الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[444]
- وَعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأيتُهُ تَنَخَّعَ فَدَلَكَهَا بِنَعلِهِ اليُسرَى.
رواه مسلم (554)، وأبو داود (482)، والنسائي (2/ 52).
* * *
(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام
[445]
- عَن سَعِيدِ بنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلتُ لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي النَّعلَينِ؟ قَالَ: نَعَم.
رواه أحمد (3/ 100)، والبخاري (5850)، ومسلم (555)، والترمذي (4/ 100)، والنسائي (2/ 74).
ــ
قلت: وقد دلّ على صحة هذا التأويل: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر: ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن، فلم يثبت لها حكم السِّيِّئة لمجرد إيقاعها في المسجد، بل بذلك وببقائها غير مدفونة. والأذى: هو (1) كل ما يُتَأذّى به من عظم، أو حجر، أو نجاسة، أو قذر، أو غير ذلك. ويُمَاطُ: يُزَال، ويُنَحَّى.
(49)
ومن باب: الصلاة في النعلين والثوب المعلم
قول أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين: هذا يدل على جواز الصلاة فيهما، وهو أمر لم يُختلف فيه إذا كانت النعل طاهرة من ذَكِيّ، فإن تحقق فيها
(1) ساقط من (ع).
[446]
- وعَن عَائِشَةَ قَالَت: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ أَعلامٍ، فَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: اذهَبُوا بِهَذِهِ الخَمِيصَةِ إِلَى أَبِي جَهمِ بنِ حُذَيفَةَ وَائتُونِي بِأَنبِجَانِيَّةِ، فَإِنَّهَا أَلهَتنِي آنِفًا فِي صَلاتِي.
رواه أحمد (6/ 199)، والبخاري (373)، ومسلم (556)(62)، وأبو داود (914)، والنسائي (2/ 72).
ــ
نجاسة مجمع على تنجيسها: كالدم، والعَذِرة من بول بني آدم، لم يطهرها إلا الغسل بالماء عندنا وعند كافة العلماء، وإن كانت النجاسة مختلفًا فيها: كبول الدواب، وأرواثها الرطبة، فهل يطهرها المسح بالتراب من النعل والخف، أو لا؟ قولان عندنا، وأطلق الإجزاء بمسح ذلك بالتراب من غير تفصيل الأوزاعي وأبو ثور. وقال أبو حنيفة: يزيله - إذا يبس - الحكُّ والفرك، ولا يزيل رطبه إلا الغسل ما عدا البول، فلا يجزئ عنده فيه إلا الغسل. وقال الشافعي: لا يطهر شيئًا من ذلك كله إلا الماء. والصحيح: قول من قال بأن المسح يطهره من الخف والنعل، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري: إذا جاء أحدكم المسجد، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه، وليصلّ فيهما (1)، أخرجه أبو داود، وهو صحيح. فأمّا لو كانت النعل أو الخف جلد ميتة، فإن كان غير مدبوغ، فهو نجس باتفاق، ومختلف فيه إذا دُبغ: هل يطهر طهارة مطلقة، أو إنما ينتفع به في اليابسات؟ روايتان عن مالك.
والخميصة - بفتح الخاء -: كساء مُرَبع من صوف، قال الإمام أبو عبد الله: مصبوغٌ عَلَمُه حريرٌ. والأنبجَاني: كساء غليظ لا علم له، وروي بفتح الهمزة وكسرها، وبفتح الباء وكسرها، وبالوجهين ذكره ثعلب، وروي بتشديد الياء
(1) رواه أبو داود (650).
[447]
- وَعَن أَنَسٍ بنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا قُرِّبَ العَشَاءُ وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَابدَؤوا بِهِ قَبلَ أَن تُصَلُّوا صَلاةَ المَغرِبِ، وَلا تَعجَلُوا عَن عَشَائِكُم.
رواه أحمد (3/ 161)، والبخاري (672)، ومسلم (557)، والترمذي (353)، والنسائي (2/ 111).
ــ
وتخفيفها في غير مسلم. وقال ابن قتيبة: إنما هو مَنبَجانِي - ولا يقال: أنبجاني -، منسوب إلى مَنبِج، وفتحت الياء في النسب؛ لأنه خرج مخرج مَخبَرَانِي.
وفي هذا الحديث: جواز الثياب ذوات الأعلام. وفيه: التحفظ من كُلِّ ما يُشغل عن الصلاة النظرُ إليه.
ويستفاد منه: كراهة التزاويق والنقوش في المساجد. وفيه: أن الذهول اليسير في الصلاة لا يضرها، ألا ترى إلى قوله: فإنها ألهتني عن صلاتي؛ أي: شغلتني وصرفتني.
وفيه: سدّ الذرائع (1)، والانتزاع عما يشغل الإنسان عن واجبات دينه.
وفيه: الهدايا من الأصحاب، واستدعاؤه صلى الله عليه وسلم أنبجاني أبي جهم بن حذيفة تطييب لقلبه ومُبَاسَطَةٌ معه، وهذا مع من يعلم طيب نفسه وصفاء وُدِّه جائز.
وآنفًا: الساعة. ولم يبعث الخميصة لأبي جهم ليصلي فيها، بل لينتفع بها في غير الصلاة، والله تعالى أعلم.
