المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(68) باب تعجيل صلاة العصر - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

[506]

- وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإِذَا لَم يَستَطِع أَحَدُنَا أَن يُمَكِّنَ جَبهَتَهُ مِنَ الأَرضِ بَسَطَ ثَوبَهُ فَسَجَدَ عَلَيهِ.

رواه البخاري (385)، ومسلم (620)، وأبو داود (660)، وابن ماجه (1033).

* * *

(68) باب تعجيل صلاة العصر

[507]

- عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي العَصرَ وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ حَيَّةٌ،

ــ

وقول أنس: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر؛ ليس فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يبرد، بل قد توجد سَورةُ الحر وشدته بعد الإبراد، إلا أنها أخف مما قبله، والله تعالى أعلم.

وقوله: فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه: مما يدل على الصلاة على البُسُط والثياب؛ لا سيما عند الضرورة والمشقة، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها.

(68)

ومن باب: تعجيل صلاة العصر

قوله: كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حيّة، قال الخطابي: حياتها صفاء لونها قبل أن تصفر أو تتغير، وهذا مثل قوله: بيضاء نقيّة. وقال غيره: حياتها: بقاء حرها.

ص: 248

فَيَذهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى العَوَالِي، فَيَأتِي وَالشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ. - وفِي روايةٍ: إِلَى قُبَاءٍ -.

رواه البخاري (550)، ومسلم (621)(192 و 193)، وأبو داود (404 - 406)، والنسائي (1/ 252 - 254)، وابن ماجه (682).

[508]

- وَعَنِ العَلاءِ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ، أَنَّه دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالبَصرَةِ حتى انصَرَفَ مِنَ الظُّهرِ، وَدَارُهُ بِجَنبِ المَسجِدِ، فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيهِ قَالَ: أَصَلَّيتُمُ العَصرَ؟ فَقُلنَا لَهُ: إِنَّمَا انصَرَفنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهرِ. قَالَ: فَصَلَّوُا العَصرَ. فَقُمنَا فَصَلَّينَا، فَلَمَّا انصَرَفنَا، قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تِلكَ صَلاةُ المُنَافِقِ، يَجلِسُ يَرقُبُ الشَّمسَ، حَتَّى إِذَا كَانَت بَينَ قَرنَيِ الشَّيطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَربَعًا، لا يَذكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلا قَلِيلا.

رواه أحمد (3/ 103 و 185)، ومسلم (622)، وأبو داود (413)، والترمذي (160)، والنسائي (1/ 254).

ــ

وقوله: فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة. فسر مالك العوالي بثلاثة أميال من المدينة، وقال غيره: هي مفترقة، فأدناها ميلان، وأبعدها ثمانية أميال. قلت: وهذا إنما يتفق في الأيام الطويلة إذا عجلت العصر في أول وقتها. وفي الرواية الأخرى: إلى قباء مكان العوالي، وكلاهما صحيح الرواية والمعنى، فإن قباء من أدنى العوالي، وبينها وبين المدينة ميلان أو نحوهما، قاله الباجي.

وقوله: تلك صلاة المنافقين إشارة إلى صلاة العصر المخرجة عن وقتها. ومعناه: أن الذي يخرجها عن وقتها يشبه فعله ذلك فعل المنافق الذي يتهاون بأمرها، ويضيعها حتى يخرجها عن وقتها؛ ولذلك وصفه بقوله: يجلس

ص: 249

[509]

- وَعَن أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهلِ قَالَ: صَلَّينَا مَعَ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ الظُّهرَ، ثُمَّ خَرَجنَا حَتَّى دَخَلنَا عَلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، فَوَجَدنَاهُ يُصَلِّي العَصرَ، فَقُلنا: يَا عَمِّ! مَا هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّيتَ؟ قَالَ: العَصرُ، وَهَذِهِ صَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ.

رواه البخاري (549)، ومسلم (623)، والنسائي (1/ 253).

[510]

- وَعَن رَافِعَ بنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي العَصرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تنحَرُ الجَزُورَ، فَتُقسَمُ عَشَرَ قِسَمٍ، ثُمَّ تُطبَخُ، فَنَأكُلُ لَحمًا نَضِيجًا قَبلَ مَغِيبِ الشَّمسِ.

رواه البخاري (2485)، ومسلم (625)(198).

ــ

يرقب الشمس، وهذه عبارة عن عدم مبالاته بها وتضييعه لها، حتى إذا رأى الشمس قد حان غروبها، قام يصليها على ما ذكر رياءً وتلبيسًا. وقد تقدّم القول على قرني الشيطان. وهذا الحديث يدل: على أن آخر وقت إباحة العصر: ما لم تصفر الشمس، وما لم يصر ظل كل شيء مثليه على ما قدمناه.

