الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
274 -
أبنا الدارقطني، عن أنس رضي الله عنه أن جعفرًا احتجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفطر هذان، ثم رخص بعد ذلك (1). ويمكن الجمع (2). قال الشافعي: كان يفتى بأن معنى أفطر أذهب أجر صومهما أو تعرضا للإفطار (3).
وقيل: كان بعد الغروب نفيًا للكراهة. وابن يونس (4): أفطر الحاجم ان ابتلع شيئًا من دم الحجمة عند المص. والمحجوم إن ضعف فطعم (5).
الخامسة: في صوم السفر:
275 -
أبنا البخاري ومسلم والشافعي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان بالصحابة فصام، وصاموا، حتى بلغ الكديد (6) بين عسفان (7) وقديد (8)، ثم أفطر، فأفطر الناس معه ثم لم يصم بقية رمضان (9).
(1) أخرجه الدارقطني في السنن - الصوم 2/ 182 وقال ولا أعلم له علة. ومن طريق الدارقطني أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 268، وابن الجوزي في التحقيق ص 128، وفي إعلام العالم ص 346 - 347 رقم 271، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص 43، والحازمي في الاعتبار ص 142. وذكر في نصب الراية 2/ 480 عن ابن عبد الهادي قوله: بأنه حديث منكر لا يصح الاحتجاج به لأنه شاذ الإسناد والمتن، وقال: لأنه من رواية خالد بن مخلد العطواني وعبد الله بن المثنى وإن كانا من رجال الصحيح، إلا أنه قد تكلم فيهما بعض الأئمة، وقال الحافظ في الفتح 4/ 178 رجاله كلهم من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر لأن فيه أن ذلك كان زمن الفتح وجعفر كان قد قتل قبل ذلك.
(2)
انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي 2/ 99، والاعتبار للحازمي ص 143 الجمع بين هذه الأحاديث.
(3)
انظر شرح السنة للبغوي 6/ 304، والاعتبار ص 143، ومعالم السنن 2/ 780، ومختصر السنن للمنذري 3/ 222 - 243، والمجموع للنووي 6/ 320 ما قاله الشافعي في الجمع بين أحاديث (أفطر الحاجم والمحجوم) والأحاديث المعارضة لها والتي تدل على عدم الإِفطار. وقد أطال البحث في ذلك وبيان حجج كل فريق. ابن القيم في تهذيب السنن 3/ 143 - 157.
(4)
هو: عبد الرحيم بن يونس، شيخ المصنف. تقدمت ترجمته في شيوخ المصنف في المقدمة ص 42.
(5)
لم أجد هذا النص لابن يونس في الكتب المتداولة المعروفة في مذهب الشافعي ولعله في كتابه التعجيز الذي لم يظهر بعد.
(6)
الكَدِيد - بفتح الكاف وكسر الدال - ماء بين عسفان وقديد وقد تفسيره في حديث البخاري في صحيحه.
انظر: فتح الباري 4/ 180 - 181 وقال: الكديد - مكان معروف أقرب إلى المدية من عسفان، وبينه وبين مكة مرحلتان. والكديد: التراب الناعم. النهاية 4/ 155.
(7)
عُسفَان: على وزن عثمان، على ستة وثلاثين ميلًا من مكة، وسمي عسفان لتعسف السيول بها، وهي على مرحلتين من مكة 3/ 283.
انظر: مختصر السنن للمنذري.
(8)
قُدَيْد - بضم القاف والتصغير - هو موضع بين مكة والمدينة. النهاية لابن الأثير 4/ 22.
(9)
أخرجه البخاري في صحيحه - الصوم - باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر 4/ 180 رقم 1944. =
276 -
أبنا الشافعي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في سفره عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم (1) أمر الناس بالإِفطار. فقيل له: الناس صاموا حين رأوك صمت. فدعا بإناء ماء عند العصر فوضعه على يده، ورفعه إلى فيه وأمر من بين يديه أن يجلسوا، ولحقه من فارقه حتى رآه الناس يشرب فشربوا، فبلغه أن ناسًا صاموا. قال: أولئك العصاة (2). وقال: تقووا لعدوكم (3).
قال الزهري: وكانوا يأخذون بالأحدث، فالأحدث (4).
