المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وجد منه ريحها من المسجد - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وجد منه ريحها من المسجد

(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

[450]

- عَنِ ابنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزوَةِ خَيبَرَ: مَن أَكَلَ مِن هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعنِي: الثُّومَ - فَلا يَأتِيَنَّ المَسَاجِدَ.

رواه أحمد (2/ 13 و 20)، والبخاري (853)، ومسلم (561)، وأبو داود (3825)، وابن ماجه (1016).

[451]

- وَمِن حَدِيثِ أَنَسٌ: فَلا يَقرَبنا ولا يصلي معنا.

رواه أحمد (3/ 186)، والبخاري (5451)، ومسلم (562)(68).

ــ

(50)

ومن باب: النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم

قوله: فلا يأتين المساجد، حجة على من قال: إن ذلك النهي مخصوص (1) بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: فلا يقربنّا ولا يصلّي معنا: يدل على أن مجتمع الناس حيث كان لصلاة أو غيرها؛ كمجالس (2) العلم والولائم وما أشبهها، لا يقربها من أكل الثوم وما في معناه؛ مما له رائحة كريهة تؤذي الناس، ولذلك جمع بين الثوم والبصل والكراث في حديث جابر. وتسمية الثوم: شجرة، على خلاف الأصل، فإنها من البقول، وقد سمّاها النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى: بقلة.

والشجر في كلام العرب: ما كان على ساق يحمل أغصانه، وما ليس كذلك

(1) ساقط من (م).

(2)

في (ع): كمجلس.

ص: 166

[452]

- وَمِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ: فَلا يَقرَبَنَّ مَسجِدَنَا، وَلا يُؤذِنَا بِرِيحِ الثُّومِ.

رواه أحمد (2/ 264 و 266)، ومسلم (563)، وابن ماجه (1015).

[453]

- وَعَن جَابِرِ بنِ عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَكَلَ مِن هَذِهِ البَقلَةِ الثُّومِ - وقَالَ مَرَّةً -: مَن أَكَلَ البَصَلَ وَالثُّومَ وَالكُرَّاثَ - فَلا يَقرَبَنَّ مَسجِدَنَا، فَإِنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنهُ بَنُو آدَمَ.

وَفِي رِوَايَةٍ، قال: مَن أَكَلَ ثُومًا أَو بَصَلا فَليَعتَزِلنَا، أَو لِيَعتَزِل مَسجِدَنَا، وَليَقعُد فِي بَيتِهِ. وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبدرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِن بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ البُقُولِ، فَقَالَ: قَرِّبُوهَا، إِلَى بَعضِ أَصحَابِهِ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكلَهَا، قَالَ: كُل، فَإِنِّي أُنَاجِي مَن لا تُنَاجِي.

ــ

فهو نجم، وهو قول الهروي وغيره من اللغويين، وهو المروي عن ابن عباس وابن جبير في قوله تعالى:{وَالنَّجمُ وَالشَّجَرُ يَسجُدَانِ} وهذا كله ما دامت هذه البقول غير مطبوخة، فأما لو طبخت، فكما قال عمر رضي الله عنه: فمن أكلهما فليمتهما طبخًا.

وقوله: وأنه أُتي بِبَدرٍ فيه خَضِرَاتٌ من بقول: وقعت هذه اللفظة ببدر، بالباء بواحدة من أسفل، وهو الطبق، سُمِّي بذلك لاستدارته. وقد وقع لبعض الرواة: بِقِدرٍ، بالقاف. واستُدلّ به: على كراهة ما له ريح من البقول وإن طبخ، وهذا ليس بصحيح. قالوا: وهو تصحيف، وصوابه: بِبَدر. وقد ورد في كتاب أبي داود: أُتي بِبَدر. ولو سُلِّم أنه: بقدر، فيكون معناه: أنها لم تمتِ بالطبخ تلك الرائحة منها، فبقي المعنى المكروه، فكأنّها نيِّئة.

وقوله: فإني أناجي من لا تناجي: يشعر بأن هذا الحكم خاص به؛ إذ هو

ص: 167

رواه أحمد (3/ 400)، والبخاري (858)، ومسلم (564)(73 و 74)، وأبو داود (3822)، والترمذي (1807)، والنسائي (2/ 43).

