الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
الترجيح:
الذي يظهر، في حق الرجال، أن الراجح هو وجوب الختان، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أسلم:«ألقِ عنك شَعر الكُفْرِ واخْتَتِن»
(1)
أمر يقتضي الوجوب، ولم يوجد صارف.
وأما في حق المرأة، فلعل الراجح هو استحبابه. أما المشروعية فمتفق عليها، وقد أقره صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أم عطية، وكانت تختن البنات فقال لها صلى الله عليه وسلم:«اخفِضي ولا تُنْهِكي؛ فإنه أنْضَر للوجه وأحظَى عند الزوج»
(2)
وفي مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا الْتَقَى الخِتَانان فقد وَجَبَ الغُسْل»
(3)
. بيان كون ختان النساء معروفًا شائعًا على عهده صلى الله عليه وسلم ولم ينكره
(4)
ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم في ختان النساء خاصة شيء آخر.
(1)
«سُنَن أبي دَاوُد» في الطهارة باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل (1/ 98). وقال الحافظ ابن حَجَر رحمه الله في «تَلْخِيص الحَبِير» (4/ 153): وفيه انقطاع، وعُثيم وأبوه مجهولان. وحسنه الألبَانِيّ رحمه الله بشواهده؛ وانظر «الإرواء» (1/ 120)، «سُنَن أبي دَاوُد بتحقيق مشهور» (رقم 356). وللحديث من الشواهد ومن عمل أهل العلم والأمة ما يجعل النفس تطمئن إلى ثبوته.
(2)
«الحاكم» كتاب المناقب، باب ذكر الضَّحَّاك بن قيس الأكبر (3/ 603)؛ و «سُنَن أبي دَاوُد» في الأدب، باب ما جاء في الختان (4/ 368). وحسنه ابن حَجَر في «هِدَايَة الرُّواة» (4/ 245) كما ذكر في المقدمة؛ والهَيْثَمِيّ في «مَجْمَع الزَّوَائد» (5/ 172)؛ وصححه الألبَانِيّ بطرقه في «صَحِيح الجَامِع» برقم 236؛ وضعفه أبو داود في «سننه» (4/ 368)؛ والعِرَاقِيّ في «تخريج الإحياء» (1/ 91)؛ و قال ابن المُلَقِّن في «البَدْر المُنِير» (8/ 749): يروى من طرق، ولكنه ضعفه. ولعل الصواب أنه حسن بمجموع طرقه وشواهده.
(3)
«صَحِيح ابن حِبَّان» كتاب الطهارة، ذكر إيجاب الاغتسال من الإكسال، (3/ 456 برقم 1181). وصححه الألبَانِيّ في «صَحِيح الجَامِع» رقم 385.
(4)
قال الإمام أحمد رحمه الله: «حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان وجب الغسل فيه بيان أن النساء كن يختتن.» «المُغْنِي» لابن قُدامة (1/ 63).
ولعل القول بأنه مستحب يترجح لدخول المرأة في الندب إلى خصال الفطرة ومنها الختان كما جاء في الصحيح. وكما ذكرنا، فإنه لا دليل على قصر ذلك على الرجل، وقد كان لفظ الختان مشتركًا بين الرجال والنساء على عهده صلى الله عليه وسلم. وكذلك يترجح جانب الفعل على الترك لكون الختان فيه ما فيه من الألم وكشف العورة، فلو لم تكن فيه فائدة راجحة لما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن ليس هناك ما يستدل به على الوجوب، فإن كون الختان فيه من الألم وكشف العورة ما فيه مع إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم له ليس دليلًا على الوجوب، وإنما يصلُح دليلًا على تقديم جانب الفعل على الترك - كما قدمت -، فيكون مستحبًّا أو واجبًا والاستحباب هو المتيقَّن.
ولا يقال إن العورة المغلظة لا ينبغي أن تكشف إلا لواجب، فإن التداوي عند الأكثرين ليس واجبًا ويؤذَن فيه بكشف العورة، بما فيها المغلظة للمصلحة. أما قول الإمام النَّوَوِيّ رحمه الله: «وقاله [أي الاستدلال بكشف العورة] قبلهم أبو العباس بن سُرَيج
(1)
رحمه الله وأورد عليه كشفها للمداواة التي لا تجب. والجواب أن كشفها لا يجوز لكل مداواة وإنما يجوز في موضع يقول أهل العرف إن المصلحة في المداواة راجحة على المصلحة في المحافظة على المروءة وصيانة العورة»
(2)
. فالجواب على هذا الجواب أن في الختان من المصلحة ما يترجح على المصلحة في المحافظة على المروءة وصيانة العورة.