وهذا يدل على تحريم الصوم في السفر، وأنه لا يجزئه. وبه قالت الظاهرية،
= وباب من أفطر في السفر ليراه الناس 4/ 186 رقم 1948، وفي الجهاد - باب الخروج في رمضان 6/ 115 رقم 2953. وفي المغازي غزوة الفتح 8/ 3 رقم 4275، 4276، 4279. ومسلم في صحيحه الصوم 4/ 784 رقم 1113 ورقم حديث الباب 88 وأبو داود في السنن الصوم 2/ 794 رقم 2404. والنسائي في السنن الصغرى 4/ 154، 183 الصوم، ومالك في الموطأ 1/ 294. وأحمد في المسند تحقيق أحمد محمد شاكر 4/ 108 رقم 2363. والشافعي في المسند ص 157. والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 240 - 241 من طريق الشافعي وعبد الرزاق في مصنفه 4/ 269 رقم 7762 وابن الجارود في المنتقى ص 343 رقم 3980.
(1)
كراع الغميم: اسم وادي أمام عسفان. الفتح 4/ 181، وفي النهاية لابن الأثير 4/ 165 قال: هو اسم موضع بين مكة والمدينة.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه الصوم 2/ 785 رقم حديث الباب 90. والترمذي في جامعه - الصوم 3/ 395 رقم 705 وقال: حديث جابر حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي في السنن الصغرى - الصرم 4/ 177. والشافعي في مسنده ص 157 - 158 وفي الأم 2/ 82، وفي مختصر المزني 2/ 14 على هامش الأم، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 65، والحاكم في المستدرك 1/ 432 وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال: والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 241، 246. والحازمي في الاعتبار ص 143.
(3)
قوله (تقووا لعدوّكم) أخرجها مسلم في صحيحه 2/ 789 الصوم رقم 102 وهي فيه من حديث أبي سعيد (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم) وبلفظ المصنف أخرجها الحاكم في المستدرك 1/ 432 والشافعي في الأم 2/ 87.
(4)
تقدم مثل هذا من قول الزهري أيضًا، ومن قول ابن عباس ص 204 وأخرج هذا عن الزهري البخاري عن طريق معمر ويونس وسفيان بن عيينة عن الزهري. وجزم البخاري بأنه من قول الزهري، كما بينه معمر ويونس وتردد سفيان.
انظر: الفتح 4/ 181، وقال: وجزم به مسلم أيضًا أنه مدرج من قول الزهري. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 246 عنه. وابن الجارود في المنتقى ص 143 رقم 798 من قول الزهري وابن عباس. وفي المصنف لعبد الرزاق 4/ 269، والبغوي في شرح السنة 6/ 307، والحازمي في الاعتبار ص 144، وانظر: نصب الراية 2/ 454.
والشيعة. وهو محكم عندهم ناسخ للجواز تأنسًا بما (1).
- روى ابن عمر رضي الله عنهما إن صام في السفر قضى في الحضر ومنع ابن عباس رضي الله عنهما (2).
278 -
وقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)(3).
279 -
أبنا البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة الأسلمي قال: يا رسول الله، أصوم في السفر؟ فقال:"إن شئت فصم، وإن شئت فافطر"(4).
280 -
وعنهما عن أبي الدرداء: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلَّا
(1) انظر: المغني لابن قدامة 3/ 149، والمجموع للنووي 6/ 217، والفتح 4/ 181 من قال بنسخ الصوم في السفر وهم الشيعة وأبو هريرة، والزهري، وآخرون. وأوجب الشيعة عليه القضاء لأن صومه في السفر لا يصح.
(2)
قول ابن عمر وابن عباس ذكره الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 63، وهو في شرح السنة للبغوي 6/ 307، ومعالم السنن للخطابي 2/ 793، والمجموع للنووي 6/ 217.
(3)
أخرجه ابن ماجه في السنن - الصوم 1/ 532 رقم 1666 وقال محققه: هذا حديث ليس بشيء، وأسامة متفق على ضعفه. وضعفه الحافظ من الفتح 4/ 184. فقال: أسامة بن زيد الليثي لا نراه حجة لنا ولا علينا. وابن أبي حاتم في العلل 1/ 539 وهو من طريق سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وسلمة بن عبد الرحمن ثقة إلا أنه لم يسمع من أبيه فهو موقوف. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 244 وضعفه. وزاد الحافظ في الفتح 4/ 184 فقال: موقوف منقطع. وانظر: المجموع للنووي 6/ 219 فقال: ويروى مرفوعًا وإسناده ضعيف. وفي نصب الراية 2/ 462 رواه النسائي موقوفًا عن ابن أبي ذئب ورواه البزار في مسنده. ولو ثبت مرفوعًا لكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج فصام حتى بلغ الكديد فأفطر وأمر الناس بالفطر دليلًا على نسخ هذا الحديث ورجح وقفه. والحاصل أنه حديث ضعيف لوقفه وضعف أسامة بن زيد الليثي وللانقطاع فيه كما سبق بيانه.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصوم - باب الصوم في السفر والإِفطار 4/ 179 رقم 1942 - 1943. ومسلم في صحيحه - الصوم - التخيير في الصوم والإفطار في السفر 2/ 789 رقم 103، وأبو داود في السنن - الصوم 2/ 793 رقم 2402. والترمذي في جامعه - الصوم 3/ 398 رقم 706 وقال: حسن صحيح والنسائي في السنن الصغرى 4/ 185 - 186 عنها، وفي 4/ 187 - 188 عن حمزة الأسلمي. وابن ماجه في السنن - الصوم 1/ 531 رقم 1662. والشافعي في الأم 2/ 87، وفي المسند ص 105. ومالك في الموطأ 1/ 295. والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 343. كلهم عن عائشة، وللنسائي عنها وعن حمزة الأسلمي.
