الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[506]
- وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَم يَستَطِع أَحَدُنَا أَن يُمَكِّنَ جَبهَتَهُ مِنَ الأَرضِ بَسَطَ ثَوبَهُ فَسَجَدَ عَلَيهِ.
رواه البخاري (385)، ومسلم (620)، وأبو داود (660)، وابن ماجه (1033).
* * *
(68) باب تعجيل صلاة العصر
[507]
- عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي العَصرَ وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ حَيَّةٌ،
ــ
وقول أنس: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر؛ ليس فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يبرد، بل قد توجد سَورةُ الحر وشدته بعد الإبراد، إلا أنها أخف مما قبله، والله تعالى أعلم.
وقوله: فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه: مما يدل على الصلاة على البُسُط والثياب؛ لا سيما عند الضرورة والمشقة، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها.
(68)
ومن باب: تعجيل صلاة العصر
قوله: كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حيّة، قال الخطابي: حياتها صفاء لونها قبل أن تصفر أو تتغير، وهذا مثل قوله: بيضاء نقيّة. وقال غيره: حياتها: بقاء حرها.
فَيَذهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى العَوَالِي، فَيَأتِي وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ. - وفِي روايةٍ: إِلَى قُبَاءٍ -.
رواه البخاري (550)، ومسلم (621)(192 و 193)، وأبو داود (404 - 406)، والنسائي (1/ 252 - 254)، وابن ماجه (682).
[508]
- وَعَنِ العَلاءِ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، أَنَّه دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالبَصرَةِ حتى انصَرَفَ مِنَ الظُّهرِ، وَدَارُهُ بِجَنبِ المَسجِدِ، فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيهِ قَالَ: أَصَلَّيتُمُ العَصرَ؟ فَقُلنَا لَهُ: إِنَّمَا انصَرَفنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهرِ. قَالَ: فَصَلَّوُا العَصرَ. فَقُمنَا فَصَلَّينَا، فَلَمَّا انصَرَفنَا، قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تِلكَ صَلاةُ المُنَافِقِ، يَجلِسُ يَرقُبُ الشَّمسَ، حَتَّى إِذَا كَانَت بَينَ قَرنَيِ الشَّيطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَربَعًا، لا يَذكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلا قَلِيلا.
رواه أحمد (3/ 103 و 185)، ومسلم (622)، وأبو داود (413)، والترمذي (160)، والنسائي (1/ 254).
ــ
وقوله: فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة. فسر مالك العوالي بثلاثة أميال من المدينة، وقال غيره: هي مفترقة، فأدناها ميلان، وأبعدها ثمانية أميال. قلت: وهذا إنما يتفق في الأيام الطويلة إذا عجلت العصر في أول وقتها. وفي الرواية الأخرى: إلى قباء مكان العوالي، وكلاهما صحيح الرواية والمعنى، فإن قباء من أدنى العوالي، وبينها وبين المدينة ميلان أو نحوهما، قاله الباجي.
وقوله: تلك صلاة المنافقين إشارة إلى صلاة العصر المخرجة عن وقتها. ومعناه: أن الذي يخرجها عن وقتها يشبه فعله ذلك فعل المنافق الذي يتهاون بأمرها، ويضيعها حتى يخرجها عن وقتها؛ ولذلك وصفه بقوله: يجلس
[509]
- وَعَن أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهلِ قَالَ: صَلَّينَا مَعَ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ الظُّهرَ، ثُمَّ خَرَجنَا حَتَّى دَخَلنَا عَلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، فَوَجَدنَاهُ يُصَلِّي العَصرَ، فَقُلنا: يَا عَمِّ! مَا هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّيتَ؟ قَالَ: العَصرُ، وَهَذِهِ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ.
رواه البخاري (549)، ومسلم (623)، والنسائي (1/ 253).
[510]
- وَعَن رَافِعَ بنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي العَصرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تنحَرُ الجَزُورَ، فَتُقسَمُ عَشَرَ قِسَمٍ، ثُمَّ تُطبَخُ، فَنَأكُلُ لَحمًا نَضِيجًا قَبلَ مَغِيبِ الشَّمسِ.
رواه البخاري (2485)، ومسلم (625)(198).
ــ
يرقب الشمس، وهذه عبارة عن عدم مبالاته بها وتضييعه لها، حتى إذا رأى الشمس قد حان غروبها، قام يصليها على ما ذكر رياءً وتلبيسًا. وقد تقدّم القول على قرني الشيطان. وهذا الحديث يدل: على أن آخر وقت إباحة العصر: ما لم تصفر الشمس، وما لم يصر ظل كل شيء مثليه على ما قدمناه.
