المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

[681]

- عَنِ البَرَاءِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقرَأُ سُورَةَ الكَهفِ، وَعِندَهُ فَرَسٌ مَربُوطٌ بِشَطَنَينِ، فَتَغَشَّتهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَت تَدُورُ وَتَدنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنفِرُ مِنهَا، فَلَمَّا أَصبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَت لِلقُرآنِ.

رواه أحمد (4/ 293 و 298)، والبخاري (3614)، ومسلم (795)(240)، والترمذي (2887).

ــ

(117)

ومن باب: فضل سورة الكهف

قوله: بشطنين؛ أي: حَبلَين. والشَّطَن: الحبل الطويل، والنوى: الشطون البعيدة، وشَطَن؛ أي: بعد، ومنه الشيطان على أحد التأويلين. وتغشته: غطَّته. والسكينة: مأخوذة من السكون، وهو الوقار والطمأنينة، وهي هنا اسم للملائكة؛ كما فسرها في الرواية الأخرى، وسَمّاهم بذلك لشدّة وقارهم وسكونهم؛ تعظيمًا لقراءة هذه السورة (1)، واختلف المفسرون في قوله - تعالى -:{فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُم} على أقوال كثيرة، فقيل: السكون: الرحمة. وقيل: حيوان كالهرّ له جناحان وذنب، ولعينيه شعاع، فإذا نظر للجيش انهزم، وقيل: آيات يسكنون لها. وقال ابن وهب: روح من الله يتكلم معهم، ويبيّن لهم إذا اختلفوا. وهذا القول أشبهها؛ لأنه موافق لما في هذا الحديث. والمربد للتمر مثل الأندر (2)

(1) ساقط من (ع).

(2)

أي: البيدر.

ص: 437

[682]

- وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيَّ: أَنَّ أُسَيدَ بنَ حُضَيرٍ بَينَمَا هُوَ لَيلَةً يَقرَأُ فِي مِربَدِهِ، إِذ جَالَت فَرَسُهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَت أُخرَى فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَت أَيضًا، فَقَالَ، أُسَيدٌ: فَخَشِيتُ أَن تَطَأَ يَحيَى، فَقُمتُ إِلَيهَا، فَإِذَا مِثلُ الظُّلَّةِ فَوقَ رَأسِي، فِيهَا أَمثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَت فِي الجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا. قَالَ: فَغَدَوتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بَينَمَا أَنَا البَارِحَةَ مِن جَوفِ اللَّيلِ أَقرَأُ فِي مِربَدِي، إِذ جَالَت فَرَسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرَأِ، ابنَ حُضَيرٍ. قَالَ: فَقَرَأتُ. ثُمَّ جَالَت أَيضًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرَأِ، ابنَ حُضَيرٍ! قَالَ: فَقَرَأتُ. ثُمَّ جَالَت أَيضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرَأِ، ابنَ حُضَيرٍ! قَالَ: فَانصَرَفتُ، وَكَانَ يَحيَى قَرِيبًا مِنهَا، خَشِيتُ أَن تَطَأَهُ، فَرَأَيتُ مِثلَ الظُّلَّةِ، فِيهَا أَمثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَت فِي الجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: تِلكَ المَلائِكَةُ كَانَت تَستَمِعُ لَكَ،

ــ

للطعام. وجالت: اضطربت. والرواية المشهورة: تنفر؛ من النفور، وعند أبي بحر: تنقز بالقاف والزاي، ومعناه: تَثِب؛ يقال: نَقَزَ الصبي، وقَفَزَ: إذا وثب.

وقوله: فخشيت أن تطأ يحيى، يعني: أنه خشي أن تطأ الفرس يحيى ابنه، وقد فسره بعد ذلك. والظُّلَّة: السحابة فوق الرأس؛ مأخوذة من الظل. والجَوّ: ما بين السماء والأرض. والسُّرُج: جمع سراج؛ شَبَّه الأنوار التي رأى في السحابة بها.

وقوله صلى الله عليه وسلم لابن حُضير: اقرأ؛ عند إخباره له بما رأى، هو أمر له بمداومة على القراءة فيما يستأنفه؛ فرحًا بما أطلعه الله عليه، وكرر ذلك تأكيدًا (1).

وقوله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة كانت تستمع لك: استطابة لقراءته؛ لحسن

(1) ساقط من (ع).

