فعلهم ذلك، وأما في إدبارهم فيدعى لهم بالتوبة (2).
قلت: والذي استقر عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت ما رواه الدارقطني
(1) انظر: عيون الأثر (2/ 67 - 72).
(2)
ساقط من (ع).
[562]
- وعَن أَبِي سَلَمَةَ بنُ عَبدِ الرَّحمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: وَالله لأُقَرِّبَنَّ بِكُم صَلاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَكَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يَقنُتُ فِي الظُّهرِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ وَصَلاةِ الصُّبحِ، وَيَدعُو لِلمُؤمِنِينَ وَيَلعَنُ الكُفَّارَ.
رواه البخاري (797)، ومسلم (676)، وأبو داود (1440)، والنسائي (2/ 202).
[563]
- وعَنِ البَراءِ بنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقنُتُ فِي الصُّبحِ وَالمَغرِبِ.
رواه أحمد (4/ 28)، ومسلم (678)(305)، والترمذي (401)، والنسائي (2/ 202).
[564]
- وعَن أَنَسٍ وُسئِلَ عَنِ القُنُوتِ قَبلَ الرُّكُوعِ أَو بَعدَه؟ فَقَالَ: قَبلَ الرُّكُوعِ. فَقِيلَ: فَإِنَّ نَاسًا يَزعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بَعدَ الرُّكُوعِ! قَالَ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهرًا.
- وفي رواية: بَعدَ الرُكُوعِ في صَلاةِ الفَجرِ يَدعُو عَلَى أُنَاسٍ قَتَلُوا أُنَاسًا مِن أَصحَابِهِ يُقَالُ لَهُمُ القُرَّاءُ.
رواه أحمد (167/ 3)، والبخاري (1300)، ومسلم (677)(299 و 301)، وأبو داود (1444 و 1445)، والنسائي (2/ 200)، وابن ماجه (1184).
* * *
ــ
بإسناد صحيح عن أنس أنه قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا (1). والله أعلم.
(1) رواه الدارقطني (2/ 41).