المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفرع الخامس: أدلة القائلين باعتبار القرائن: - أثر تطور المعارف الطبية على تغير الفتوى والقضاء

[حاتم الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمالدكتور صلاح الصاوي

- ‌المقدمة

- ‌أهمية البحث والدراسة في الموضوع في زمننا

- ‌سبب اختياري للموضوع

- ‌بعض ما كتب مما له تعلق بالفقه والطب معًا

- ‌منهجي وأسلوبي في البحث

- ‌خطة الرسالة

- ‌التمهيد

- ‌التداخل بين الفقه والطب

- ‌تعريف الفقه:

- ‌تعريف الطب:

- ‌حاجة الطب إلى الفقه

- ‌حاجة الفقه إلى الطب

- ‌مسألة تغير الفتوى

- ‌تعريف الفتوى والقضاء:

- ‌المقصود الفتوى لا الحكم الشرعي

- ‌تغير الفتوى ليس أمرًا محدثًا

- ‌أقوالٌ لأهل العلم عن تغير الفتوى

- ‌ضوابط تغير الفتوى

- ‌أهل السنة لا يهملون دليل الحس:

- ‌كيف تتغير الفتوى بتغير المعارف والصناعة الطبية

- ‌أي المعلومات الطبية نقبل

- ‌من الذي يتصدى لتغيير الفتوى

- ‌الباب الأول: مسائل من أبواب العبادات

- ‌الفصل الأول: الطهارة

- ‌المبحث الأول: ختان البنات

- ‌تعريف الختان:

- ‌المطلب الأول: حكم الختان

- ‌ الآثار الواردة في الختان:

- ‌عرض أقوال الفقهاء في حكم الختان:

- ‌الترجيح:

- ‌المطلب الثاني: ختان البنات ورأي الطب

- ‌ مقدمة طبية عن تكوين ووظيفة البظر وقلفته:

- ‌ أنواع ختان البنات:

- ‌ هل من مضار طبية لختان البنات أو فوائد

- ‌ الدراسات العلمية عن ختان البنات:

- ‌ الفوائد الطبية لختان البنات:

- ‌المطلب الثالث: حد الختان

- ‌ أقوال أهل العلم ومناقشتها:

- ‌المطلب الرابع: حكم العدوان على فرج المرأة

- ‌المطلب الخامس: هل تضمن الخاتنة

- ‌المطلب السادس: هل يقطع من كل النساء

- ‌المطلب السابع: من الذي سيتولى ختن الأولاد والبنات

- ‌المطلب الثامن: متى يكون القطع

- ‌المطلب التاسع: موانع ختان الإناث ومضاعفاته

- ‌المطلب العاشر: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى بشأن الختان

- ‌المبحث الثاني: الماء المشمس

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المبحث الثالث: الحيض

- ‌المطلب الأول: الدورة الحيضية

- ‌مقدمة طبية:

- ‌المطلب الثاني: أقل سن الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: أكثر سن الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الرابع: مدة الدورة الحيضية

- ‌المطلب الخامس: أقل الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب السادس: أكثر الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب السابع: أقل الطهر

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثامن: أكثر الطهر

- ‌المطلب التاسع: المُبْتَدَأة والمُتَحَيِّرَة

- ‌المطلب العاشر: الصفرة والكُدْرَة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الحادي عشر: حيض الحامل والدم يكون قبيل الولادة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ أدلة القائلين بأن الحامل تحيض:

- ‌ أدلة القائلين بأن الحامل لا تحيض:

- ‌ موقف الطب من حيض الحامل:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌الخلاف بين الفقهاء لن يرتفع بالكلية بتطور الطب

- ‌المبحث الرابع: النفاس

- ‌المطلب الأول: بم يثبت النفاس

- ‌المطلب الثاني: أكثر النفاس

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: نفاس المرأة تلد التوأمين

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب الحديث وأثره على الترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌الفصل الثاني: الجنائز

- ‌المبحث الأول: علامات الموت

- ‌الحياة والموت بين الفقه والطب

- ‌أولاً: في الفقه:

- ‌ ثانيًا: في الطب:

- ‌ موت الدِّمَاغ في الطب الحديث:

- ‌مقدمة

- ‌ما هو موت الدِّمَاغ وتاريخه ومعايير تشخيصه

- ‌ تاريخ موت الدِّمَاغ:

- ‌ أسباب موت الدِّمَاغ:

- ‌ معايير تشخيص موت الدِّمَاغ:

- ‌أقوال المعاصرين في موت الدِّمَاغ

- ‌قرارات المجامع الفقهية بشأن موت الدِّمَاغ

- ‌أولا: قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ثانيًا: قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌ثالثًا: توصيات ندوة الحياة الإنسانية: بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌ أولاً: أدلة من اعتبر موت الدِّمَاغ موتًا للإنسان:

- ‌ثانيًا: أدلة القائلين بأن موت الدِّمَاغ ليس موتًا للإنسان ولا يأخذ حكمه:

- ‌ الترجيح والتوصيات:

- ‌المبحث الثاني: انتهاك حرمة الميت والتشريح

- ‌أقوال المعاصرين في حكم التشريح

- ‌ أدلة المانعين:

- ‌ أدلة المبيحين:

- ‌ الترجيح:

- ‌الفصل الثالث: الصيام

- ‌مبحث: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوىبشأن مُفْطِرات الصيام

- ‌المطلب الأول: المقدمة الطبية

- ‌ أولا: الجَوْف في الطب الحديث:

- ‌ التجويف الدِّمَاغي:

- ‌ تجاويف عظام الوجه والجُمْجُمَة:

- ‌الأذن:

- ‌ العين:

- ‌ الأنف:

- ‌ التجويف الصَّدْرِيّ:

- ‌ التجويف البَطْنِيّ:

- ‌تجويف المثانة:

- ‌ تجويف الرحم والجهاز التناسلي الأنثوي:

- ‌ السبيل الهَضْمِيّ:

- ‌المطلب الثاني: الخلاف الفقهي على الجَوْف

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: الخلاف الفقهي على المنافذ

- ‌الأنف:

- ‌العين:

- ‌ الترجيح:

- ‌الأذن:

- ‌الإحليل وفرج المرأة:

- ‌قُبُل المرأة:

- ‌الدبر:

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب العبادات

- ‌الباب الثاني: مسائل من أبواب العادات

- ‌الفصل الأول: الأطعمة

- ‌المبحث الأول: الجَلَّالة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالجلالة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجلالة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ أدلة التحريم:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الثالث: حكم تقديم العلف النجس أو المتنجس للحيوان

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الرابع: حكم إطعام الدواب الميتات

- ‌فرع: هل للاستحالة أثر على تغير الحكم بشأن إطعام الأعلاف النجسة للحيوان:

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الخامس: تطور المعارف الطبية بشأن إطعامالنجاسات والميتات للحيوان

- ‌المطلب السادس: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى في هذا الباب

- ‌المبحث الثاني: حكم التدخين

- ‌المطلب الأول: تعريف الدخان وتاريخه

- ‌المطلب الثاني: اختلاف العلماء في حكم التبغ

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الثالث: رأي الطب في التدخين

- ‌المطلب الرابع: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى بشأن التدخين

- ‌الفصل الثاني: الاستمناء

- ‌تعريف الاستمناء:

- ‌حكم الاستمناء:

- ‌عرض الخلاف حول الاستمناء

- ‌مناقشة الآراء والترجيح:

- ‌فرع: وحكم المرأة كحكم الرجل فإنما النساء شقائق الرجال:

- ‌فرع: تدابير تغني أصحاب النفوس الكبيرة عن الاستمناء:

- ‌الفصل الثالث: حكم التداوي

- ‌المبحث الأول: حكم التداوي عمومًا

- ‌المطلب الأول: أقوال الفقهاء في التداوي ومناقشتها

- ‌ أدلة عدم الوجوب:

- ‌ أدلة الوجوب:

- ‌ الترجيح:

- ‌ ليس التداوي بواجب في كل حال:

- ‌اتفاق أكثر المعاصرين على وجوب التداوي في بعض الأحوال:

- ‌المطلب الثاني: أثر تطور المعارف الطبية على تغير الفتوى بشأن التداوي

- ‌المبحث الثاني: مداواة حالة الحياة النباتية المستمرة

- ‌التعريف بالحالة النباتية المستمرة

- ‌مداواة المريض بالحالة النباتية المستمرة

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب العادات

- ‌الباب الثالث: مسائل من أبواب المعاملات

- ‌الفصل الأول: أحكام متعلقة بالنكاح والعدد

- ‌المبحث الأول: أقل الحمل

- ‌المطلب الأول: أقوال السادة الفقهاء

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب

- ‌المطلب الثالث: التوفيق بين أقوال الفقهاء ورأي الطب الحديث وأثر تطور الصناعة الطبية على الفتوى في هذا الباب

- ‌المبحث الثاني: أكثر الحمل

- ‌المطلب الأول: آراء السادة الفقهاء في أقصى مدة الحمل

- ‌ أدلة من تمسك بتسعة الأشهر:

