الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
يحرم الإجهاض بعد الأربعين الأولى ويجوز فيها وهو قول الحنابلة وبعض المالكية.
3 -
يحرم الإجهاض بعد نفخ الروح ويجوز قبله وهو قول الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة.
عرض أقوال أهل العلم:
قول السادة الحنفية:
المعتمد في مذهب الحنفية رحمهم الله هو جواز الإسقاط قبل المائة والعشرين يومًا، قال الكمال بن الهُمَام رحمه الله:«وهل يباح الإسقاط بعد الحبل يباح ما لم يتخلق شيء منه ثم في غير موضع قالوا ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة»
(1)
.
وإطلاقهم رحمهم الله يشمل الجواز بغير إذن الزوج، وهو ما نص عليه ابن عَابِدِين رحمه الله حيث قال:«وقالوا يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بلا إذن الزوج»
(2)
.
إلا أن الحنفية رحمهم الله ليسوا متفقين على جواز الإسقاط، وفي المنع ينقل ابن عَابِدِين رحمه الله عن صاحب الخانِيَّة رحمه الله قوله:«ولا أقول بالحل إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزاء ثمة فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر»
(3)
.
(1)
«شرح فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (3/ 401 - 402).
(2)
«الدُّر المُخْتار» للحَصْكَفِيّ (3/ 176).
(3)
«حَاشِيَة ابن عابِدِين» (3/ 176).
ولعل هذا الخلاف هو الذي دفع البعض إلى محاولة التوفيق بين الآراء بحمل القول بالإباحة على حالات خاصة، ومن هؤلاء ابن وَهْبان حيث نقل عنه ابن عَابِدِين في الحَاشِيَة قوله:«فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل»
(1)
.
وهذا وجيه لأن إطلاق الجواز بإسقاط الجنين الذي مر عليه مائة يوم، وصار له رجلان ويدان ورأس وجذع من غير عذر، لهو مما تأباه الشريعة بروحها ونصها.
قول السادة المالكية:
ذهب المالكية رحمه الله إلى منع الإسقاط في كل أطوار الجنين، وهم في ذلك أشد المذاهب، قال الشيخ الدَّرْدِير رحمه الله:«ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يومًا، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعًا»
(2)
.
بل إن المالكية رحمهم الله ذهبوا إلى أبعد من هذا فمنعوا شرب الدواء الذي يقلل النسل، وفي ذلك ينقل الحَطَّاب عن الجُزُولِيّ قوله:«ولا يجوز للإنسان أن يشرب من الأدوية ما يقلل نسله»
(3)
.
ولم يخالف من المالكية في ذلك إلا قليل، كاللَّخْمِيّ (3) الذي قال بقول الحنابلة، وهو جواز الإسقاط في مرحلة النطفة دون ما بعدها.
(1)
«حَاشِيَة ابن عابِدِين» (3/ 176).
(2)
«الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (2/ 266).
(3)
«مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (3/ 477).
قول السادة الشافعية:
قال الرَّملِيّ رحمه الله
(1)
: «والراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقًا وجوازه قبله»
(2)
ونقل الدِّمْياطِيّ الخلاف في إعَانَة الطَّالِبِين فقال: «وفي البُجَيرَمِيّ ما نصه: واختلفوا في جواز التسبب في إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم فقال أبو إسحاق المَرْوَزِيّ: يجوز إلقاء النطفة والعلقة ونقل ذلك عن أبي حنيفة رضي الله عنه، وفي الإحياء في مبحث العزل ما يدل على تحريمه، وهو الأوجه لأنها بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق المهيأ لنفخ الروح، ولا كذلك العزل
…
والمعتمد أنه لا يحرم إلا بعد نفخ الروح فيه»
(3)
.
والمعتمد في المذهب هو الجواز كما قرره أحمد سلامة القَلْيُوبِيّ في حاشيته، قال:«نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواءٍ قبل نفخ الروح فيه خلافًا للغَزالِيّ»
(4)
.
قول السادة الحنابلة:
عرض المِرْداوِيّ رحمه الله أقوال الحنابلة في الإسقاط وبدأ بالمعتمد في المذهب، وهو جواز إسقاط النطفة عندهم في الأربعين الأولى، ثم ذكر القولين الآخرين بالمنع المطلق والجواز
(1)
هو: محمد بن أحمد بن حمزة الرَّمْليّ، شمس الدين، فقيه الديار المِصْرِيّة في عصره، ومرجعها في الفتوى يقال له: الشافعي الصغير، نسبته إلى الرملة من قرى المنوفية بمصر، ومولده سنة 919 هـ بالقاهرة، ولي إفتاء الشافعية وجمع فتاوى أبيه، وصنف شروحًا وحواشي كثيرة، ووفاته بها سنة 1004 هـ، منها:«عمدة الرابح شرح على هدية الناصح» في فقه الشافعية، و «غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان» ، و «نهاية المُحْتاج إلى شرح المِنهاج» للرَّمْلِيّّ. راجع ترجمته في:«الأعلام» للزرِكليّ (6/ 7)، «مُعْجَم المُؤلِّفِين» (8/ 255).
(2)
«نهاية المُحْتاج» للرَّمْلِيّّ (8/ 443).
(3)
«إعَانَة الطَّالِبِين» للدِّمياطِيِّ (3/ 256).
(4)
«حاشيتا قَلْيُوبِيّ وعَمِيرة» (4/ 160).