الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه مسألتان:
الأولى: في مدته:
459 -
أبنا مسلم وأحمد والشافعي عن أم سلمة قالت: لعائشة- رضي الله عنها أنه يدخل عليك الغلام الأيفع (1) الذي ما أحب أن يدخل علي فقالت عائشة مالك في رسول الله أسوة حسنة أن امرأة (2) أبي حذيفة (3) قالت: يا رسول الله إن سالمًا (4) يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شيء فقال: أرضعية خمس رضعات حتى يدخل عليك فأرضعته خمس رضعات (5).
ويروى كنا نراه ولدًا يأوي معنا في بيت واحد ويراني (6) فضلًا (7).
…
وهذا يدل على أن الرضاع المحرم يؤثر بعد الحولين فما فوقهما وبه قالت عائشة وداود (8).
(1) الأيفع: جمعه أيفاع: الغلام الذي قارب البلوغ، ويقال يافع: وجمعه يفعان، انظر المغرب ص 511.
(2)
امرأة أبي حذيفة هي ليلي ويقال بثينة بنت بعار بن زيد بن عمرو الأنصارية الأوسية امرأة أبي حذيفة قيل هى التي اعتقت سالمًا مولى ابن حذيفة وقيل إن اسمها سهلة. انظر الإِصابة 12/ 168.
(3)
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، ستأتس ترجمته في مولاه سالم وانظر ترجمته في الإِصابة 11/ 81 رقم 264 وهو بدري واستشهد باليمامة.
(4)
سالم: هو مولى أبي حذيفة ين عتبة بن ربيعة بن شمس أحد السابقين الأولين. الإِصابة 2/ 103 - 104.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه في الرضاع باب رضاع الكبير 2/ 1077 رقم حديث الباب 29 بلفظه. وأشار إلى قمة سالم هذه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي باب من شهد بدرًا 7/ 314 رقم 4000 وفي النكاح باب الأكفاء في الدين 9/ 131 - 132 رقم 5088.
وأخرجه أبو داود في السنن في النكاح باب من حرم بالرضاع 2/ 549 - 500 رقم 2061 وأخرجه النسائي في الصغير في النكاح باب رضاع الكبير 6/ 105 - 106 وابن ماجه في السنن باب رضاع الكبير 1/ 625 رقم 1943، وأخرجه مالك مرسلًا في الموطأ 2/ 605 والشافعي وهو في بدائع السنن 2/ 438 - 440 والدارمي في السنن 2/ 281 رقم 2262 وقال هذا لسالم خاصة. وأحمد في المسند 6/ 312 عن أم سلمة، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 459 - 460 وانظر فتح الباري 9/ 134 ونيل الأوطار 7/ 118 - 119.
(6)
فضلًا بضم الفاء: أي مبتذلة في ثياب المهنة. معالم السنن للخطابي 2/ 551 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3/ 455 - 456 وقال وتفضلت المرأة في بيتها إذا كانت في ثوب وأحد كقميص لا كمين له.
وانظر الصحاح للجوهري 2/ 1791 وفتح الباري 9/ 133 وذكر الحافظ عن ابن وهب أن فضلًا مكشوفة الرأس والصدر وقيل عليها ثوب واحد لا إزار تحته.
(7)
هذه الرواية للبخاري ولأبي داود أيضًا.
(8)
ذكر الخطابي في معالم السنن 3/ 11 - 12 والحازمي في الاعتبار ص 188 أن هذا الحكم إما على الخصوص لسالم وإما على النسخ ولم يَرَ العمل به كافة أهل العمل إلا عائشة وداود، وفي نيل الأوطار 7/ 119 - 120 قال الشوكاني ورضاع الكبير لا تأثير له وبه قال جمهور العلماء وأزواج.
460 -
أبنا الدارقطني عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع إلَّا ما كان في الحولين"(1).
وقال: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم (2) وهو ثقة (3).
461 -
أبنا الترمذي وصححه عن أم سلمة- رضي الله عنها قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلَّا ما فتق الامعاء من اللبن"(4)، ويروى من الثدي (5).
…
وهذا يدل على أن مدة الرضاع المحرم مؤقتة، ثم اختلف فيه فأكثر العلماء على أنها دون سنتين، وبه قال عمر وابنه وابن عباس وابن مسعود والشعبي والأوزاعي، ومالك في روايه، والشافعي
= النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة وبه قال داود واختار شيخ الإِسلام ابن تيمية رضاع الكبير فيما دعت إليه الضرورة
كرضاع سالم وليس في ذلك ما يدل على نسخ هذا الحكم.
(1)
أخرجه الدارقطني في السنن في الرضاع 4/ 174 مرفوعًا وقال الهيثم بن جميل ثقة حافظ وهو الذي أسنده، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/ 465 رقم 13903 موقوفًا.
والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 458 ورجح الموقوف وذكر شواهده في 7/ 462، وفي نصب الراية 3/ 218 قال الزيلعي رواه ابن عدي وقال هذا الحديث يعرف بالهيثم بن جميل مسندًا وغيره لا يرفعه ونقل عن ابن عبد الهادي أن الهيثم كان من الحفاظ إلا أنه وهم في رفع هذا الحديث، والصحيح وقفه، ورجح وقفه جماعة من الحفاظ منهم ابن كثير وابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 4 وفي الفتح 9/ 146، وانظر المغني على الدارقطني 4/ 174 ونيل الأوطار 7/ 121، وهو الذي نقل قول ابن كثير من الإرشاد.