- ‌ دليل من قال بالسنة:

- ‌ دليل من قال بالسنتين:

- ‌ دليل من قال بالأربع:

- ‌ دليل من ترك التحديد:

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب في أكثر مدة الحمل

- ‌المطلب الثالث: التوفيق بين آراء الفقهاء والمعارف الطبية الحديثةوأثر تطورها على الفتوى في هذا الباب

- ‌المطلب الأول: اختلاف الفقهاء في الاشتراك في النسب والحمل من ماءين

- ‌عرض أقوال الفقهاء:

- ‌ أدلة من قال بالاشتراك وإمكان حصول الحمل من ماءين:

- ‌ أدلة القائلين بعدم الاشتراك في النسب وأن الحمل لا يكون من ماءين:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب في حصول الحمل من ماءينوأثره على الفتوى

- ‌المبحث الرابع: العدد

- ‌عدة من انقطع حيضها أو تباعد

- ‌المطلب الأول: انقطاع الحيض وتباعده من وجهة نظر الطب

- ‌المطلب الثاني: آراء الفقهاء في عدة من انقطع أو تباعد حيضها

- ‌ النوع الأول من انقطع أو تباعد حيضها برضاع أو علة تعرف كمرض يرجى برؤه

- ‌النوع الثاني: من انقطع أو تباعد حيضها لعلة لا تعرف دون سن الإياس:

- ‌مناقشة الأدلة

- ‌الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: أثر تطور المعارف والصناعة الطبيةعلى الفتوى في هذا الباب

- ‌ الترجيح:

- ‌فرع: فائدة في عدة المستحاضة:

- ‌الفصل الثاني: أحكام متعلقة بالحجر والمواريث

- ‌المبحث الأول: تحديد البلوغ

- ‌تمهيد عن مراحل العمر

- ‌علامات البلوغ

- ‌اعتبار السن في تحديد البلوغ

- ‌الحد الأعلى لسن البلوغ

- ‌ المعرفة الطبية:

- ‌أقوال الفقهاء:

- ‌ التوفيق بين أقوال الفقهاء والمعرفة الطبية:

- ‌المبحث الثاني: تحديد جنس الخنثى

- ‌المطلب الأول: التعريف بالخنثى

- ‌الحقيقة الطبية للخنثى

- ‌المطلب الثاني: أهمية تحديد جنس الخنثى

- ‌المطلب الثالث: اجتهادات الفقهاء في تمييز جنس المولود أو الطفل

- ‌المطلب الرابع: التوفيق بين أقوال الفقهاء والمعارف الطبية

- ‌عند وجود الأطباء الأكْفاء:

- ‌عند عدم وجود الأطباء الأكفاء:

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب المعاملات

- ‌الباب الرابع: مسائل من أبواب القضاء والحدود

- ‌الفصل الأول: القضاء

- ‌المبحث الأول: حجية الدليل المادي في الإثبات

- ‌المطلب الأول: اختلاف الفقهاء في أدلة الإثبات والحكم بالقرائن

- ‌الفرع الأول: التعريف:

- ‌الفرع الثاني: الإثبات في القضاء الوضعي:

- ‌الفرع الثالث: اختلاف الفقهاء في حصر أدلة الإثبات والعمل بالقرائن:

- ‌القصاص:

- ‌ الفرع الرابع: أدلة القائلين بعدم اعتبار القرائن:

- ‌ الفرع الخامس: أدلة القائلين باعتبار القرائن:

- ‌ الفرع السادس: الترجيح:

- ‌المطلب الثاني: تطور الطب الشرعي

- ‌المطلب الثالث: أثر تطور الطب الشرعي على أدلة الإثباتوالعمل بالقرائن في القضاء الإسلامي

- ‌فرع: فائدة فيما يستطيع الطب الشرعي أن يقدمه في جرائم الاغتصاب:

- ‌المبحث الثاني: تطبيقات استعمال الدليل المادي

- ‌تحديد النسب عن طريق الحمض الأميني (البصمة الوراثية)

- ‌المطلب الأول: تعريف النسب وأدلة ثبوته

- ‌أدلة ثبوت النسب في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: مسائل مهمة في أحكام النسب

- ‌المطلب الثالث: التعريف بالبصمة الوراثية

- ‌المطلب الرابع: حكم اعتماد البصمة الوراثيةكدليل على ثبوت الأبوة أو نفيها

- ‌ مجالات استعمال البصمة:

- ‌ أما المواطن التي يمكن استخدام البصمة الوراثية فيها دون القيافة فهي فيما يظهر لي:

- ‌الفصل الثاني: الحدود والجنايات

- ‌المبحث الأول: استيفاء القِصاص في العظاموالجروح والشجاج وإذهاب المنافع

- ‌المطلب الأول: أقوال الفقهاء في تحديد ضابط الأمن من الحيففي استيفاء القِصاص فيما دون النفس

- ‌واتفقوا على وجوب القِصاص

- ‌واتفقوا على عدم القِصاص

- ‌واختلفوا رحمهم الله في إمكانية المماثلة والأمن من الحيف

- ‌ القطع من غير مفصل

- ‌ الترجيح:

- ‌ما دون الموضحة من الشجاج، والجروح التي لا تنتهي إلى عظم:

- ‌ولا خلاف بين الفقهاء سوى ابن حَزْم في عدم القِصاص

- ‌ما فوق الموضحة في البدن:

- ‌كسر العظام:

- ‌المطلب الثالث: رأي الطب الحديث في إمكانية استيفاء القِصاصمن غير حيف أو سراية

- ‌المطلب الرابع: أثر تطور الصناعة الطبية على الفتوىبشأن استيفاء القِصاص

- ‌المبحث الثاني: حكم الإجهاض

- ‌المطلب الأول: مراحل تخليق ونمو الجنين كما يراها الطب الحديث

- ‌المطلب الثاني: حكم الإجهاض في الفقه الإسلامي

- ‌عرض أقوال أهل العلم:

- ‌أقوال المعاصرين:

- ‌ مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي

- ‌ مجمع الفقه التابع للمنظمة

- ‌ هيئة كبار العلماء في السعودية

- ‌لجنة الفتوى بالكويت:

- ‌المطلب الثالث: متى تبدأ الحياة الإنسانية

- ‌1 - تبدأ الحياة الإنسانية عند الإخصاب:

- ‌2 - تبدأ الحياة الإنسانية بنفخ الروح عند اليوم الأربعين أو حواليه:

- ‌3 - تبدأ الحياة الإنسانية عند تمام أربعة الأشهر:

- ‌ الترجيح:

- ‌فرع: هل يجب القِصاص في الجناية على الجنين بعد نفخ الروح

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب القضاء والحدود

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

- ‌أ- المراجع العربية

- ‌ب- المراجع الأجنبية

الفصل: ‌ الفرع الخامس: أدلة القائلين باعتبار القرائن:

*‌

‌ الفرع الخامس: أدلة القائلين باعتبار القرائن:

1 -

قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18].

قال ابن العَرَبِيّ رحمه الله: «قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}

الآية فيها ثلاث مسائل المسألة الأولى أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم فروي في الإسرائيليات أن الله تعالى قرن بهذه العلامة علامة تعارضها وهي سلامة القميص في التلبيب والعلامات إذا تعارضت تعين الترجيح فيقضى بجانب الرجحان وهي قوة التُّهْمَة لوجوه تضمنها القرآن منها طلبهم إياه شفقة ولم يكن من فعلهم ما يناسبها فيشهد بصدقها بل كان سبق ضدها وهي تبرمهم به ومنها أن الدم محتمل أن يكون في القميص موضوعا ولا يمكن افتراس الذئب ليوسف وهو لابس للقميص ويسلم القميص من تخريق وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات والعلامات وتعارضها»

(1)

.

وقال القُرْطُبِيّ رحمه الله: «استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل من الفقه كالقَسامة وغيرها وأجمعوا على أن يعقوب عليه السلام استدل على كذبهم بصحة القميص وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات والعلامات إذا تعارضت فما ترجح منها قضى بجانب الترجيح وهي قوة التُّهْمَة ولا خلاف بالحكم بها قاله ابن العَرَبِيّ»

(2)

.

(1)

«أحْكَام القُرآن» لابن العَرَبِيّ (3/ 40 - 41).

(2)

«أحْكَام القُرآن» للقُرْطُبِيّ (9/ 150).

ص: 605

2 -

قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 25 - 28].

قال محمد الأمين الشِّنْقِيطِيّ رحمه الله: «يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين وكذب الآخر، لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب، لأن كون القميص مشقوقًا من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها وهي تنوشه من خلفه، ولكنه تعالى بين في موضع آخر أن محل العمل بالقرينة ما لم تعارضها قرينة أقوى منها، فإن عارضتها قرينة أقوى منها أبطلتها، وذلك في قوله تعالى {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] لأن أولاد يعقوب لما جعلوا يوسف في غيابة الجب جعلوا على قميصه دم سخلة ليكون وجود الدم على قميصه قرينة على صدقهم في دعواهم أنه أكله الذئب ولا شك أن الدم قرينة على افتراس الذئب له، ولكن يعقوب أبطل قرينتهم هذه بقرينة أقوى منها وهي عدم شق القميص فقال سبحان الله متى كان الذئب حليمًا كيسًا يقتل يوسف ولا يشق قميصه ولذا صرح بتكذيبه لهم في قوله {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] وهذه الآيات المذكورة أصل في الحكم بالقرائن»

(1)

.