ص: 438

وَلَو قَرَأتَ لأَصبَحَت يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَستَتِرُ مِنهُم.

رواه البخاري (5018) من حديث أُسيد، ورواه مسلم (796) من حديث أبي سعيد.

[683]

- وعَن أَبِي الدَّردَاءِ، أَنَّ نَّبِيّ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن حَفِظَ عَشرَ آيَاتٍ مِن أَوَّلِ سُورَةِ الكَهف عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ.

ــ

ترتيلها، وحضور قلبه فيها، وخشوعه وإخلاصه. والله - تعالى - أعلم، وإطلاع الله - تعالى - له على ذلك: إظهار كرامته له؛ ليزداد يقينًا مع يقينه، واجتهادًا في عبادته. وهذا دليل على جواز رؤية من ليس بنبي للملائكة.

وقوله: لو قرأت لأصبحت يراها الناس: يعني: لو دمت على حالتك في قراءتك لأصبحت على تلك الحال ظاهرة للناس، لكنه قطع القراءة، فارتفعت الملائكة وغابت؛ لتخصيص الكرامة به، وليعمل الناس على التصديق بالغيب.

وقوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال. وفي الرواية الأخرى: من آخر الكهف. واختلف المتأوِّلون في سبب ذلك؛ فقيل: لما في قصة أصحاب الكهف من العجائب والآيات، فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال، ولم يَهُلهُ ذلك، فلا يفتتن به. وقيل: لما في قوله - تعالى -: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَولِيَاءَ} - إلى آخر السورة - من المعاني المناسبة لحال الدجّال، وهذا على رواية من روى: من آخر الكهف. وقيل: لقوله - تعالى -: {قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأسًا شَدِيدًا مِن لَدُنهُ} ؛ تمسُّكًا بتخصيص البأس بالشدة واللدنِّية، وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الإلهية، واستيلائه، وعظيم فتنته، ولذلك عظَّم النبي صلى الله عليه وسلم أمره، وحذّر منه، وتعوّذ من فتنته. فيكون معنى هذا الحديث: أن من قرأ هذه الآيات وتدبرها، ووقف على معناها؛ حذره، فأمن من ذلك. وقيل: هذا من خصائص هذه السورة كلها، فقد روي: من حفظ

ص: 439

وفي رِوَايَةٍ: مِن آخِرِ الكَهفِ.

رواه أحمد (6/ 449)، ومسلم (809)، وأبو داود (4323)، والترمذي (2888).

* * *

ــ

سورة الكهف، ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه (1). وعلى هذا تجتمع رواية من روى: من أول سورة الكهف، ورواية من روى: من آخرها، ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها. وقيل: إنما كان ذلك لقوله: {قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأسًا شَدِيدًا مِن لَدُنهُ} فإنه يهون بأس الدجال، وقوله:{وَيُبَشِّرَ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَعمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا حَسَنًا} ؛ فإنه يهون الصبر على فتن الدجال بما يظهر من جنته وناره، وتنعيمه وتعذيبه، ثم ذمُّه - تعالى - لمن اعتقد الولد؛ يفهم منه: أن من ادعى الإلهية أولى بالذم، وهو الدجال، ثم قصة أصحاب الكهف فيها عبرة تناسب العصمة من الفتن، وذلك أن الله - تعالى - حكى عنهم أنهم قالوا:{رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِن أَمرِنَا رَشَدًا} فهؤلاء قوم ابتلوا فصبروا، وسألوا إصلاح أحوالهم، فأصلحت لهم، وهذا تعليم لكل مدعو إلى الشرك. ومن روى: من آخر الكهف؛ فلما في قوله - تعالى -: {وَعَرَضنَا جَهَنَّمَ يَومَئِذٍ لِلكَافِرِينَ عَرضًا} فإن فيه ما يهون ما يظهره الدجال من ناره.

وقوله: {الَّذِينَ كَانَت أَعيُنُهُم فِي غِطَاءٍ عَن ذِكرِي} تنبيه على أحوال تابعي الدجال؛ إذ قد عموا عن ظهور الآيات التي تكذبه. والله أعلم. والكهف: المغار الواسع في الجبل، والصغير منها يسمى الغار.

(1) رواه الحاكم (4/ 511) من حديث أبي سعيد الخدري.

ص: 440