الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي أُخرَى قَالَ: هِيَ عِشرُونَ.
رواه البخاري (5043) مختصرًا، ومسلم (822)، (278) و (279)، وأبو داود (1396).
* * *
(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها
[694]
- عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعتُ غَيرَ وَاحِدٍ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِنهُم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَكَانَ أَحَبَّهُم إِلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعدَ الفَجرِ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ، وَبَعدَ العَصرِ حَتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ.
رواه البخاري (581) ومسلم (826)(286)، وأبو داود (1276)، والترمذي (183)، والنسائي (1/ 276 و 277)، وابن ماجه (1250).
[695]
- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا صَلاةَ بَعدَ صَلاةِ العَصرِ حَتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ، وَلا صَلاةَ بَعدَ صَلاةِ الفَجرِ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ.
ــ
وقول ابن مسعود: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا ولم يهلكنا بذنوبنا؛ خوفا منه للذي رأى من تبدُّل الأحوال.
(123)
ومن باب: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
قوله: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس: قد تقدّم من مذهب أبي حنيفة: أنه حمل هذا اللفظ على عمومه
رواه أحمد (3/ 95)، والبخاري (586)، ومسلم (827)، والنسائي (1/ 277 و 278)، وابن ماجه (1249).
[696]
- وعَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَحَرَّوا بِصَلاتِكُم طُلُوعَ الشَّمسِ وَلا غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطلُعُ بِقَرنَي شَيطَانٍ.
رواه أحمد (2/ 106)، والبخاري (585)، ومسلم (828)، والنسائي (1/ 277).
[697]
- وَعَنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَبرُزَ، فَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ.
رواه البخاري (582)، ومسلم (829)، والنسائي (1/ 279).
[698]
- وعَن أَبِي بَصرَةَ الغِفَارِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العَصرَ بِالمُخَمَّصِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ عُرِضَت عَلَى مَن كَانَ قَبلَكُم فَضَيَّعُوهَا،
ــ
في النوافل كلها، والفرائض المقضيَّات، ولم يستثن من الصلوات شيئًا. وخصّص الجمهور من ذلك: المقضيات، وخصّص الشافعي: ما كان من النوافل مُعلقًا على سبب، فتصلّى لحضور سببها؛ كتحيّة المسجد - كما تقدم -، وسجود التلاوة، وركعتي الطواف، والإحرام، وغير ذلك.
وقوله: لا تحرَّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها؛ أي: لا تقصدوا ذلك الوقت بصلاتكم، وهذان الوقتان هما المقصودان بالنهي لأنفسهما؛ لأنهما الوقتان اللذان يسجد فيهما الكفارُ للشمس؛ كما قال في الحديث الآخر، وما قبل هذين الوقتين إنما نَهى عنه؛ لأنه ذريعة ووسيلة إلى إيقاع الصلاة فيهما، ومن هنا أجاز مالك الصلاة على الجنازة ما لم تغرب الشمس، وكرهها عند ذلك. وحاجب
فَمَن حَافَظَ عَلَيهَا كَانَ لَهُ أَجرُهُ مَرَّتَينِ، وَلا صَلاةَ بَعدَهَا حَتَّى يَطلُعَ الشَّاهِدُ، وَالشَّاهِدُ: النَّجمُ.
رواه أحمد (6/ 397)، ومسلم (830)، والنسائي (1/ 259 - 260).
[699]
- وَعَن عُقبَةَ بنَ عَامِرٍ قَالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهَانَا أَن نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَو أَن نَقبُرَ فِيهِنَّ مَوتَانَا: حِينَ تَطلُعُ الشَّمسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمسُ، . . . . . . . . . . .
ــ
الشمس: أول ما يبدو منها في الطلوع، وهو أول ما يغيب منها، وقد تقدم مثل ذلك.
وقوله في العصر: فمن حافظ عليها كان له أجره مرّتين: يُشعر بتأكُّدِها على غيرها، وذلك مما يدلّ على أنها الصلاة الوسطى كما تقدم. وسُمِّيَ النجم شاهدًا؛ لأنه يشهد بمغيب الشمس ودخول الليل.