(1)

«أضواء البيان» لمحمد الأمين الشِّنْقِيطِيّ (2/ 215 - 216).

ص: 606

والقرينة في هذه الآية لا تسلم من الاعتراض ولا تفيد القطع وحدها، فإن المرأة ربما أنكرت على غلامها قصدها لفعل الفاحشة فهرب منها وأدركته من الدبر. واعترض عليها بأن الشاهد كان صبيًا في المهد فيكون كلامه هو الدليل لا القرينة وبأن ذلك من شرع من قبلنا.

ويجيب على هذه الاعتراضات الدكتور عوض عبد الله فيقول: «القرائن كانت كثيرة وكفيلة بصرف هذه التُّهْمَة عنه، أما القرينة المذكورة في الآية إنما جاءت دليلا مرجحا ومقويا لتلك القرائن، ومن هذه القرائن التي ذكرها المفسرون أن يوسف عليه السلام كان عبدا في ظاهر الأمر والعبد لا يمكن أن يتسلط على مولاه إلى هذا الحد، كما أنهم رأوا أن المرأة زيّنت نفسها على أكمل الوجوه، ولم يكن على يوسف عليه السلام آثار للتزين. ثم إنّ أحوال يوسف عليه السلام في المدة الطويلة تدل على براءته

» ويقول مجيبًا على الاعتراض الثاني: «وقد دفع هذا الاعتراض بأنه يستبعد أن يكون الشاهد صبيا بل كان رجلا حكيما وهو الذي يناسب سياق الآية، فلو أنطق الله الطفل لكان كافيا قوله: «إنها كاذبة» ولما احتاج إلى نصب العلامة، ثم قوله تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف: 26] ليكون أولى بالقبول في حق المرأة ولو كان صبيا لا يتفاوت الحال كونه من أهلها أو من غير أهلها. كما أن لفظ الشاهد لا يقع في العرف إلا لمن تقدمت معرفته بالواقعة وإحاطته بها. وقيل: إنه لا تعارض بين كونه صبيًّا تكلم في المهد وبين الأمارة المنصوبة، فقد يتكلم الصبي، ومع ذلك ينبههم إلى الدليل الذي غفلوا عنه وهي أمارة القميص»

(1)

.

ص: 607

3 -

عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جاء الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فقالت هذه لِصَاحِبَتِهَا إنما ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ وَقَالَتْ الأُخْرَى إنما ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إلى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا على سُلَيْمَانَ بن دَاوُدَ عليهما السلام فَأَخْبَرَتَاهُ فقال ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فقالت الصُّغْرَى لا؛ يَرْحَمُكَ الله، هو ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى»

(1)

.

والشاهد أنه استدل بشفقة إحداهما دون الأخرى على أمومتها.

4 -

عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا من وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ في نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»

(2)

فجعل صلى الله عليه وسلم صماتها قرينة على الرضا.

والشاهد أنه صلى الله عليه وسلم جعل سكوت البكر قرينة على رضاها وأقر العمل بها.

5 -

وحين أجليت بنو النَّضِير قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لعم حُيَيِّ بن أَخْطَب: «ما فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الذي جاء بِهِ من النَّضِيرِ قال: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ قال: الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ من ذلك فَدَفَعَهُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الزُّبَيْرِ فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ وقد كان قبل ذلك دخل خَرِبَةً فقال قد رَأَيْت حُيَيًّا يَطُوفُ في خَرِبَةٍ ههنا فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ في الْخَرِبَةِ فَقَتَلَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أبي الْحُقَيْقِ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِالنَّكْثِ الذي نَكَثُوا»

(3)

.

(1)

«صَحِيح البُخَارِيّ» (3/ 1260)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الأقضية، باب بيان اختلاف المجتهدين (3/ 1344)، اللفظ له.

(2)

«صَحِيح البُخَارِيّ» (6/ 2556)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب النكاح، باب استئذان الثيب (2/ 1037)، اللفظ له.

(3)

«فَتْح البَارِي» لابن حَجَر (7/ 479).

ص: 608

والشاهد أنه ما كان ليمسه بعذاب إلا لأنه اقتنع بكذبه بناءً على شواهد الأحوال (العهد قريب والمال كثير).

