الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أحمد بن حنبل: أكثر أصحاب إبن عباس- رضي الله عنهما على خلاف ما نقل طاووس (1) وهو قوله: "لرجل قال طلقت إمرأتي ثلاثًا: "عصيت ربك وأبت زوجتك" (2). وهذا واضح وإن صح فيكون هذا ناسخًا (3) له، أو يخص بصورة قوله أنت طالق طالق طالق (4)، فإن غير المدخول بها تبن بالأولى فلا يلحقها الباقي (5)، والمدخول بها إن قصد بالأخيرتين تأكيد الأولى لم يقع إلَّا واحدة وعليه يحمل ما بعده من الكلام.
ولما رأى عمر- رضي الله عنه ظهور الخداع، وكثر إيراد الثلاث لم يصدقهم في التأكيد وأخذهم بقصد التعدد كالمؤنف، فنسب إليه (6).
باب: العدة
وأصلها العدد.
وفيه مسألة ملازمة السكن
455 -
عن يعقوب (7) بن زيد (8)، عن أبيه شكى نساء من بني الأشهل الوحشة في دورهن لفقد من فقد من أزواجهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهن أن يتحدثن في بيت امرأة منهن حتى يؤذن النوم فترجع كل
(1) انظر قول الإِمام أحمد بن حنبل في منتقى الأخبار مع شرحه نيل الأوطار 7/ 18.
(2)
تقدم تخريج هذا الحديث برقم 449 من هذا الكتاب.
(3)
ممن قال بالنسخ الإِمام الشافعي ونقله عن البيهقي في السنن الكبرى 7/ 338 وانظر فتح الباري 9/ 363 - 364.
(4)
انظر معالم السنن للخطابي 2/ 650 والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 338 وفتح الباري 9/ 363 - 365 وقد قال الخطابي بأن هذا إنما جاء في نوع خاص من أنواع الطلاق الثلاث الذي خصت به هذه الصورة من صور الطلاق وهو أن يفرق بين اللفظ وذكر نحو ما نقله المصنف هنا.
(5)
ذكر الخطابي في معالم السنن 2/ 649 بأن هذا جاء في غير المدخول بها. وذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية في فتاويه 33/ 7 - 9 وابن القيم في زاد المعاد 4/ 43 - 44 إن هذا التأويل ذهب إليه جماعة من أصحاب ابن عباس وعامة أهل العلم على خلافه. وانظر فتح الباري 9/ 363 - 365.
(6)
تقدم تخريج قول عمر رضي الله عنه برقم 452 من هذا الكتاب.
(7)
يعقوب بن زيد بن طلحة بن عبيد الله بن أبي مليكة التميمي أبو يوسف المدني صدوق من الخامسة. تقريب التهذيب ص 386 والتهذيب 11/ 385 وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 436 قال الخزرجي وثقه أبو زرعة.
(8)
زيد بن طلحة هو أبو يعقوب المتقدم تابعي صغير أرسل شيئًا وليس له ولا لأبيه ولا لجده صحبة. انظر الإِصابة 4/ 95 رقم 3019 وقال الحافظ أخرج حديثه مالك والحاكم.
امرأة منهن إلى بيتها (1).
.. في سنده مقال من الواقدي (2) وهو محفوظ من غيره (3).
456 -
أبنا النسائي وأبو داود والترمذي وصححه عن فريعة (4) بنت مالك أن زوجي قتل بطرف القدوم (5)، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقلت إن نعي زوجي أتاني وأنا في دار شاسعة من دور أهلي ولم يدع لي نفقة ولا مالًا ولا وَرِثَتُهُ وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وأخوتي لكان أرفق لي؟ فقال: تحولي (6).
(1) ساقه الحازمي في الاعتبار ص 184 بهذا اللفظ عن الواقدي عن أبي بكر بن عبد الله التستري عن يعقوب بن زيد مرسلًا، ثم قال وهذا السند فيه مقال من جهة الواقدي محمد بن عمر وشيخه أبي بكر بن عبد الله التستري غير أن الحديث محفوظ ممن غير هذا الوجه.
وأخرجه مالك في الموطأ 2/ 591 مرسلًا بن يعقوب بن زيد عن أبيه، وله شاهد آخر أخرجه الشافعي في الأم 5/ 217 عن مجاهد وعن الشافعي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 436 وقال مرسل ومجاهد لم يدرك هذه القصة. ثم ساق له شاهدًا آخر عن ابن مسعود، وأخرج حديث ابن مسعود عبد الرزاق في مصنفه 7/ 32، وسعيد بن منصور في السنن رقم الحديث 1337 وذكر الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 240 أن هذه كلها مرسلة ومنقطعة.
(2)
الواقدي، محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي المدني القاضي نزيل بغداد متروك مع سعة علمه من التاسعة.
انظر تقريب التهذيب ص 312 - 313.
(3)
هذا ما ذكره الحازمي في الاعتبار ص 184، وانظر نيل الأوطار 7/ 102.
(4)
فريعة، بالتصغير، ويقال لها الفارعة بنت مالك بن سنان الأنصارية أخت أبي سعيد الخدري، صحابية جليلة.
انظر تقريب التهذيب ص 471.
(5)
طرف القدوم: هو موضع يقع على ستة أميال من المدينة، والقدوم بالتخفيف والتشديد.
