الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد
[456]
- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن سَمِعَ رَجُلا يَنشُدُ ضَالَّةً فِي المَسجِدِ فَليَقُل: لا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيكَ، فَإِنَّ المَسَاجِدَ لَم تُبنَ لِهَذَا.
رواه أحمد (2/ 349)، ومسلم (568)، وأبو داود (473)، والترمذي (1321)، وابن ماجه (767).
[457]
- وَعَن سُلَيمَانَ بنِ بُرَيدَةَ عَن أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلا نَشَدَ فِي المَسجِدِ،
ــ
(51)
ومن باب: النهي عن أن تنشد الضالّة في المسجد
نشدت الضالة بمعنى: طلبتها. وأنشدتها: عرّفتها. قاله يعقوب وغيره، ومنه قول الشاعر:
إِصَاخَةَ الناشدِ للمُنشِدِ
والإصاخة: الاستماع.
وقوله: فليقل: لا ردها الله عليك: دعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان، فهو معاقبة له في ماله على نقيض مقصوده، فليلحق به ما في معناه؛ فمن رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع صوته، دُعِيَ عليه على نقيض مقصوده ذلك؛ بسبب جريمة رفع الصوت في المسجد، وإليه ذهب مالك في جماعة، حتى كرهوا رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره. وأجاز أبو حنيفة وأصحابه ومحمد بن مسلمة من أصحابنا رفع الصوت فيه في الخصومة والعلم. قالوا: لأنهم لا بُدَّ لهم من ذلك، وهذا مخالف لظاهر الحديث. وقولهم: لا بدّ لهم من ذلك ممنوع، بل لهم بُدٌّ من ذلك بوجهين:
فَقَالَ: مَن دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحمَرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لا وَجَدتَ، إِنَّمَا بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَت لَهُ.
وَفِي رِوَايَة: جَاءَ أَعرَابِيٌّ بَعدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الفَجرِ، فَأَدخَلَ رَأسَهُ مِن بَابِ المَسجِدِ. . .، وَذَكَرَ مِثلَهُ.
رواه أحمد (5/ 361)، ومسلم (569).
* * *
ــ
أحدهما: ملازمة الوقار والحرمة، وبإخطار ذلك بالبال والتحرز من نقيضه، ومن خاف ما يقع فيه تحرّز منه.
والثاني: أنه إذا لم يتمكن من ذلك فليتخذ لذلك موضعًا يخصه، كما فعل عمر، وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعرًا فليخرج من المسجد.
وقوله: إنما بنيت المساجد لما بنيت له: يدل على أن الأصل ألا يُعمل في المسجد غير الصلوات، والأذكار، وقراءة القرآن؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع في المسجد أو يبتاع فقولوا: لا أربح الله تجارتك (1). وقد كره بعض أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد، ورأى أنه من باب البيع، وهذا إذا كان بأجرة، فلو كان بغير أجرة لمنع أيضًا، من وجه آخر، وهو أن الصبيان لا يتحرّزون عن القذر والوسخ، فيؤدي ذلك إلى عدم تنظيف المساجد، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيفها وتطييبها، وقال: جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وسل سيوفكم، وإقامة حدودكم (2).
وقوله: فأدخل رأسه من باب المسجد؛ دليل على أن حكم هذا الداخل
(1) رواه الترمذي (569) من حديث أبي هريرة رضى الله عنه.
(2)
رواه ابن ماجه (750) من حديث واثلة رضي الله عنه، وفي الزوائد: إسناده ضعيف.