6 -

وعن زيد بن خالد الجهني أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال: «عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بها فَإِنْ جاء رَبُّهَا فَأَدِّهَا إليه»

(1)

.

فجعل صلى الله عليه وسلم وصفه لها قرينة على ملكيته.

7 -

وعن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: «بَيْنَا أنا وَاقِفٌ في الصَّفِّ يوم بَدْرٍ نَظَرْتُ عن يَمِينِي وَشِمَالِي فإذا أنا بين غُلَامَيْنِ من الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ لو كنت بين أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فقال يا عَمِّ هل تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قال قلت نعم وما حَاجَتُكَ إليه يا بن أَخِي قال أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا قال فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الآخَرُ فقال مِثْلَهَا قال فلم أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أبي جَهْلٍ يَزُولُ في الناس فقلت ألا تَرَيَانِ، هذا صَاحِبُكُمَا الذي تَسْأَلانِ عنه. قال: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حتى قَتَلاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ، فقال: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ فقال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنا قَتَلْتُ. فقال هل مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قالا لا. فَنَظَرَ في السَّيْفَيْنِ فقال كِلاكُمَا قَتَلَهُ وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بن عَمْرِو بن الْجَمُوحِ وَالرَّجُلانِ مُعَاذُ بن عَمْرِو بن الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بن عَفْرَاء»

(2)

.

والشاهد أنه حكم بالسلَب لمن كان سيفه أعمق في جسد أبي جهل بدلالة الدم الذي عليه.

(1)

«صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب في اللقطة، باب لا تحتلب ماشية أحد

(5/ 2265)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب اللقطة (3/ 1348).

(2)

«صَحِيح مُسْلِم» كتاب الجهاد والسِّيَر، باب استحقاق القاتل سَلَب القتيل (3/ 1372).

ص: 609

8 -

أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حكموا بالقافة وليست إلا علامة.

9 -

وقال عمر بن الخطابِ وهو جالس على منبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قد بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عليه الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عليه آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا فَرَجَمَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إن طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ ما نَجِدُ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا الله وَإِنَّ الرَّجْمَ في كِتَابِ اللهِ حَقٌّ على من زَنَى إذا أَحْصَنَ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أو كان الْحَبَلُ أو الِاعْتِرَافُ»

(1)

.

وهذا صحيح صريح من قوله رضي الله عنه وجاء فعله مطابقًا لذلك وليس الحمل إلا علامة على حصول الزنا. وعمر يعرف خطر هذا الحد فهو الذي حد بالقذف ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم شهدوا بالزنا مع رابع ثم نكل هذا الرابع عن شهادته

(2)

.

وروى سعيد بن منصور: «أتي عثمان فى امرأة ولدت فى ستة أشهر فأمر برجمها فقال ابن عباس أدنوني منه فأدنوه فقال إنها تخاصمك بكتاب الله يقول الله عز وجل {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] ويقول فى آية أخرى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] فردها عثمان وخلى سبيلها»

(3)

.

وصحح الحافظ رحمه الله الحديث من رواية ابن وَهْب وذكر اختلافهم فيمن وقعت له الحادثة بين عمر وعثمان ومن ناظره بين علي وابن عباس-رضي الله عن الجميع

(4)

.

(1)

«صَحِيح البُخَارِيّ» (6/ 2503)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الحدود، باب رجم الثيب الزاني (3/ 1317).

(2)

«مُصَنَّف عبد الرَّزَّاق» شهد على المغيرة أربعة بالزنى فنكل زياد فحد عمر الثلاثة (7/ 384).

(3)

«سُنَن سعيد بن منصور» (2/ 93).

(4)

انظر «تَلْخِيص الحَبِير» لابن حَجَر (3/ 219).

ص: 610

وعنِ عبد الرحمن بن حاطبٍ عن أبيه: «أَنّ حَاطِبًا تُوُفِّيَ وَأَعْتَقَ من صلى من رَقِيقِهِ وَصَامَ. وَكَانَتْ له وَلِيدَةٌ نُوبِيَّةٌ قد صَلَّتْ وَصَامَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لم تَفْقَهْ فلم يَرُعْهُ إِلاَّ حَمْلُهَا. فَذَهَبَ إلَى عُمَرَ فَزِعًا، فقال له عُمَرُ أنت الرَّجُلُ الذي لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عُمَرُ أَحَبَلْتِ؟ فقالت نعم من مَرْعُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ؛ فإذا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِهِ. وَصَادَفَتْ عِنْدَهُ عَلِيَّ بن أبي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بن عَفَّانَ وَعَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ، فقال أَشِيرُوا عَلي وَعُثْمَانُ جَالِسٌ فَاضْطَجَعَ فقال عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرحمن قد وَقَعَ عليها الْحَدُّ. قال أَشِرْ عَلَيَّ يا عُثْمَانُ. قال قد أَشَارَ عَلَيْك أَخَوَاك. قال أَشِرْ عَلي أنت. قال أَرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ، وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلاَّ على من عَلِمَهُ، فَأَمَرَ بها فَجُلِدَتْ مِائَةً وَغَرَّبَهَا

(1)

»

(2)

.