وقوله: إذا قُرِّب العشاء وحضرت الصلاة فابدؤوا به: هذا الحديث محمول على من كان محتاجًّا للطعام من صائم أو نحوه. وقد دلّ على صحة هذا التأويل: ما زاده الدارقطني في هذا الحديث من طرق صَحيحَة؛ وذلك قوله: إذا حضر العشاء وأحدكم صائم فابدؤوا به قبل أن تُصَلّوا (2). ولو لم تصح هذه
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 46 - 47). رواه الطبراني فى الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
[448]
- وَمن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: إِذَا حَضَرَ عَشَاءُ أَحَدِكُم وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَابدَؤوا بِالعَشَاءِ.
رواه أحمد (2/ 20)، والبخاري (673)، ومسلم (559)، وأبو داود (3757 و 3759)، والترمذي (354).
[449]
- وَعَنِ ابنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: تَحَدَّثتُ أَنَا وَالقَاسِمُ عِندَ عَائِشَةَ حَدِيثًا، وَكَانَ القَاسِمُ رَجُلا لَحَّانَةً، وَكَانَ لأُمِّ وَلَدٍ، فَقَالَت لَهُ عَائِشَةُ: مَا لَكَ
ــ
الزيادة لكان ذلك معلومًا من قاعدة الأمر بحضور القلب في الصلاة، والإقبال عليها، والنهي عما يشغل المصلي في صلاته ويشوشها عليه، ولا تشويش أعظم من تشويش الجائع عند حضرة الطعام.
وإلى الابتداء بالطعام على الصلاة ذهب الشافعي، وابن حبيب من أصحابنا، والثوري، وإسحاق، وأحمد، وأهل الظاهر، وروي ذلك عن عمر، وابن عمر، وأبي الدرداء. وحكى ابن المنذر عن مالك: أنه يبدأ بالصلاة، إلا أن يكون الطعام خفيفًا.
وفي هذا الحديث ما يدل على أن وقت المغرب موسع، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
وقوله في حديث ابن عمر: إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة؛ فابدؤوا بالعشاء (1) دليل على أن شهود الصلاة في الجماعة ليس بواجب؛ لأن ظاهر هذا: أنه إذا سمع الإقامة وهو في بيته وقد حضر طعامه أنه يبدأ بالطعام، وإن فاتته الصلاة في الجماعة.
وابن أبي عتيق: هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، والقاسم هذا: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت أمه أُمَّ ولدٍ.
وقوله: وكان القاسم رجلا لَحَّانة، كذا للسمرقندي، وهو للمبالغة؛ كما يقال: علَاّمة، ونسَّابة، ووقع للعذري: لُحنة، بسكون الحاء وضم اللام، ومعناه: أنه يلحن في كلامه، ويُلَحِّنُه الناس؛ كَخُدعَة للذي يُخدع، وهُزأة: للذي يُهزأ به، فأما فُعَلَة بفتح العين: فهو للذي يفعل ذلك بغيره؛ كما يقال: صُرعة للذي
(1) هذا لفظ حديث أنس وهو في صحيح مسلم (577)(64/ الرواية الأولى).
لا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إِنِّي قَد عَلِمتُ مِن أَينَ أُتِيتَ، هَذَا أَدَّبَتهُ أُمُّهُ، وَأَنتَ أَدَّبَتكَ أُمُّكَ. قَالَ: فَغَضِبَ القَاسِمُ وَأَضَبَّ عَلَيهَا، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَد أُتِيَ بِهَا قَامَ، قَالَت: أَينَ؟ قَالَ: أُصَلِّي. قَالَتِ: اجلِس. قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي. قَالَتِ: اجلِس غُدَرُ! إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا صَلاةَ بِحَضرَةِ الطَّعَامِ، وَلا وهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخبَثَانِ.
رواه مسلم (560)، وأبو داود (89).
* * *
ــ
يصرع الناس، وهُزَأة للذي يهزأ بهم، وخُدَعة: للذي يخدعهم.
وقوله: وأضبّ عليها، يعني: حقد، والضَّب: الحقد؛ من كتاب القزاز.
وقولها له: اجلس غُدَرُ، معناه: يا غادر. وعُدِلَ به عنه لزيادة معنى التكثير، ونسبته للغدر لِما أظهر من أنه إنما ترك طعامها من أجل الصلاة، وما صدر من عائشة للقاسم إنما كان منها لإِنهاض هِمَّتِه، وليحرص على التعلُّم، وعلى تثقيف لسانه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان ظاهر هذا نفي الصحة والإجزاء، وإليه ذهب أهل الظاهر في الطعام، فتأول بعض أصحابنا حديث مدافعة الأخبثين على أنه شغله حتى لا يدري كيف صلّى، فهو الذي يعيد قبل وبعد. وأما إن شغله شغلا لا يمنعه من إقامة حدودها، وصلّى ضَامًّا ما بين وَركَيه فهذا يعيد في الوقت، وهو ظاهر قول مالك في هذا. وذهب الشافعي والحنفي في مثل هذا: إلى أنه لا إعادة عليه. قال القاضي أبو الفضل: وكلهم مجمعون على أن من بلغ به ما لا يعقل به صلاته، ولا يضبط حدودها: أنها لا تجزئه، ولا يحل له الدخول كذلك في الصلاة، وأنه يقطع الصلاة إن أصابه ذلك فيها. والأخبثان: الغائط والبول. قاله الهروي وغيره.