الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشارة بقوله تعالى: {ولنبلونكم حتَّى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم} (1).
* * *
السابع: في أركانه وشروطه:
فأركانه خمسة (2): ناسخ (3)، وهو الشارع. ومنسوخ (4): حكمه. ومنسوخ به: خطابه (5). ومنسوخ عنه: المكلف. ونسخ: نزوله.
وله شروط (6): فشرط المنسوخ: أن يكون شرعيًا، ومتقدمًا (7)، وأن لا يكون مؤقتًا (8).
وشرط المنسوخ به: مقامته له في القطع (9)، ووجوب العمل به (10) وتأخره عنه، وتراخيه (11).
(1) سورة محمَّد - آية: 31. وقد أجاب ابن الصلاح في فتاويه ص 14 على سؤال ورده في معنى هذه الآية فقال: معنى الآية: حتَّى نعلم مجاهدتكم موجودة فنجازيكم عليها.
(2)
ذكر أكثر الأصوليين أربعة أركان للنسخ فقط وهي: النسخ، والناسخ، والمنسوخ، والمنسوخ عنه. انظر: المستصفى 1/ 121، الأحكام للآمديِ 2/ 239.
(3)
الناسخ: هو الله حقيقة، ويطلق على الدليل مجازًا.
انظر: الأحكام 2/ 240، وشرح الكوكب المنير 3/ 0.
(4)
المنسوخ: هو الحكم المرفوع الذي ثبت بدليل شرعي متقدم.
انظر: المستصفى 1/ 121.
(5)
منسوخ به: هو الخطاب أو الدليل الشرير المتأخر.
(6)
هذه الشروط منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه.
(7)
هذا الشرط متفق عليه.
انظر الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 237 - 238، والمستصفى 1/ 121، وهو كونه شرعًا متقدمًا، وأما إذا كان عقليًا أو ثبت بالبراء الأصلية التي ارتفعت بايجابي العبادة فلا يسمى نسخًا. العدة 3/ 768.
(8)
المؤقت هو: المقيد بوقت فإِذا جاء هذا الوقت زال الحكم، ومثل له الآمدي بقوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل} فإِذا جاء وقت الليل انتهى الصوم فلا يسمى مثل هذا نسخًا. الأحكام 2/ 245، والمستصفى 1/ 132، والعدة 3/ 769.
(9)
انظر: العدة 3/ 769، والإحكام للآمدي 2/ 245، والمستصفى 1/ 122، وهذا الشرط مختلف فيه، وقال القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 294: من شرط الناسخ أن يكون مساويًا للمنسوخ أو أقوى.
(10)
هذا الشرط مختلف فيه أَيضًا، فيجوز نسخ الأمر والنهي بالاباحة والعكس.
انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 267، والمستصفى 1/ 122.
(11)
هذا الشرط متفق عليه.
انظر: الأحكام للآمدي 2/ 267، والعدة 3/ 768 - 769، والمستصفى 1/ 121 - 122.
وشرط المنسوخ عنه: استمرار أهليته.
وشرط النسخ: أن يكون بخطاب (1).
وتناقض (2) الحكمين أو تضادهما (3) لولاه، فمتى أمكن الجمع بينهما بوجه ما امتنع (4).
فروع
الأول: لا يشترط اتحاد جنس المتواتر فينسخ الكتاب السنّة وعكسه خلافًا للشافعي فيه (5). والحق إن أمكن التخصيص قبوله.
(1) هذا الشرط مختلف فيه، فقد يكون النسخ بالفعل أَيضًا.
انظر: إرشاد الفحول ص 186، وشرح الكوكب المنير 3/ 526، والعدة 3/ 768 - 769، ومختصر ابن الحاجب مع شرحه 2/ 26 - 27، تنقيح الفصول للقرافي ص 292 - 294، الأحكام للآمدي 2/ 239.
(2)
التناقض بين القضايا: هو أن صدق إحدى القضيتين يقتضي احتمال صدق الأخرى ويجعلها كاذبة حتمًا أحدهما يقتضي كذب الأخرى ويجعلها صادقة حتمًا، وهما بأي حال لا يصدقان ولا يكذبان وإن كذب معًا. انظر: ضوابط المعرفة ص 155.