وقوله: كنا نصلي العصر ثم ننحر الجزور الحديث. هذا وما قبله يدل: على فساد مذهب أبي حنيفة؛ إذ قال: إن أول وقت العصر: إذا صار ظل كل شيء مثليه؛ إذ لا يتسع الوقت على رأيه لمثل هذا الفعل، ولا لأن يأتوا العوالي والشمس مرتفعة، بل يتمكن من مثل هذا كله إذا صُلِّيِت في أول المثل الثاني، وكان النهار طويلا، والله تعالى أعلم.

وقوله: قام فنقرها أربعًا؛ هذا النقر عبارة عن سرعة حركاته في أركان الصلاة في ركوعها وسجودها، وخفة ذلك، بحيث لا يُتم ركوعها ولا سجودها، فشّبهه بنقر الطائر، وهو ذم لمن فعل ذلك. وفيه ردٌّ على من قال: إن الواجب من

ص: 250

[511]

- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ العَصرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهلَهُ وَمَالَهُ.

رواه البخاري (525)، ومسلم (626)(200)، وأبو داود (414 و 415)، والترمذي (175)، والنسائي (1/ 238)، وابن ماجه (685).

* * *

ــ

أركان الصلاة ومن الفصل بين أركانها أقل ما ينطلق عليه الاسم؛ لأن من اقتصر على ذلك صدق عليه: أنه نقر الصلاة، فدخل في الذم المترتب على ذلك.

وقوله: لا يذكر الله فيها إلا قليلا؛ أي: لسرعة حركاته فيها، وليرائي بالقليل الذي يذكره عند تخيله من يلاحظه من الناس.

والجزور من الإبل، والجزرة من غيرها: وهو ما يعد من ذلك لِلجَزرِ، وهو الشق والقطع. وتأخير عمر بن عبد العزيز الظهر كان على عادة بني أمية في تأخيرهم الصلوات؛ كما قد أخر عمر العصر حين أنكر عليه عروة، ويحتمل أن يكون ذلك التأخير منه نادرًا لشغل شغله من أمور المسلمين، والله تعالى أعلم.

وقوله: كأنما وتر أهله وماله؛ رويناه: برفع أهله وماله، ونصبهما. فالرفع على أن وتِرَ بمعنى: نُزِعَ وأُخِذَ، ومحمول عليه، فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وماله معطوف عليه، والنصب: حملٌ لِوُتِرَ على سُلِبَ، وهو يتعدى إلى مفعولين بنفسه؛ تقول: سُلِبَ زيدٌ ثوبَه، فتقيم الأول مقام الفاعل، وتترك الثاني منصوبًا على حاله. وقد اختلفوا في تأويل هذا الحديث، فذهب ابن وهب إلى أن هذا [إنما هو](1) لمن لم يصلها في الوقت المختار، وقاله

(1) ساقط من (ع).

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الداودي. فيكون معناه على هذا: إن ما فاته من الثواب يلحقه عليه من الأسف والحزن مثل ما يلحق من أُخذ ماله وأهله منه. وذهب الأصيلي: إلى أن هذا الفوات إنما هو بغروب الشمس، فيكون معناه على هذا: ما قاله أبو عمر: إنه يكون بمنزلة الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترًا، فلا يلحقه، فيجتمع عليه غمُّ المصاب، وغمُّ مقاضاة طلب الوتر. وقال الداودي: معناه: أنه يجب عليه من الأسف والاسترجاع مثل الذي يمسه عذاب من وتر أهله وماله؛ لأنه أتى بكبيرة يجب عليه الندم والأسف لأجلها. وقيل: هذا الفوات هو أن يؤخرها إلى أن تصفر الشمس، [وقد روي مفسرًا من رواية الأوزاعي في الحديث؛ قال فيه: وجوابها أن تدخل الشمس] (1) صفرة. وأما تخصيص هذا بالعصر، فقال أبو عمر: يحتمل أن جوابه فيه على سؤال سائل عن العصر، وعلى هذا يكون حكم من فاتته صلاة من الصلوات كذلك. وقيل: خصت بذلك: لكونها مشهودة للملائكة عند تعاقبهم، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح؛ إذ الملائكة يتعاقبون فيها. وقيل: خصت بذلك [تأكيدًا وحضًّا على المثابرة عليها؛ لأنها صلاة تأتي في وقت اشتغال الناس. وعلى هذا فالصبح أولى بذلك](2)؛ لأنها تأتي وقت النوم. ويحتمل أن يقال: إنما خصت بذلك لأنها الصلاة الوسطى، كما سيأتي. وقد جاء في البخاري: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله (3). قال الداودي: ليس ذلك خاصًّا بالعصر، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات. وسيأتي الكلام على الحَبطِ إن شاء الله تعالى.

* * *

(1) ساقط من (ع).

(2)

ساقط من (ع).

(3)

رواه البخاري (594) من حديث بريدة رضي الله عنه.

ص: 252