الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤلفين من أصحاب الكتب الأربعة التي تمّ تصنيفها إلى مجموعتين.
وتقدم أن قلنا ان الغالب على ابن الجوزي إيراد معظم المسائل التي أوردها ابن شاهين مع التعقيب عليه في أكثرها، إن لم يكن في الجميع. وعلى سبيل المثال نذكر مسألتين من ذلك:
المسألة الأولى:
أورد ابن شاهين في كتابه (اللوحة) ص 7 - 8 الأحاديث الواردة في مسألة بول الرَّجل وهو قائم، فذكر حديث حذيفة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتى أسباط قوم فبال وهو قائم)(1). ثم ساق عقبة الأحاديث التي تدل على نسخة من حديث جابر، وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما. وسياق حديث أبي هريرة:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرَّجل قائمًا)(2)، وقال عقبة: وحديث أبي هريرة رضي الله عنه يوجب النسخ، فتعقبه ابن الجوزي في كتابه ص 13 - 18 وساق المسألة بأدلتها ثم قال: عقب كلام ابن شاهين: ليس هذا القول يصح لأن بول القائم مباح، وإنما النهي عنه لئلا يعود رشاشه على الإنسان، وبين أسباب بول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قائمًا بأنه عمل ذلك لوجع كات به، كما وردت بعض الروايات (3) بذلك، ثم بين ضعف حديث جابر وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما اللذين يدلان على النسخ (3).
المسألة الثَّانية:
أورد ابن شاهين في كتابه اللوحة ص 14 - 15 حديث أبي هريرة رضي الله عنه في سؤر الهرة وفيه: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات إحداهن بالتراب، والهرة مرة (4). ثم ساق بعده ما يدل على نسخه من
(1) حديث حذيفة أخرجه مسلم، باب جواز البول قائمًا. وانظر شرح مسلم للنووي 2/ 165 - 166، وشرح الحديث هناك، وقال النووي: وقد روى في النهي عن البول قائمًا أحاديث لا تثبت.
(2)
ابن الجوزي: إعلام العالم ص 13 - 18. رواه وضعفه، وحديث جابر رواه ابن ماجه 1/ 112 رقم 309 وضعفه في زوائد ابن ماجه ص 45 وأخرجه البيهقي 1/ 102 وضعفه.
(3)
شرح مسلم للنووي 3/ 165 - 166، وإعلام العالم ص 13 - 18.
(4)
الحديث أخرجه مسلم بدون زيادة (والهرة). انظر: شرح مسلم مع النووي 3/ 183 - 184. ورواه غيره من أصحاب السنن.
وانظر: سنن أبي داود 1/ 57 رقم 71 الطهارة، باب الوضوء من سؤر الكلب، والتِّرمذيّ في جامعة كتاب الطهارة 1/ 298، وغيرهم، والزيادة أخرجها أبو داود في السنن من حديث أبي هريرة 1/ 58 رقم 72 موقوفًا على أبي هريرة من قوله من طريق مسدد والتِّرمذيّ أيضًا في الباب السابق 1/ 99 - رقم 3060 =
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (تمر به الهرة فيصفي لها الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها)(1). ثم ذكر من حديث جابر رضي الله عنه نحوه.
ثم تعقبه ابن الجوزي في كتابه ص 30 في دعوى النسخ بعد إيراد المسألة بأدلتها وقال: من أين لهم تاريخ أن هذا بعد هذا؟. ثم بين أن الحديث الأول لم يصح بهذا اللفظ الذي ساقه ابن شاهين ومن هذه الطريق أَيضًا، لأن زيادة (والهرة) غير واردة في لفظ الحديث الصحيح عند الجماعة.
وتعتبر هذه الزيادة شاذة لأن راويها قد خالف سياقه سياق الحفاظ الثِّقات، وفيه كلام يوجب رد روايته وإن لم يخالف، وقد بين ابن الجوزي ضعف هذه الطريق أَيضًا.
هذا نموذج من المسائل التي انفرد بذكرها ابن شاهين وتعقبه عليها ابن الجوزي، وابن الجوزي قد رأى أن ابن شاهين أسرف في كتابه فأدخل فيه أحاديث ليس لها تعلق بالنسخ، وهي إما من باب التخصيص أو باب حمل المطلق على المقيد أو من باب حمل العام على الخاص مما يمكن الجمع بينهما، أو هي من باب الترجيح بين النصوص عند التعارض ومعرفة أقواها إذا لم يمكن الجمع بينهما أو معرفة المتقدم من المتأخر منهما، فلذلك كثر تعقب ابن الجوزي عليه وبين الصواب فيها.
وأحب هنا أن أبين أن مفهوم النسخ عند ابن شاهين أوسع فهو من أولئك الذين تقدم ذكرهم وبيان مفهوم النسخ عندهم وإطلاق مدلوله الواسع، فمجرد تقييد النص يسمى عندهم نسخًا.
أما الحازمي فإنَّه لم يذكر في كتابه من هذه المسائل شيئًا، إما لكونها ليست من شرط كتابه، لأن شرطه إيراد ما ثبت فيه النسخ أو هي من باب التخصيص، أو من باب حمل العام
= عقب الحديث المتقدم وقال: وهذا الحديث روي عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحو هذا ولم يذكر فيه (وإذا ولغت الهرة غسل مرة).
وأخرج الدارقطني في السنن 1/ 67 - 68 ورجح وقفه. والبيهقي في الكبرى 1/ 247 وقال: لفظ الهرة مدرج من كلام أبي هريرة. وانظر: نصب الراية 1/ 136.
(1)
حديث عائشة أخرجه الدارقطني في السنن 1/ 66 - 69 بلفظه وضعفه والبيهقي 1/ 247 - 248 وبين طرقه.
والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 18، وفي المشكل 2/ 370.
وانظر: مجمع الزوائد 1/ 216 الكلام على الحديث، ونصب الراية 1/ 133، والتلخيص الحبير 1/ 42 - 43، والدراية 1/ 61، ونيل الأوطار 1/ 44، والحديث ضعيف بكل طرقه.