(1)
هو: أبو العباس أحمد بن عمر بن سُرَيج البَغْدَادِيّ، شيخ الإسلام، فقيه العِرَاقِيين، وفقيه الشافعية في عصره حتى سمي الشافعي الصغير. مولده في بغداد سنة 249 هـ ووفاته رحمه الله بها سنة 306 هـ. من مؤلفاته:«الأقسام والخصال» ، و «الودائع لمنصوص الشرائع» ، وكان يلقب بالباز الأشهب، ولي القضاء بشيراز، وقام بنصرة المذهب الشافعي فنشره في أكثر الآفاق، كان حاضر الجواب، له مناظرات ومساجلات مع محمد بن داود الظَّاهِرِيّ رحمهما الله، وكان على طريقة السلف. انظر ترجمته في:«طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكُبْرَى» (3/ 21)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة» لابن قاضي شُهْبَة (2/ 89)، وراجع أيضًا:«وَفَيَات الأعْيَان» (1/ 66)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (14/ 201).
(2)
«المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (1/ 366).
وأمره صلى الله عليه وسلم لأم عطية بالخفض ليس أمرًا للنساء بطلبه، كما هو متقرر في الأصول. وكذلك فإنه لم ينقلها من الترك إلى الفعل، بل من المبالغة في الفعل إلى الاعتدال فيه.
وكذلك فإن أمره للرجل الذي أسلم لا يدخل النساء فيه وذلك لأنه وإن كان الأصل أن «النِّساء شقائقُ الرجال» وأن المرأة تدخل في خطاب الرجل والعكس، إلا أن هذا عندما لا يكون هناك سببٌ للتفريق، وهنا يختلف الأمر بين الرجل والمرأة، ومن ذلك أن قُلْفَة الرجل قد يجتمع في آخرها بول يؤثر في طهارته وليس الأمر كذلك عند المرأة، لذا ناسب أن يكون التأكيد أكثر على ختان الذكور
(1)
وهو ملاحظ في الآثار وأقوال أهل العلم وكذلك عمل الأمة.
بقي التنبيه على أنه لم يقل عالمٌ واحد من علماء المسلمين المتقدمين بالمنع من الختان أو عدم مشروعيته، ولكنْ ظهر هذا القول بين بعض المعاصرين، ومنهم شيخ الجامع الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي
(2)
ومفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة
(3)
وغيرهما واحتجوا بالآتي:
• أن الختان لم يثبت فيه شيء في الكتاب أو السنة.
والجواب على ذلك بما تقدم من الآثار التي تفيد إقراره صلى الله عليه وسلم للختان. وكذلك
(1)
قال ابن القَيِّم رحمه الله: «والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم» . «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 193).
(2)
هو: محمد سيد طنطاوي، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، ومفتي الديار المِصْرِيّة السابق، وشيخ الجامع الأزهر. له مؤلفات، منها:«بنو إسرائيل في القرآن» .
(3)
هو: علي جمعة محمد عبد الوهاب، أستاذ أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، ومفتى الديار المِصْرِيّة، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، من مؤلفاته:«الحكم الشرعي عند الأصوليين» ، و «مدى حجية الرؤيا» ، و «القياس عند الأصوليين» ، و «المدخل لدراسة المذاهب الفقهية» ، و «البيان لما يدور في الأذهان» ، و «قول الصحابي عند الأصوليين» ، وغيرها كثير.
يجاب بدخول ختان الإناث في أحاديث سنن الفطرة التي ذكرت الختان ولم تقصره على الذكور. أما ما ذكروه من قول ابن المُنذِر: «ليس في الختان خبر يرجع إليه، ولا سند يتبع»
(1)
فإنه لا يُتخيَّل أن يكون ابن المُنذِر يريد بذلك أصل الختان للذكور والإناث - كما هو واضح من كلام له آخر
(2)
- مع ما جاء فيه من الأحاديث الصحيحة الصريحة في الصحيحين وغيرهما، وإنما أراد طريقته ووقته.
• أن النبي لم يختن بناته.
وهذا قول من غير دليل، فمن أين لهم بهذا العلم؟ والأصل أن العرب كانت تختن الإناث ويعدون ذلك مكرمة وإذا بالغ أحدهم في سب آخر قال له يا ابن القَلْفاء
(3)
. فكيف يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرص على تلك المكرمة لبناته. فلو كان جاءه وحي من السماء بضرره، فكيف لا يحرص على بيان ذلك لأمته ويختص بناته بنصحه دون باقي المسلمات وهو أب
(4)
لهن جميعًا.