وقوله: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلّي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: رويت هذا اللفظ: بأو التي لأحد الشيئين، ورويته أيضًا: بالواو الجامعة، وهو الأظهر، ويكون مورد النهي: الصلاة على الجنازة والدفن؛ لأنه إنما يكون إثر الصلاة عليها، وأما رواية: أو؛ ففيها إشكال، إلا إن قلنا: إن أو تكون بمعنى الواو؛ كما قاله الكوفي. وقد اختلف في الصلاة عليها في هذه الأوقات المذكورة في هذا الحديث: فأجاز الشافعي الصلاة عليها ودفنها في هذه الأوقات، وكره الجمهور الصلاة عليها حينئذٍ، وعن مالك في ذلك خلاف يُذكر في الجنائز - إن شاء الله تعالى -.
وقوله: حين يقوم قائم الظهيرة، الظهيرة: شدة الحر، وقائمها: قائم
وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمسُ لِلغُرُوبِ حَتَّى تَغرُبَ.
رواه أحمد (4/ 152)، ومسلم (831)، وأبو داود (3192)، والترمذي (1030)، والنسائي (1/ 275 و 276).
[700]
- وَعَن عَمرُو بنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ قَالَ: كُنتُ وَأَنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ - أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلالَةٍ، وَأَنَّهُم لَيسُوا عَلَى شَيءٍ، وَهُم يَعبُدُونَ
ــ
الظل الذي لا يزيد ولا ينقص في رأي العين، وذلك يكون منتصف النهار، حين استواء الشمس. وقد اختلف في الصلاة في ذلك الوقت على ما يأتي في حديث عمرو بن عنبسة.
وقوله: حين تضيَّفُ الشمس للغروب؛ أي: تميل للغروب، يقال: ضافت، تضيفُ؛ إذا مالت. وأصل الإضافة: الإسناد والإمالة؛ كما قال الشاعر (1):
فلمَّا دَخَلناه أَضَفنا ظُهُورَنا
…
إلى كل حاريٍّ جديدٍ مُشَطَّبِ (2)
ومنه: ضفت فلانًا؛ إذا نزلت به، وأضفته: أنزلته عليَّ.
وقول عمرو بن عبسة: كنت وأنا في الجاهلية أظن الناس على ضلالة؛ أي: أعلم وأتيقن، فإن الظن قد يطلق على اليقين، كما قال - تعالى -:{فَظَنُّوا أَنَّهُم مُوَاقِعُوهَا}
(1) هو امرؤ القيس.
(2)
"المشطب": الذي فيه خطوط وطرائق كمدارج النّمل.
الأَوثَانَ، قَالَ: فَسَمِعتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخبِرُ أَخبَارًا، فَقَعَدتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمتُ عَلَيهِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُستَخفِيًا، جُرَءَاءُ عَلَيهِ قَومُهُ، فَتَلَطَّفتُ حَتَّى دَخَلتُ عَلَيَّهِ بِمَكَّةَ، قُلتُ لَهُ: مَن أَنتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيٌّ الله، فَقُلتُ: وَمَا نَبِيٌّ الله؟ قَالَ: أَرسَلَنِي الله، فَقُلتُ: بِأَيِّ شَيءٍ أَرسَلَكَ؟ قَالَ: أَرسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرحَامِ، وَكَسرِ الأَوثَانِ، وَأَن يُوَحَّدَ الله لا يُشرَكُ بِهِ شَيءٌ، قُلتُ: فَمَن مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبدٌ. (قَالَ: وَمَعَهُ يَومَئِذٍ أَبُو بَكرٍ وَبِلالٌ
ــ
وقوله: قعدت على راحلتي؛ أي: ركبتها.
وقوله: جُرَءَاءُ عليه قومه؛ أي: يجترئون - من الجرأة -، وهو مرفوع على أنه خبر مقدم، وقومه مبتدأ، على مذهب البصريين.
وقوله: من أنت؟ سؤال عمن يعقل.
