الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالثة: فيما غيّرت النار:
31 -
مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أكل أثوارًا (1) من أقط فتوضأ، فقال له رجل: لم توضأت؟ قال: إني أكلت أثوارًا من أقط سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "توضأوا مما مست النار"(2).
32 -
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: "توضأوا مما غيرت النار"(3) حسن.
33 -
مسلم وأحمد عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت توضأ، وإن شئت فلا. قال: أنتوضأ من لحوم الإبل. قال: نعم (4).
34 -
أحمد وأبو داود عن البراء: سئل صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل قال: توضأوا
(1) الأثوار من الأقط: جمع ثور- بالثاء المثلثة - وهي القطعة من الأقط - بفتح الهمزة وكسر القاف - هو اللبن الجامد اليابس الذي صار كالحجر. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ص 1/ 228، والمصباح المنير ص 88 (ثور).
(2)
أخرج هذا الحديث مسلم في صحيحه كتاب الحيض الوضوء مما مست النار 1/ 272 - 273 رقم 352 عن أبي هريرة. وأبو داود في السنن كتاب الطهارة باب التشديد في الوضوء مما مست النار 1/ 134 رقم 194 عنه أيضًا. والترمذي في جامعة باب الوضوء مما غيرت النار 1/ 256 رقم 79 تحفة الأحوذي. والنسائي في الصغرى 1/ 105 - 106 باب الوضوء مما غيرت النار. وابن ماجه في السنن باب الوضوء مما مست النار 1/ 163 رقم 485. وابن خزيمة في صحيحه 1/ 27 رقم 42. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 155. والبغوي في شرح السنة 1/ 348 وساقه الحازمي في الاعتبار ص 48 - 49 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 256: رواه البزار مختصرًا كلهم أخرجوه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه النسائي في الصغرى باب الوضوء مما غيرت النار 1/ 106 عن أبي أيوب. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 155 عن خارجة بن زيد وغيره. والطبراني في المعجم الكبير 4/ 167 رقم الحديث 3929، قال في مجمع الزوائد 1/ 249: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح. وساقه الحازمي في الاعتبار ص 49 وقال: حسن وفي الباب عن أم سلمة وأم حبيبة وزيد بن ثابت وأبي طلحة وأبي موسى. وهذه الطرق أخرجها كلها البيهقي في السنن.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحيض باب الوضوء من لحوم الإبل 1/ 752 رقم 360، وأشار إليه الترمذي بعد إخراجه حديث البراء الآتي. انظر جامع الترمذي 1/ 268 مع تحفة الأحوذي. وأخرجه ابن ماجه في السنن 1/ 166 رقم 495. وأحمد في المسند 5/ 76، 82، 88، 98، 102، 105، 106 وابن خزيمة في صحيحه 1/ 21 رقم 31. والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 198 - 159 وقال: بلغني عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنهما قالا: قد صح في هذا الباب حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث البراء وحديث جابر بن سمرة وأخرجه ابن الجارود في المنتقى ص 19 رقم 25.
منها. وسئل عن لحوم الغنم فقال: لا تتوضأوا منها (1).
وهذه تدل على أن أكل ما غيرته النار من اللحوم وغيرها ناقض الوضوء، وهو مذهب أنس، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن ثابت وعائشة رضي الله عنهم والحسن، والزهري، وابن عبد العزيز، وكان يتوضأ من السكر فيطرد في الخبر تمسكًا بها، وخص أحمد وابن راهويه والقديم لحم الجزور لتخصيصه. وقال: إن صح الحديث قلت به، أي ولم ينسخ (2).
35 -
البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أكل
(1) أخرجه أبو داود في السنن كتاب الطهارة باب الوضوء من لحوم الإبل 1/ 128 رقم 184. والترمذي في جامعه باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل 1/ 262 - 269 رقم 81 وقال: أصح شيء في الباب. وابن ماجه في السنن 1/ 166 رقم 494 مختصرًا. وأحمد في المسند 4/ 88، 303. وابن خزيمة في صحيحه 1/ 21 - 22، وقال: لم نر خلافًا بين علماء الحديث ان هذا الحديث صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 159 وذكر كلام ابن خزيمة. وأخرجه ابن الجارود في المنتقى ص 19 رقم 26. والبغوي في شرح السنة 1/ 349. والطيالسي في مسنده ص 57 - 58. وصححه النووي في المجموع 2/ 58 - 60 وعمل به ورجحه على خلاف المذهب لأنه أقوى. وانظر السنن الكبرى 1/ 158 - 159، ومعرفة السنن والآثار 1/ 402 صحح حديث جابر بن سمرة وساقه، وفي ص 404 ساق حديث البراء، وساق في ص 406 قول أحمد وإسحاق ورجح العمل بهذه الأحاديث في الوضوء من أكل لحم الإبل.
