الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث عملي في تحقيق هذا الكتاب
عملي في تحقيق الكتاب:
1 -
بعد أن قمت بنسخ النسخة المخطوطة وقراءتها قراءة جيدة، وبما أنها هي النسخة الفريدة والوحيدة، فقد قمت بمقابلة بعض النصوص والعبارات الغامضة على كتاب (الاعتبار) للحازمي، وجعلته مقابل نسخة أخرى، وأثبت بعض الكلمات المختلفة والتغيرات في هامش الصفحات، ورجحت الصواب أو ما هو أوضح بعد التحقيق والتأكد من سلامة النص، وعدم تحريف الناسخ له.
وأصلحت الأخطاء الواردة في ألفاظ الأحاديث بالعودة إلى مصادرها الأصلية، وكذلك الآيات القرآنية التي حصل فيها تحريف في الكتابة، فقد رجعت إلى المصحف للتأكد من كتابتها على مصطلح المصحف، وذكرت رقم الآية في السورة التي هي منها.
2 -
رقمت الأحاديث والآثار الموجودة في صلب الكتاب والتي ابتدأ المصنف بذكرها من كتاب الطهارة مرتبة على أبواب الفقه، أما ما ذكره في المقدمة فلم أرقمه لأنه كرر كثيرًا منها في مواضع الكتاب مرة أخرى فتركتها وأحلت إليها بأرقامها الواردة في الكتاب، وذلك خشية التكرار والاختلاط في الأرقام، وجعلت الأرقام مسلسلة بدون فصل للآثار عن الأحاديث، ثم أصلحت بعض الكلمات على حسب مصطلح قواعد الكتابة المتداولة اليوم.
3 -
خرجت الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية وتأكدت من ألفاظها وما كان منها في الصحيحين أذكر موضعه والجزء والصفحة ورقمه والباب الذي هو مخرّج فيه.
وكذلك ما كان في السنن ومسند الإِمام أَحْمد، ثم أدرس سند كل حديث وارد فيها ليس هو في الصحيحين، ثم أنقل كلام الحفاظ وأئمة الحديث على هذا الحديث صحة وضعفًا، لأن هذه الكتب قد خدمت وحصلت العناية بها.
وما كان في غير هذه من بقية الكتب أقوم بدراسة سنده أَيضًا وأتكلم عن رواته وأبين من هو منهم متكلم فيه، وبهذا تعرف منزلة الحديث من حيث الإِسناد، وقد أذكر بعض
شواهد الحديث من حيث المتن إذا وجدت ذلك. أما الآثار فأكتفي بعزوها إلى مخرجها من أئمة النقل لما علم من الاختلاف في الاحتجاج بها وقبولها، وقد أذكر علة بعضها إن وجدت ذلك.
ولم أثبت الأسانيد لأن المؤلف لم يثبتها، وتركتها خشية الإطالة وضيق الوقت، لكني درستها كما أشرت إلى ذلك.
4 -
حققت نصوص الكتاب المستمدة من المصادر الأخرى والأصول التي اعتمدها المصنف، وإن لم يصرح بالنقل عنها، وذلك للتأكد من سلامة النص وصحة النقل، وخاصة في مسائل الخلاف الواردة عند الأئمة فيما حكاه المصنف عنهم، وقد رجعت إلى كثير من كتب الفقه في المذاهب الأربعة.
5 -
شرحت بعض العبارات الغامضة والكلمات الغريبة واللغوية، وأسهمت بالتعليق على توضيح بعض العبارات والآراء الواردة في المسائل الفقهية والأصولية.
6 -
وضعت مقدمة واسعة وشاملة لدراسة الكتاب والمؤلف دراسة واسعة أشرت إلى تقسيمها في أول هذه المقدمة.
7 -
ترجمت للأعلام الواردين في داخل الكتاب والأعلام الواردين في المقدمة من شيوخ المصنف وتلامذته ومن ترجم له وبعض أعيان وأعلام عصره الذين عاشوا في زمنه.
8 -
استعملت تحديد رقم الجزء والصفحة في بيان المراجع والمصادر المطبوعة مبتدئًا بذكر الجزء ثم الصفحة بينهما خط مائل، أما إذا تعددت أجزاء المجلد إلى أقسام فأذكرِ اقسم أولًا ثم الجزء ثم الصفحة، مثال ذلك كتاب المحصول للرازي فقد رجعت إليه كثيرًا في القسم الثالث من المجلد الأول فأقول ق 3/ 105/1 فأعني بالقاف قسمًا ومعه رقمه، ثم جزء المجلد، ثم الصفحة. وقد أصرح به كتابة، ومثله كتاب السلوك للمقريزي أَيضًا.
أما المخطوطات فأذكر الجزء أن تعددت أجزاء الكتاب، ثم أذكر بعده رقم الورقة ثم الوجه المراد إما (أ) أو (ب).
ولم أستعمل الرمز كثيرًا في التخريج كما يستعمل بعضهم (خ) للبخاري، و (م) لمسلم
…
إلخ.
9 -
وقد أشرت في أول هذه المقدمة إلى الخاتمة والفهارس التي وضعتها في آخر الكتاب.