وقوله: وما نبي الله؟ سؤال عن النبوة، وهي من جنس ما لا يعقل؛ لأنها معنى من المعاني.
وقوله: فمن معك على هذا؟ قال: حرّ وعبد؛ الحر: أبو بكر، والعبد: بلال؛ كما فسَّره. ولم يذكر له النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليًّا لصغره، فإنه أسلم وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن عشر، ولا خديجة رضي الله عنها؛ لأنه فهم عنه أنه إنما سأله عن الرجال، فأجابه حسب ذلك. ويُشكل هذا الحديث بحديث سعد بن أبي وقاص، فإنه قال: ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث (1) الإسلام، وظاهره أن أبا بكر وبلالا أسلما في اليوم الذي أسلم فيه سعد، وأنه أقام سبعة أيام لم يسلم معهم الثلاثة أحد، وحينئذ يلزم أن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم جاءه عمرو بن عبسة: أبو بكر وسعد وبلال، لكن سكت عنه
(1) في (ع): لثالث ثلاثة.
مِمَّن آمَنَ مَعَهُ). فَقُلتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ. قَالَ: إِنَّكَ لا تَستَطِيعُ ذَلِكَ يَومَكَ هَذَا، أَلا تَرَى حَالِي وَحَالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارجِع إِلَى أَهلِكَ، فَإِذَا سَمِعتَ بِي قَد ظَهَرتُ فَأتِنِي قَالَ: فَذَهَبتُ إِلَى أَهلِي، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، وَكُنتُ فِي أَهلِي فَجَعَلتُ أَتَخَبَّرُ الأَخبَارَ، وَأَسأَلُ النَّاسَ حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِن أَهلِ يَثرِبَ مِن أَهلِ المَدِينَةَ فَقُلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ المَدِينَةَ؟ فَقَالُوا: النَّاسُ إِلَيهِ سِرَاعٌ، وَقَد أَرَادَ قَومُهُ قَتلَهُ فَلَم يَستَطِيعُوا ذَلِكَ، فَقَدِمتُ المَدِينَةَ، فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَتَعرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَم، أَنتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ؟ قَالَ: فَقُلتُ: بَلَى، فَقُلتُ: يَا نَبِيَّ الله! أَخبِرنِي عَمَّا عَلَّمَكَ الله وَأَجهَلُهُ، أَخبِرنِي عَنِ الصَّلاةِ؟ قَالَ:
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم، أعني: عن سعد -، فلم يذكره، إما ذهولا عنه، وإما لأن سعدًا لم يكن حاضرًا إذ ذاك بمكة، وإما لأمر آخر. والله أعلم. وقد تقدم الكلام على قرني الشيطان في الإيمان، وعلى ما تضمنه من الأوقات فيها، وعلى تكفير الخطايا في الطهارة.
وقوله: إني متبعك، معناه: أصحبك. وأكون معك في موضعك، ولذلك أجابه بقوله: إنك لا تستطيع يومك هذا، ولم يرد عليه إسلامه، وإنما ردّ عليه كونه معه.
وقوله: فإذا سمعت أني قد ظهرت؛ أي: علوت وغلبت، وهذا من إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيب، فهو داخل في باب دلالات نبوته، فإنه أخبر عن غيب وقع على نحو ما أخبر عنه، وهذا معنى قوله - تعالى -: لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؛ أي: ليعليه.
وقوله: أخبرني عن الصلاة: سؤال عن تعيين الوقت الذي يجوز التنفل فيه من الوقت الذي لا يجوز، وإنما قُلنا ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فَهِم عنه ذلك، فأجابه به،
صَلِّ صَلاةَ الصُّبحِ، ثُمَّ أَقصِر عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ حَتَّى تَرتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَينَ قَرنَي شَيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشهُودَةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى يَستَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمحِ، ثُمَّ أَقصِر عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقبَلَ الفَيءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشهُودَةٌ مَحضُورَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ العَصرَ، ثُمَّ أَقصِر عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ، فَإِنَّهَا تَغرُبُ بَينَ قَرنَي شَيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ. قَالَ:
ــ
ولو كان سؤاله عن غير ذلك لما كان يكون جوابه مطابقًا للسؤال.
