الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التداخل بين الفقه والطب
للوقوف على حقيقة وحجم التداخل بين الفقه والطب، أبدأ بتعريفهما.
تعريف الفقه:
الفقه: هو في اللغة: الفهم، ثم خُصَّ به علمُ الشريعة لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم، كما غلب اسم النجم على الثريا
(1)
. وفي معجم «مقاييس اللغة» : «الفاء والقاف والهاء أصل واحد صحيح يدل على إدراك الشيء والعلم به»
(2)
.
وفي الاصطلاح: عرفه الإمام أبو حنيفة
(3)
بأنه «معرفة النفس ما لها وما عليها»
(4)
. وهو بذلك يشمل: العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات. وعرفه المُناوِيّ
(5)
: بأنه «العلم
(1)
«لِسَان العَرَب» لابن مَنْظُور (13/ 522)، «مختار الصِّحَاح» للرَازِيّ (1/ 213)، «القَامُوس المُحِيط» للفَيْرُوزْآبَادِي (ص 1614).
(2)
مُعْجَم «مَقَاييس اللُّغَة» لابن فَارِس (ص 794).
(3)
هو: النُّعْمَان بن ثابت بن زُوطي، أبو حَنِيفَةَ، التَّيمِيُّ بالولاء، الكُوفِيُّ، إمام الحنفية، الفقيه النظار المجتهد، العالم العامل العلم، أحد أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة عند أهل السنة، ولد سنة 80 هـ بالكوفة، وأدرك أربعة من الصحابة، ولم يرو عن أحد منهم، أخذ الفقه عن كبار التابعين، منهم حَمَّاد بن أبي سليمان وعَطَاء ونافع؛ وتعلم عليه القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشَّيبانِيّ وزُفَر وغيرهم. توفي: سنة 150 هـ. راجع ترجمته في: «سير أعلام النبلاء» للذَّهَبِيّ (6/ 390)، «الجَوَاهِر المُضِيَّة في طَبَقَات الحَنَفِيَّة» (1/ 26).
(4)
«قَوَاعِد الفِقْه» لعَمِيم الإحْسان (1/ 414)، «شَرْح التَّلْوِيح على التَّوْضِيح» للتَّفْتَازانِيّ (1/ 21)، وزاد على تعريف الإمام «عمَلًا» لإخراج العقائد، ونبه أن الإمام لم يزد «عمَلًا» لأنه أراد الشمول.
(5)
هو: زين الدين محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحَدَّادِيّ ثم المُناوِيّ القاهري، من كبار العلماء بالدين والفنون، ولد سنة 952 هـ. له نحو ثمانين مصنفًا، منها الكبير والصغير والتام والناقص. منها:«كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق» «التيسير في شرح الجامع الصغير» اختصره من «فَيْض القَدِير» له، «شرح الشمائل» للتِّرْمِذِيّ. عاش في القاهرة وتوفي رحمه الله بها سنة 1031 هـ. راجع ترجمته في:«الأعلام» للزرِكلِيّ (6/ 204)، «مُعْجَم المؤلفين» لكحَالة (10/ 166).
بالأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد»
(1)
. وعرفه الأكثرون بأنه «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية»
(2)
.
وإذا كنا بصدد تعريف هذا العلم المخصوص، فلعل تعريف الجمهور هو الأقوى، ولقد ذكروا العمليَّة للتفريق بين أحكام الفقه والعقيدة؛ غير أن الأدلة فيها التفصيلية وغير ذلك، كالاستدلال بكليات الشريعة ومقاصدها والقواعد الفقهية الكلية والضوابط المختصة بأبواب بعينها، فإن المطالع لكتب الفقه يدرك كثرة تعويل العلماء على كل ذلك. وإن كانت هذه بدورها مستنبَطةً من الأدلة التفصيلية.
والمقصود بالعلم الذي يمتاز به الفقيه - كما أشار إليه تعريف المُناوِيّ - هو ما يستفاد عن طريق الاستنباط، الذي يتأتى له لوقوفه على تلك المعاني الخفية التي لا يدركها أكثر الناس
(3)
. وفي «المنثور» : «وقال ابن سراقة في كتابه في الأصول: حقيقة الفقه عندي الاستنباط، قال الله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]؛ وكذلك قال ابن السَّمْعَانِيِّ في القواطع: هو استنباط حكم المُشكِل من الواضح. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ حامِلِ فِقهٍ غَيرِ فَقيهٍ» أي غير مستنبِط، ومعناه أنه يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلالٌ واستنباطٌ منها. قال وما أشبه الفقيهَ بغواصٍ في بحر
(1)
«التَّعَارِيف» للمُناوِيّ (1/ 563).
(2)
انظر «شَرْح التَّلْوِيح على التَّوْضِيح» للتَّفْتَازانِيّ (1/ 21)، «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (7/ 19)، «نهاية المُحْتاج» للرَّمْلِيّّ (1/ 31)، «أنِيس الفُقَهَاء في تَعْرِيفَات الألفَاظِ المُتَدَاوَلَة بين الفُقَهَاء» للقُونَوِيّ (1/ 308)، «معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية» لمحمود عبد الرحمن (3/ 49).
(3)
انظر «أنِيس الفُقَهَاء في تَعْرِيفَات الألفَاظِ المُتَدَاوَلَة بين الفُقَهَاء» للقُونَوِيّ (1/ 309).