• أن الفقهاء جعلوه مكرمة أي أنهم لا يرونه واجبًا أو سنة.
(1)
«تَلْخِيص الحَبِير» لابن حَجَر (4/ 156)، «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 184)، «المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (1/ 370).
(2)
انظر «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 184). حيث ذكر كلام ابن المُنذِر رحمه الله عند ذكر الخلاف حول وقت الختان. وفي المَجْمُوع: «قال ابن المُنذِر بعد حكايته هذا كله [اختلافهم في وقت الختان] ليس في باب الختان نهي يثبت ولا لوقته حد يرجع إليه ولا سنة تتبع والأشياء على الإباحة ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة ولا نعلم مع من منع أن يختن الصبي لسبعة أيام حجة وهذا آخر كلام ابن المُنذِر.» «المَجْمُوع» (1/ 370).
(3)
انظر «الفَتَاوَى الكُبْرَى» لابن تَيمِيَّة (1/ 51).
(4)
هو أبٌ للمؤمنين في الشفقة بهم والحدب عليهم والنصح إليهم. ولقد روى أصحاب السُّنَن وأحمد عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ فإذا أتى أحَدُكُم الْغَائِطَ
…
» «سُنَن أبي دَاوُد» (1/ 3).
والجواب على هذا أن كثيرًا من الفقهاء - كما تقدم - قالوا بوجوبه، بل إنه قول أتباع واحد من المذاهب الأربعة المتبوعة، وهم الشافعية. وذهب بعض الحنفية إلى سنيته وهو قول عند الحنابلة وعندهم قول بالوجوب كذلك، والمالكية قالوا بالاستحباب والأقوى عند الحنفية والحنابلة أنه مكرمة، ولم يقل أحد منهم أنه ممنوع أو غير مشروع أو خلاف الأولى.
إن إهمال كل هذه الأقوال وإيراد قول من قال بأنه مكرمة على أنه الرأي الأوحد لا يحسن بأهل العلم ولا يليق. وكذلك فإن هؤلاء السادات من أهل العلم لا يقولون بالوجوب والاستحباب وتتفق كلمتهم على المشروعية، وليس للختان أصل في الشريعة، كما ذكر بعض مانعيه من المعاصرين.
وهذا جواب شيخ الجامع الأزهر السابق، الشيخ جاد الحق رحمه الله، قال:«إن الفقهاء اتفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض فى حق النساء مشروع، ثم اختلفوا في وجوبه فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك: هو مسنون فى حقهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه، وقال الإمام الشافعي: هو فرض على الذكور والإناث، وقال الإمام أحمد: هو واجب فى حق الرجال، وفى النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب، وهو في حق النساء قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها، ودون استئصالها، وسمي هذا خفاضًا، وقد استدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنهكي فإن ذلك أحظى للزوج وأسرى للوجه» ومعنى «لا تنهكي» لا تبالغي في القطع والخفض، ويؤكد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يا نساء الأنصار اختفضن أي (اختتن) ولا تنهكن أي لا تبالغن فى الخفاض»
(1)
وهذا الحديث جاء
(1)
أخرجه البَزَّار. انظر «مَجْمَع الزَّوَائد» (5/ 171). وقال الهَيْثَمِيّ رحمه الله: «وفيه مندل بن علي وهو ضعيف وقد وُثِّقَ وبقية رجاله ثقات» . وقال ابن المُلَقِّن في «البدر المنير» (8/ 749): «فتلخص أن طرقه كلها ضعيفة وقد صرح ابن القطان الحافظ في كتابه «أحكام النظر» أيضًا بأنه لا يصح منها شيء.» وضعفه الحافظ في «تَلْخِيص الحَبِير» (4/ 83).
مرفوعًا برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ختان البنات، ونهيه عن الاستئصال، وقد علل هذا في إيجاز وإعجاز حيث أوتي جوامع الكلم. وهذا التوجيه النبوي إنما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول لضبط الاشتهاء والإبقاء على لذات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله، وبذلك يكون الاعتدال، فلم يعدم المرأة مصدر الاستمتاع والاستجابة، ولم يبقها دون خفض، فيدفعها إلى الاستهتار وعدم القدرة على التحكم فى نفسها عند الإثارة. لما كان ذلك، كان المستفاد من النصوص الشرعية ومن أقوال الفقهاء على النحو المبين والثابت فى كتب السنة والفقه، أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التى دعا إليها الإسلام، وحث على الالتزام بها على ما يشير إليه تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الختان وتعبيره فى بعض الروايات بالخفض مما يدل على القدر المطلوب فى ختانهن .. »
(1)
.