وقوله: أقصر؛ أي: كف. وتُسَجَّر؛ أي: تملأ، ومنه: البحر المسجور؛ أي: المملوء. واسم إن محذوف، وهو ضمير الأمر والشأن. تقديره: فإنه حينئذٍ؛ كما قال الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يومًا
أي: إنه من، ويجوز إثباته؛ كما قال - تعالى -: إِنَّهُ مَن يَأتِ رَبَّهُ مُجرِمًا.
وقوله: حتى يستقل الظل بالرمح؛ أي: يكون ظلُّه قليلا، كأنه قال: حتى يقل ظل الرمح، والباء زائدة؛ كما قال - تعالى -: وَمَن يُرِد فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ. وقد رواه أبو داود، فقال: حتى يعدل الرمح ظله. قال الخطابي: هذا إذا قامت الشمس، وتناهى قصر الظل. وقد روى الخشني لفظ كتاب مسلم: حتى يستقلّ ظل الرمح؛ أي: يقوم، ولا تظهر زيادته. وفيه حجة لمن منع الصلاة حينئذ؛ وهم أهل الرأي، وقد روي عن مالك، ومشهور مذهبه ومذهب جمهور العلماء: جواز الصلاة حينئذٍ، وحجتهم: عمل المسلمين في جميع الأقطار على جواز التنفُّل يوم الجمعة إلى صعود الإمام على المنبر عند الزوال. قال القاضي أبو الفضل: وتأوّل الجمهور الحديث: على أنه منسوخ بإجماع عمل الناس، أو يكون المراد به: الفريضة، ويكون موافقًا لقوله: إذا اشتد الحرّ فأبردوا عن
فَقُلتُ: يَا رسول الله، فَالوُضُوءَ؟ حَدِّثنِي عَنهُ. قَالَ: مَا مِنكُم رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتمَضمَضُ وَيَستَنشِقُ فَيَستنَثِرُ إِلا خَرَّت خَطَايَا وَجهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجهَهُ كَمَا أَمَرَهُ الله إِلا خَرَّت خَطَايَا وَجهِهِ مِن أَطرَافِ لِحيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغسِلُ يَدَيهِ إِلَى المِرفَقَينِ إِلا خَرَّت خَطَايَا يَدَيهِ مِن أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَمسَحُ رَأسَهُ إِلا خَرَّت خَطَايَا رَأسِهِ مِن أَطرَافِ
ــ
الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (1). قلت: وفي هذا نظر، وهو: أنه لا يصحّ أن يكون نسخًا على حقيقته، وإنما هو تخصيص، فإنه إخراج بعض ما تناوله اللفظ الأول، لا رفع لكلية ما يتناوله. وأما قولهم: إن هذا في الفريضة، فليس بصحيح؛ لوجهين:
أحدهما: أن مقصود هذا الحديث: بيان الوقت الذي يجوز فيه التنفل من الوقت الذي لا يجوز فيه؛ كما قررناه آنفًا.
وثانيهما: حديث عقبة بن عامر المتقدم (2)، فإنه قال فيه: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلّي فيهن، وذكر هذا الوقت، ومقصوده قطعًا: بيان حكم التنفل في هذه الأوقات، فالظاهر: حمل النهي على منع التنفل في هذه الأوقات الثلاثة؛ إلا في يوم الجمعة؛ جمعًا بين الأحاديث والإجماع المحكي. والله - تعالى - أعلم.
وقوله: خرّت خطاياه: رواية أكثرهم بالخاء المعجمة؛ أي: سقطت، وهو كناية عن مغفرة الذنوب. وعند أبي جعفر: جرت بالجيم في الأولى، وقد رويناه بالجيم في جميعها، ومعناه صحيح؛ كما قال: خرجت خطاياه مع الماء.
(1) رواه أحمد (2/ 266 و 394 و 462)، والبخاري (533)، ومسلم (645)، وأبو داود (402)، والترمذي (157)، والنسائي (1/ 248 و 249) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
سبق في التلخيص برقم (699).