(3)
التضاد بين القضيتين: هو أن صدق إحدى القضيتين ينقض كذب الأخرى حتمًا، لكن كذب إحدى القضيتين لا يقتضي صدق الأخرى حتمًا لاحتمال أن يكون الواقع على خلافهما جميعًا.
انظر: ضوابط المعرفة ص 169.
(4)
لا يوجد تعارض حقيقي بين الناسخ والمنسوخ، ولا تناقض ولا تضاد وإنما التعارض الظاهر هو في الأخبار يقع بالنسبة إلى ظن المجتهد أو بما يحصل من خلل بسبب الرواة، أما التعارض في نفس الأمر بين حديثين صح صدورهما عن النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم فهو أمر معاذ الله أن يقع، ولأجل ذلك قال الإمام أبو بكر بن خزيمة رحمه الله: لا أعرف أنَّه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان بإِسنادين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأت به حتَّى أولف بينهما.
انظر: الابهاج على منهاج البيضاوي للسبكي 3/ 233. والنصان المتعارضان إما أن يكونا متساويين في القوة وفي العموم بأن يصدق كل منهما على ما يصدق عليه الآخر فإِن أمكن الجمع بينهما بوجه ما امتنع النسخ، وإن لم يكن الجمع وعلم المتقدم منهما والمتأخر فالمتأخر ناسخ للمتقدم، وإن جهل التاريخ طلب الترجيح من دليل خارج عنهما، وإن لم يحصل تساقطًا ويرجع إلى غيرهما. انظر: منهاج البيضاوي مع شرحه الابهاج 3/ 228 - 229. أما إذا حصل التعارض بين عام وخاص أو بين مطلق ومقيد فيحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد عند جمهور الأصوليين، وقيل يحمل المقيد على المطلق.
انظر: الابهاج 2/ 228 - 229، والعدة في أصول الفقه 3/ 835، 1019، والأحكام للآمدي 2/ 292، وشرح الكوكب المنير 3/ 529 - 530، وشرح الورقات مع حاشية الدمياطي ص 16 - 17.
(5)
المشهور عن الإِمام الشَّافعيّ رحمه الله منع نسخ القرآن بالسنة والعكس، أي نسخ السنة بالقرآن.=
الثاني: الإِجماع لا ينسخ، بل يدل على ناسخ (1).
الثالث: لا يشترط المقابل، فينسخ الطلب بالإِباحة وبالعكس، والمضيق بالموسع (2).
الرابع: لا يشترط البدل، ولا المساواة، والمفاضلة، فينسخ بلا بدل، وبمثل، وأخف، وأثقل (3).
= انظر: الرسالة: الفقرة 324. ص 108، وانظر: المستصفى 1/ 122 - 124، 126، والاحكام للآمدي 2/ 267، وشرح مختصر المنتهى 2/ 167، والموافقات للشاطبي 3/ 64، وفتح الباري 10/ 29، والاعتبار ص 28. وقد فسر مذهب الشَّافعيّ في هذا السبكي في الابهاج 2/ 271 - 272، بما ملخصه وهو: أن مراد الشَّافعيّ أنَّه حيث وقع نسخ القرآن بالسنة فمعها قرآن عاضد لها، وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة عاضدة له ليتبين توافق القرآن والسنة.
وانظر: الرسالة ص 106، 108، والمحصول ق 3/ 1/ 519.
(1)
مذهب الجمهور على هذا الذي ذكره المصنف، وذهب آخرون إلى أن الإجماع ينسخ وينسخ به.
انظر: المستصفى 1/ 126، والمحصول ق 3/ 1/ 531 - 538 والعدة في أصول الفقه 3/ 796، والابهاج 2/ 227 - 228، وشرح جمع الجوامع 2/ 78 - 80، وشرح الكوكب المنير 3/ 559، وإرشاد الفحول ص 186، وشرح مسلم للنووي 13/ 531 - 533.
(2)
انظر: الأحكام للآمدي 2/ 245، فقد نص على ما ذكره المصنف فقال: وأن يكون الناسخ مقابل المنسوخ مقابلة الأمر بالنهي، والمضيق بالموسع، وأن يكون النسخ ببدل، فإِن ذلك كله مختلف فيه، والحق أن هذه الأمور غير معتبرة.
