الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المناقشة والترجيح:
* أما من حرموه فاستدلوا بالآتي:
1 -
الضرر:
قال المُبارَكْفُورِيّ رحمه الله:
«اعلم أن بعض أهل العلم قد استدل على إباحة أكل التُّنْبَاك وشرب دخانه بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وبالأحاديث التي تدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة. قال القاضي الشوكاني في «إرشاد السائل إلى أدلة المسائل» بعدما أثبت أن كل ما في الأرض حلال إلا بدليل ما لفظه: «إذا تقرر هذا علمت أن هذه الشجرة التي سماها بعض الناس التُّنْبَاك، وبعضهم التوتون، لم يأت فيها دليل يدل على تحريمها، وليست من جنس المسكرات، ولا من السموم، ولا من جنس ما يضر آجلا أو عاجلا، فمن زعم أنها حرام فعليه الدليل، ولا يفيد مجرد القال والقيل» انتهى.
قلت [القائل المباركفوري] لا شك في أن الأصل في الأشياء الإباحة لكن بشرط عدم الإضرار وأما إذا كانت مضرة في الآجل أو العاجل فكلا ثم كلا
…
وأكل التُّنْبَاك وشرب دخانه بلا مرية وإضراره عاجلا ظاهر غير خفي، وإن كان لأحد فيه شك فليأكل منه وزن ربع درهم أو سدسه، ثم لينظر كيف يدور رأسه، وتختل حواسه، وتتقلب نفسه حيث لا يقدر أن يفعل شيئا من أمور الدنيا أو الدين، بل لا يستطيع أن يقوم أو يمشي. وما هذا شأنه فهو مضر بلا شك»
(1)
.
(1)
«تُحْفَة الأحْوَذِيّ» للمباركفوري (5/ 324 - 325).
2 -
وعن أُمِّ سَلَمَةَ قالت: «نهى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كل مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ» .
قال العَظِيم آبادِي: «قال في النهاية المفتر هو الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فتور وهو ضعف وانكسار يقال أفتر الرجل فهو مفتر إذا ضعفت جفونه وانكسر طرفه»
(1)
.
3 -
نتن الرائحة، وإن كان ذلك لا ينتهض للتحريم.
(2)
.
(3)
.
4 -
المنع السلطاني في زمانهم.
قال ابن عَابِدِين رحمه الله: «وإن كان في الدر المنتقى جزم بالحرمة لكن لا لذاته بل
(1)
«عَوْن المَعْبُود» للعَظِيم آبادِي؛ كتاب الأشربة، باب ما جاء في النهي عن المسكر (10/ 91)، قال مفتر بكسر التاء الخفيفة من أفتر والشائع بالمشددة من فتّر. واعلم أن الحديث من رواية شهر بن حوشب وفيه المقال المعروف، ومن ثم فقد ضُعِّف.
(2)
«حَاشِيَة ابن عابِدِين» (6/ 459).
(3)
«شرح سُنَن ابن مَاجَه» للسندي (1/ 71).
لورود النهي السلطاني عن استعماله» ثم عارض ابن عَابِدِين أن تكون أوامر سلاطين تلك الأزمنة تفيد الوجوب (1).
5 -
الإسراف وإضاعة المال.
6 -
واستدلوا بأنه بدعة لم يعرفها السلف.
7 -
وفيه تشبه بأهل النار بل وبأكل النار والله شبه أكل مال اليتيم بأكل النار، فأكل النار أولى بالذم ولقد عذب الله قوم يونس بالدخان.
8 -
واستدلوا بأنه يشارك أولية الخمر في النشوة والحشيش والأفيون في الإدمان
(1)
.
* أما من أباح فاستدل بما يأتي:
1 -
الأصل في الأشياء الإباحة كما تقدم ويأتي في كلام النَّابُلُسِيّ رحمه الله.
2 -
عدم الضرر.
قال ابن عَابِدِين رحمه الله: «وألف في حله أيضا سيدنا العارف عبد الغني النَّابُلُسِيّ رسالة سماها «الصلح بين الإخوان في إباحة شرب الدخان» وتعرض له في كثير من تآليفه الحسان وأقام الطامة الكبرى على القائل بالحرمة أو بالكراهة فإنهما حكمان شرعيان لا بد لهما من دليل، ولا دليل على ذلك فإنه لم يثبت إسكاره ولا تفتيره ولا إضراره بل ثبت له منافع فهو داخل تحت قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة وأن فرض إضراره للبعض لا يلزم منه تحريمه على كل أحد فإن العسل يضر بأصحاب الصفراء الغالبة وربما أمرضهم مع أنه شفاء بالنص القطعي وليس الاحتياط في الافتراء على الله تعالى بإثبات الحرمة أو الكراهة اللذين لا بد لهما من دليل بل في القول بالإباحة التي هي الأصل. وقد توقف النبي مع أنه هو المشرع في تحريم الخمر
(1)
«الطب في ضوء الإيمان» (264).
أم الخبائث حتى نزل عليه النص القطعي. فالذي ينبغي للإنسان إذا سئل عنه سواء كان ممن يتعاطاه أو لا كهذا العبد الضعيف وجميع من في بيته أن يقول هو مباح لكن رائحته تستكرهها الطباع فهو مكروه طبعا لا شرعا إلى آخر ما أطال به رحمه الله تعالى»
(1)
. ورد ابن عَابِدِين على من قال بالضرر فقال: «قوله: ربما أضر بالبدن. الواقع أنه يختلف باختلاف المستعملين»
(2)
.
3 -
أن نتن الرائحة لا يفيد التحريم، بل الكراهة التنزيهية وغاية ما هناك أن يجتنب التدخين قبل مواعيد الصلوات لمن يصليها بالمسجد.
4 -
لا يعتبر الإنفاق على التدخين من التبذير المنهي عنه بل من التفكه الجائز.
الملاحظ أن الخلاف ينحسم إذا تبين أن التدخين ثابت ضرره بكل من يتعاطاه.
وهذا يقودنا إلى المطلب الآتي بخصوص رأي الطب في التدخين.
* * *