‌ ‌الأنف: لم أجد في شيءٍ من كتب المذاهب الأربعة خلافًا في - أثر تطور المعارف الطبية على تغير الفتوى والقضاء

‌

‌الأنف:

لم أجد في شيءٍ من كتب المذاهب الأربعة خلافًا في كون الأنف منفذًا إلى الجَوْف يُفْطِر الإنسان إذا وصلت الأعيان منه إليه

(1)

. ولكن ابن حَزْم رحمه الله لا يرى أنه يُفْطِر

(2)

.

ودليل الفريق الأول هو قوله صلى الله عليه وسلم للَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ رضي الله عنه: «وبَالِغْ في الاسْتِنْشَاق إِلا أَنْ تَكُون صَائِمًا»

(3)

وهو يفيد أن صيامه يفسد بوصول الماء إلى حلقه من أنفه

(4)

..

وكذلك، فإن العام والخاص يدرك أن الماء يصل من الأنف إلى الحلق ثم إلى المَعِدَة.

أما ابن حَزْم رحمه الله فتمسك بأن السَّعوط

(5)

والتقطير في الأنف لا يسميهما أحد من العرب الذين تلقوا الرسالة أكلًا أو شربًا.

والذي يقرره الطب الحديث - ولم يكن خافيًا - أن الأنف منفذٌ إلى الجَوْف، يشترك مع الفم في اتصالهما المباشر بالحلق، بل وإن الكثير من المرضى يتم تغذيتهم عن طريق أنابيب تُدْخَل من الأنف لتصل إلى المَعِدَة.

لعل هذا التقرير الطبي لم يكن ليغير من قناعات الإمام النحرير ابن حَزْم رحمه الله، ولا نعتقد أنه خفي عليه أن الماء يصل إلى الحلق عن طريق الأنف، ولكنَّ الظاهر هو رجحان قول من جعل الأنف منفذًا للجَوْف المعتبر في الإفطار، وذلك للحديث، ولحصول معنى الأكل أو الشرب بدخول الشراب عن طريق الأنف إلى جَوْف الإنسان القادر على تحليل الغذاء - كما يظهر من المقدمة الطبية. وكذلك فإن الأنف في الممارسة الطبية منفذ معتاد عرفًا للتغذية.

* * *