وأسأل الله العون والتوفيق والإخلاص في القول والعمل لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار
تأليف
أبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري المتوفى سنة 723 هـ
دراسة وتحقيق
الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل
لنيل درجة العالمية العالية «الدكتوراه»
إشراف
فضيلة الدكتور محمد أحمد ميرة
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ ثقتي
الحمد لله المتوحد بالدوام، المتفرد بالنقض (1) والإِبرام (2)، وصلاته على سيدنا محمَّد المرسل إلى سائر الأنام (3)، أكمل بشريعته الإِسلام، وعلى آله وصحبه الكرام، ما عاقب ضياء ظلام. وبعد:
فلما وفقني الله تعالى لإِتمام كتاب (الناسخ والمنسوخ في الكتاب العزيز)، ألهمني أن أشفعه بكتاب يشتمل على (الناسخ والمنسوخ في الأحاديث النبوية)(4) تكميلًا لفائدة طلبة الحديث إذ كانا (5) من أقوى أدلته، وافتقارهم إليهما واضح، وما زال ذلك متداولًا بين الصَّحَابَة والتابعين متفرقًا في كتب السنّة، وذكر منه الشَّافعيّ طرفًا صالحًا في كتابه الرسالة، ثم جرد له أئمة الحديث مصنفات كالزهري والحافظ أبي الفرج عبد الرَّحْمَن بن الجوزي، والحافظ أبي بكر محمَّد الحازمي (6). فأتبعت الحسن الحسنة، واستسنيت (7) بسنتهم طلبًا للثواب وإرشادًا للطلاب فألفت فيه كتابًا مختصرًا (8) جامعًا لمتفرقاته، حاصرًا لمتشعباته،
(1) النقض: الإِبطال، ونقضت الطهارة أبطلتها، ونقضت الحبل حللت برمه. انظر مادة (نقض) في المصباح المنير ص 621.
(2)
الإبرام: الأحكام، وأبرم الشيء أحكمه ودبره.
انظر: المصباح المنير ص 45 مادة (برم).
(3)
الأنام: كل ما على وجه الأرض، وقيل خاص بالإنس والجن.
انظر: المصباح المنير ص 26 مادة (أنام).
(4)
انظر فصل آثار المصنف المقدمة ص 61 من هذه الرسالة.
(5)
كأن المصنف أعاد الضمير إلى الناسخ والمنسوخ في الأحاديث فلذا أتى به مثنى أو إلى النسخ في الكتاب والسنة.
(6)
تقدم التعريف بهؤلاء الأعلام ودراسة مؤلفاتهم في هذا الفن في المقدمة.
(7)
أي سلكت طريقهم، واستسن الطريق: سارها وسلكها. انظر: المعجم الوسيط 1/ 458.
(8)
الاختصار: هو تجريد اللفظ اليسير من الكلام الكثير مع بقاء المعنى. تاج العروس 3/ 178 مادة (خصر).
بألفاظ محبرة (1) ومعان محررة (2)، نبهت فيه على غوامض ما كدت أن (3) أسبق إليها، وذلك تفضلًا من السابق على اللاحق، ولعمري أنها سنة قد اندرست (4)، ورباع (5) قد خلت، وخلفت البُغثان (6) النسور قال أمرها إلى الدثور:
خلا الجذع من ليلي وهاتيك دارها
…
وأظلم لما أن توارت بدورها
وأقوت (7) عقيب الراحلين قصورهم
…
وقد عمرت بالنازلين قبورها
فيا صاحبي ماذا انتظارك بعدهم
…
فلا شك أن عن قريب نزورها (8)
لولا بقية صالحة قومت أودَه (9)، وسددت بدَدَه (10) ، إظهارًا لمعجزة سيدنا ونبينا
(1) التحبير: هو التزيين، والمحبر المزين، وحبرت الشيء حبرًا زينته وفرَّحْتُه. المصباح المنير ص 117 مادة (حبر).
(2)
التحرير: التقويم والتحسين، وحررت الكتاب قومته بإصلاح سقطه وإقامة حروفه وتحسينه. انظر: تاج العروس 3/ 237 مادة (حر).
(3)
اقتران خبر (كاد) بـ (أن) قليل، هي بعكس (عسى) قال ابن مالك:
وكونه بدون أن بعد عسى
…
نزر وكاد الأمر فيه عكسا
أي أن خبر (عسى) الغالب فيه اقترانه بـ (أن)، وخبر (كاد) عكسه.
انظر حاشية الخضري مع شرح ابن عقيل 1/ 124 - 125.
(4)
اندرس: يقال درس درسًا ودروسًا: عفا، وذهب أثره وتقادم عهده، والشيء غيره أو محا أثره.
انظر: المعجم الوسيط 1/ 279 مادة (درس).
(5)
الرباع: جمع ربع محلة القوم، ومنزلهم ويطلق على القوم مجازًا قال الزمخشري: ومن المجاز حيّا الله ربعك: أي قومك.
انظر: أساس البلاغة ص 152، والمصباح المنير ص 856 مادة (رباع) ويقال: دثر الرسم: درس. مختار الصحاح ص 118 (دثر).
(6)
البغثان: كغزلان: جمع بغاث، ويثلث أَيضًا، والبغاث طاثر أغبر رمادي اللون من طيور الماء، طويل العنق بطيء الطيران ليس من جوارح الطير، وقيل من شرار الطيور. وفي المثل يقال للئيم يرتفع أمره:"إن البغاث بأرضنا يستنسر".
انظر: أساس البلاغة ص 26، والمعجم الوسيط 1/ 64.
(7)
أقوت: خلت. مختار الصحاح ص 558. (ق و 1).
(8)
يغلب على الظن أن هذه الأبيات للمصنف نفسه وإن لم يصرح بذلك، ولم أجد من نسبها له ممن ترجموا له، ولكني لم أجدها في دواوين الشعر ولم أر من عزاها لقائل معين.
(9)
أوده: اعوجاجه. وأوِدَ الشيء اعوج بابه طرب، وتأود: تعوج. تاج العروس 2/ 292، ومختار الصحاح ص 32 مادة (أود) ومقصود المصنف تقويم اعوجاج هذا الفن الذي قد اندرس وتبدد.
(10)
بدده: تبدد: تفرق، وبدده فرقه.
انظر: تاج العروس 2/ 295، ومختار الصحاح ص 43 مادة (ب د د).