• أن له أضرارًا جسيمة على المختونات.
وقد كتب الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية بهذا الصدد مقالًا بـ «صحيفة الأهرام» يبرر فيه قوله بالمنع من الختان، ننقل بعض أجزائه:
قال: «
…
وفي سنة 1951 م يرسل معالي وزير الصحة المصري إلى فضيلة العلامة الشيخ محمود شلتوت عضو هيئة كبار العلماء، وأستاذ الشريعة بالأزهر الشريف (والإمام الأكبر فيما بعد) يسأله عن قضية الختان، خاصة ختان الإناث، فيجيبه بجواب في 28 ـ 5 ـ 1951 م ينشره في «مجلة الأزهر» مجلد 23 عدد المحرم سنة 1371 هـ في صفحة 21، ويقول بكل وضوح: والشريعة تقرر مبدأ عاما، وهو أنه متى ثبت بطريق البحث الدقيق لا بطريق الآراء الوقتية التي تلقى تلبية لنزعة خاصة أو مجاراة قوم
(1)
«الفَتَاوَى الإسلامية» ، المجلد الحادى والعشرون، (ص 7864) والفتوى من فتاوى دار الإفتاء، ورقمها المسلسل:(709)؛ الموضوع: (1202) ختان البنات. التاريخ: 29/ 01/1981 م.
معينين أن في أمر ما ضررا صحيا، أو فسادا خلقيا، وجب شرعا منع ذلك العمل، دفعا للضرر أو الفساد، وإلى أن يثبت ذلك في ختان الأنثى، فإن الأمر فيه على ما درج عليه الناس، وتعوده في ظل الشريعة الإسلامية، وعلم رجال الشريعة من عهد النبوة إلى يومنا هذا، وهو أن ختانها مكرمة، وليس واجبا، ولا سنة. .. [ثم قال الدكتور علي جمعة] ومن كل ذلك يتبين أنه يجب على الأطباء أن يعلنوا الحقائق التي قد توصل إليها بالبحث، وبالمؤتمرات العلمية، وبالقرارات التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية، وبما قد اتفق عليه الأطباء المختصون في هذا الشأن الآن، بحيث صار إجماعا بعلم يقيني، كما طالب علماء الشريعة منذ أكثر من نصف قرن، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. ونحن إذ نتبع ما تيقن منه الطب، واستقرت عليه الكلمة، فنحن نتبع هؤلاء العلماء الذين أصلوا لنا الأصول، وتركونا على المحجة البيضاء، والحمد لله رب العالمين»
(1)
.
والجواب على تلك الدعوى بأن أضرار الختان مما اتفق عليه الأطباء وتُوصِّل إليه عن طريق الأبحاث العلمية سيأتي عند عرضنا للمقدمة الطبية، والتي نبين فيها أن شيئًا من ذلك لا يصح، ونخص بالبيان ما قررته منظمة الصحة العالمية، ونذكر جمهرة من الأطباء يرون للختان الشرعي فوائد كثيرة.
إن طبيبًا واحدًا عنده مُسْكَةٌ من العقل ويعرف أصول البحث العلمي لا يستطيع أن يدعي أن قطع قُلْفَة البظر - وهو الختان الشرعي كما سنبين - ثبت يقينًا ضرره. إن دراسة واحدة موافقة لمعايير البحث العلمي لم تثبت ذلك، ولا تعرضت أي من الدراسات لهذا النوع من الختان كعينة منفصلة.
وفي الطب، لا يسلم الأطباء لدراسة واحدة حتى تتكرر نتائجها
(2)
. ثم إن الطب
كالشرع فيه فقه الموازنات، فلا يتم التسليم بخطأ ممارسة معينة لحصول ضرر منها حتى يعلم أنه ليس فيها من المنافع ما يفوق هذا الضرر، وإنما يكون هذا كله بالبحث العلمي الرصين المتجرد.
لقد اختصرت في عرض الأقوال والترجيح بينها لاتفاق المتقدمين على مشروعية الختان، ولأن القضية الرئيسة في البحث هي حد الختان لا أصل مشروعيته.
* * *