انظر النهاية في غريب الحديث 4/ 27.
(6)
أخرجه أبو داود في السنن في الطلاق باب المتوفى عنها زوجها تنتقل 2/ 723 - 724 رقم 2300 من طريق مالك عن سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة عن الفريعة بنت مالك.
وأخرجه الترمذي في جامعه في الطلاق باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها 4/ 390 - 391 رقم 1216 وقال حسن صحيح.
وأخرجه النسائي في السنن في الطلاق باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل 6/ 199، وأخرجه ابن ماجه في السنن في الطلاق باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها 1/ 654 رقم 2031 وأحمد في المسند 6/ 370، 420، 421 ومالك في الموطأ 2/ 591 رقم 87 والشافعي في الأم 5/ 208 - 209 وفي الرسالة الفقرة رقم 1214 وهو في بدائع السنن 2/ 409 وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 208 وقال: قال محمد بن يحيى الذهلي هذا حديث صحيح محفوظ ثم قال صحيح =
وهذا يدل على جواز انتقال المعتدة عن الوفاة من مسكن الابتداء إلى غيره، وبه قال علي وعائشة وابن عباس وعطاء والحسن وهو محكم عندهم (1).
457 -
وعنهم عنها (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما خرجت من المسجد أو الحجر، دعاني وقال امكثي في بيت زوجك الذي أتاك فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله، فاعتدى فيه أربعة أشهر وعشرًا (3).
…
وهذا يدل على وجوب ملازمتها المسكن الأول ويحرم عليها الانتقال إلى غيره وهو محكم ناسخ للرخصة، وبه قال عثمان وابن عمر وابن مسعود وأم سلمة والأئمة الأربعة رضي الله عنهم (4).
= الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن حبان في صحيحه وهو في موارد الظمآن ص 323 - 324 رقم 1332 والحديث رواه أبو يعلى وإسحاق بن راهويه، انظر نصب الراية 3/ 263 - 264 وقال أعله ابن حزم وعبد الحق بجهالة حال زينب بنت كعب بن عجرة، ثم قال وتعقبهما ابن القطان في كتابه، وزينب وثقها الترمذي، وذكر المنذري في مختصر السنن 3/ 199 كلام الترمذي وارتضاه وذكر الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 240 أن زينب بنت كعب بن عجرة قد ذكرت في الصحابة، وقال في بلوغ المرام ص 236 صححّ هذا الحديث الترمذي والذهلي وابن حبان والحاكم ومثله كلام ابن القيم في أعلام الموقعين 1/ 297 فقد صح الحديث، وانظر نيل الأوطار 7/ 101 فقد نقل تصحيحه هذا الحديث عن جماعة من الحفاظ وأغرب الشيخ ناصر الألباني في إرواء الغليل 7/ 206 - 207، فضعف هذا الحديث وبين أن سبب ضعفه هو جهالة زينب بنت كعب موافقًا لابن حزم وعبد الحق، وقد عرفت ما قدمناه.
(1)
قال الحازمي في الاعتبار ص 184 اختلف أهل العلم في عدة المتوفى عنها زوجها في مسكنها حتى تنقضي عدتها وخروجها منه، فقالت طائفة تعتد حيث شاءت ولا بأس بانتقالها من مسكنها إلى سكن آخر كما هو في هذا الحديث، وذكر من ذهب إليه من الصحابة ومن بعدهم ثم قال والاستدلال بالحديث الذي ذكرناه في جواز الانتقال لا يستقيم إذ ليس في الحديث ما يدل على ذلك وإنما فيه إذن النبي صلى الله عليه وسلم لهن في الخروج نهارًا إلى حالة النوم، والنزاع في الانتقال لا في التردد، وقد اتفق أكثر أهل العلم على جواز خروجها للحاجة، وعلى هذا المساق يمكن الجمع بين الحديثين فلا وجه للمصير فيه إلى النسخ، وإنما يتحقق النسخ في حديث فريعة، ثم ذكر طائفة أخرى قالت ليس لها أن تخرج من مسكنها ولا تفارقه حتى يبلغ الكتاب أجله، وجوز هؤلاء خروجها نهارًا للحاجة، وقالوا كان الإذن بالانتقال نم نهي عنه. وسيأتي باقي كلامه قريبًا.
(2)
عنهم عمن ذكرهم المصنف في تخريج الحديث رقم 456 من حديث فريعة.
(3)
هذا جزء من حديث فريعة المتقدم برقم 456.
(4)
انظر مذاهب العلماء في الأم 5/ 208 وفي شرح السنة للبغوي 9/ 303 وفي الكافي لابن عبد البر 1/ 520 وفي الاعتبار ص 185 - 186 وفي الكافي لابن قدامة 3/ 322 وفي مختصر السنن للمنذري مع معالم السنن للخطابي 3/ 198 - 199 نيل الأوطار 1/ 101 - 102 وذكر الحازمي في الاعتبار ص 185 نقلًا، عن ابن المنذر إجماع أهل العمل على أن عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر مدخولًا بها أو غير مدخول بها صغيرة لم تبلغ أو كبيرة بلغت. ثم ساق خلافهم في مقام المتوفى عنها زوجها على ما ذكر المصنف.