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن رواحة (1).
281 -
وعنهما (2)، عن أنس رضي الله عنه: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم (3).
وهذا يدل على جواز الأمرين، والإِجزاء وعدم الحرمة (4). وبه قال أكثر العلماء، كابن عباس رضي الله عنهما وابن جبير وابن المسيب وعطاء والحسن ومجاهد والنخعي والأوزاعي والأئمة الأربعة. وهو محكم. ولا تعارض بينهما لأن كلًا من الصوم والفطر أحد الجائزين، ولا فطره بعد صومه ناسخ لثبوت تخيره (5)، واقترانه لسبب الضعف والتقوى.
ولم يصح عن عمر وابن عباس تحريمه، وحديث ابن عوف موقوف عليه (6).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - باب من صام أيامًا من رمضان ثم سافر 4/ 182 رقم 1945. ومسلم في الصوم - باب التخييري الصوم والفطر في السفر 2/ 790 رقم 108، 109. حديث الباب. وأخرجه أبو داود في السنن - الصوم 2/ 798 رقم 2409. وابن ماجه في السنن 1/ 531 - 532 رقم 1663. والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 545.
(2)
عنهما: البخاري ومسلم.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه باب لم يعب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار 4/ 186 رقم 1947. ومسلم في صحيحه - الصوم - باب جواز الفطر والصوم في شهر رمضان للمسافر في غير معصية 2/ 787 - 88 رقم حديث الباب 98، 99، وأبو داود في السنن - الصوم 2/ 795 رقم 2405. والنسائي في السنن - الصوم 4/ 182. ومالك في الموطأ 1/ 295. والشافعي في المسند ص 105، 158 وفي الأم 2/ 87. والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 244. كلهم عن أنس رضي الله عنه.
(4)
أي الصوم يجزئ المسافر ولا يحرم، ويدل عليه حديث أنس المتقدم وانظر: شرح السنة للبغوي 6/ 307 فقال: وهو قول عامة أهل العلم. والاعتبار للحازمي ص 143 - 144، والمغني لابن قدامة 3/ 149، والمجموع للنووي 6/ 217، وتفسير ابن كثير 1/ 216 - 217.
(5)
أي ليس فطر النبي صلى الله عليه وسلم ناسخًا للصوم في السفر لثبوت التخيير في حديث حمزة الأسلمي، وإنما كان أمره بالفطر لأصحابه في السفر لسبب الضعف ومواجهة العدو والتقوى، ولم يصح عن عمر وابن عباس القول بالنسخ ولا القول بحرمة الصوم في السفر.
انظر: المجموع 6/ 218 - 220، وإحكام الأحكام بشرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد 2/ 225، وفتح الباري 4/ 184، قال الحافظ ابن حجر: وكره الصوم في السفر جماعة من أهل العلم لمن يجهده ويشق عليه قوله (ليس من البر الصيام في السفر) الآتي. وقال: الفطر أفضل أن تضرر من الصيام أيضًا. وعند أحمد الفطر أفضل في السفر من الصيام. انظر: المغني لابن قدامة 3/ 149 وما بعدها. والمجموع للنووي 6/ 214 وعن ابن عمر قال: لأن أفطر في رمضان في السفر أحب إليّ من أن أصوم. أخرجه البيهقي عنه في السنن الكبرى 4/ 245.
(6)
تقدم قول ابن عمر وابن عباس برقم 273 وساقه هنا المصنف عن عمر وابن عباس. وانظر: شرح السنة للبغوي 6/ 307، ومعالم السنن للخطابي 2/ 793، والمجموع للنووي 6/ 214. وتقدم قول عبد =