وانظر: المستصفى 1/ 122، والعدة في أصول الفقة 3/ 783، فقال: وقد ينسخ إلى بدل وإلى غير بدل، وما ينسخ إلى بدل أربعة أضرب: واجب إلى واجب، وواجب إلى ندب، وواجب إلى مباح، ومحظور إلى مباح. وبين الواجب إلى واجب فقال: واجب مخبر إلى مضيق، وواجب إلى مباح، وواجب إلى ندب. ونسخ الحظر إلى إباحة، ومثل لكل هذه الأنواع.
وانظر: شرح الكوكب المنير 3/ 552 فقال: ولم تنسخ إباحة إلى إيجاب ولا إلى كراهة. وانظر مناهل العرفان 2/ 76.
(3)
راجع هذا المبحث في: العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى 3/ 785 - 787، والتفسير الكبير للرازي 3/ 232، والبرهان لإمام الحرمين 2/ 1311، والاحكام للآمدي 2/ 260، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 4/ 477، وأصول السرخسي 2/ 77، ونهاية السول مع شرح البدخشي على منهاج الأصول 2/ 179، وفواتح الرحموت 2/ 176، المستصفى 1/ 124، شرح مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/ 195، وإرشاد الفحول ص 186 - 188، وشرح تنقيح الفصول ص 311، والمسودة ص 201، وشرح الكوكب المنير 3/ 545 - 549، وحاشية البناني على جمع الجوامع 2/ 78، وعمدة التفاسير لأحمد شاكر 1/ 205، ومعظمهم لا يعتبر هذه الشروط. وانظر: الابهاج 2/ 261 - 262، والمعتمد للبصري 1/ 415، ومناهل العرفان 2/ 116.
الخامس: لا يشترط في المنسوخ أن يدل عليه بلفظ مخصوص، بل بالأعم من كونه مطابقة، وملازمة، وهو الفحوى (1) - نصًا كان، أو ظاهرًا، أو مؤولًا (2).
السادس: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، المختار أنَّه لم يكن مُتَعَبِّدًا (3) بشرع سابق، وإلَّا لرجع إليهم وافتخروا به.
وبعدها فأكثر الفقهاء والمعتزلة كذلك (4)، وقيل نعم بشرع إبراهيم أو موسى أو عيسى عليهم السلام. ويجاب عن الاستقلال بالفترة.
السابع: لا يشترط فعل المنسوخ كالصدقة أمام النجوى (5).
(1) اتفق الأصوليون على جواز نسخ حكم المنطوق والمفهوم الموافقة دفعة واحدة، واختلفوا في نسخ أحدهما مع بقاء الآخر على أقوال: لا يجوز، يجوز، للتفصيل في ذلك انظر: نهاية السول مع شرح البدخشي 2/ 188، شرح مختصر المنتهي 2/ 200، الإحكام للآمدي 2/ 281 - 282، شرح الكوكب المنير 3/ 577، المحصول ق 3/ 1/ 539 - 540، الابهاج 2/ 281، أصول الفقه للشيخ زهير أبي النور 3/ 90، وفواتح الرحموت 2/ 87.
(2)
الظاهر هو ما دل على المعنى مع احتمال غيره احتمالًا مرجوحًا، والمؤول: هو ما دل على معنى مرجوحًا.
انظر: شرح مختصر ابن الحاجب 2/ 168 - 169، وأصول الفقه للشيخ محمَّد أبي النور زهير 2/ 16 - 17، وشرح تنقيح الفصول ص 36، والأحكام للآمدي 2/ 198 - 199.
(3)
مُتعَبِّدًا: بكسر الباء علي أنَّه اسم فاعل، كما ضبطه القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 395، وضبطه الناسخ بالحركات أَيضًا. وفي شرح جمع الجوامع 2/ 352 قال: بفتح الباء كما ضبطه المصنف - يعني صاحب جمع الجوامع - ومعناه مكلفًا.
(4)
اختار ابن الحاجب والبيضاوي بأنه صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة متعبدًا بشرع، وقيل. كان على شريعة آدم، وقيل: إبراهيم وقيل: نوح، وقيل: موسى، وقيل: عيسى. وقال معظم المتكلمين: بأنه لم يكن صلى الله عليه وسلم قبل البعثة متعبدًا بشيء قطعًا، وهو مذهب مالك، وحكاه القرافي، وتوقف الغزالي وإمام الحرمين والآمدي، واعتمده القاضي، وقال السبكي: هو المختار.