(2)
انظر مذاهب العلماء في المراجع الآتية: معالم السنن للخطابي 1/ 128، السنن الكبرى للبيهقي 1/ 155 - 159، ومعرفة السنن والآثار 1/ 402 - 404، وقد نقل عن الشافعي رحمه الله: إن صح الحديث قلت به. فقال: قلت: قد صح وساق تصحيح أحمد وإسحاق لحديث البراء وجابر بن سمرة وجزم بالوضوء من أكل لحم الجزور فقط. وما عداهم مما غيرته النار لا لقيام دليل الوضوء من أكل لحم الجزور. وانظر: شرح السنة للبغوي 1/ 348 قول عمر بن عبد العزيز وما نقل عنه في الوضوء مما مست النار. والاعتبار ص 49، 53 - 54 وقد فضل الحازمي هذه المسألة بأوضح بيان. ونقل عن الدارمي قوله قد اختلف في هذه الأحاديث في الأول والآخر منها فلم نقف على الناسخ والمنسوخ فيها ببيان نحكم به دون ما سواه فنظرنا إلى ما اجتمع عليه الخلفاء الراشدون والأعلام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بإجماعهم في الرخصة فيه- أي في ما مست النار- وانظر: المجموع للنووي 1/ 259. والحاصل: أن هؤلاء جزموا بالقول بالوضوء من أكل لحم الجزور وما عداه مما غيرت النار لا يوجب فيه الوضوء، إلَّا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ورد عنه أنه كان يتوضأ من أكل السكر. ذكره البيهقي والحازمي. وقد فصّل الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 62 - 71 القول في هذه المسألة وذكر الأدلة والمذاهب في الوضوء مما غيرت النار وعدمه، ثم الوضوء من أكل لحم الجزور، ومن قال به.
كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ) (1).
36 -
البخاري ومالك عن سويد (2) بن النعمان عام خيبر: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل العصر فدعا بالأزواد فلم يؤت إلَّا بالسويق (3) فأمر به فثرى - أي بل- فأكل ولم يتوضأ. ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ولم نتوضأ (4).
37 -
وعن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل طعامًا وأقيمت الصلاة فأتيته بماء ليتوضأ فانتهرني وقال (إنما أكلت طعامًا ولو فعلت ذلك لفعل الناس بعدي)(5).
وهذه تدل على ترك الوضوء مما مست النار، وبه قال الخلفاء الأربعة وابن عباس وابن مسعود- رضي الله عنهم، والأئمة الأربعة إلَّا أحمد في الجزور (6). قال الشافعي: هذه الأحاديث محكمة. ناسخة لأحاديث الوضوء (7)، لتأخر صحبة ابن عباس- رضي الله عنهما
(1) أخرجه البخاري في صحيح كتاب الطهارة باب لم يتوضأ من لحم شاة والسويق 1/ 44. وانظر الفتح 1/ 310. رقم 207. ومسلم في صحيحه كتاب الحيض باب نسخ الوضوء مما مست النار 1/ 573 رقم 353 - 354. وأخرجه أبو داود في الطهارة فيه 1/ 130 رقم 187. والنسائي في السنن الصغرى 1/ 108 نحوه. وابن ماجه في السنن 1/ 165 رقم 488. وأحمد في المسند 1/ 266، 356، 365. وابن خزيمة في صحيحه 1/ 27 رقم 41. والموطأ 1/ 25 رقم 19. والبغوي في شرح السنة 1: 347. والبيهقي في السنن الكبرى: 1/ 153. وابن الجوزي في إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه ص 71 رقم 47. والحازمي في الاعتبار ص 50. كلهم أخرجوه عن ابن عباس- رضي الله عنهما.
(2)
وقع في المخطوطة تحريف في هذا الاسم، فهو فيها الأسود. وصوابه من مصادر الحديث سويد.
وانظر: فتح الباري 1/ 316.
(3)
السويق: هو دقيق، يكون من القمح أو من السلق أو الشعير.
