الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافًا للطحاوي (1)، ولا ينافي الغسل لاحتمال تفاوته، أو بعده.
وقول عمر لمعاوية رضي الله عنهما (لتغسلنه)(2) خروجًا من الخلاف لا لأنه لم يبلغه (3).
ويمكن الجمع بأن أمره يحمل على غسل الصفرة (4)، لنهيه عن المزعفر (5).
الرابعة: في دخول المحرم الباب:
ذكر المفسرون أن المسلمين في صدر الإِسلام كان إذا أحرم أحد من غير الحمس (6) - وهم قريش وحلفاؤها - كنانة وخزاعة، وثقيف، ومضر، وبنو نضر بن معاوية، وبنو عامر بن
لاحرام 2/ 849 رقم 1192. وأخرجه النسائي في السنن - الحج 4/ 14. والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 132. والشافعي في الأم 2/ 129. والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 33. والحازمي في الاعتبار ص 150 عنها. وهذا الحديث أورده الزركشي في الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ص 93 فقد ردت به على عبد الله بن عمر في قوله (ما أحب أن أصبح محرمًا أنضح طيبًا).
(1)
انظر: شرح معاني الآثار 2/ 132، والاعتبار ص 150، ونصب الراية 3/ 20 قول الطحاوي فأوجب غسل الطيب قبل الإحرام لحديث ابن عمر المتقدم.
(2)
أخرجه مالك في الموطأ - باب ما جاء في الطيب 2/ 329 وهو في موطأ محمد بن الحسن ص 140 رقم 402. والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 126، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 35. والحازمي في الاعتبار ص 150، وذكره الزركشي في الإجابة ص 72 - 73 للبزار من وجه ضعيف.
(3)
قال البيهقي والحازمي: ولو بلغ عمر رضي الله عنه حديث عائشة رضي الله عنها لرجع إلى خبرها، ويحتمل أنه كان يكره ذلك كيلا يغتر به الجاهل فيتوهم أن ابتداء الطيب يجوز للمحرم. وقول عمر لمعاوية (لتغسلنه): أي الطيب فإنه وجد رائحته من معاوية وهو محرم، فكانت أم حبيبة طيبته قبل إحرامه فأنكر عليه عمر رضي الله عنه ذلك.
(4)
انظر: الاعتبار ص 150.
(5)
النهي عن لبس المزعفر تقدم من حديث ابن عمر برقم 296، وقد ورد أيضًا من طرق أخرى عن ابن عباس وأنس وغيرهما.
انظر: صحيح البخاري مع الفتح 3/ 401 رقم 1545 حديث ابن عباس، ومسند الشافعي ص 120 حديث أنس، وشرح السنة 7/ 47، وصحيح ابن خزيمة 4/ 194، ومسند أحمد 4/ 224، وموطأ مالك 2/ 329، وشرح معاني الآثار 2/ 127، ونصب الراية 3/ 20.
(6)
قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص 486: والحمس بنو كنانة وخزاعة، ومن قيس كلاب وكعب وعامر وكليب، وبنو ربيعة بن عامر بن صعصعة. أمهم مجد بنت تيم بن غالب بن فهر، وهي التي حمستهم. وفي النهاية لابن الأثير 1/ 440 قال: وسميت قريش بالحمس وحلفاؤها لأنهم كانوا يتحمسون في دينهم: أي يتشددون والحماسة الشجاعة، وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون ولا يقفون بعرفه مع الناس، ويقولون: نحن أهل الله ولا نخرج من الحرم، ويقفون بالمزدلفة.
وانظر: الاعتبار للحازمي ص 152.
صعصعة لقوتهم حرّم عليهم أن يدخل (1) حائطًا أو بيتًا أو خباءً (2) من بابه حتى يحل من إحرامه اهتمامًا بمناسك الحج فإن عنّ (3) له حاجة نقب ظهر البيت، أو رقى سطحه ودخل من ظهر الخباء (4). ويدل عليه:
303 -
قول جابر رضي الله عنه كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون الأبواب في الإِحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإِحرام، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه، وخرج معه قطبة (5) الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة (6) رجل فاجر فإنه خرج معك من الباب. فقال له: "ما حملك على ما
(1) ذكر الحازمي في الاعتبار ص 152 أن هذا كان في الجاهلية ثم في أول الإسلام "إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطًا ولا بيتًا
…
" وذكر مثل قول المصنف، وعبارة الحازمي أوضح.
(2)
الخباء: هو خيمة أو على شكلها بعمل من وبر أو صوف أو شعر وهو على عمودين أو ثلاثة فما زاد فوق ذلك فهو بيت والخباء بكسر أوله جمعه أخبية مثل كساء وأكسية. انظر: المصباح المنير ص 163 (خبأ).
(3)
عَنَّ لي: الأمر يعنّ ويعنّ إذا اعترض. المصباح المنير ص 433 (عنن).
(4)
ساق كثير من المفسّرين نحو هذا الذي أورده المصنف عند سبب نزول قوله تعالى {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} البقرة: 189. وانظر: تفسير ابن جرير 2/ 108 - 110. وأصح ما يروى في سبب نزول الآية ما أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العمرة - باب قول الله تعالى {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} 3/ 621 رقم الحديث 1803 عن البراء قال: فينا نزلت كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا لم يدخلوا من قبل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه فكأنه عير بذلك فنزلت الآية.