(2)
وفي المخطوطة الهاشم وهو تحريف وصوابه الهيثم كما هو في سند الحديث في مصادره.
(3)
هذا كلام الدارقطني في السنن 4/ 174.
(4)
أخرجه الترمذي في جامعه أبواب الرضاع باب ما جاء أن الرضاع لا يحرم في الصغر دون الحولين 4/ 313 - 314 وقال حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم واللفظ له، إلا قوله "من اللبن" سيأتي الكلام عليها.
وهذا الحديث من رواية فاطمة بنت المنذر زوج هشام بن عروة وهي لم تسمع من أم سلمة، فأعلّه بالانقطاع.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه وهو في موارد الظمآن ص 305 رقم 1250 وفي التلخيص الحبير 4/ 5 ساقه الحافظ مع حديث ابن عباس المتقدم ليتقوى به وفي نيل الأوطار 7/ 121 - 122 قال الشوكاني وتصحيح الترمذي والحاكم لهذا الحديث يدفع الانقطاع فإنهما لا يصححان ما كان منقطعًا إلا وقد صح لهما اتصاله.
(5)
من الثدي، أي من زمن الرضاع قبل الفطام: وهي لغة معروفة تقول العرب مات فلان في الثدي أي زمن الرضاع، وهذا هو لفظ الترمذي وقوله "من اللبن" هي من حديث أبي هريرة عند النسائي والشافعي والبزار، قال ابن عبد البر لا يصح مرفوعًا. انظر التلخيص الحبير 4/ 5 ونيل الأوطار 7/ 122 وتحفة الأحوذي 4/ 314.
وأحمد واسحاق والثوري ومحمد وأبو يوسف (1) موافقة لقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} (2) وأكد بالكمال لإحتمال نحو أشهر معلومات، وجعل عامه خارجه عنده نحو إلى الليل فاعتبر ما دونهما ولو بلحظة، ولقوله تعالى:{وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} (3) مدة الحمل نصف سنة والرضاع سنتان.
ولمالك روايات أخر زيادة شهر وشهرين ومادام محتاجًا إليه (4)، وأبو حنيفة ثلاثون شهرًا (5)، وزفر (6) ثلاث سنين، وهذا محكم ناسخ للتأقيت (7) لأنه كان عقب نزول الآية، وهي من أوائل نزول المدني والتأقيت رواه أضاغر الصحابة كأبي هريرة وابن عباس- رضي الله عنهم وخص قوم (8) حديث عائشة بسالم (9).
تنبيه: النسخ وقع على الإطلاق (10) وبقى العدد محكمًا ولذا استدل الشافعي به، ويعتبر
(1) انظر الاعتبار للحازمي ص 187 - 188 وانظر مصنف عبد الرزاق 7/ 464 - 465 وما ساقه من الآثار عن الصحابة والتابعين في مدة الرضاع المحرم، وسنن البيهقي الكبرى 7/ 462، وشرح السنة للبغوي 9/ 84 - 85 وقول الإمام الشافعي في الأم 5/ 24 - 25.
(2)
سورة البقرة آية 233، وانظر تفسير ابن جرير 2/ 301 - 304.
(3)
سورة الأحقاف آية 15.
(4)
أنظر مذهب مالك في الكافي لابن عبد البر 1/ 442 - 443 وانظر الموطأ 2/ 604 قول مالك بنحو ما ذكره المصنف.
(5)
انظر مذهب ابن حنيفة في اللباب شرح الكتاب 3/ 31 وانظر الاعتبار ص 188 وشرح السنة للبغوي 9/ 85 ما نقل عن زفر بن الهذيل.
(6)
زفر بن الهذيل بن قيس العنبري من تميم أبو هذيل فقيه كبير من أصحاب الإِمام أبي حنيفة أقام بالبصرة وولي القضاء وتوفي بها سنة 158 هـ أنظر ترجمته في الجواهر المضيّة 1/ 243 وفي شذرات الذهب 1/ 243 وفي سير أعلام النبلاء 8/ 38 وما فيه من مراجع، والعبر 1/ 229.
(7)
أي التوقيت لمدة الرضاع وهي الحولين.
(8)
ومنهم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة.
انظر سنن الدارمي 2/ 81 والاعتبار ص 187.
(9)
سالم هو مولى بن حذيفة، تقدمت ترجمته. ص 454
(10)
أي على إطلاق الرضاع بعد الحولين وبقي العدد الذي هو خمس رضعات في زمن الحولين محكمًا، كما سيأتي في المسألة القادمة في كمية الرضاع، وانظر الاعتبار ص 188 ما نقله عن الشافعي بنحو ما ذكره المصنف، وانظر معالم السنن للخطابي مع مختصر السنن للمنذري 3/ 12 فقد ذكر الخطابي أن خبر سالم قد تضمن أمرين هما رضاع الكبير وتعليق الحكم على عدد الخمس الرضعات فأجرى الشافعي النسخ في رضاع الكبير، أو التخصيص ولم يجر ذلك في الأمر الآخر وهو عدد الرضعات الخمس، ثم قال وهذا سائغ، وانظر الاعتبار ص 188 ونيل الأوطار 7/ 119 - 120.