الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع: من الذي سيتولى ختن الأولاد والبنات
؟
لا شك أن في نهيه صلى الله عليه وسلم عن المبالغة بيان إمكان حصول الضرر إذا تصدى لهذا الأمر غير الحاذق؛ ولذا ينبغي أن يترك هذا الأمر في زماننا للأطباء، فهم أعرف بالقدر الذي لا يضر الأنثى قطعه.
إن أم عطية الخاتنة رضي الله عنها هي ذاتها التي كانت تخرج في الغزوات لتداوي الجرحى، إذًا فهي من أهل التطبيب. وفي زماننا تم تنظيم مهنة التطبيب، ولذلك في الإسلام أصل وإن أول من سن لنا ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:«مَنْ تَطَبَّبَ وَلا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ»
(1)
.
ومعنى الحديث يقتضي أن يتدرب الطبيب أولًا تحت إشراف غيره؛ فإنه لا سبيل إلى أن يُعرَف بالطب إلا بالتدرب، فإنه إن عالج من غير تدريب كان متعرضًا للعقوبة إذا أخطأ.
ولذلك فإن المسلمين قد عمِلوا بذلك وكانوا يمتحنون الأطباء قبل إجازتهم بالتطبيب. ذكر صاحب «عيون الأنباء في طبقات الأطباء»
(2)
عن ثابت بن سنان
(3)
أن
(1)
«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الدِّيَات، باب فيمن تطبب بغير علم فأعْنَتَ (4/ 195)؛ وحسنه الألبَانِيّ (انظر «سُنَن أبي دَاوُد بتحقيق مشهور» رقم: 4586).
(2)
هو: ابن أبي أُصَيبِعَة موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم السعدي الخزرجي (600 هـ-668 هـ).
(3)
هو: أبو الحسن، ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة، قال في العيون: كان طبيبًا فاضلًا (ت 363) انظر «عيون الأنباء» (ص 304).
الخليفة المقتدر العباسي
(1)
أمر بمنع سائر المتطببين من التصرف إلا من امتحنه أبوه
(2)
.
ولم يكتف المسلمون بمنح الإجازة للطبيب، بل وراقبوه في عمله؛ يقول عبد الرحمن بن نصر الشَّيْزَرِيّ
(3)
في كتابه «نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة» وهو يضع الشروط التي ينبغي توافرها في الفصادين والحجامين: «لا يتصدى للفصد إلا من اشتهرت معرفته بتشريح الأعضاء والعروق والعضل والشرايين، وأحاط بمعرفة تركيبها وكيفيتها لئلا يقع المِبْضَع في عرق غير مقصود أو في عضلة أو شريان فيؤدي إلى زمانة العضو (أي مرضه مرضًا مزمنًا) وهلاك المريض، فكثير هلك من ذلك»
(4)
.
لقد ذكر الدكتور البار في كتابه الختان دراسة أجراها الدكتور ياسر جمال وزملاؤه بينت الفرق الكبير في حدوث المضاعفات من عمليات الختان بين الخاتنين الأطباء وغيرهم
(5)
.
(1)
هو: المُقتَدِر بالله أبو الفضل جعفر بن أحمد بن طلحة ابن المعتضد ابن الموفق الخليفة العباسي ولد في بغداد، وبويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المكتفي سنة 295 هـ فاستصغره الناس، فخلعوه سنة 296 هـ ونصبوا عبد الله بن المعتز، ثم قتلوا ابن المعتز وأعيد المقتدر بعد يومين، فطالت أيامه، وكثرت فيها الفتن. وقتل على أيدي جماعة من المغاربة سنة 320 هـ، وكان ضعيفًا مبذرًا، استولى على الملك في عهده خدمه ونساؤه وخاصته. راجع ترجمته في:«تاريخ بغداد» (10/ 99)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (15/ 43).
(2)
هو: سِنان بن ثابت (ت 331)«عيون الأنباء» (ص 300).
(3)
هو: جلال الدين أبو النجيب عبد الرحمن بن نصر بن عبد الله، العَدَوِيّ الشَّيْزَرِيّ، قاضي طَبَرِيَّا شافعي، نسبته إلى قلعة شَيْزَر سكن حلب، له كتب منها:«النهج المسلوك في سياسة الملوك» ألفه للملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، و «نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة» ، توفي رحمه الله سنة 590 هـ تقريبًا. في راجع ترجمته في:«الأعلام» للزرِكلِيّ (3/ 340)، «مُعْجَم المؤلفين» (5/ 197).
(4)
«نِهَايَة الرُّتبَة في طَلَب الحِسْبَة» تحقيق د. السيد الباز القريني، دار الثقافة، بيروت، الطبعة الثانية 1981 (ص 89). نقلًا عن «المسؤولية الطبية وأخلاقيات الطبيب» للبار (ص 36).
(5)
«الختان» للبار (ص 107).