وأخرجه أيضًا في التفسير 8/ 183 رقم 4512 وأخرجه ابن جرير في تفسيره 2/ 108 - 109 والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 261 وغيرهم. وقد ورد عن ابن عباس ومجاهد والسدي والزهري وغيرهم من الصحابة والتابعين نحو هذا. انظر: فتح الباري 3/ 621 - 622 والدر المنثور للسيوطي 1/ 204.
(5)
وفي رواية لابن جرير أنه رفاعة بن تابوت، وبه جزم بعض المفسرين.
وانظر: الفتح 3/ 621 والإصابة 3/ 281 ترجمة رفاعة بن تابوت رقم 1948، وترجمة قطبة بن عامر الأنصاري 8/ 163 رقم 7112. والذي في الاعتبار ص 152 هو قطبة بن عامر، والمصنف تبعه وهو الأرجح الذي اختاره الحافظ في الفتح مع احتمال وقوع ذلك لكل منهما أي رفاعة بن تابوت وقطبة بن عامر وتعدد القصة.
(6)
قطبة بن عامر الأنصاري الخزرجي من بني سلمة يكنى أبا زيد، ذكر فيمن شهد بدرًا والعقبة والمشاهد وحمل راية بني سلمة يوم الفتح توفي في خلافة عمر وقيل في خلافة عثمان. الإصابة 8/ 163 رقم 7112، وقيل رفاعة انظر الإصابة 3/ 281 رقم الترجمة 1948 ترجمة رفاعة بن تابوت فذكر بأن ما ورد في صحيح مسلم من أن رفاعة بن تابوت كان منافقًا وإنها هبت ريح عظيمة لموته فهو آخر غير هذا. وقال في الفتح 3/ 622: وقع مبهمًا في صحيح مسلم ومفسرًا في غيره فإن لم يحمل على أنهما رجلان توافق اسمهما واسم أبويهما وإلا فيكون قطبة بن عامر أولى.
صنعت؟ " قال: رأيتك فعلت ففعلت كما فعلت. فقال: "إني أحمسي". قال: فإن ديني دينك (1)(2).
فدلّ إقراره إياهم وإنكاره عليه على أن حرمة دخول الباب على المحرم غير الأحمسي كان مشروعًا بالسنّة (3). ثم نزل قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (4) فأباح لهم الدخول منها ونسخ الحرمة (5). ونفى قوله {لَيْسَ الْبِرُّ} أفضلية ذلك.
(1) حديث جابر هذا رواه الحاكم في المستدرك - كتاب المناسك 1/ 483 عن عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادة ووافقه الذهبي. وأخرجه أبن خزيمة في صحيحه، كما عزاه له في الفتح 3/ 621 ولم أجده في القسم المطبوع من صحيح ابن خزيمة. وقال الحافظ: وإن كان على شرط مسلم لكن اختلف في وصله على الأعمش عن أبي سفيان. فرواه عبد بن حميد عنه فلم يذكر جابرًا.
وأخرجه أبو الشيخ في تفسيره من طريقه ثم ذكر أن القصة كانت في رفاعة بن تابوت فساق حديثًا مرسلًا. ثم قال: والذي قبله أقوى إسنادًا وفي المرسل نظر. وذكر ما تقدم من أن رفاعة معدود في المنافقين وتكلم على هذه الطرق في الإصابة في ترجمة رفاعة وقطبة. راجعه وقد أشرت إليه قريبًا. وفي تفسير ابن كثير 1/ 225 - 226 ساق نحوه وقال: رواه أبن أبي حاتم.
وانظر الدر المنثور للسيوطي 1/ 204، وساقه الحازمي في الاعتبار ص 151 بسنده عن عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر موصولًا.
(2)
ذكر الحافظ في الفتح 3/ 622 أن الروايات اتفقت على أن نزول الآية في سبب الإحرام، ورواية البخاري من حديث البراء المتقدمة تفيد أنهم إذا حجوا فجاؤوا. وفي رواية الطبري: إذا أحرموا وهي تتناول الحج والعمرة. وذكر عن الزهري أن هذا كان خاصًا بالعمرة. وسياق المصنف شامل لهذه الأنواع لأنه فيه: إذا أحرموا. فإن عن لأحدهم حاجة نقب ظهر البيت.
(3)
وفي الاعتبار ص 152 قال الحازمي: وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وانكاره على قطبة بن عامر خروجه، يدل على أنه كان مشروعًا في أول الإِسلام، وهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب. وفي الفتح 3/ 622 نقل الحافظ عن ابن جريج بإسناد ضعيف أن هذا كان أول قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وذكر حديثًا مرسلًا عن الزهري أنه كان عام الحديبية، وعن السدوسي أنه كان عام حجة الوداع. وضعف مرسل الزهري والسدي وحديث ابن جريج. وذكر هذه الآثار ابن جريج في تفسيره 4/ 108 - 110 وانظر: تفسير ابن كثير 1/ 225 - 226 عند ذكر سبب نزول الآية.
(4)
البقرة - آية: 189.
(5)
أي حرمة الدخول من الأبواب وقوله ليس البر نفي أفضلية ذلك الفعل الذي كانوا يعتقدونه من البر.