[454]

- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، قَالَ: لَم نَعدُ أَن فُتِحَت خَيبَرُ، فَوَقَعنَا - أَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلكَ البَقلَةِ - الثُّومِ -، وَالنَّاسُ جِيَاعٌ، فَأَكَلنَا مِنهَا أَكلا شَدِيدًا، ثُمَّ رُحنَا إِلَى المَسجِدِ، فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرِّيحَ، فَقَالَ: مَن أَكَلَ مِن هَذِهِ الشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ شَيئًا فَلا يَقرَبَنَّا فِي المَسجِدِ، فَقَالَ النَّاسُ: حُرِّمَت، حُرِّمَت. فَبَلَغَ ذَلكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَيسَ بِي تَحرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لِي، وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكرَهُ رِيحَهَا.

رواه أحمد (3/ 60 - 61)، ومسلم (565)، وأبو داود (3833).

ــ

المخصوص بمناجاة المَلَكِ، ولكن قد عَلَّلَ هذا الحكم في أول الحديث بما يقتضي التسوية بينه وبين غيره في هذا الحكم؛ حيث قال: فإن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنو آدم، وقوله: ولا تؤذينّا بريح الثوم.

وقوله: من هذه الشجرة الخبيثة، أي: المستكرهة المنتنة. ولما سمع الصحابة هذا الذم ظنوا أنها قد حرمت، فصرَّحوا به، وكأنهم فهموا هذا من إطلاق الخبيثة عليها مع ما قد سمعوا من قول الله تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ} فيبيَّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أن إطلاق الخبيث لا يلزم منه التحريم؛ إذ قد يراد به ما لا يوافق عادة واستعمالا، وعند هذا لا يصح للشافعي الاحتجاج بقوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ} على تحريم ما يُستخبث عادة كالحشرات وغيرها؛ إذ الخبائث منقسمة إلى مستخبث عادة، وإلى مستخبث شرعًا. ومراده تعالى في الآية: المستخبثات الشرعية؛ إذ قد أباح البصل والثوم مع أنها مستخبثة، وحرّم الخمر والخنزير وإن كان قد يستطاب، والله أعلم.

ص: 168

[455]

- وَعَن مَعدَانَ بنِ أَبِي طَلحَةَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ خَطَبَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ أَبَا بَكرٍ، قَالَ: إِنِّي رَأَيتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلاثَ نَقَرَاتٍ، وَإِنِّي لا أُرَاهُ إِلا حُضُورَ أَجَلِي، وَإِنَّ أَقوَاما يَأمُرُونَنِي أَن أَستَخلِفَ،

ــ

وقوله: إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي؛ يرد قول أهل الظاهر بتحريم أكل الثوم؛ لأجل منعه من حضور الجماعة التي يعتقدون فرضها على الأعيان، وكافة العلماء على خلافهم.

وقول عمر: إني رأيت كأن ديكًا نقرني ثلاث نقرات: هذا الديك الذي أُريه عمر مثال للعلج الذي قتله، وهو أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، وكان مجوسيا، وكان نجارًا حدّادًا نقاشًا، وكان من شأنه ما ذكره البخاري (1) وغيره، وهو أنه وثب على عمر وهو في صلاة الصبح - بعد أن دخل عمر فيها -، فطعنه ثلاث طعنات، فصاح عمر: قتلني - أو أكلني - الكلب، ظانًّا أنه كلب عضّه، فتناول عمر عبد الرحمن بن عوف، فكمّل الصلاة بالناس. ثم إن العلج وثب وفي يده سكين ذات طرفين، لا يمرّ على أحد يمينًا ولا شمالا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا، مات منهم تسعة، - وقيل: سبعة -، فطرح عليه رجل خميصة كانت عليه، فلما رأى العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وحزّ عبد الرحمن بن عوف رأسه، وهو الذي كان طرح عليه الخميصة.

وقوله: إن أقوامًا يأمرونني أن أستخلف، معنى الأمر هنا: العرض، والتَّحضِيض، أو الفتيا: بأنه يجب عليه أن يستخلف، وأنه مأمور بذلك من جهة الله تعالى. وظاهر هذا الأمر أنه إنما كان من هؤلاء الأقوام لما سمعوا من عمر تأويله لمنامه بحضور أجله، وهذا قبل وقوع طعنه، ويحتمل أن يكون هذا بعد أن

(1) رواه البخاري (3700).

