الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا يدل على أنه لا يجب، بل يستحب، وهو أظهر قوليه (1). وقال أبو حنيفة بالأول لمن دون الميقات، وبالثاني لمن دونه (2). فقيل: هذا ناسخ لذاك لتأخره عنه لو ساواه (3). والصواب: أن هذا رخصة كالقتال (4).
السادسة: في حكم القتال في الحرم:
قوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} (5) يدل على حرمة بدء الكتاب بالقتال في الحرم (6).
= محرمًا عقب الحديث رقم 4296 من قول مالك وقال الحافظ: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن مالك.
وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج 5/ 990 - 992 رقم حديث الباب 450. والنسائي في السنن- الحج 4/ 200 - 201. والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 258 - 259 وليس في حديث الجميع الجملة الأخيرة قوله (لم يكن محرمًا) إلا ما نبه عليه البخاري أنها من قول مالك ورواها عن عبد الرحمن بن مهدي كما في الفتح 8/ 15 وقال: وقع في الموطأ من رواية أبي مصعب وغيره عن مالك عن ابن شهاب مرسل. وقال: روى نحوه طاووس وهو عند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. ويشهد له حديث جابر المتقدم.
(1)
انظر: للشافعي 2/ 121 وشرح السنة للبغوي 7/ 305، والمجموع للنووي 7/ 11 - 12، والفتح 4/ 59، وقال: والمشهور من مذهب الشافعي عدم الوجوب مطلقًا. وانظر: التلخيص الحبير 2/ 243.
(2)
انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 259) قول الإِمام أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد والتفصيل عند الإِمام أبي حنيفة وفي الفتح (4/ 59) قال: والمشهور عن أحمد ومالك الوجوب. لمن كان منزله قبل الميقات ولمن بعده.
(3)
أي أن حديث أنس وجابر ناسخ لحديث ابن عباس الموقوف المتقدم برقم 304.
(4)
وسيأتي ما يدل على ذلك حديث ابن عباس برقم 308، وحديث أبي شريح الخزاعي برقم 309 وهو أن دخول مكة كان رخصة للنبي صلى الله عليه وسلم كالقتال الذي أحل له فيها ساعة. وانظر: فتح الباري 4/ 62، والتلخيص الحبير 3/ 134، وفيه أن دخوله صلى الله عليه وسلم كان للحرب. ومن دخلها ولم يكن قاصدًا النسك فلا يجب عليه ذلك. وانظر: المجموع للنووي 7/ 11 - 12.
(5)
البقرة - آية: 191.
(6)
ذكر ابن كثير في تفسيره 1/ 227 أن تأويل الآية: أي لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوكم فيه فلكم حينئذ قتالهم وقتلهم دفعًا للصائل كما فعل في فتح مكة وغزوة الحديبية. وساق الأدلة على حزمة مكة وعدم جواز بدء القتال فيها.
وانظر: فتح الباري 4/ 42 - 43، 47، 8/ 12، 16، 20.
307 -
أبنا البخاري (1)، عن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فتح مكة (2) عنوة، فلما أشرف عليها كف الناس أن يدخلوها حتى يأتيه رسول العباس، فلما أبطأ فقال: لعلهم يصنعون بعباس ما صنعت ثقيف بعروة بن (3) مسعود، والله إذًا لا أستبقي منهم أحدًا. فلما جاء رسوله دخل وقال لأصحابه: كفوا السلاح إلَّا خزاعة عن بكر ساعة، ثم كفوا (4).
فقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان (5) رجل يحب الفخر هلا جعلت له شيئًا؟ فقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن (6)، ومن ألقى السلاح فهو
(1) هذا الحديث بهذا السياق لم يخرجه البخاري ولا مسلم ولا أحد من أصحاب الكتب الستة وهو مجموعة أحاديث ساقها المصنف بلفظ واحد ولعله في السيرة لعروة بن الزبير، لأنه ساقه من طريقه.
(2)
اختلف العلماء في فتح مكة هل فتحها الرسول صلى الله عليه وسلم عنوة أو صلحًا. جمهور العلماء أنها فتحت عنوة، ومن على أهلها ولم يقسم ما فيها من الغنائم. وذهب الشافعي ومعظم أصحابه أنها فتحت صلحًا. ولكل فريق أدلة يطول شرحها هنا.
انظر: فتح الباري 8/ 12 - 13 فقد بسط الأقوال والأدلة. ومثله في زاد المعاد لابن قيم الجوزية 2/ 172 - 173.