وقوله: كنا نصلي العصر ثم ننحر الجزور الحديث. هذا وما قبله يدل: على فساد مذهب أبي حنيفة؛ إذ قال: إن أول وقت العصر: إذا صار ظل كل شيء مثليه؛ إذ لا يتسع الوقت على رأيه لمثل هذا الفعل، ولا لأن يأتوا العوالي والشمس مرتفعة، بل يتمكن من مثل هذا كله إذا صُلِّيِت في أول المثل الثاني، وكان النهار طويلا، والله تعالى أعلم.
وقوله: قام فنقرها أربعًا؛ هذا النقر عبارة عن سرعة حركاته في أركان الصلاة في ركوعها وسجودها، وخفة ذلك، بحيث لا يُتم ركوعها ولا سجودها، فشّبهه بنقر الطائر، وهو ذم لمن فعل ذلك. وفيه ردٌّ على من قال: إن الواجب من
[511]
- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ العَصرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهلَهُ وَمَالَهُ.
رواه البخاري (525)، ومسلم (626)(200)، وأبو داود (414 و 415)، والترمذي (175)، والنسائي (1/ 238)، وابن ماجه (685).
* * *
ــ
أركان الصلاة ومن الفصل بين أركانها أقل ما ينطلق عليه الاسم؛ لأن من اقتصر على ذلك صدق عليه: أنه نقر الصلاة، فدخل في الذم المترتب على ذلك.
وقوله: لا يذكر الله فيها إلا قليلا؛ أي: لسرعة حركاته فيها، وليرائي بالقليل الذي يذكره عند تخيله من يلاحظه من الناس.
والجزور من الإبل، والجزرة من غيرها: وهو ما يعد من ذلك لِلجَزرِ، وهو الشق والقطع. وتأخير عمر بن عبد العزيز الظهر كان على عادة بني أمية في تأخيرهم الصلوات؛ كما قد أخر عمر العصر حين أنكر عليه عروة، ويحتمل أن يكون ذلك التأخير منه نادرًا لشغل شغله من أمور المسلمين، والله تعالى أعلم.
وقوله: كأنما وتر أهله وماله؛ رويناه: برفع أهله وماله، ونصبهما. فالرفع على أن وتِرَ بمعنى: نُزِعَ وأُخِذَ، ومحمول عليه، فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وماله معطوف عليه، والنصب: حملٌ لِوُتِرَ على سُلِبَ، وهو يتعدى إلى مفعولين بنفسه؛ تقول: سُلِبَ زيدٌ ثوبَه، فتقيم الأول مقام الفاعل، وتترك الثاني منصوبًا على حاله. وقد اختلفوا في تأويل هذا الحديث، فذهب ابن وهب إلى أن هذا [إنما هو](1) لمن لم يصلها في الوقت المختار، وقاله
(1) ساقط من (ع).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الداودي. فيكون معناه على هذا: إن ما فاته من الثواب يلحقه عليه من الأسف والحزن مثل ما يلحق من أُخذ ماله وأهله منه. وذهب الأصيلي: إلى أن هذا الفوات إنما هو بغروب الشمس، فيكون معناه على هذا: ما قاله أبو عمر: إنه يكون بمنزلة الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترًا، فلا يلحقه، فيجتمع عليه غمُّ المصاب، وغمُّ مقاضاة طلب الوتر. وقال الداودي: معناه: أنه يجب عليه من الأسف والاسترجاع مثل الذي يمسه عذاب من وتر أهله وماله؛ لأنه أتى بكبيرة يجب عليه الندم والأسف لأجلها. وقيل: هذا الفوات هو أن يؤخرها إلى أن تصفر الشمس، [وقد روي مفسرًا من رواية الأوزاعي في الحديث؛ قال فيه: وجوابها أن تدخل الشمس] (1) صفرة. وأما تخصيص هذا بالعصر، فقال أبو عمر: يحتمل أن جوابه فيه على سؤال سائل عن العصر، وعلى هذا يكون حكم من فاتته صلاة من الصلوات كذلك. وقيل: خصت بذلك: لكونها مشهودة للملائكة عند تعاقبهم، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح؛ إذ الملائكة يتعاقبون فيها. وقيل: خصت بذلك [تأكيدًا وحضًّا على المثابرة عليها؛ لأنها صلاة تأتي في وقت اشتغال الناس. وعلى هذا فالصبح أولى بذلك](2)؛ لأنها تأتي وقت النوم. ويحتمل أن يقال: إنما خصت بذلك لأنها الصلاة الوسطى، كما سيأتي. وقد جاء في البخاري: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله (3). قال الداودي: ليس ذلك خاصًّا بالعصر، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات. وسيأتي الكلام على الحَبطِ إن شاء الله تعالى.
* * *
(1) ساقط من (ع).
(2)
ساقط من (ع).
(3)
رواه البخاري (594) من حديث بريدة رضي الله عنه.