الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
تَعَريف النّسخ
في اللّغَة وَفي الشّرع وَحِكمَة التشريع فيهِ وَالرّد عَلَى مَن أنكره
تعريف النسخ:
1 - تعريف النسخ في اللغة:
يدور معنى النسخ في اللغة على عدة معان:
أ - بمعنى الرفع والإِزالة: والإِزالة نوعان: إزالة إلى بدل: وهي عبارة عن إبطال شيء وإقامة آخر مقامه، كنسخت الشمس الظل: أذهبته وحلت محله. والشيب الشباب.
وإزالة إلى غير بدل - أي من غير تعويض عن المنسوخ - وهي عبارة عن رفع الحكم وإبطاله. كنسخت الريح أثر القوم: أي أبطلتها وعفت عليها (1).
ومن هذا النوع قوله تعالى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} (2). أي يبطل ما يلقي الشيطان ثم يثبت آياته.
والنسخ بمعنى الإِزالة حقيقة عند جمهور أهل اللغة والأصول وهو اختيار أبي الحسين (3) البصري المتوفى سنة 436 هـ من أئمة الأصول. والإِمام الفخر الرازي المتوفى سنة 606 هـ (4)، ورجحه سيف الدين الآمدي (5) المتوفى سنة 631 هـ، ومال إليه أكثر
(1) راجع معنى النسخ لغة في معجم مقاييس اللغة 5/ 224، وتاج العروس 2/ 282، وترتيب لسان العرب 3/ 634، والمغرب ص 449، والمصباح المنير ص 602، ومختار الصحاح ص 606، وتهذيب الصحاح 1/ 205، وأساس البلاغة ص 454 مادة نسخ. وانظر: الاعتبار ص 6، والمحصول ق 3/ 1/ 419، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 236، والنسخ في القرآن للدكتور مصطفى زيد 1/ 55.
(2)
سورة الحج - آية: 52، وانظر: تفسير الجلالين 2/ 41 معناها.
(3)
المعتمد 1/ 394.
(4)
المحصول ق 3/ 1/ 419 - 422.
(5)
الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 236 - 237.
المتأخرين من أصحاب الأصول من الشافعية والمالكية والحنابلة (1).
ب- وبمعنى النقل والتحويل: وهو نقل مع بقاء الأول: كنسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه، وليس المراد انعدام ما فيه، ومنه قوله تعالى:{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (2) وقوله تعالى: {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (3).
وتحويل مع بقاء الشيء في نفسه، يقول أبي حاتم السجستاني (4) من أئمة اللغة: النسخ أن يحول ما في الخلية من العسل والنحل إلى أخرى، ومنه تحويل المناسخات في المواريث، فإنها تنقل من قوم إلى قوم مع بقائها في نفسها، وتناسخ الأزمنة والقرون، وتناسخ الأرواح عند القائلين به (5).
والنسخ بمعنى النقل والتحويل مجاز عند الجمهور، حقيقة عند الأحناف والقفال من الشافعية (6).
وقال القاضي والغزالي مشترك بينهما (7): ولم يرجح ابن الحاجب أحدًا منهما، ومثله
(1) انظر: شرح الكوكب المنير 3/ 525 - 526، والعدة في أصول الفقه 3/ 768 لأبي يعلي بن الفراء، والتفسير الكبير للفخر الرازي 3/ 226، وشرح منهاج البيضاوي للبدخشي 2/ 162، وشرح مختصر منتهى ابن الحاجب 2/ 185.
(2)
سورة الجاثية - آية: 29.
(3)
سورة الأعراف - آية: 154.
(4)
هو أبو حاتم سهل بن محمَّد بن عثمان الجشمي السجستاني، من كبار علماء اللغة والشعر، من أهل البصرة، المتوفى سنة 248 هـ لازمه المبرد وأخذ منه.
انظر ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 218، وبغية الوعاة 1/ 606 - 607، ونزهة الألباء للأنباري ص 251، وإنباه الرواة 2/ 58، والأعلام 3/ 143.
(5)
انظر: الاعتبار ص 6، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 236، والمحصول ق 3/ 1/ 420.
(6)
المحصول ق 3/ 1/ 420.
القفال الشاشي: أبو بكر محمَّد بن علي بن إسماعيل، من كبار الفقهاء وعلماء عصره في الحديث والفقه واللغة والأدب، سمع من ابن جرير الطبري والباغندي، توفي سنة 336 هـ.
انظر ترجمته في: طبقات الشيرازي ص 91، وفي وفيات الأعيان 3/ 338 - 339، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 282 - 283، والعبر 2/ 338، وتبيين كذب المفتري ص 182، ومعجم الأدباء 6/ 379، والنجوم الزاهرة 4/ 111، وشذرات الذهب 3/ 51 - 52، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 200، ومفتاح السعادة 1/ 252، 2/ 78.
(7)
المستصفى 1/ 107، ونهاية السول للاسنوي 2/ 164 والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 2/ 236.