وقد يجاب عن هذه الآثار بأن عمر رضي الله عنه لم يحد كل حامل فقد روى عبد الرزاق عن طارق بن شهاب قال: بلغ عمر أن امرأة مُتعبِّدَة حمَلَت فقال عُمَر أراها قامت من الليل تُصلي فخَشَعَت فسَجَدَت فأتاها غاوٍ مِن الغُواة فتَجثَّمَها، فأتته فحدثته بذلك سواء فخلي سبيلها

(3)

.

وروى ابن أبي شَيْبَة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزَّال بن سبرة قال بينما نحن بمنى مع عمر إذا امرأة ضخمة على حمارة تبكي؛ قد كاد الناس أن يقتلوها من الزحام، يقولون زنيت. فلما انتهت إلى عمر قال ما يبكيك؟ إن امرأة ربما استكرهت! فقالت كنت امرأة ثقيلة الرأس وكان الله يرزقني من صلاة الليل فصليت ليلة ثم نمت فوالله ما أيقظني إلا الرجل قد ركبني فرأيت إليه مُقَفِّيا ما أدري من هو من خلق الله فقال عمر لو قتلت هذه خَشِيت على الأخشبين النار ثم كتب إلى الأمصار ألا تقتل نفس دونه»

(4)

.

(1)

وفيه التعزير إذا لم تتوافر كل شروط الحد.

(2)

«المُحَلَّى» لابن حَزْم (11/ 184).

(3)

«مُصَنَّف عبد الرَّزَّاق» (7/ 409).

(4)

«مُصَنَّف ابن أبي شَيْبَة» (5/ 512).

ص: 611

والجواب على الأثرين أن الناس قد علموا أن الحامل بلا زوج تحد وأن عمر إنما درأ عنها الحد للشبهة، ولكن هذه شبهة يمكن لكل أحد أن يدعيها!

وقد يقال بحصر استعمال العلامات في حدي الخمر والزنا، ولكن لم؟ إن هذا قد ثبت من عمل الصحابة في هذين الحدين، ولو كانت هناك قرائن قاطعة في غيرهما لعملوا بها، سيما وأن حد الزنا يتشدد في إثباته بما لا يفعل في حد غيره. إننا إذا وسعنا دائرة استعمال القرائن في كل الحدود، لكنا موافقين لطريقة الصحابة ومنهجهم وإن كان عين الحكم بالقرائن إنما ثبت عنهم في هذين الحدين.

بقِي أن الحدود مما يدرأ بالشبهات وقول الجمهور من المذاهب الأربعة بعدم اعتبار القرائن في الحدود يحدث شبهة قوية تدفع الحد ولكن لا تدفع التُّهْمَة إن ثبتت بالقرينة القاطعة ولا تدفع العقوبة الملائمة لهذه التُّهْمَة.

هذا في القرائن التي لم يكن عليها العمل في زمان الصحابة، أما الحمل ورائحة الخمر وتقيؤها، فإن النفس تطمئن لمتابعة عمل الصحابة فيها سيما مع عدم وجود المنكر منهم لتلك الحدود التي أقيمت بمحْضَرِهم. ولكن تدرأ تلك الحدود بأدنى شبهة، كاستكراه النائمة، وتصدق دعواها -سيما مع عدم وجود التُّهْمَة - كما فعلوا رضي الله عنهم.

10 -

وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان [عبيد الله ابنه] ريح شراب فزَعَم أنه شَرابُ الطِّلاء وأنا سائلٌ عمَّا شرِبَ فإن كان يُسْكِر جَلَدته فجَلَدَه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحدَّ تامًّا»

(1)

.

(1)

«سُنَن النَّسَائيّ الكُبْرَى» كتاب الأشربة، باب ذكر ما أعد الله لشارب الخمر من الذل والهوان (3/ 238).