ص: 169

وَإِنَّ اللَّهَ لَم يَكُن لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَلا خِلافَتَهُ، وَلا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ، فَإِن عَجِلَ بِي أَمرٌ فَالخِلافَةُ شُورَى بَينَ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنهُم رَاضٍ، وَإِنِّي قَد عَلِمتُ أَنَّ أَقوَامًا يَطعَنُونَ فِي هَذَا الأَمرِ، أَنَا ضَرَبت هُم بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسلامِ، فَإِن فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعدَاءُ

ــ

طعن، ويكون بعض الرواة ضمّ أحد الخبرين إلى الآخر، وعلى هذا يدل مساق هذا الخبر.

وقوله: وإن الله لم يكن لِيُضَيِّع دينه، ولا خلافته، ولا الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم؛ إنما قال ذلك عمر رضي الله عنه؛ لأنه قد علم مما قد فهمه من كتاب الله، وسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله يستخلف المؤمنين في الأرض، ويمكن لهم دينهم، ويظهره على الدين كله، فقال ذلك ثقة بوعد الله، وتوكّلا عليه.

والخلافة هنا: القيام بأمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على نحو ما قام به محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

وقوله: وإني قد علمت أن أقوامًا يطعنون في هذا الأمر؛ إشارة إلى جعله الأمر شورى بين الستة الذين هم: عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم.

وقوله: فإن فعلوا ذلك؛ أي: إن أفشوا الطعن، وعملوا على الخلاف في ذلك والمشاقّة، ولم يرضوا بالذين اخترتهم، فأولئك عند الله الكفرة الضلَاّل، وظاهر هذا: أنه حكم بكفرهم، وكأنه علم أنهم منافقون، وعلى هذا يدل قوله: أنا ضربتهم بيدي على الإسلام؛ يعني: أنهم إنما دخلوا في الإسلام على تلك الحال، لم تنشرح صدورهم للإسلام، وإنما تستّروا بالإسلام، وذلك حال المنافقين. ويحتمل أنهم لما فعلوا فعل الكفار من الخلاف، وموافقة أهل الأهواء، ومشاقّة المسلمين، أُطلق عليهم ما يطلق على الكفار. وعلى هذا فيكون هذا الكفر من باب كفران النعم والحقوق.

ص: 170

اللَّهِ الكَفَرَةُ الضُّلالُ، ثُمَّ إِنِّي لا أَدَعُ بَعدِي شَيئًا أَهَمَّ عِندِي مِنَ الكَلالَةِ، مَا رَاجَعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيءٍ مَا رَاجَعتُهُ فِي الكَلالَةِ، وَمَا أَغلَظَ لِي فِي شَيءٍ مَا أَغلَظَ لِي فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصبَعِهِ فِي صَدرِي، وقَالَ: يَا عُمَرُ! أَلا

ــ

وقوله: ثم إني لا أدع بعدي شيئًا أهم عندي من الكلالة. تَهَمُّمُ عمر بالكلالة؛ لأنها أشكلت عليه؛ وذلك أنها نزلت فيها آيتان:

إحداهما: قوله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امرَأَةٌ} وفيها إشكال من جهات، ولذلك اختلف في الكلالة ما هي؟ ففيها أربعة أقوال:

أحدها: أنها ما دون الوالد والولد؛ قاله أبو بكر الصديق، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، في خلق كثير.

والثاني: أنها من لا ولد له، وروي عن عمر أيضًا، وهو قول طاووس.

والثالث: أنها ما عدا الوالد؛ قاله الحكم بنُ عيينَة.

والرابع: أنها بنو العمّ الأباعد؛ قاله ابن الأعرابي.

واختلف أيضًا فيما يقع عليه الكلالة، على ثلاثة أقوال:

أحدها: على الحي الوارث؛ قاله ابن عمر.

والثاني: على الميت؛ قاله السُّدّي.

الثالث: على المال؛ قاله عطاء.

واختُلف أيضًا فيما أُخِذت الكلالة منه على قولين:

أحدهما: أنها مأخوذة من الإكليل المحيط بالرأس، فكأنها تكللت؛ أي: أحاطت بالميت من كلا طرفيه؛ ولذلك قال (1):

ورثتم قناة الملك لا عن كلالة

عن ابني مناف عبد شمسٍ وهاشمِ

(1) الشاعر: الفرزدق.