انظر: الابهاج للسبكي على المنهاج للبيضاوي 2/ 302، ونهاية السول 2/ 208 - 211، وشرح تنقيح الفصول ص 295، والمحصول ق 3/ 397/1، وحاشة البناني على جمع الجوامع 2/ 352، وقال: والمختار بعد النبوة المنع. وانظر: الابهاج 2/ 303، والمستصفى 1/ 246 - 249. والمحصول للرازي ق 3/ 397/1 - 414، وفي شرح تنقيح الفصول ص 297 - 300 قال: مذهب مالك وجمهور أصحابه أنَّه متعبد بشرع من قبله. وانظر: العدة في أصول الفقه 3/ 751، 753، 765 - 767، مذهب أَحْمد وأصحابه.
(5)
نسخت آية تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} المجادلة: 12، والناسخ لها قوله تعالى {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ =
الثامن: طريق المتقدم والمتأخر في الكتاب بترتيب النزول، لا المصحف (1).
والسنة من اللفظ (ككنت نهيتكم). والتاريخ كعام الخندق والفتح (2).
التاسع: لا يشترط تعدد راويهما (3)، وكذلك راوي النسخ خلافًا لعبد الجبار (4).
العاشر: لا يشترط أن يكون المنسوخ عامًا، ولا مطلقًا، خلافًا لقوم (5)، فيجوز نحو صل الآن وأبدًا.
الحادي عشر: زيادة عبادة مستقلة ليست نسخًا لغيرها، وفيها نسخ عند أبي حنيفة،
= نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} المجادلة: 13. فقد احتج الأصوليون بهذه الآية على جواز نسخ الحكم قبل العمل به. انظر: تفسير القرطبي 17/ 302 - 303، وتفسير ابن كثير 4/ 348، والمحصول ق 3/ 462/1، والابهاج 2/ 254 - 255 والآمدي في الإحكام 2/ 255 فقد نص على نفس هذا المثال في المسألة وناقشها. وقال القرطبي: النسخ وقع بعد فعل الصدقة، وأورد حديث علي في ذلك، ولكنه عاد فضعف الحديث المروي عن علي في الصدقة قبل المناحلة والحديث رواه التِّرْمِذِيّ في جامعة التفسير 9/ 193 - 194 تحفة الأحوذي. ضعفه ابن كثير. وانظر: الابهاج للسبكي 2/ 254 - 255، 261 - 262.
(1)
انظر: الأحكام للآمدي - طرق معرفة الناسخ والمنسوخ -2/ 292 - 293، وقد نص بأن ترتيب الآيات في المصحف ليس على ترتيبها في النزول، ولا يقال بأن المتقدم في الترتيب في المصحف ناسخ للمتأخر.
(2)
راجع: صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 27، 135، وتفسير القرطبي 2/ 456، والإتقان في علوم القرآن 3/ 71، والأحكام للآمدي 2/ 292 - 294، وأصول الفقه للشيخ زهير أبي النور ص 105 - 106 طرق معرفة النسخ، وقد اتفقوا أنَّه إنما يرجع النسخ إلى نقل صريح.
(3)
لعله يقصد راوي الناسخ والمنسوخ، وهو المتبادر من فهم العبارة لأن الضمير لا يوجد له مرجع ظاهر في اللفظ المتقدم، وقد يكون يعني به الدليلين المتواردين على القضية الواحدة.
(4)
هو: القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أَحْمد بن الخليل بن عبد الله الهمداني الاستراباذي، الفقيه المعتزلي الأصولي المتكلم الأديب المفسر، ولي القضاء بالري، توفي سنة 415 هـ، وقد جاوز التسعين.
انظر ترجمته في: الكامل لابن الأثير 9/ 119، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 319، ومعجم البلدان 1/ 174، ولسان الميزان 3/ 386، وتاريخ بغداد 11/ 131، ومعجم المؤلفين 5/ 78.
(5)
انظر: الأحكام للآمدي 2/ 259، والمحصول ق 3/ 1/ 451 - 453، وفواتح الرحموت 2/ 68، وأصول الفقه للشيخ محمَّد أبي النور زهير 3/ 101، والنسخ في الشرائع السماوية ص 140 - 141، وقد اختلف الأصوليون في نسخ الحكم المقيد بالتأبيد، كما إذا قال الشارع: عليكم صوم رمضان أبدًا، فذهب الجمهور إلى جواز ذلك، ومنعته طائفة من الحنفية قالوا: لأن نسخه يترتب عليه محال فيكون نسخه محال، وأجاب الجمهور بأنه لا يترتب على فرض الوقوع محال، وكل ما لا يترتب على وقوعه محال فهو جائز. المصادر المتقدمة.