ص: 612

11 -

وأُتي عثمان بن عفان بِالوليد بن عقبة فشهِد عليه حُمْرَانُ ورجل آخر؛ فشهد أحدهما أنه رآه شرِبها يعني الخمر وشهِد الآخَر أنه رآه يتقيَّأها فقال عثمان: «إنه لم يتقيأها حتى شَرِبَهَا فقال لِعَلِيٍّ رضي الله عنه أَقِمْ عليه الْحَدَّ فقال على لِلْحَسَنِ أَقِمْ عليه الْحَدَّ فقال الْحَسَنُ وَلِّ حَارَّهَا من تَوَلَّى قَارَّهَا، فقال عَلِيٌّ لِعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرٍ أَقِمْ عليه الْحَدَّ، قال فَأَخَذَ السَّوْطَ فَجَلَدَهُ، وَعَلِيٌّ يَعُدُّ، فلما بَلَغَ أَرْبَعِينَ قال حَسْبُكَ جَلَدَ النبي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ أَحْسَبُهُ قال وَجَلَدَ أبو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلي»

(1)

.

وهذا أمر حصل بمحضَر من الصحابة من غير نكير وورد مثله عن عمر - كما ذكرنا - وابن مسعود كذلك.

12 -

عمل الفقهاء بالقرائن:

لا شك أن أمثلة عمل فقهاء المذاهب الأربعة بالقرائن لا تنحصر وقد مثلنا من قبل لعمل فقهاء الحنفية - وهم أضيق المذاهب في اعتبار القرائن - بأمثلة تبين المقصود وتغني عن الإعادة.

ولكن ينبغي أن ننوه على أنهم اتفقوا على قرينة الحيازة أو اليد

(2)

وقرينة قبول الرجل التهنئة وشراء لوازم الولادة على أن الولد منه، وإهداء العروس يوم الزفاف على أنها امرأته التي عقد عليها

(3)

. وجمهورهم يأخذون بقرينة الاستعمال

(4)

(1)

«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الحدود، باب الحد في الخمر (4/ 163).

(2)

انظر «تَبْيين الحَقَائق» للزَّيْلَعِيّ (4/ 295)، «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (7/ 172)، «فتاوى السُّبكِيّ» (1/ 333)، «قَوَاعِد الأحْكَام» للعز (2/ 119).

(3)

انظر «درر الحكام» (4/ 485 - 487). وعليه إجماعهم كما في «المَوْسُوعَة الفِقْهِيَّة» (33/ 157 - 158).

(4)

فمن كان راكبًا للدابة أولى من الممسك بلجامها، ومن حفر بئرًا في دار أولى بها. انظر «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (5/ 215) و (17/ 87) و (17/ 90)، «درر الحكام» لحَيْدَر (4/ 485 - 487)، «المُغْنِي» لابن قُدامة (4/ 327) و (10/ 274)، «قَوَاعِد الأحْكَام» للعز (2/ 119).

ص: 613

والصَّلاحِيَة

(1)

وبالعلامة في بدن اللقيط ومكان وجده ووصف اللُّقَطَةِ

(2)

، وبالآلة المستعملة في القتل على العمدية

(3)

، وفتح أبواب دار والأذان فيه على وقفه مسجدًا

(4)

، وغير ذلك كثير.

13 -

أما استدلالهم بالمعقول، فلهم في هذا الحجة الظاهرة، وليس أجمع ولا أجمل من قول الإمام ابن القَيِّم رحمه الله في ذلك حيث قال عن الحكم بالقرائن:

«وهذا موضع مزَلَّة أقدام، ومضَلَّة أفهام، وهو مقام ضَنْك، ومُعْتَرَك صعب، فرط فيه طائفة، فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وعطلوها، مع علمهم وعلم غيرهم قطعا أنها حق مطابق للواقع، ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع. ولعمر الله إنها لم تناف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وإن نافت ما فهموه من شريعته باجتهادهم، والذي أوجب لهم ذلك:

(1)

فالمرأة أولى بما يصلح للنساء إذا تنازعت مع زوجها على متاع البيت وعند بعضهم العَطَّار أولى بآلته والنجار بآلته إذا تنازعاهما. انظر «درر الحكام» (4/ 485 - 487)، «الفُرُوق» للقَرافِيِّ (3/ 274)، «المُغْنِي» لابن قُدامة (10/ 272 و 273).

(2)

انظر «بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (6/ 253)، «قَوَاعِد الأحْكَام» للعز (2/ 119)، «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (17/ 130).

(3)

انظر «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (26/ 64)، «أسْنَى المَطَالِب» للأنصَارِيّ (4/ 2)، «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (9/ 436).

(4)

انظر «المُغْنِي» لابن قُدامة (5/ 351).

ص: 614