انظر: ترتب لسان العرب 2/ 243، والمصباح المنير ص 296 مادة (سوق).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الطهارة 1/ 44 باب المضمضة في الأطعمة 7/ 60 - 61 وفيه أيضًا 7/ 70 - 71. وانظر: فتح الباري 1/ 312، 316. رقم الحديث 209، 215. وأخرجه النسائي في الصغرى 1/ 108 - 109. وابن ماجه 1/ 165 رقم 492. والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 160. ومالك في الموطأ 1/ 26 الباب المتقدم. والبغوي في شرح السنة 1/ 352. وانظر: الاعتبار ص 52. كلهم أخرجوه عن سويد بن النعمان.
(5)
هذا الحديث أورده الحازمي في الاعتبار ص 53 عن سويد بن سرحان عن المغيرة بن شعبة وقال في آخره: هذا حديث يروى عن سويد من غير وجه فمنهم من يقول فيه: كان يتوضأ قبل ذلك.
(6)
انظر السنن الكبرى 1/ 155، 157 - 159 ما نقله عن الخلفاء وبقية الصحابة المذكورين والأئمة الأربعة. وشرح السنة للبغوي 1/ 347، وإعلام العالم لابن الجوزي ص 74، والاعتبار ص 49. والمجموع للنووي 2/ 59 - 60، وشرح مسلم 4/ 42 - 43.
(7)
انظر قول الشافعي في الأم 1/ 15، وفي السنن الكبرى للبيهقي 1/ 155، والمجموع للنووي 1/ 59 - 60.
بعد الفتح- وهو معنى قول جابر- رضي الله عنه:
38 -
كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار (1).
39 -
ومحمد بن مسلمة- رضي الله عنه أنه عليه السلام (أكل آخر أمره لحمًا وصلّى ولم يتوضأ)(2).
وعكس الزهري في جماعة (3)، فنسخ المضمضة بالوضوء تمسكًا بقول سلمة (4).
40 -
خرجنا من دعوة عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو على وضوء، فأكل ثم توضأ، فقلت: ألم تكن على وضوء؟ فقال: ولكن الأمر يحدث، وهو مما حدّث (5).
(1) حديث جابر أخرجه أبو داود في السنن كتاب الطهارة 1/ 133 رقم الحديث 191 - 192، واللفظ له وللنسائي في الصغرى 1/ 108 وهو عندهما وعند ابن ماجه في السنن 1/ 164 برقم 489 عنه. وعند الترمذي 1/ 260 رقم 80 تحفة الأحوذي وبلفظ أبي داود:(قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزًا ولحمًا فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ) قال أبو داود عقب حديث جابر الذي أورده المصنف: هذا اختصار من الحديث الأول- يعني هذا اللفظ الذي أوردناه.
وانظر صحيح ابن خزيمة 1/ 28 رقم الحديث 43، وشرح السنة للبغوي 1/ 348، والسنن للبيهقي 1/ 155، والاعتبار ص 50 وإعلام العالم ص 74 رقم 52، والمحلى لابن حزم 1/ 243، والناسخ والمنسوخ لابن شاهين ص 7، والمجموع للنووي 1/ 57، وصحح هذا اللفظ الوارد هنا وشرح مسلم له 4/ 43 وقال: رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بأسانيد صحيحة.
وانظر: التلخيص الحبير 1/ 116 وساق كلام أبي داود وقال: وذكر ابن أبي حاتم نحوه وكذلك ابن حبان.
(2)
رواه البيهقي في السنن الكبري 1/ 156 وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص 7 وابن الجوزي في إعلام العالم 75 رقم 53 من طريق ابن شاهين وهو في الاعتبار 51 ساقه من طريق الطبراني وفي مجمع الزوائد 1/ 252 قال الهيثمى: رواه الطبراني في الكبير وفيه يونس بن أبى خالد ولم أر من ذكره.
(3)
انظر قول الزهري في الاعتبار ص 51 وساق مذهبه وأدلته ومنها حديث سلمة وحديث أبي هريرة نحوه وعن عمر بن عبد العزيز عن خارجة بن زيد، وعن سعيد بن خالد وغيرهم وساق حديث جابر الذي تقدم.
وانظر إعلام العالم لابن الجوزي ص 75، وشرح مسلم للنووي 4/ 43 ما نقله عن جماعة الصحابة وغيرهم.
(4)
سلمة بن سلام بن وقش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنصاري من بني عبد الأشهل، شهد بدرًا والعقبة الأولى والثانية والمشاهد كلها. انظر: الإصابة 4/ 230 وساق حديثه هذا.
(5)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 7/ 46 رقم الحديث 6326 وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث ستأتي ترجمته ومدار الحديث عليه. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 156 - 157 وفي =