ونقصها بجزء أو شرط نسخ لأحدهما لا لهما خلافًا لقوم (1).
الثاني عشر: في التناقض والتضاد، فالقضيتان المختلفتان في الكم متداخلتان، وفي الكيف متقابلتان، فإن لم يجتمعا على الصدق فقط فمتضادتان، وإن اقتسمتا الصدق والكذب ذاتًا فمتناقضتان، فإذا التضاد: اختلاف القضيتين إيجابًا وسلبًا، يلزم لذاته من صدق إحداهما كذب الأخرى، ويكذبان، والمتناقضتان كذلك دونه، فلا يصار إلى النسخ إلَّا مع أحدهما (2).
* * *
الثامن (3): المحكم (4):
(1) زيادة العبادة: إما أن تكون مستقلة ليست من جنس المزيد عليه كزيادة صوم يوم الخميس مثلًا وجوبًا من كل أسبوع على ما شرع الله من صلاة وزكاة، وحج، ليست نسخًا بالاتقان. وإما أن تكون من جنس المزيد كزيادة صلاة على الصلوات الخمس فجمهور العلماء أنها ليست نسخًا، وقالت طائفة من الحنفية: إنها نسخ لها، وإليه أشار المصنف بقوله: وفيها نسخ عند أبي حنيفة.
أما زيادة عبادة غير مستقلة كزيادة اشتراط الطهارة في الطواف واشتراط الإِيمان في الرقبة في كفارة الظهار، أو زيادة صفة كإيجاب الزكاة في المعلوفة بعد إيجابها في السائمة. الجمهور: ليس نسخًا، وعند الحنفية: نسخ لها، وفصّل جماعة في علماء الأصول فقالوا: إن رفعت حكمًا شرعيًا كانت نسخًا، وإن رفعت البراءة الأصلية لم تكن نسخًا، وهو مذهب الباقلاني والبصري والرازي والآمدي وابن الحاجب.
انظر: المعتمد 1/ 437 - 447، والمحصول ق 3/ 542/1 - 556، والمستصفى 1/ 116 - 117، وشرح مختصر المنتهي 2/ 201، والأحكام للآمدي 2/ 285، وإرشاد الفحول ص 194 - 196، وأصول الفقه للشيخ محمَّد أبي النور زهير 3/ 95 - 96. وتفسير التحرير 3/ 220.
أما نقصها بجزء أو شرط فاتفق الجميع على نسخ وجوب ذلك الجزء وإلغاء ذلك الشرط فقط، وقال الجمهور: ليس نسخًا للعبادة نفسها، وذهب الغزالي وطائفة من الحنفية بأن النقص نسخ للعبادة مطلقًا.
انظر: المستصفى 1/ 116 - 117، والمحصول ق 3/ 1/ 542 - 556، والأحكام للآمدي 2/ 285 وما بعدها، ومختصر المنتهى 2/ 283، وشرح جمع الجوامع 2/ 92، وارشاد الفحول ص 195 - 196، وأصول الفقه للشيخ محمَّد أبي النور زهير 3/ 96.
(2)
تقدم معنى التناقض والتضاد في القضايا. ومعنى التعارض بين أمرين تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى الآخر، ثم يدفع هذا التعارض إذا علم المتقدم من المتأخر منهما فينسخ المتأخر المتقدم، وأما إذا لم يعلم وأمكن الجمع فهو أولى من النسخ، وإذا لم يمكن رجح أحد الدليلين، وإذا استويا في القوة تساقطا وطلب الدليل من غيرهما. انظر ص 134.
انظر: الأحكام للآمدي 2/ 292، وأصول الفقه لمحمد أبي النور زهير 3/ 117.
(3)
هذا الثامن من فصول مقدمة المؤلف.
(4)
المحكم: ما أحكمت عبارته واتقنت، والإحكام - بكسر الهمزة - الإتقان، وأحكم الأمر أتقنه.
انظر: تاج العروس 8/ 353 مادة حكم. وعند الأصوليين: المحكم ما وضحت دلالته، وهو ما قابل=