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال آخر:

وإِنَّ أَبَا المَرءِ أحمَى له

ومولَى الكَلالَةِ لا يَغضَبُ

والثاني: أنها مأخوذة من الكلال، وهو الإعياء، فكأنه يصل الميراث بالوارث بها عن بُعدٍ وإعياء، فكأن الرحم كلّت عن وارث قريب؛ قال الأعشى:

فآليت لا أرثي لها عن كلالة

ولا من وَجىً حتى تلاقي محمدًا

ثم مقتضى هذه الآية الأولى: أن كل واحد من الأخوين له السدس، سواء كان أحدهما ذكرًا أو أنثى، فإن كانوا أكثر اشتركوا في الثلث، ومقتضى الآية الثانية: أن للأخت النصف، وللاثنتين الثلثين، ولم يبين في واحدة من الآيتين الأخوة، هل هي لأم، أو لأب، أو لهما، ثم إذا تنزّلنا على أن الأخوة من الأولى للأم، وفي الثانية للأب، أو أشقاء، فهل ذلك فرضهم إذا انفردوا؟ أو يكون ذلك فرضهم وإن كان معهم بعض الورثة؟ كل ذلك أمور مطلوبة، والوصول إلى تحقيق تلك المطالب عسير، وسنبيّن الصحيح من ذلك كله، في الفرائض إن شاء الله تعالى.

فلما استشكلت على عمر هذه الوجوه تَشَوَّف إلى معرفتها بطريق يزيح له الإشكال، فألَحّ على النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال عن ذلك، حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره، وأغلظ عليه في ذلك ردعًا له عن الإلحاح؛ إِذ كان قد نَهَى عن كثرة السؤال، وتنبيهًا له على الاكتفاء بالبحث عمَّا في الكتاب من ذلك، وعلى أن الكتاب يبين بعضه بعضًا. وقال الخطابي: يشبه أن يكون لم يُفتِه، ووكل الأمر إلى بيان الآية اعتمادًا على علمه وفهمه؛ ليتوصل إلى معرفتها بالاجتهاد. ولو كان السائل ممن لا فهم له، لبيّن له البيان الشافي. قال: وإن الله أنزل في الكلالة آيتين: إحداهما في الشتاء، وهي التي في أول سورة النساء، وفيها إجمال وإبهام لا يكاد يَبِينُ المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية التي في آخر النساء في الصيف، وفيها زيادة بيان.

ص: 172

تكفِيكَ آيَةُ الصَّيفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ ، وَإِنِّي إِن أَعِش أَقضِي فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقضِي بِهَا مَن يَقرَأُ القُرآنَ وَمَن لا يَقرَأُ القُرآنَ.

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمصَارِ، فَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثتُهُم عَلَيهِم لِيَعدِلُوا عَلَيهِم، وَلِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُم وَسُنَّةَ نَبِيِّهِم صلى الله عليه وسلم، وَيَقسِمُوا فِيهِم فَيئَهُم، وَيَرفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشكَلَ عَلَيهِم مِن أَمرِهِم. ثُمَّ إِنَّكُم أَيُّهَا النَّاسُ! تَأكُلُونَ شَجَرَتَينِ لا أَرَاهُمَا إِلا خَبِيثَتَينِ: هَذَا البَصَلَ وَالثُّومَ، لَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي المَسجِدِ أَمَرَ بِهِ، فَأُخرِجَ إِلَى البَقِيعِ، فَمَن أَكَلَهُمَا فَليُمِتهُمَا طَبخًا.

رواه أحمد (1/ 28 و 48)، ومسلم (567)، وابن ماجه (2726).

* * *

ــ

وقوله: وإني إن أعش أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ. هذا يدل على أنه كان اتضح له وجه الصواب فيها، وأنه كان قد استعمل فكره فيها، حتى فهم ذلك، وأنه أراد أن يوضِّح ذلك على غاية الإيضاح، ولم يتمكن من ذلك في ذلك الوقت الحاضر؛ للعوائق والموانع، ثم فاجأته المنيّة رضي الله عنه، ولم يُروَ عنه فيها شيء من ذلك، لكن قد اهتدى علماء السلف لفهم الآيتين، وأوضحوا ذلك، فتبيّن الصبح لذي عينين، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقوله: فليمتهما طبخًا؛ أي: ليذهب رائحتهما، ويكسرهما بالطبخ. وكسر قوة كل شيء إماتته وقتله، ومنه قولهم: قَتَلتُ الخمر: إذا مزجتها بالماء وكسرتها. وقد تقدم القول في الخبيث، وفي الشجر.

ص: 173