(3)
عروة بن مسعود الثقفي هو عم والد المغيرة بن شعبة، كان أحد الأكابر في قومه وكان له دور كبير في تقرير صلح الحديبية، أسلم بعد غزوة الطائف، وقيل: سنة تسع من الهجرة، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه ويدعوهم إلى الإسلام، فقال له صلى الله عليه وسلم: إني أخاف أن يقتلوك، فقال: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني، فأذن له، فدعاهم للإِسلام، ونصح لهم فعصوه وقتلوه.
انظر: الإصابة 6/ 416 - 417.
(4)
(إلا خزاعة عن بكر) ورد في حديث أبي شريح الخزاعي عند أحمد في المسند 4/ 31 بسند صحيح بهذا اللفظ (أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في قتال بني بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا وهو بمكة) وفيه أيضًا عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده المسند (2/ 179) وبتحقيق أحمد محمد شاكر 10/ 158 - 159 رقم 6681 وقال: إسناده صحيح.
وانظر: الفتح 4/ 42.
(5)
هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس من مسلمة الفتح ومن سادات قريش وأكابرهم، والد معاوية بن أبي سفيان وأم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، توفي عام اثنين وثلاثين وقيل بعدها.
انظر: الإصابة 5/ 127 - 129.
(6)
قوله (من دخل دار أبي سفيان) هو جزء من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم في فتح مكة - الجهاد والسير 3/ 1405، 1407 رقم حديث، الباب 84، 86. وأخرجه النسائي في السنن الكبرى في التفسير. انظر: تحفة الأشراف 10/ 134 رقم 13561، والفتح 8/ 12.
آمن، يأمن الناس إلا أربعة: مقيسًا (1)، وعكرمة (2)، وابن خطل (3)، وابن أبي سرح (4) وامرأتين (5)(6).
وهذا يدل على جواز البدأة به فيه (7). فقيل: نسخ الحرمة بدايته عليه السلام.
وقال قتادة (8): بقوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (9).
ومقاتل: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (10). والربيع: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (11).
(1) مقيس بن صبابة - بمهملة مضمومة وموحدتين الأولى خفيفة - الفتح 8/ 11.
(2)
عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل، أسلم عام الفتح، وقد كان على دين قومه وأهدر دمه الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثم هرب إلى اليمن، واستأمنت له زوجته فأمنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم وجاهد في الله فكان من قواد المسلمين المجاهدين الفاتحين. انظر: الإصابة 7/ 36 وقال: توفي في خلافة عمر سنة خمس عشرة باليرموك، وقيل في خلافة الصديق.
(3)
هو عبد العزى بن خطل، فلما أسلم سمي عبد الله، ثم ارتد مشركًا إلى قومه، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقتله أبو برزة الأسلمي وهو متعلق بأستار الكعبة.
انظر: الفتح 8/ 11، وقد: حكى أقوالًا في اسمه غير هذا وفي تعيين قاتله واختار هذا الذي ذكرته.
(4)
هو عبد الله بن أبي سرح، كان أسلم ثم ارتد ثم شفع فيه عثمان يوم الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وقبل إسلامه. الفتح 4/ 61.
(5)
المرأتان تقدم أنهما كانتا لابن خطل، وقيل اسمهما قرنتى وقرنية فاستؤمن لأحداهما وقتلت الأخرى.
انظر: الفتح 8/ 11.
(6)
ذكر الحافظ في الفتح 4/ 60 - 61 أسماء هؤلاء النفر الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم الفتح، ثم سرد أسماء جملة منهم في الفتح أيضًا 8/ 11 - 12 ومنهم من تقدم ذكرهم.
(7)
يعني بذلك حديث عروة المتقدم برقم 307 ولم يثبت نسخ حرمة مكة بجواز القتال فيها للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة فقد عادت حرمتها للأدلة الآتية. وانظر المجموع للنووي 7/ 401 - 402، وفتح الباري 4/ 47 - 48.
(8)
قتادة هو ابن دعامة السدوسي المفسر، وانظر قوله في تفسير ابن جرير 2/ 110 - 112 وقول مقاتل والربيع بن أنس.
وانظر: الدر المنثور 1/ 205 - 206.
(9)
التوبة - آية: 5. ويرى قتادة أن لا يقاتل المشركون في مكة حتى يبدأوا بالقتال فيها. ويرى في قول آخر: أنه نسخ بقوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وفي قول له إن الناسخ قوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} . التوبة، الآية:5.
انظر: الدر المنثور 1/ 205 - 206، والنسخ عند قتادة وجماعة من المتقدمين هو مجرد التقيد لا النسخ بمعنى رفع الحكم الذي هو المصطلح عليه عند الأصوليين. وتقدم ذلك في المقدمة من هذا الكتاب ص 87.
(10)
البقرة - آية: 191.
(11)
البقرة - آية: 193. وقول الربيع نحو قول قتادة. وانظر نفس المصادر المتقدمة (تفسير ابن جرير، والدر المنثور).